700 مليار احتياجات تمويل مشروعات الطاقة في 10 سنوات

أخبار

قدر خبراء مصرفيون في مجال تمويل المشاريع حاجة منطقة الشرق الأوسط لتمويل مشاريع الطاقة خلال الأعوام الثمانية إلى العشرة المقبلة باستثمارات تصل إلى 700 مليار دولار، مشيرين إلى أن حجم مشاريع الطاقة المعلنة في دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى 1.3 تريليون دولار.

وقال راهافان سيتا رامان، الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة، إن حجم مشاريع الطاقة المعلنة في دول المجلس يعكس امتلاك حكومات المنطقة رؤية واضحة في الاستثمار في الطاقة المتجددة بجانب مشاريع النفط والغاز.

وأشاروا إلى أن الطلب على تمويل مشاريع الطاقة في دول المجلس تجاوز حجم العرض، الذي كانت البنوك صاحبة الحصة الأكبر في توفيره بنسبة 90% والباقي لسوق السندات. وأضافوا إنه بعد الأزمة العالمية بدأ العرض يتراجع تدريجياً بسبب نقص سيولة الإقراض في البنوك الأوروبية الذي يقدر بحوالي 377.94 مليار درهم، وأن بوادر شح السيولة في البنوك بدأت تظهر حيث انخفض تمويل المشاريع عالمياً بنسبة 20% سنوياً منذ العام 2009.

ودعوا إلى قيام الحكومات بإصلاحات اقتصادية بحيث تكون قادرة على جذب رؤوس الأموال اللازمة بشكل مستدام لتمويل المشاريع.

وطالبوا، على هامش إحدى جلسات النقاش خلال منتدى دبي للطاقة 2012 نهاية أكتوبر الماضي، بضرورة تفهم جميع الأطراف، من مستثمرين وهيئات تشريع مختصة، المتغيرات الاقتصادية الحاصلة في العالم، وضرورة تطوير أسواق السندات المحلية، وتخفيف الاعتماد على الدعم الحكومي لتخفيف الضغوط على الانفاق العام،

ودعم الابتكار من خلال الاستفادة من السيولة الهائلة المتوفرة في صناديق التقاعد والتأمين والصناديق السيادية في تمويل مشاريع الطاقة.

الطلب على التمويل

وقال جوناثان روبنسون، رئيس تمويل المشاريع في بنك إتش إس بي سي، إن الطلب على التمويل في الأسواق في تزايد مستمر في الوقت الذي تتناقص فيه مصادر التمويل التقليدية وعلى رأسها البنوك خصوصاً في الأسواق الناشئة.

وأشار إلى أن دراسات قام بها البنك أظهرت أن الطلب على تمويل المشاريع سيتضاعف خمس مرات في عام 2050 وأن 19 من بين 30 أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي ستكون من الدول الناشئة التي سيرتفع الاستهلاك المحلي فيها إلى مستويات كبيرة بفضل ازدهار مستوى المعيشة للطبقة المتوسطة فيها.

وأكد روبنسون أن اسواق الخليج كانت مرنة تجاه تلك المتغيرات وأن البنوك المحلية في المنطقة تمكنت من سد جزء من هذا النقص الذي خلفته البنوك الأجنبية ولكنها لن تتمكن من الاستمرار من الإقراض بدون حدود. مشيراً إلى أن هناك فرصا لتوسيع السيولة في المنطقة.

فترة تكيف

وأضاف روبنسون: سيكون هناك فترة تكيف يتفهم خلالها المستثمرون مزايا ونقائص اللجوء إلى أسواق المال، والفروق بين الاستدانة من أسواق المال وبين البنوك، وفهم الفرص المتوفرة للاستثمار في الأسواق الناشئة، التي هي محرك النمو الاقتصادي الجديد في العالم، ولكنها في حاجة إلى رؤوس أموال لدفعها وعلينا التفكير في أساليب تمويل جديدة، خصوصاً وأن التشريعات والضوابط الجديدة ستؤدي إلى وضع ضغوط على توفر الإقراض المتاح من البنوك على المدى البعيد، وهي الفترة التي تحتاجها استثمارات مشاريع البنى التحتية والطاقة لجني العوائد.

