أحمد الحناكي
أحمد الحناكي
كاتب في صحيفة الحياة اللندنية

الدكتور عبدالعزيز الفايز يترجّل

آراء

تعرفت على سفيرنا السابق في الكويت الدكتور عبدالعزيز الفايز من طريق الصديق الزميل عقل العقل، وامتدت وتوثقت من طريق الصديق الزميل علي العميم، إذ إنه كان صديقا مشتركا لهما، وأصبحت بعدها طرفا في دائرة محبي أبي وائل وهم كثر بشكل لا يصدق.

السبب يعود لشخصية الفايز الذي كان ومازال ومنذ أن عرفته عندما كان مستشارا في وزارة الاعلام ثم عضوا في الشورى في أول دوراته إلى أن أصبح سفيرا، هو ذلك الرجل لم يتغير البتة، بل إن التواضع يغمره في كل خطوة يتقدم بها في حياته العملية.

بحكم العمل، كان الفايز يمر علينا عندما كنا في إدارة الرقابة الأجنبية التي رأسها حينذاك الزميل محمد نوري، وبمجرد دخوله تتحول الإدارة بل وكل إدارات الدور الخامس من مبنى الوزارة القديم أمام برج التلفزيون إلى منطقة تزخر بالحياة والضحك والقفشات، سواء مع العمال الذين يصادفهم في الممرات، أم مع الموظفين من زملائنا العرب، أم معنا نحن السعوديين، أم مع المديرين.

لا تفارقه الابتسامة إطلاقا، وعلى المستوى الشخصي أدين له بالكثير، وتلك قصة أخرى سأرويها يوما ما، وحين أصبح عضوا للشورى توقع الكثيرون أن يتغير، خاصة أن المجلس آنذاك كان من 30 عضوا، إلا أنه وبمجرد أن زارنا اتضح أن الكثيرين واهمون، ولعله يمثل حالة قليلة من النادرين، وبصراحة ومن خلال صداقاتي وعلاقاتي تعرفت على عدد من الاشخاص الذين يتلبسهم نوع من المس والخيلاء والغرور والعجرفة عندما تحصل لهم ترقية بسيطة، فما بالك بمثل وضعه آنذاك؟

كل من تعامل مع الدكتور الفايز، وجلهم إما سياسيين بحكم أنه حاصل على دكتوراه في الشؤون السياسية، أو إعلاميين بحكم أنه كان مستشارا في الإعلام وكاتب في جريدة الرياض، لمس منه جانب النخوة والشهامة نحوهم مهما كانت مكانتهم الاجتماعية.

كان اختيار الفايز سفيراً للمملكة في الكويت حصيفاً وحكيماً، إذ استطاع بحكم ثقافته وتخصصه، فضلا عن أن رسالة الدكتوراه التي حازها كانت عن وضع الدول الصغيرة بين الدول الكبيرة، وكانت الكويت هي النموذج لذلك، أن ينجح بشخصيته الأسرة في أن يتعامل مع كل التيارات في الكويت وبكل اقتدار، على رغم بعض الحساسيات التي تحدث في المشهد السياسي هناك، وستفقد «الديوانيات» صديقا دأب على زيارتها بأسلوبه الهادئ واللطيف والحازم في الوقت نفسه.

أثناء عملي في الملحقية الثقافية بلندن وبينما هو في مجلس الشورى أتى في زيارات عمل عدة، مرات قابلته فيها وكان هو ذلك الشخص نفسه بما يحمله من محبة واهتمام شخصي، ناهيك عن ثقافته الموسوعية الجادة .

مهتم جدا ومطلع على الحياة السياسية الغربية، وأتذكر أنني عام 1995 أجريت حوارا مع مؤلفة كتاب «للإله 99 اسما» عن الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط الكاتبة الأميركية جوديث ميللر، اقترح عليّ قبلها بعض الأسئلة، ناصحا إياي ألا أكون طرفا في الحوار بقدر ما أكون محايدا جدا، واتبعت فعلا نصيحته بحذافيرها.

دائما ما نتعلم من رموزنا الكبار، وأعترف أنني تأثرت باعتداله وتقبله للرأي الآخر، وهو ما جعله صديق الجميع بطيبته ووفائه ومبادرته للمساعدة فيما لا يخل بالنظام. من الرائع أن يغادر المرء منصبه وهو محملا بحب الآخرين وتقديرهم وبرضاه الداخلي عن نفسه، وأزعم أن الدكتور عبدالعزيز الفايز (أمضى 12 عاماً في الكويت الشقيقة) من هؤلاء. أمنياتي من الأعماق بالتوفيق والنجاح لأبي وائل، فهو يستحق الكثير.

المصدر: الحياة