كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
وبالأمس وما قبله كتبت شواهد اختراق حركة الإخوان المسلمين لبنية التعليم العام والجامعي، على التوالي. ولأن الحقائق تتطلب البرهان فسأكتب اليوم قصة الأنموذج (الشاهد). في البواكير الأولى لمطلع الثمانينات من القرن الماضي تم إلزام الجامعات السعودية كافة بتدريس طلابها كافة أربعة مقررات في مادة الثقافة الإسلامية كمتطلبات جامعية أساسية لبرنامج الدراسة. ومنذ ربع قرن مازال عشرات الآلاف من الطلاب يدرسون كتاب (النظام السياسي في الإسلام) للرمز الإخواني الشهير، محمد سليم العوا، وهو ذات الكتاب الذي درسته في الجامعة ومازال ولدي يدرسه الآن بأسماء مختلفة ولكن بذات التفاصيل المدهشة. كتاب (الطبيب) محمد العوا، ليس إلا اختصاراً مكثفاً لأفكار سيد قطب عن الحاكمية في الإسلام وموقف المجتمع من الحاكم، في اختراق بالغ الذكاء لنسف تربية المجتمع المستقبل عن مواقف السلفية التقليدية عن الحاكم وأصول الحكم. المقرر التالي كان أيضاً للقطب الإخواني الراحل، محمد أحمد العسال تحت العنوان الصريح (الإسلام وبناء المجتمع). والمقرر برمته تكثيف هائل لرسالة مؤسس الحركة، حسن البنا، عن المجتمع وعن التربية، وأكثر من هذا فإن بنك الأسئلة المشترك بين هذه الجامعات يختصر كل الكتاب ليبدأ التركيز على بضع عشرة صفحة هدفها هو الأهداف العشرة في الرسالة الشهيرة لحسن البنا حول المجتمع والتربية، وهي برمتها بضعة أسطر هدفها التركيز على امتحان آلاف الطلاب حول هضم هذه الرسالة.
وخذ بالمقاربة للتدليل على هذا الاختراق، أن من الذين قاموا بتدريس هذين المقررين نهاية الثمانينات في جامعة الملك سعود، كانا محمد المسعري، الفزيائي، وسعد الفقيه، الطبيب، لتعرف أجندة هذه الحركة. وحين قرأت في هذا الكتاب القديم عن (النظام السياسي في الإسلام) الذي امتحن فيه ابني (مازن) مساء ما قبل البارحة، وجدت بالبرهان أن ثلاثة من المؤلفين الستة لا علاقة لهم بالاختصاص المباشر، بمن فيهم زميل الدراسة القدير، زميل الإعلام القديم في ذات الجامعة. وحين سهرت (اليوم) على ذات الكتاب، وجدت أن طلابنا بعشرات الآلاف الذين مروا على هذه المقررات، إنما مروا على (كبسولة) تشكيك مبرمجة في هوية النظام الحاكم، بمثل ما قرؤوا هذه (الغربة) التي يعيشونها في أوطانهم، تمهيداً لمفهوم الانفصام ما بين النخبة وبين المجتمع، وهو ذات الحدث المشترك في أدبيات الإخوان: أن تخلق بذرة الشك ما بين الحاكمية وبين المجتمع، وقد نجحوا فيه عبر المعلن الرسمي. غداً نكمل..
معاقل إخوان السعودية “2″ – علي سعد الموسى ( لقراءة المقال إنقر هنا )
المصدر: الوطن اون لاين