أحمد الحناكي
أحمد الحناكي
كاتب في صحيفة الحياة اللندنية

مجلس الشورى و«زواج القُصّر»

الإثنين ١٤ يناير ٢٠١٩

في مقالة سابقة لي استنكرت «رفض أعضاء الشورى تمرير توصية تمنع زواج البنات أو بالأصح الطفلات دون الـ15»، لأنهن كما قلنا ان تزويجهن في مثل هذه السن جريمة ضدهن من الممكن أن تدمر حياتهن من جميع الأوجه. مجلس الشورى قبل أيام، وبعد أن بحت أصوات مواطنات ومواطنين وطبعاً من ضمنهم عضوات وأعضاء بالشورى، أقرّ تمرير هذه التوصية وكأنما أتونا «برأس غليص»، و«رأس غليص» لمن لا يعرف هو مسلسل أردني بدوي يتحدث عن شخصية شريرة لرجل اسمه غليص وكيف أن المطالبة برأسه طموح كبير لأعدائه مع إيمانهم بصعوبة تحقيق الأمر، وها هو «المجلس» تصور أنه بالموافقة أتى بـ«رأس غليص». صحيح أن المجلس في الفقرة نفسها اشترط لزواج من دون الـ18 موافقة المحكمة المختصة، إلا أن المحكمة المختصة لن تستطيع أن تقيم الفتى أو الفتاة بين يوم وليلة، إضافة إلى أنه هدر لوقت لا نحتاج إلى إضاعته، بينما كان تحديد السن بـ18 دون قيد أو شرط حاسم لكل هذا. يا سيداتي وسادتي من أعضاء الشورى وسؤالي لمعارضي التمريرة التي ليست هي المطمح: هل يا تري ستزوجين أو تزوج ابنتك إذا كان عمرها لا يتجاوز الـ15؟ لاحظوا أننا نتحدث عن التاريخ الهجري يعني أن أنها فعلياً أقل من 15 عاماً. سبق لنا أن تحدثنا من قبل عن أن موافقة الفتاة شرط من شروط…

المنطق لدى تيار الإسلام السياسي

الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨

هناك نقاط كثيرة تفصل بين هذا الوله والعشق والتذلل إلى أردوغان الذي تمارسه مجموعة الإسلام السياسي، وبين المسلم النقي الذي يدافع عن الحق أينما كان، لا تعنيه مؤامرات أو دهاليز أو نظريات كما التزم به وطبقه من قبل الخلفاء الأجلاء الذين كانوا لا يجاملون أبناءهم في سبيل الإسلام. يعتقد الإسلاميون السياسيون بترديدهم عبارات الديموقراطية والانتخابات العادلة أنهم بمنأى عن الفضيحة الأخلاقية بتناقضاتهم التي لا تحصى، وسأورد هنا أمثلة على ذلك، مع العلم بأن بعض النقاط التي يؤيدون بها تركيا قد تكون صحيحة، لكنهم في المقابل لا يقبلونها إذا كان الطرف الآخر غيرها. النقطة الأولى: العلاقة مع دولة الاحتلال، فهم يرون أن تركيا مضطرة بحسب اتفاقات سياسية وضغوطات دولية، ولأن أردوغان أتى في وقت لاحق لهذه الاتفاقات فإنه لا يستطيع التنصل من هذه العلاقة، وبالتالي فما عمله أردوغان أو يعمله في هذه العلاقة له ما يبرره، وهم في الوقت نفسه يهاجمون مصر بشكل خاص للسبب نفسه، مع إن المصريين بشكل عام مازالوا يعتبرون المستوطنين في فلسطين بذرة مرفوضة، وسفيرهم في القاهرة واجه مشكلة كبيرة في السكن والتعايش. ليت هذا فحسب بل إن الاسلاميين لا يغفرون أي شبهة تواصل بين المملكة ودولة الاحتلال، بل يفترضون وجودها وهو ما يثير العجب. النقطة الثانية: مذبحة الأرمن، فقد نفّذ العثمانيون في عهد السلطان عبدالحميد الثاني…

ما هكذا تورد الإبل أيها المفكر!

