عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«لصوص التاباسكو»!

الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٢

على الرغم من ثقتي العالية بأن النائب العام لن يعبرني، لكن من باب المحاولة أطالب النائب العام بالنظر بعين الرأفة والرحمة إلى اللصوص الذين نشرت صحيفتنا قصتهم يوم الأربعاء الماضي، الذين قاموا بسرقة مليون ونصف المليون درهم عن طريق استخدام شطة «التاباسكو» التي قاموا برشها على الموظف قبل أن يسرقوا المال! اللصوص الظرفاء من الواضح أنهم «ذواقة»، فهم أولاً لم يستخدموا الأساليب العنيفة من أسلحة نارية وقنابل وسيوف وغيرها من أدوات «الأكشن» التي وردت إلينا من دول غربية، وهي غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا، وإنما استخدموا «الدقوس»، وهذا بحد ذاته دلالة على حسن النية ودعم الهوية الوطنية، من منا لم يجرب الدقوس في الفم، بعد أن يقوم أخوه السخيف بصفعه صغيراً بلا سبب، فيرد عليه بعبارة «يا (....) يا (...)»، وهي غالباً عبارة يستخدمها الأطفال، وتحمل اسمي حيوانين شهيرين، ليس لأحدهما علاقة بالآخر، ويختلف الحيوانان بحسب بيئة وتقاليد العائلة، فلدى أمي كان استخدام كلب أو حمار يكفي للعقوبة بجرعة الدقوس الشهيرة، إلا أن استخدام «سبال» وحيوان «إن جنرال» لم يكن يستوجب العقوبة ذاتها، لا أفهم حقيقة السبب، لكن أذكر أن النتيجة كانت غالباً ذلك الحرقان السخيف والتوسل للحصول على «لبن أب»! هناك بعض الخبثاء كانوا يشترون نوعيات أقل «حرقاناً»، تحسباً لتعرضهم لهذه العقوبة من آبائهم، لكن المشكلة في العوائل التي لا…

فيليكس!

الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٢

بيقول عامل المقهى: «يا باشا متسدقش الكلام الهباب اللي في التلفزيون ده، اسألني أنا! دحنه عندنا في مصر فيه ناس كتير وياما عملوا الحركات دي قبل كده، دي كلها مؤامرة الأمريكان واليهود علشان يشوفوا مصر من فوق! طب أقلك حاجة.. صلي ع النبي! متصلي، انته مش اسمك عبدالله؟ ولا أربعة ريشة؟ بص حضرتك انته شفت فيليكس ده كاتب على دراعه إيه؟! رند بول! مش كده؟! طب أنا عندي ابن اختي راجل بتاع كمبيوتر محصلش وكل يوم بيروح النت! والله زي ما بقولك كده مش عشان هو ابن أختي لأ! ومرة وهو في النت، جالو بريد بيتبعت كده للناس الهاي هاي بس! مكتوب فيه رساله من البنتاجون الأمريكي بتقول إنه شركة رند بول دي أساساً شركة صهيونية واللي عملها هو الراجل مناحيم بيجن بتاع حلف بلفور اللي إدا فلسطين لليهود، أنا بص جوز اختي اللي ابنه بحكيلك عليه كان في الجيش واشترك في الحرب بتاعة فلسطين، كانوا محاصرينه مع عبدالناصر في الفلوجة، خد بالك دي حاجة تانية غير الفلوجة بتاعة العراق، التانية أساساً اتسمت على دي، آه والله جوز اختي كان راجل جدع عشان كده ربنا مش هيضيع ابنه، إلا بحق يا أستاز، انته مش صورتك بتنزل في الجرنال كل يوم؟ أنا شفتها وأنا باكل الصبح عليها! معندكش حد يعمله تأشيرة…

الهمم العالية!

