عبدالله النغيمشي
عبدالله النغيمشي
كاتب سعودي

«سيكولوجية» الخوارج!

الأحد ٠١ يونيو ٢٠١٤

الحديث عن الخوارج عند تشييئه لا يتجه حقيقة لوصف فكر فئة محددة لا نظائر لها - فئة محددة تاريخياً - وإنما يحكي حالاً فكرية متكررة، تكون متساوقة غالباً مع الرغبوية الغيبية، والحرفية الظواهرية في إدراك الأشياء والمعاني والنصوص، والراديكالية في التغيير غير المتسق مع المنطق والظرف، والقطعية اليقينية في التعاطي مع الأحوال والأحداث، إضافة إلى البطانة الشعورية الضيقة في استيعاب المختلف واستيعاب الأفكار أو مصاهرتها، إذ ما يميز مثل تلك المنظومة وشبيهاتها التفكيك المجرد الذي لا يتواشج معه تركيب وتأليف وتوفيق لعناصر الأحداث والأحوال والنصوص والشخوص والمآلات، وبصورة أكثر إجمالاً وتبياناً، فإنني عنيت أن ذهنية الخوارج ذهنية متحركة متكررة في كل مجموعة آيديولوجية عاجزة عن التماهي مع الآخر، إلا من خلال الرفض والانتباذ والعنف الذي لا يتوازى معه أدنى درجة من درجات الإصغاء والحوار. ذلك أن تلك الذهنيات حسمت أمرها وعلاقتها بالحقيقة باعتباره ضمن محازتها ما يكون نتيجته عادة أن الآخر كائناً من كان عدواً ومحارباً ما لم يدلف ناحية الإيمان بمعتقداتهم ويكفر بمعتقداته. ولعل النماذج الراهنة تمدنا ببرهان ذلك، مثل فكر جبهة النصرة و«داعش» القاعدي، هذان النموذجان يختزلان ويقربان لنا آلية التفكير والعقيدة المسطحة لفكر الخوارج، ذلك أن هذين النموذجين القاعديين الخارجين يتماهيان في كل أركان العقيدة الواحدة، لكنهما يتنافران من دون مبرر وسبب حقيقي عدا قابلية التفكك والتنابذ…