السبت ١٢ مايو ٢٠١٨

ما ذكره الدكتور خالص جلبي في ثنايا سعادته الغامرة بالعيش في المغرب الشقيقة جدير بالتأمل، ويطرح تساؤلاً جاداً سبق أن دارت مناظرات حوله كثيراً، وهو أنه ليس من الضروري أن تكون إنساناً رائعاً بمجرد أنك كاتب متميز أو مفكر كما يصفون خالص. لم أكن أقرأ لجلبي من قبل، ليس استهانة أو اي شيء آخر، ولكن ما كان يكتبه آنذاك لا يستهويني، غير أنني لا أنكر أن له شعبية لدى كثير من قراء جريدة الرياض آنذاك. يقول جلبي بمعرض إعرابه عن سعادته؛ انه نادم على فترة أمضاها (30 عاما) عند قوم ليس عندهم إلا فيض من المال، بل وأردف أنهم خالفوا الفطرة السليمة، أنا أتفق مع الرجل أن هناك أناسا كذلك، ولكن ما ذكره ينطبق على كل شعب وليس فقط السعوديين. نعم، ربما كان السعوديون بالمتوسط أكثر ثراء من دول كثيرة في العالم، ولكنهم ليسوا الأكثر ثراء قاطبة، وقد يكون هناك أناس منهم يرى نفسه أفضل من الآخرين، ولكن كثيرين يظنون كذلك من دول وشعوب أخرى. كان باستطاعة جلبي، وهو سعيد مع زوجته الثانية في المغرب، أن يكيل أطناناً من المديح للمغرب والمغاربة من دون الإساءة لشعب قضى بينهم 30 عاماً واكتسب صداقة وإعجاب الكثيرين، وللأسى لم يستثنهم عندما أصدر قراره الصارم. عشت في بريطانيا نحو 10 أعوام وأكره السياسة الخارجية…

«ذيل الكلب» والدكتور منير

السبت ٢١ أبريل ٢٠١٨

سبق أن كتبت قبل 18 عاماً مقالةً عن الفيلم الأميركي «ذيل الكلب»، وهو فيلم كوميدي من بطولة روبرت دي نيرو وداستن هوفمان. والواقع أن أكثر من يفضح السياسة الأميركية هم الأميركيون أنفسهم. أتذكر عند مشاهدتي الفيلم أنني بدأت أشك في كل شيء حصل في العالم، وتحديدا في الشرق الأوسط، فالفيلم كان يتهم الساسة الأميركان بأنهم يعملون أفلاما في هوليود ويبثون بعضها للعالم على أنها معارك حقيقية، وتشترك معهم أحيانا الدول التي يفترض أنها تعرضت للضرب. الآلة الإعلامية الأميركية الجبارة اختلقت للشعب الأميركي أن دولة ألبانيا هي عدو للشعب الأميركي، واخترعوا أحداثا عدة تثبت صدقيتهم، لدرجة أنهم جعلوا الأميركيين يتعاطفون مع حكومتهم وترتفع شعبية رئيسهم، الذي يظهر بمظهر المنقذ والقائد لأميركا ضد هؤلاء السيئين والمجرمين من الألبان، وفي واقع الحال وبحسب الفيلم، لم تكن هناك مشكلة أصلا من طرف دولة ألبانيا. كان السبب في الفيلم أن الرئيس الأميركي تعرض لفضيحة كادت أن تطيح به، أو على الأفضل لن تعيد انتخابه فترة ثانية، فتم الاتفاق مع منتج هوليودي على هذا السيناريو الجهنمي، الذي جعل رئيسهم المحبوب الأميركي الأول. وعودة إلى الضربة التي وجهتها أميركا وبريطانيا وفرنسا إلى سورية، فإنها تذكرني إلى حد ما بالموقف إياه، وهو هل هناك ضربة أصلا؟ وبعيدا عن ذلك وذاك لا أستوعب هذه المشاحنات بين تأييد أو شجب…

