«وجدة» السعودي يشهد عرضه الأميركي الأول

منوعات

حرب في أفغانستان. صراع على الطاقة في دول غرب أفريقيا. إدمان في ولاية وست فرجينيا وفيلم عن المخرج ميشال هنيكه هي بعض حصيلة مهرجان ترايبيكا في دورته الجديدة التي ستنطلق في الشهر المقبل.

كالكثير من المهرجانات الأميركية، سندانس، سان فرانسيسكو وبالم سبرينغز، يعتمد ترايبيكا على الفيلم غير الروائي كرافد مهم من روافده وبرامجه، مخصصا – هذا العام – مسابقة تضم دزينة من الأفلام التسجيلية التي تنتقل من أميركا إلى أفريقيا مرورا بأوروبا متناولة شؤونا سياسية وعسكرية كما فنية خالصة.

دراميا اثنا عشر فيلما آخر في المسابقة التي تضم أفلاما أميركية وعالمية وهي جزء من نحو مائة فيلم تشكّل برامج المهرجان المختلفة.

من بين هذه البرامج أو الأقسام واحد بعنوان «وجهات نظر» يعرض 22 فيلما تعرض أميركيا لأول مرّة من بينها الفيلم السعودي «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور. وهو كان افتتح دوليا في مهرجان فينسيا في العام الماضي، ومن حينها جال مهرجانات من دبي إلى تورنتو مرورا بروتردام وغوتنبيرغ وبلغراد وموعود بعروض تجارية في صربيا وهولندا وبريطانيا وألمانيا وكان بدأ عروضه الفرنسية والبلجيكية في السادس من الشهر الماضي.

نقطة الاهتمام مزدوجة بالنسبة للإعلام العالمي كما بالنسبة لمرتادي المهرجانات: «وجدة» فيلم سعودي طويل نادر (السادس الذي يحمل الهوية السعودية) ومخرجته هيفاء المنصور امرأة ما يجعله محط رغبة الجميع معرفة المخرجة من خلال ما تطرحه. وبما أن ما تطرحه ليس غريبا عن وضعها كامرأة تتحدّث عن حريّة اختياراتها فإن هناك تلازما والتصاقا واضحا بين المخرجة وبطلته خصوصا أن المنصور كتبت السيناريو بنفسها.

يلفت الاهتمام أيضا وجود فيلم أفغانستاني ينقل حكاية فتاة أخرى. ليس فيلما جيّدا على نحو شامل، لكنه سيثير الاهتمام أيضا بسبب قضيّته. «حجر الصبر» لعتيق رحيمي عن فتاة وقعت في الحب وصدمها موقف من أحبّته بعدما عاشرها ثم تخلى عنها عندما علم أنها حبلى منه. ليس بعيدا عن الأفلام المصرية التي عالجت هذه الحكاية في الخمسينات وبعدها، لكن كونه يقترح التعبير عن الوضع الأفغاني بالنسبة لموقف الإسلام والمجتمع من الخطيئة سيجعله أيضا محط اهتمام المشاهدين.

الأفلام الأخرى في هذا القسم تتألف من ثلاثة عشر روائيا وثمانية تسجيلية وواحد من هذه الأفلام التسجيلية («فليكس ملكا») لديدري شو ومايكل نيكولز هو الذي سيفتتح هذا القسم.

في قسم آخر، عنوانه «سبوتلايت»، حشد المهرجان 33 فيلما بينها واحد وعشرون روائيا. هذا القسم يهتم بالسينما المستقلة ذات الشعبية. تعريف ذلك، وحسب المهرجان، أن هناك سينما مستقلة خاصّة جدا وأخرى تتوجّه إلى الجمهور الكبير وهذا القسم يهتم بهذه الفئة الثانية. وهو في كل الأحوال سيعرض لمخرجين معروفين في هذا المجال بينهم الإيراني المهاجر إلى أميركا رامين بحراني الذي صنع فيلما أميركيا كاملا حول هيمنة الشركات الخاصّة التي تمنع المزارعين من بذور طبيعية. الفيلم بعنوان «بأي ثمن» وبطولته موزّعة بين دنيس كوايد وزاك إفرون. مخرج آخر يسترعي الانتباه هو رتشارد لينكلاتر. في الواقع هو أكثر من مجرد «يسترعي الانتباه» إذ بنى اسمه في سينما روائية وتسجيلية وأنيماشن وكثير منها من بطولة إيثان هوك. الفيلم الجديد «قبل منتصف الليل» وهو ثالث في سلسلة بدأت بـ«قبل الشروق» و«قبل الغروب» ودائما ما دارت حول علاقة رومانسية بين كاتب أميركي وامرأة فرنسية يلتقيها فقط حين يزور باريس وتؤديها جولي دلبي. البريطاني نيل جوردان لديه فيلم جديد (بعد غياب ملحوظ) عنوانه «بيزانتيوم» وموضوعه مصاصو الدماء – ثاني عمل له في اتجاه سينما الفامبايرز بعد «موعد مع مصاص دماء» قبل عدّة سنوات. فيلم الافتتاح سيكون «غريبان بالخطأ» أو Mistaken For Strangers عن لقاء بين أخوين هما توم برننجر (الذي يخرج الفيلم ويمثل الدور) ومات برننجر. ليس معروفا، بعد، على أي أساس تم اختيار هذا الفيلم للافتتاح لكن الغالب أن المهرجان في دورته الثانية عشر كان يتطلع صوب بداية طريفة ووجدها في هذا العمل. على نحو أكثر جدّية نجد أعمالا تتعلّق بالمنطقة العربية. هناك «قبل هطول الثلج» وهو من «مقاطعة كردستان في العراق»، كما يرد في التعريف، أخرجه خشام زمان الذي يتصدّى لحكاية لا بد تطلّبت مهارات فنية وإنتاجية فأحداثه تدور في أكثر من بلد بدءا من شمالي العراق إلى تركيا ومنها إلى أوروبا وتتحدّث عن شاب يحاول الاهتداء إلى شقيقته الفارّة من زواج يريد أهلهما فرضه عليها.

الممثل الأميركي براد بت أنتج فيلما يعرضه في مسابقة الفيلم التسجيلي بعنوان «رجال كبار» وهو يدور حول دور الشركات الأميركية في تأجيج الصراع على الطاقة بين النيجر وغانا. ويتعامل «فريق القتل» لدان كروس مع وضع مختلف: قبل عامين تم التحقيق مع عدد من جنود الجيش الأميركي في أفغانستان بتهمة قتلهم المتعمّد للمواطنين. أحدهم لديه وجهة نظر مختلفة في دوافع هذا القتل!.

المرء يستطيع أن يمضي طويلا في تناول الأفلام التي تنطلق لعروض هذا المهرجان في السابع عشر من الشهر المقبل وتستمر حتى الثامن والعشرين، لكن الملاحظ أنه بات يبني ثقله على أن يكون الجناح المناوئ لمهرجان صندانس الذي يتمتع بمسابقات محلية ودولية تسجيليا وروائيا. وإذا كان رئيس صندانس هو الممثل المعروف روبرت ردفورد، فإن رئيس ترايبيكا الذي يبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة هو روبرت دي نيرو.. ومفيش حد أحسن من حد!.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط