د. كمال عبدالملك
د. كمال عبدالملك
باحث زائر في جامعة هارفارد

ماثيو أرنولد وعباس العقاد بين الإبداع والنقد الثقافي

السبت ٠٣ فبراير ٢٠٢٤

على الرغم من اختلاف ثقافاتهما والفترات التاريخية التي عاشا فيها، فإنّ عباس العقاد (ت. 1964) وماثيو أرنولد (ت. 1888) يتشاركان في نظرتهما لأهمية الإبداع الأدبي والنقد الثقافي. أظهرت الكتابات الواسعة للناقد والشاعر ماثيو أرنولد، تفرّده في ميداني النقد والأدب. صحيح أن معظم أعماله كانت تتناول قضايا التعليم والسياسة، ولكن قيمته تتجاوز تلك الحقول لتلامس جوانب اللاهوت والاتجاه الديني. كان أرنولد شخصية متعددة المواهب، وكان لاعتراف الجمهور به كناقد يفوق تقديرهم له كشاعر، يستغرقون في قراءة مقالاته دون أن يشعروا بأنها لشاعر، ويطالعون أشعاره ولا يدركون أنها لناقد. من أهم كتبه في النقد: Essays in Criticism (مقالات في النقد) وCulture and Anarchy (الثقافة والفوضى). وفي ما يتعلق بوظيفة النقد في عصره، أعطى أرنولد تعريفاً واسعاً يجسّد الجهد غير المشروط لنشر أفضل الأفكار في العالم. يرى أرنولد دور الناقد في الأساس كإصلاحي يعمل من أجل رفاهية المجتمع بشكل عام، وليس مقتصراً على التحليل الفني للأعمال الأدبية. وفي نقده للحياة والأدب، يُظهر أرنولد تحيزاته الدعوية والفلسفية وطريقته التعليمية الصارمة. وتبرز أيضاً في فلسفة أرنولد العبارة المأثورة التي تعتبر الأدب «نقداً للحياة». يظهر استخدام هذه العبارة استناداً إلى تصوّراته الفريدة، ما يعكس رؤيته العميقة للحضارة ودور الأديب المبدع في إلقاء الضوء على الأفكار. أما بالنسبة إلى عباس العقاد، فهو شاعر وناقد نجده في مجالي…

دعونا نرَ أنفسنا في ضوء مختلف

الأحد ٢٩ يناير ٢٠٢٣

في هذه الأيام، نحن محاطون بالشاشات. شاشات في كل مكان، في الهواتف والأجهزة اللوحية، شاشات التلفزيون في المقاهي، وشاشات عرض مواعيد إقلاع وهبوط الطائرات في المطارات، ولكن حتى قبل أن تصبح الهواتف والأجهزة اللوحية رفقاءنا الدائمين، استحوذت الإسقاطات والصور المتحركة على خيالنا. ما تعنيه هذه الصور وكيف نراها هي المسائل التي تستحوذ على اهتمام د. جوليانا برونو، أستاذ الدراسات المرئية والبيئية في جامعة هارفارد. في كتابها الجديد «أجواء الإسقاط وتمثيلاته في البيئة والفن»، تحلل د. برونو العلاقات المتبادلة بين الإسقاط والبيئة، وتستعيد مفهوم «الإسقاط» كقوة إبداعية إيجابية. في حديثها لمجلة هارفارد غازيت، تقول د. برونو «كنت مضطرة للتفكير في الصور المُسقَطَة، لأننا محاطون بها في الفن المعاصر، وكذلك في الحياة، فلدينا شاشات في كل مكان، في المتاحف وفي البيوت.. وبالعودة إلى التاريخ، لطالما افتتننا بالظلال التي يُسْقِطها مصدر الضوء على سطح الجدار، التي تعود إلى لوحات الكهوف.. هذا الإسقاط، المولود في عصور ما قبل التاريخ، يربط بين تاريخ البشرية وتاريخ الإبداع». ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، اتخذت فكرة «الإسقاط» دلالات سلبية، إلى حد كبير، لأن المصطلح في التحليل النفسي يعني إزاحة مشاعر المرء عنه وإسقاطها على الآخر. وقالت: «لقد أصبح هذا يعني أن أي شيء غير سار أو سلبي في أنفسنا يمكن أن نسقطه على شخص آخر». يعود الارتباط السلبي…