الدكتور عبدالعزيز الفايز يترجّل

السبت ١٤ أبريل ٢٠١٨

تعرفت على سفيرنا السابق في الكويت الدكتور عبدالعزيز الفايز من طريق الصديق الزميل عقل العقل، وامتدت وتوثقت من طريق الصديق الزميل علي العميم، إذ إنه كان صديقا مشتركا لهما، وأصبحت بعدها طرفا في دائرة محبي أبي وائل وهم كثر بشكل لا يصدق. السبب يعود لشخصية الفايز الذي كان ومازال ومنذ أن عرفته عندما كان مستشارا في وزارة الاعلام ثم عضوا في الشورى في أول دوراته إلى أن أصبح سفيرا، هو ذلك الرجل لم يتغير البتة، بل إن التواضع يغمره في كل خطوة يتقدم بها في حياته العملية. بحكم العمل، كان الفايز يمر علينا عندما كنا في إدارة الرقابة الأجنبية التي رأسها حينذاك الزميل محمد نوري، وبمجرد دخوله تتحول الإدارة بل وكل إدارات الدور الخامس من مبنى الوزارة القديم أمام برج التلفزيون إلى منطقة تزخر بالحياة والضحك والقفشات، سواء مع العمال الذين يصادفهم في الممرات، أم مع الموظفين من زملائنا العرب، أم معنا نحن السعوديين، أم مع المديرين. لا تفارقه الابتسامة إطلاقا، وعلى المستوى الشخصي أدين له بالكثير، وتلك قصة أخرى سأرويها يوما ما، وحين أصبح عضوا للشورى توقع الكثيرون أن يتغير، خاصة أن المجلس آنذاك كان من 30 عضوا، إلا أنه وبمجرد أن زارنا اتضح أن الكثيرين واهمون، ولعله يمثل حالة قليلة من النادرين، وبصراحة ومن خلال صداقاتي وعلاقاتي تعرفت…

المرأة والرجل.. والمساواة في الأجور

السبت ٠٧ أبريل ٢٠١٨

كان مثيراً للانتباه أن يصرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن المرأة تعاني فعلا من تفاوت الأجور بينها وصنوها الرجل وأنه سيعمل على ردم هذه الهوة، بينما تصرح نائبة وزير العمل الدكتورة تماضر الرماح في لقاء لها أن الاجور متساوية. لو حدث العكس لقلنا أن نائبة الوزير تدافع عن وزارتها وتطالب بتحسين وضع بنات جنسها، غير أنه بالعودة إلى نظام وزارة العمل اتضح ألا تضارب بين التصريحين، إذ نصت المادة 34 من بيئة العمل الفقرة الثانية «أنه يمنع أي تمييز في الأجور بين العاملين والعاملات عن العمل ذي القيمة المتساوية»، وما يقصده ولي العهد أن هناك تفاوت بالدخل وليس الراتب بسبب التعيينات في المراكز العليا التي عادت ما تنصب لمصلحة الرجل، وإجازات الأمومة التي يترتب عليها خصومات، إضافة لإجازة المرافقة مع المريض وعادة ما يكون العبء على المرأة أكثر من الرجل. تماضر الرماح بتعيينها في هذا المنصب الأول من نوعه أثارت رد فعل عجيب من أطراف عدة، وكلٌ له سببه، فقد عز على المتشددين كالعادة أن تتولى هذا المنصب امرأة، أما تبريراتهم فهي أو هي من خيط العنكبوت، ولن نضيّع وقت القارئ الكريم بتكرار ما قلناه في مقالات كثيرة عنهم، إنما ما يلفت النظر عندما تعترض سيدات إما تصريحا أو تلميحا على هذا التعيين، وهو لا يخرج عن احتمالات…

كم رثاؤك صعب يا أبا راكان!