وقال إن الاستثمار في مشاريع الطاقة يرتبط بالبنى التحتية، التي ترتبط بدورها بنمو الاقتصاد، مشيراً إلى أن حاجة منطقة الشرق الأوسط لتمويل مشاريع الطاقة الكهربائية فقط خلال الأعوام الثمانية إلى العشرة القادمة تصل إلى 100 مليار دولار، بالإضافة إلى مشاريع الماء وتقليص الكربون وغيرها، لتصل إلى حوالي 700 مليار دولار من الاستثمارات لتمويل مشاريع الطاقة المختلفة، مما يتطلب التمويل من مصادر حكومية ومحلية وعالمية.

قدرة أسواق المال

ومن جهته، عبر راي وود، رئيس الطاقة في بنك أوف أميركا – ميريل لينش، عن تفاؤله بقدرة أسواق المال على سد حاجة تمويل المشاريع في المنطقة، مشيراً إلى أن التحدي الرئيس يكمن في وجود مشاريع بنى تحتية عملاقة في دول لم تنضج بعض أسواق المال المحلية فيها بعد. وذكر أن السيولة في دول مجلس التعاون قوية بفضل الدعم الحكومي، وأنها تبحث عن الاستثمارات المناسبة، مشيراً إلى أن أسواق المال يمكن أن تكون داعماً قوياً لتمويل مشاريع الطاقة، التي تعد من أكبر ثلاث صناعات في العالم، وأن اسواق المال في العالم اليوم في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه في بداية اندلاع الأزمة العالمية.

وأضاف وود: الدعم الحكومي مهم لتخفيف تقلبات أسعار الطاقة، وعلى الحكومات أن يكون لها صناديقها السيادية، التي ينظر لها على أنها مؤشر للاستقرار، وأعتقد أنه ليس كافياً أن يكون للدول سياسات طاقة مستقرة، بل يجب أن يكون لها دور كبير في تلبية التزاماتها ودعم ثقة المستثمرين.

وأعتقد أن صناديق التقاعد يمكنها توسيع السيولة المتاحة لتلك الاستثمارات التي تمتد إلى 20-30 عاماً، ولذلك من المهم أن يشعر المستثمرون باستقرار النظام، وكما أن المستثمرين والبنوك في حاجة لتفهم طبيعة التشريعات والحاجة لها في قطاع مشاريع البنى التحتية والطاقة، كذلك على الهيئات التشريعية تفهم طبيعة الأسواق والمحركات التي تدفع حركة السيولة فيها للوصول إلى أرضية مشتركة، وذلك على الرغم من التحديات التي تفرضها تقلبات الأسواق في هذه المرحلة. وتابع قائلاً:

هناك مشاريع بنى تحتية ضخمة في المنطقة، والكثير منها ذو جدوى استثمارية قوية، ولكن دور الحكومات في تمويلها سيكون محدوداً، حتى مع أسعار النفط الحالية التي تجاوزت 100 دولاراً للبرميل، ومع تراجع سيولة الإقراض في البنوك الأوروبية، سيكون من الصعب تمويل تلك المشاريع بطرق التمويل التقليدية وعلى رأسها البنوك، لذلك أعتقد أنه حان الوقت لتقوم الهيئات المختصة في المنطقة بمحاولة تطوير أسواق السندات فيها. وتقدر سلطة البنوك الأوروبية النقص في سيولة الإقراض بحوالي 78 مليار يورو (377.94 مليار درهم).

مساعدات البنك الدولي

من جانبه أكد جمال الصغير، مدير التنمية المستدامة في البنك الدولي، أهمية المساعدات التي يقدمها البنك الدولي في سبيل مساعدة المستثمرين وتخفيف المخاطر المرتبطة بالاستثمار في مشاريع الطاقة، من خلال طرح برامج الإجراءات التخفيفية والمراقبة البيئية، التي تهدف إلى تقديم معلومات عن إجراءات التخفيف والمراقبة المقرر استخدامها للحد من الآثار الاجتماعية والبيئية لمشاريع الطاقة خلال جميع مراحلها.

