عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت
كاتب سعودي

نصيحة لأنصار الهيئة

الإثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠١٤

كل قضية للهيئة فيها سهم تكون قضية ساخنة وقضية رأي عام ويحتدم النقاش حولها حد التعارك. ما نخفيه في هذا النقاش أن الهيئة ليست جهازاً حكومياً شبيهاً بالأجهزة الأخرى. ثمة معايير أخرى تسهم في جعل هذا الحوار يتمدد إلى خارج نطاق الحدث الذي أثار القضية. تلك المعايير التي تقع خارج الحدث هي القضية التي تتخفى خلف الحوار وتحركه. لا نرى هذا الاحتدام عندما تشن الصحافة حملة ضد المرور أو الشرطة أو وزارة التجارة كما لا تتوفر فئة معينة تنتصر للمرور أو التجارة أو الشرطة حتى العاملين في هذه الأجهزة يمدون الصحافة بما تريده من معلومات لإنجاز مهمتها التنويرية والأخلاقية. لا يخفي عليك أن المتجادلين حول الهيئة هم نفسهم المتناقضون، في قضايا فكرية معروفة كسواقة المرأة للسيارة أو مدارس تحفيظ القرآن أو الابتعاث أو تجويع الشعب الأمريكي بمقاطعة بضائعه. المدهش في الأمر أن المتحاورين يبردون مع برود القضية. ليضمن لهم رجال الهيئة عودة مرة أخرى إلى التصارع بقضية جديدة. فكل من يستمتع بهذا الصراع على قدر كبير من الاطمئنان أن (الشو) مستمر والتقاذف على وسائل الإعلام لن يتأخر كثيراً. بصراحة (أنا شخصيا) فقدت الاهتمام بقضايا الهيئة. ليس لأن الهيئة خرجت من دائرة اهتمامي أو أن الأحداث التي تنتجها لم تعد خطيرة ولكن لأنها أصبحت مكررة معادة شبه متناسخة. ما جرى بين…

عطنا القهوة وأنا أبوك

الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠١٤

بقراءة متتابعة للتغريدات على التويتر ستعرف أن سبعين في المئة من التغريدات تشتم أمريكا. التويتر كما لا يخفى على كل الشتامين ممتلك أمريكي صرف. حتى اسمك ولقبك اللذين سجلتهما في تويتر يتم حفظهما في أمريكا. الزر الذي تضغطه لتمرير تغريدتك يذهب أمره إلى أمريكا أولا ثم يعود إليك بالموافقة. اقرأ في التفاصيل سترى من يشتم الأمريكان في أعراضهم وفي أخلاقهم وفي أمانتهم وفي شرفهم وفي دينهم وفي مذاهبهم وفي نسائهم. وفيه من يحرض على قتلهم وسحلهم وسحقهم ومع ذلك هم ساكتون لنا ولا يتقاضون على استخدامنا للتويتر ريالا واحدا. الشيء الطريف لا يراجعون شتائمنا لهم ولم اسمع من يرد علينا بل يعملون بهمة ونشاط على تحسين هذه الخدمة ولا يكتفون بهذه الخدمة بل يطرحون منتجات جديدة ويعربونها على الفور لكي نتفضل عليهم باستخدامها مجانا في شتمهم إذا اردنا. في المقابل لو صرح قس تافه معتوه في مكان ناء من أمريكا وشتم العرب أو المسلمين شتيمة واحدة لا ثاني لها، لثارت ثائرتنا واعلنا حربا ضروسا اقلها مقاطعة بضائعهم لتجويعهم. والاطرف أن يخرج من سياسييهم ومثقفيهم من يعتذر ويلتمس الصفح عن تصرف هذا القس الذي لا يمثل الأمريكان على حد تصريح السياسي. والأكثر طرافة أن هذا الاعتذار يذهب في جله إلى هؤلاء الذين يشتمون الأمريكان في دينهم وفي أعراضهم كل ليلة وكل…