السبت ١٧ مارس ٢٠١٨

مؤلم ومبكٍ هو الفراق، ومؤلم أكثر أن يكون المغادر رمزا كبيراً نقياً اسمه علي العنيزان، غادر مساءً إثر حادثة سيارة أليمة. صعب أن تعدد مآثر ومناقب أبي راكان، فهو الميزان الذي يجمع الأصدقاء بمختلف مشاربهم، ومنذ باكورة شبابه حمل هم الوطن وقدمه على كل شيء. يوم رحيله هاتفه أخي فهد وتحدثا عن خطأ طبي كاد أن يؤدي بحياة صديقهما وصديقنا المشترك الرائع عبدالله الفريحي (أبو طفول) ونجا منه لحسن حظه وحظنا جميعاً، وأردف فهد باكيا إياه: «إنه كان سندا هائلا منذ أن تعرف عليه قبل 45 عاما، إذ كان طالبا في أول سنواته الدراسية في الجامعة، بينما كان علي موظفاً»، مسترسلا أنه لم يحدث طوال هذه الفترة أن صدرت منه كلمة جارحة أو أي إساءة؛ فنبله ولطفه وإنسانيته لا تدع له ولا لمن أمامه أي مجال للغضب، وهذا ينطبق على جميع من عرفه. قبل أشهر عدة كتب مقالات في المجموعات، كانت آية في التنظيم والمنطق والتحليل السياسي، وتمنيت عليه أن ينشرها في أحد الصحف أو في كتاب، لكنه وكما هي العادة أبعد ما يكون عن الأضواء، وقال: «لعلي أجمعها لاحقا»، لكن ها هو القدر يسبقه، على أنه كان يكتب مقالات بين الحين والآخر، وسبق أن كتب في «الحياة» مقالة عن رواية القرصان، مفندا ببراعة كل مغالطات الكاتب القطري عبدالعزيز المحمود.…

عمرو موسى وعودة الوعي

السبت ٢١ أكتوبر ٢٠١٧

مذكرات وزير الخارجية المصري الأسبق، الأمين العام للجامعة العربية الأسبق أيضاً، تثير تساؤلاً حائراً؛ عن صدقية المذكرات في شكل عام، والتي تصدر عن الزعماء والمسؤولين بعد مغادرتهم الكرسي الذهبي. لا شك في أن أدب المذكرات مهم، فمنه نكتشف معلومات وأسراراً لم تكن لتظهر من دونها، غير أن مذكرات الفنانين على سبيل المثال تختلف قطعاً عن نظيرتها من مذكرات المثقفين أو السياسيين، كما أن الغربيين أكثر انفتاحاً وصدقاً مع النفس في مذكراتهم، لأن رد الفعل لدى المجتمعات الغربية ليس كالشرقي، لاعتبارات نعرفها جميعاً. المؤكد أن علينا النظر في حذر وريبة إلى كل مذكرة تصدر عن سياسي، فهو عادة - كما يقال - «مخادع ومتلون»، ولا يكتب جملة من دون أن يضع في الحسبان أموراً كثيرة في تفكيره. وعودة إلى عمرو موسى ومذكراته، فأهميتها تكمن في أهمية صاحبها الذي عاصر زعماء مصريين وعرباً منذ عقود عدة، غير أن الأخذ بما يقوله من المسلمات أمر غير منطقي. من وجهة نظري أن السيد عمرو موسى ارتكب أخطاء عدة أضعفت هذه المذكرات، وقبل أن أوردها أعيد الجميع إلى كتاب الراحل الكبير توفيق الحكيم «عودة الوعي»، الذي نشره بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بسنتين، إذ يرى فيه أنه تعرض والمصريين إلى ما يشبه غسل للدماغ، فانساقوا بعواطفهم ورمّزوا «ثورة يوليو» و«عبدالناصر» ولم يشاهدوا أخطاءه. توفيق…