بالإضافة إلى تغطية رسوم التعرفة المميزة، التي تم تطبيقها في 46 دولة بهدف دعم الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة من خلال منح منتجي الطاقة المتجددة عقود تعرفة مميزة طويلة الأجل مقابل استهلاك للطاقة يتناسب مع تكلفة انتاج تلك التقنيات. فمثلاً يتم منح تقنيات طاقة الرياح الأكبر تكلفة سعر كيلو وات أقل بالمقارنة مع تقنيات توليد الطاقة الشمسية أو المد والجزر ذات التكلفة الأقل.

إصدارات الصكوك والسندات الخليجية تتراجع بتأثير النمو الاقتصادي

 تشير إحصائيات حديثة إلى أن إصدارات الصكوك والسندات في دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات، بلغت مستويات قياسية العام الحالي، مدفوعة بالتطورات الإيجابية لاقتصادات المنطقة وأسواق رأس المال. وشهد العام الماضي تراجعا كبيرا لعائدات إصدارات السندات والصكوك على حد سواء. ويعزى هذا التراجع إلى سلامة معدلات السيولة في الأنظمة المالية الخليجية، والشهية القوية لدى المستثمرين المحليين لأدوات الدين، إضافة إلى السياسات النقدية التيسيرية في جميع أنحاء العالم.

وفي هذا السياق أكد راهافان سيتا رامان، الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة، أن مشاريع الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي سيتم تحقيقها، سعياً وراء مزيد من الازدهار في هذه المرحلة، التي تمر خلالها أسواق المال بمتغيرات قوية، مشيراً إلى أن هناك ضغوطاً في أوروبا والولايات المتحدة، وتباطؤ للنمو في الصين وركود في الهند. وقال رامان: أعتقد أن على البنوك التعامل مع واقع جديد كلياً فرضته الأزمة المالية الأخيرة، والتي أجبرت البنوك على إعادة التفكير في استراتيجياتها الشاملة، وحجم إقراضها، وإعادة تركيز رؤوس أموالها، وأعتبر أن تلك التغيرات ستكون إيجابية في النتيجة.

 وعلينا إيجاد حلول تمويل مستدامة للطلب المتنامي، وإيجاد مصادر أخرى للتمويل في الأسواق الناشئة، كأسواق المال، التي يمكن لها إلى حد بعيد توسيع حجم السيولة المتاحة للمشاريع، وأعتقد أنه على جميع الأطراف من حكومات وهيئات رقابية وقطاع خاص التفكير في تهيئة أسواق المال لسد العجز في السيولة على مدى عشر سنوات من الآن، وذلك لإعادة التوازن بين العرض والطلب على رأس المال، والوضع الحالي هو غير مستدام في اعتقادي.

التطور التكنولوجي يخفض الكلفة التشغيلية للطاقة المتجددة

 تنخفض الكلفة التشغيلية للطاقة المتجددة تدريجياً، في ظل التطور التكنولوجي الكبير والمتسارع الذي تشهده هذه الصناعة، والذي يخفض من كلفة الأدوات المستخدمة فيها، وقد تراجعت بعض أشكال تكلفة مشاريع الطاقة الشمسية بين العام الماضي والجاري بنحو 60 %.

وقال جمال الصغير، مدير التنمية المستدامة في البنك الدولي: أعتقد أنه في نهاية المطاف يجب أن تكون هناك موائمة بين سعر مصادر الطاقة وكيفية تمويلها.

ودعا الصغير شركات الطاقة إلى زيادة استثماراتها في مجال البحوث والتطوير، والتي لا تتجاوز اليوم 10 % من عوائدها مقابل 40 % لشركات الأدوية، وذلك لتطوير تقنيات مبتكرة تؤدي إلى تطوير مصادر جديدة ومتجددة للطاقة، وخصوصاً في القارة الأفريقية، التي بدأ المستثمرون والبنوك مؤخراً يعون أهمية الاستثمار فيها وفي البلدان النامية، مع الأخذ في الاعتبار الظروف المعيقة التي تمر بها البنوك كالتشريعات.

المصدر: البيان