الخميس ١١ أكتوبر ٢٠١٢

هناك «حكة» قوية في يدي لكي أقوم بالتشهير بأحد زملائي، لكن أعتقد أنني شهرت بما يكفي في الفترة الأخيرة، فلا أريد أن أُتهم بأنني أستخدم العمود لتصفية الحسابات مع «الربع»، لذا لن أذكر اسم صديقي الحائز الدكتوراه حديثاً، المتخصص في مجال الجودة، ويعمل في إحدى الدوائر الحكومية الخاصة بجوائز التميز، ويبلغ طوله 168 سم، وله خمسة من الأبناء الذكور، وبيته عليه صنم على شكل أسد، التشهير حرام، المهم أن تصل الفكرة والمبدأ، هذه هي الأخلاق الصحافية التي نعرفها،المهم أنني كنت في الطريق لمجلس أحد الشيوخ مع صاحبي، ولم يكن لديه طوال الطريق سوى أمر ونصيحة واحدة: «إياك تناديني قدام الشيخ إلا بـ(يا دكتور) الله يخليك! أتكلم جد! لا تطلع هالأصوات جد والله! أرجوك عبود! احلف انزين احلف! شوف ما قلت والله يا دكتور! انتبه! جدام الشيخ!». حطولي هالثور على جنب، عفواً هالدكتور، وتعالوا لنقرأ في السير الذاتية لبعض المعروفين في مجتمعنا، لا أعلم كيف يجرؤ أحدهم على أن يضع عبارة «من أصحاب الهمم العالية» في تعريفه لنفسه في سيرة كتبها هو، بصدق ألا تتمنى عندها أن تملأ فمه بعلبتي تباسكو وتربطه على طريقة المخطوفين في أفلام بوليوود؟! دع عنك بعض الشباب الطيبين الذين يقومون بعمل «فوروورد» و«رتوييت» لكل تغريدة تمدحهم من باب: «شفتم الناس بتئول عليه إيه؟! ده أنه؟! وريني…

(الجمس.. الأبيض!)

الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٢

لاحظنا جميعاً أخيراً كثرة الرسائل والنغزات التي تنتقد أداء ثقيلات الوزن (مادياً لا معنوياً) في المجتمع، فهنا رسالة تنصح المقبلين على الزواج بعدم الاستجابة لأي ملاحظة من «الوسطاء» تقول إن الفتاة «مربربة شوي» لأن هذا الأمر يعني حتماً أنها جمس، وهناك رسالة تقول إن إحداهن عادت من أحد الأعراس وكانت تقول إن الجميع كان ينظر إليها وهي ترقص في القاعة ثم تعليق يقول «مستغربين من الجمس اللي يخمس في القاعة»! تعليقات أصبحت الموضة لهذا الأسبوع بما أن الإعلام الإلكتروني منحنا هذه المزية، وهي استلام إحدى شرائح المجتمع وتقطيعها أو هشتقتها كل أسبوع، قد تكون ظريفة وللدعابة عند البعض، وقد تكون جارحة ومحزنة للبعض الآخر، لكن وجودها يعني أننا فعلاً أمام ظاهرة موجودة، خصوصاً مع حيازتنا، بحسب موقع «العربية نت»، المركز الرابع عربياً والسادس عالمياً في معدلات السمنة (لا حد يمسك الخشب) احسدوا علّنا نتذيل القائمة! وقد جئنا بعد الأشقاء في الكويت وقطر ومصر على التوالي! بالنسبة للنسب فهي مشوشة، هناك إحصائية تقول إنها 33٪ وإحصائية أخرى تقول إنها 25٪ وهاتان إحصائيتان أقرب إلى المنطق. لا أعلم ما ذنب الفتاة التي ستحمل وزر النتائج الصحية والاجتماعية لوزنها الزائد، إذا لم يكن لها ذنب في الموضوع من مبدئه إلى منتهاه، فأولاً في طفولتها الباكرة يحاول الجميع إثبات حبه لها بإحضار كمية الحلوى…

«أن تداوم بعد الفجر مباشرة!»