وطني الحبيب وهل أحب سواه

السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧

تنشر مقالتي تزامناً مع الاحتفال بالذكرى المجيدة ليومنا الوطني الخالد، عندما تم إعلان المملكة العربية السعودية، بعد أن تم توحيدها من شرقها إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، بدءاً من العاصمة الرياض، على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وجنوده الأوفياء أسلافنا الأبطال. طالبت من قبل، وأطالب اليوم وغداً بأن تخلّد ذكرى هذا اليوم بفيلم سينمائي، لتتعرف الأجيال الحالية والمستقبلية على نشأة الوطن وملحمة التوحيد، ولعلني أوضح هنا معلومة يعرفها البعض وليس الكل، وسبق أن كتب عنها البريطاني روبرت فيسك، هي أن الوطن ليس الحكومة، فالوطن أسمى وأكبر من الجميع، وفي كل أنحاء المعمورة لا يختلف اثنان في حب وطنهم، إلا العملاء أو الخونة. أكرر دائماً أن نسمو بالوطن عن خلافاتنا، فكلنا نحبه وهو يضمنا ويرعانا، فلا نزايد عليه. لعل بعض محبي الدراما يتذكرون بعض الأفلام والمسلسلات المصرية التي سلطت الضوء على المساجين أو المعتقلين، وكيفية رد فعلهم عندما حدثت «نكسة 67» أو «حرب 6 تشرين الأول (أكتوبر)»، وكيف تفاعلوا بقوة وحماسة بالغة مع الأخبار عن الانتصارات، والصدمة الكبيرة مع الإخفاقات، بعيداً عن أنهم كانوا معارضين لنظام الحكم آنذاك، أو أن بعض المساجين ارتكب جرائم كبيرة، إنما كل هذا لا يلغي وطنيته. وفي الكويت، لم يجد صدام حسين مواطن أو مواطنة يقبلون أن يتحالفوا معه، حتى من…

هل يتساوى الفاسدون؟

السبت ٢٦ أغسطس ٢٠١٧

أشعر بالحنق كثيراً عندما يتبجح أحدهم بالقول إن السرقة واحدة؛ أن تسرق ريالاً أو أن تسرق ملياراً فكلاهما جريمة متساوية. هذا نفاق واضح واستهانة بالبشر والناس، فليس من المنطق أن من يسرق ريالاً ليشتري خبزاً لأطفاله كمن يسرق ملياراً ليشتري مرتزقة وأبواقاً وضمائر، وأحياناً لا يشتري بل يكنزها حتى يموت. كنا مجموعة من الأصدقاء نتحدث عن الخيانة الزوجية، وأجمعنا على أن الخيانة واحدة، إلا واحداً منا، وهو أكبر سناً وحكمة، فقال إن الذين ينتهكون القيم إجمالا ليسواً أصابع واحدة، وردة الفعل تجاههم تختلف، فمثلاً هناك من خان مرة واحدة في ظروف متكالبة وصعبة، وهو وحيد، ومع ذلك كتم الأمر حتى عن نفسه. وهناك من يعملها لكنه يحرص أشد الحرص على ألا تعلم زوجته، فهو لا يعرف ماذا يقول لها لو اكتشفت، والأسوأ هو الذي يعملها غير آبه إذا عرفت زوجته أم لا، لكنه يعرف طبعاً عن أنه كان مخطئاً، إنما الأسوأ على الإطلاق هو ذلك الذي يعملها ويكاد أن يعلنها ويقول: «نعم ومن حقي»، بكل صفاقة، رامياً بمشاعر زوجته عرض الحائط. وعلى هذا المنوال تستطيع أن تطبق المثال السابق على كثير من القيم، كالكرم والشجاعة والوفاء وغيرها. قصة الكاتب الروسي أنطون تشيخوف، التي صنفت بأنها أفضل قصة قصيرة في العالم، عن رب المنزل الذي يستدعي العاملة ومرتبها 40 روبلاً في…