جمعية حماية المجتمع من شيوخ الفتنة

الإثنين ٠٥ مايو ٢٠١٤

عرض برنامج الثامنة الذي يديره الأستاذ داود الشريان على إم بي سي مشهداً أقرب إلى أحداث مسرح تراجيدي. أم تستقبل ابنها بعد أن زج به شيوخ الفتنة في واحدة من أقذر الحروب الأهلية. نجاة الابن الصغير من المعركة العبثية التي يديرها أساطين الحقد الأبدي أعجوبة تضاف إلى الأعاجيب التي أدارت حياة كثير من الصغار الذين تم توظيفهم أدوات لتحقيق مجد هؤلاء وثرواتهم. لا يكفي أن تغرورق عيناك بالدموع وأنت تشاهد ذلك المشهد المؤلم. لا يكفي أن تعبر في التويتر أو غيره عن تعاطفك مع هذه الأم التي اختطف طفلها في عتمة العقل وغياب الإحساس بالمسؤولية الإنسانية عند شيوخ الظلام والفتنة، حان الوقت أن تفعل شيئاً. في أكثر من مجلس تسمع من يقول إن هؤلاء يتاجرون بالدين أو تسمع من يقول إن بعض الآباء سذج بسطاء أو تسمع من يقول إن هؤلاء الأطفال المندفعون ينتسبون إلى عائلات غير مدركة. أي كانت الخلفيات الثقافية والتعليمية للضحايا تبقى مسؤولية حمايتهم مسؤولية الحكومة والمجتمع. عندما نقول الحكومة يسعنا أن نحدد بسهولة الجهات صاحبة المسؤولية (وزارة الداخلية وزارة الشؤون الاجتماعية وزارة الشؤون الإسلامية وربما تضاف إليها بعض الجهات الرسمية الأخرى). لكن من هو المجتمع. قبل أن نحدد من هو المجتمع علينا أن نحدد المأساة. نبدأ بتعريف الجريمة ونسميها باسمها لكي نتمكن من تقديم من يقترفها…

لكي لا نصدر لأحفادنا آلام الضمير

الأربعاء ٠٢ أبريل ٢٠١٤

أصبحت قلوب الألمان واليابانيين والأمريكان والإنجليز وبعض الشعوب الأخرى تنوء بثقل الشعور بالذنب والخزي والعار. تسبب الألمان في مقتل أكثر من أربعين مليوناً ليس لهم ذنب سوى أنهم يختلفون عنهم في العرق، وقتل اليابانيون من الصينين ما يقارب نفس العدد بنفس السبب وتجلل الأمريكان على مدى قرون بعار استيراد الأفارقة كما يتم استيراد الحيوانات دون إحساس بالأخوة الإنسانية. مثل ذلك فعل الإنجليز وغيرهم بدرجات متفاوتة. فظاعات التاريخ لا تني تطل برأسها بين فترة وأخرى. تثقل حياة أجيال لم تشهدها ولا تعرف عنها وليست بالنسبة لهم سوى تاريخ لم يكن لهم دور في كتابته. بيد أن الضمير يذكرنا بما نحاول أن ننساه أو نتجاهله ونمضي كأن شيئاً لم يحدث. من مفاخر الشعوب الإسلامية أنها لم تقم مذابح أو حفلات إذلال كبيرة بين الشعوب التي فتحتها أو تحاربت معها. الإسلام دين منفتح. حتى أشد العنصريين من أبنائه لا يجرؤون على إعلان عنصريتهم أو تفردهم. يموهون تعصبهم وكراهيتهم للآخر بألوان مختلفة من الأعذار هروباً من أن يدينهم دينهم لأنه جالس لهم بالمرصاد. ربما يختارون أقوالاً لفقهاء خارج التاريخ لتبرير أفعالهم كما هو حال قانون تكافؤ النسب القبيح ولكن أياً كانت عنصرية المسلم لا تنفي هذه العنصرية عن الإنسان إنسانيته كما فعلت كثير من الإمبرياليات الغربية والشرقية. وإذا كان الجميع اليوم متفقاً أن العنصرية…

الحرب على الأبواب أيها المخذلون

الثلاثاء ٢٥ مارس ٢٠١٤

لم ألمس عند أي من دعاة الفتنة وكثير غيرهم أدنى ميل للسلم. في كل مراحل دعواتهم الدولية تلاحظ روح تكريس الحرب. حتى على المستوى المحلي لا تلاحظ الرغبة في التصالح وقليل من السلام أو قبول الآخر ولو جزئياً. وضعت هذا السؤال في وعيي باستمرار. ما الذي يمكن أن يجنيه هؤلاء من التجييش المستمر ووضع أصابع اتباعهم على الزناد في انتظار الإشارة ببدء الحرب في أي لحظة. تلاحظ دون عناء أن ثقافتنا الفكرية في السنوات الثلاثين الماضية ارتبطت بالحرب رغم أننا في المملكة في حالة سلم مقيم. لم يعكر صفو هذا السلم سوى حرب تحرير الكويت التي عالجتها الحكومة بطريقة قللت من انعكاساتها على حياتنا اليومية بشكل كبير. لماذا يعمد بعض الدعاة إلى التصرف والتخاطب كأن الحرب على الأبواب. إذا لم تكن حرباً بالسلاح فهي حرب فكرية، وإذا لم تكن حرباً، فكرية فهي حرب تآمرية وإذا لم تكن موجهة لقتل البشر فهي موجهة للأخلاق أو النساء أو المستقبل أو العقيدة، وفي كثير من الأحيان هي حرب تجتمع فيها كل هذه الأسباب وعلى شبابنا العمل أو على الأقل البقاء بروح الاستعداد واليقظة والتحدث إلى النفس عن الحرب على الدوام. قرأت كثيراً في هذا المضمار بحثاً عن جواب ولكني وقعت بالصدفة على كتاب بعنوان (أثر العلم في المجتمع بقلم براتراند رسل). كنت أقرأ…