الخميس ٠٤ أكتوبر ٢٠١٢

و«الصبح إذا تنفس». لظرف معين أو بسبب حالة نفسية معينة قد يطوف أحدنا «قيلولة» الظهر يوماً، فينام باكراً فيصحو بعد الفجر «خايس من الرقاد»، ولا يجد في نفسه قدرة على العودة إلى النوم بعد الصلاة، ربما ذات يوم يقرر أن يذهب إلى الدوام بعد الفجر مباشرة نوعاً من التغيير، والتغيير دوماً مفيد! ما أجمل شوارع مدننا عندما تكون فارغة، لا يمكن تخيل كم وعدد الزوايا التي يمكن منها التقاط صور رائعة، كل شيء منظم وجميل، ولكن للأسف بعد نصف ساعة لن يبقى لدى أي مارٍ بهذه الشوارع ترف النظر لها بهذه الطريقة. من ألطف الأمور التي شاهدتها أن حديقة دوامنا فيها مجموعة من الدجاج وديك واحد، بالطبع مشهد جميل وظريف، خصوصاً مع عقدة الرجل الشرقي الشهيرة، وحسده الدائم للديك صاحب الـ«أكثر من دجاجة»، سألت حارس الدائرة ففاجأني: يا باشا الديك ده موجود من أيام ما ناصر خميس كان ماسك النص! فعلاً كم من جمال نمر به في ما يعرف بالحياة السريعة «واحنا مش واخدين بالنا»! النخيل الذي يحيط بالدائرة بدوره مثمر، والرطب أصبح تمراً، هي فرصة لأسرق شيئاً آخر من الدائرة غير الجرائد، ولكن لم أنتبه إلى هذه الصورة من قبل! للمرة الأولى أجد موقفاً «عند الباب»، من دون الحاجة إلى تسلل السيارة بتلك السرعة الخفيضة بين سيارات الزملاء، خوفاً…

يا أمةً ضحكت.. !!

الثلاثاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٢

لا أعرف هل هي تبحث عن سبب لتشعرني بأنني لست الرجل الحديدي كامل الأوصاف، أم أنها فعلاً كانت غاضبة؟! فعندما عرض الفيلم المسيء عن سيد الخلق أعطتني كلمات عدة «في العظم»، عن وعن وعن.. وكان في جملة ما قالته إن مَن لا يغار على رسوله ودينه فلن يغار على عرضه، بعد خدمة خمسة عشر عاماً أسمع هذا الكلام، نحن نستحق هذا، ففعلاً أصابنا نوع من التدجين لكثرة تكرار الإساءات! المهم أنني خرجت بلا عشاء والدماء تغلي في عروقي، لكن هدفي لم يكن واضحاً تماماً، هل أتوجه نحو «كنتاكي» وأتعشى فيه، أم «برغر كينغ» أولى بالحصول على هذا الشرف، لأذهب لأتناقش مع «الربع» قبل اتخاذ قرار قد أندم عليه. في المقهى بدأ النقاش، أذن المؤذن للصلاة، لكن أحداً منا لم يتحرك، أقيمت الصلاة ولم يتزحزح أحد، انتهت الركعة الأولى فقام أحدهم ظنناه قد يذهب للصلاة، لكن اتضح أنه ذهب لإحضار ولعة، انزين يا شباب «صلوا كما رأيتموني أُصلي»، ينظر لك «الكبير» وهو يقول: جب ما تشوفنا نناقش كيفية الرد على الإساءه! الآخر خرج لتوه من السجن بسبب ضربه المستمر لزوجته، يا بوفلان ما يكفيك كل يوم ساير راد على المنظرة يا أخي «خيركم خيركم لأهله»، يتثاءب ويقول: خلينا ننتقم من الإساءة والله كريم بعدين! الثالث يجلس على كرسيين خشية أن يختل…

مزاح.. ورماح : «عربي أنا!»

الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٢

ذبحونا منذ أن بدأنا رضاعة الحليب من «التشسوه» بكل ما له علاقة بأصالتنا وعروبتنا، قبل الدراسة عليك أن تحفظ شجرة العائلة الكريمة كاملة لسبعة عشر ظهراً، سبقوك فلان ابن فلان ابن فلان ابن فلان، وعليك أن تسمعها لأي ضيف يزوركم وأنت ترفع رأسك الصغير مفتخراً، فلان قاطع الطريق، وفلان السفاح، وفلان الذي قتل ثلاثة عشر رجلاً من أبناء عمه.. إذا نسيت ذكر لقب العائلة أو القبيلة عاجلك «المرحوم» بعجل يجعلك تتذكر الأسماء كلها حتى آدم، عليه السلام، أنت عربي يا بني.. دماؤك زرقاء تذكر هذا جيداً! بدأنا نتقن إمساك القلم، ثم ماذا.. تبدأ القصائد في المدرسة: سجل أنا عربي، وأبنائي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف. بلاد العرب أوطاني.. يبدأ الحشو الممنهج نحن الأمة الأفضل نحن صناع التاريخ.. قبيلتي تبقى دائماً بدمائها الزرقاء.. لا تفكر في فلانة وإياك النظر في عيني فلانة.. ألا تريد أن تفهم أيها الأحمق.. جلجل فديتك إننا عربٌ! إياك والعيون الملونة جدك كان يؤمن بأن العيون الزرقاء والخضراء هي العيون التي تحسد، عيوننا العسلية والسوداء هي عيون أهل الجنة! بالطبع مات جدي بعد ذلك بعد أن دقه ابن عمه بـ«عين» كانت فيها نهايته! حتى مراهقتنا سرقها منا المطرب غريب الأطوار «عربي أنا»! صحيح أننا لم نشاهد فقدان الروح الرياضية كما شاهدناها في الدورات الرياضية العربية، ولم نقرأ…

«وداعاً مارادونا!»

الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢

في ذلك اليوم المشؤوم في نهاية الثمانينات طردني أبي من المنزل للمرة الأولى في حياتي (اعتدت على ذلك في ما بعد)، لم يكن السبب إلا أنني قمت بإزالة صورة جدي الكبير الخالية من الألوان ببشته وعقاله السداسي من الصالة ووضعت بدلاً منها صورة للأسطورة دييغو مارادونا وهو يقبل كأس العالم وهذه الأخيرة كانت ملونة بالطبع، وعلى إحدى زواياها شعار لشركة جبنة شهيرة. بالطبع الأمر لم يكن له علاقة بأن شيبتنا كان «ألعب» من مارادونا، ولكن كاريزما هذه الشخصية التي كانت ولازالت وستبقى مثيرة للجدل، كانت طاغية جداً، خصوصاً مع قصصها المملوءة بالإثارة والتي ترفض أن تنتهي! وكان الأمر مزعجاً للكثيرين.. ولايزال. مارادونا لم يكن قدوة جيدة إطلاقاً ولكنه كان رمزاً لكسر المألوف أيضاً، فمن مشاغباته في الملعب وإفساده نهائي كأس ملك إسبانيا، إلى سلوكه الغريب مروراً بحادثة إدمانه على المخدرات واستخدامه المنشطات، والمحبة من طرف واحد بينه وبين الإعلام، إذ إنه أطلق عليهم النار حين كانوا يتابعونه، إلى علاقاته الغريبة بالشيوعيين والماركسيين ووشم فيدل كاسترو الذي أصبح جزءاً من جسده. مارادونا رمز للثوريين بنكهة فوضوية، وإن اختار حقل الرياضة لا حقل السياسة! لست هنا لأناقش الموضوع من ناحية رياضية، فالصفحات الرياضية أولى به مني ولكن لاشك في أن العام الذي قضاه مارادونا هنا في الإمارات كان سعيداً للجيل الذي عاصره…