«صانع الابتسامة» .. يسرقها ويرحل

السبت ١٩ أغسطس ٢٠١٧

عبدالحسين عبدالرضا الفنان العملاق ترجل ومضى بعد أن صنع الابتسامة وانتزع منا الضحكة وزرع القهقهة. أبو عدنان الفنان الكويتي الأشهر خليجياً ومن الأشهر عربياً كان إلى وفاته مبدعاً ومبتكراً تغلبه ظرافته على جديته. قدم الكوميدي الكبير فناً ملتزماً من دون إسفاف أو ابتذال، وشارك مع زملاء دربه سعد الفرج وخالد النفيسي وعبدالله الصلال وعلي المفيدي وغانم الصالح وعبدالعزيز النمش ومحمد جابر وحياة الفهد وسعاد عبدالله ومريم الغضبان ومريم الصالح وهيفاء عادل واستقلال أحمد في الكثير من المسرحيات والمسلسلات، لعل من أشهرها 30 يوم حب، وباي باي لندن، وباي باي عرب، وسيف العرب، وسوق المناخ، وبني صامت، وعزوبي السالمية كمسرحيات، أما المسلسلات فلن ننسى درب الزلق، وفريج العتاوية، فهما بحق قطع فنية تعكس الواقع الكويتي بداية بماضيها العتيد وبأيام الشقاء والكدح ثم أيام الانتخابات ودهاليزها وأسرارها. قبل حوالى 35 عاماً تعرضت لحادثة كبيرة وأنا في طريقي إلى مدينة الخرج، ومكثت في المستشفى حوالى الشهر، وفي تلك الفترة تبرع أخي عبدالرحمن وجلب لي أشرطة مسلسلي درب الزلق وفريج العتاوية، وأصبحت هذه الأشرطة تسليتي الكبيرة. وسبق أن شاهدت بعضها غير أن من يشاهد عبدالحسين وزملاءه سعد الفرج وغيرهم لا يمل ولا يكل. قد يعتقد البعض أنني أبالغ، لكن والحق يقال إنني كنت أضحك بكل قواي لددرجة أن القطعة البلاتينية التي كانت مغروزة في…

ليالي الحلمية

السبت ١٢ أغسطس ٢٠١٧

ظهر مسلسل ليالي الحلمية في عام 1987، واستمر في خمسة أجزاء مع المؤلف المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة، والعام الماضي ظهر الجزء السادس، إلا أنه كان متأخراً، وأخشى أن أقول باهتاً بصراحة إذ تغير المؤلف والمخرج القدير الراحل إسماعيل عبدالحافظ، كما توفي قبل بدايته بأيام الممثل الكبير ممدوح عبدالعليم، وهو الركن الثالث بجانب يحيى الفخراني وصلاح السعدني اللذين انتهت أدوارهم من الأساس. كنا تلك الأيام نتبادل أشرطة المسلسل كما لو أنه سوق سوداء، إذ كانت تعرض على الشاشة المصرية بينما كنا نشاهدها مسجلة على أشرطة فيديو لاحقاً، لكنها كانت متعة ما بعدها متعة عندما نتسمر أمام الشاشة وننسى أنفسنا بحق طوال الحلقة، وعندما تنتهي نضع الأخرى وهكذا، أحياناً يتجمد بعضنا بالساعات الممتدة وهو ينتظر الحلقة بعد الحلقة. أعتقد أن أسامة عكاشة كان يحاكي «الثلاثية» لنجيب محفوظ مع فارقين رئيسين، هما: أن نجيب محفوظ كتب روايته «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية» بالترتيب الزمني المعروف المتسلسل، بينما كان من الواضح أن عكاشة بين الجزء والجزء يتراجع أحياناً عن حذف شخصية أو يعيد شخصية أخرى، وطبعاً هناك أسباب، فالكتابة للتلفزيون تتطلب شخصيات حقيقية، بينما الرواية لا بطبيعة الحال. الاختلاف الآخر هو أن شخصيات عكاشة كانت كثيرة جداً، وبحسب ما قرأت فهم يقاربون 300 ممثل وممثلة، بينما كان محفوظ مركّزاً بشكل رئيس على عائلة…