أحمد الحناكي
أحمد الحناكي
كاتب في صحيفة الحياة اللندنية

«الإسلاميون».. والكره لـ«أميركا»

الجمعة ٢٨ يوليو ٢٠١٧

هل من حق الإسلاميين كُره أميركا أو سياستها؟ كان هذا السؤال موضع تساؤل جمعني مع أصدقاء كثر وتجادلنا حوله كثيراً، فمنّا من تفهّم هذا الكُره، ومنّا من شجب هذا الكره، ومنّا من اندهش من كُرهٍ كان من المفترض أن يكون عشقاً، إلا أن أكثر جدلاً حدث عندما أصرّ أحدنا على أن الإسلاميين لا يكرهون أميركا. لنبدأ القصة من يومها الأول، فعلاقة الإسلام بأميركا بدأت تقريباً منذ الخمسينات عندما تقاطعت مصالحها مع العدو المحتل من جهة، ونفورها من خطورة الكاريزمية الناصرية التي شكلت خطراً على المصالح الأميركية من جهة أخرى، ومن جانب آخر كانت الولايات المتحدة تسيل لعاباً على الثروات المكتنزة في المملكة العربية السعودية من الذهب الأسود. الأميركان عموماً يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون، وبالتالي ومن تجارب عدة لا يجب أن نهتم إلا لأفعالهم لا لأقوالهم، فماذا فعلوا للإسلاميين لكي يكرهوهم؟ يقول زيد بن عبيد إن أميركا تحارب الإسلام منذ نشأته، ويبدو أن زيداً مازال طفلاً في مهده، فأميركا تهتم بالمقام الأول بتضخم دولارها وهيمنتها ونفوذها، وفي هذه الحالة لا يهمهما أن تتحالف مع مسلم أو ديكتاتور أو شيوعي أو منافق أو آفاق أو مرتش أو أي كان، ولا ننسى أن أميركا في سبيل طرد النفوذ السوفياتي من أفغانستان دعمت الإسلاميين والدول العربية والأحزاب الأفغانية الإسلامية والقاعدة،…

«حوار» مع صديقي المسيحي

السبت ٠٧ يناير ٢٠١٧

< قال لي صديقي المسيحي: «ما الذي يحدث لكم أيها المسلمون؟ عنف في كل بقعة ينشط فيها الإسلام ويكثر فيها المسلمون، أحداث إرهاب في بلاد غير إسلامية ينفذها مسلمون، خطابات كراهية تتداول بين أئمتكم وعلماء دين مسلمين». أجبته: مهلاً يا صاحبي، يجب أن نميز أولاً بين المسلم وبين من يزعم أنه هو فقط المسلم، إذ تعلمنا من النبي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن التكفير والترهيب والحض على العنف والمعاملة القاسية وكل ما ينسب لأعمال الجاهلية هو أمر لا يمت للإسلام بصلة، وفي جميع أحاديثه كان ينهى عن العنف، إذ إن الإسلام يقدم التسامح والحب وكرم الأخلاق على أي شيء آخر، كما أن قصص التاريخ أشارت إلى كثير من غير المسلمين أحبوا أخلاق محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل أن يتعرفوا على الإسلام، فكان خير رسول لمهمته التبشيرية. لا نستطيع يا صاحبي أن ننسب الإسلام لابن لادن أو الزرقاوي أو أبي بكر البغدادي أو كل هؤلاء الوحوش الذين يتمنطقون بأحزمتهم النارية ويفجرون أنفسهم وسط أبرياء بعضهم أطفال في عمر الزهور. كان الخلفاء يرفضون أي ظلم يتعرض له المسلم، أي مسلم، حتى لو كان الطرف الآخر ذا وزن أو جاه دنيوي، وقد بدأ الرسول بنفسه عندما نزلت عليه الآية لقصته مع عبدالله ابن أم مكتوم «عبس وتولى…

لنفعّل حركة «دول عدم الانحياز»

الأحد ٠٢ أكتوبر ٢٠١٦

قبل أكثر من 70 عاماً قام رؤوساء بعض الدول أو الحكومات بدور بارز في إنشاء وإرساء قواعد حركة «دول عدم الانحياز»، وهم جمال عبدالناصر من مصر، وكوامي نكروما من غانا، وشري جواهرلال نهرو من الهند، وأحمد سوكارنو من إندونيسيا، وجوزيف بروز تيتو من يوغوسلافيا، الذين أصبحوا في ما بعد الآباء المؤسسين للحركة ورموز قادتها. أنشئت حركة «عدم الانحياز» وتأسست إبّان انهيار النظام الاستعماري ونضال شعوب أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية وغيرها من المناطق في العالم لأجل الاستقلال، وفي ذروة الحرب الباردة. وكانت جهود الحركة، منذ الأيام الأولى لقيامها، عاملاً أساسياً في عملية تصفية الاستعمار، التي أدت لاحقًا إلى نجاح كثير من الدول والشعوب في الحصول على حريتها وتحقيق استقلالها، وتأسيس دول جديدة ذات سيادة. وعلى مدار تاريخها، لعبت حركة دول عدم الانحياز دوراً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وإذا كانت بعض الاجتماعات عُقدت في إطار العالم الثالث، قبل 1955، فإن المؤرخين يعتبرون أن «مؤتمر باندونغ» الأفروآسيوي هو الحدث السابق مباشرة على قيام حركة عدم الانحياز، وكان هذا المؤتمر عقد في مدينة باندونغ خلال الفترة من 18-24 نيسان (أبريل) 1955، وشهد تجمع 29 رئيس دولة ينتمون إلى الجيل الأول من قيادات ما بعد الحقبة الاستعمارية من قارتي أفريقيا وآسيا بغرض بحث القضايا العالمية في ذلك الوقت وتقويمها، وانتهاج سياسات مشتركة…

حسن الترابي.. بين الديني والسياسي

الأحد ٢١ أغسطس ٢٠١٦

مثّل السياسي السوداني المعروف الدكتور حسن الترابي ظاهرة منتشرة في العالم العربي والإسلامي، وهي أسلمة السياسة أو الإسلام السياسي. وبرحيله بنوبة قلبية قبل أشهر خسره الفكر الديني المتجدد، بينما العكس لدى من درس سيرته السياسية. فللترابي مواقف كثيرة لن يغفرها له السودانيون (ولكي نكون منصفين بعض السودانيين) من جهة، ولن يسامحه الخليجيون من جهة أخرى. فهو تحالف في المرة الأولى مع الرئيس الراحل جعفر النميري، الذي أسقط الديموقراطية وعملا معاً على أسلمة القوانين بصورة هزلية، ما أدى لاحقاً إلى إعدامات ظالمة، فضلاً عن قطع الأيادي للمئات من الأشخاص لتطبيق حد السرقة، وهو الذي لا يكاد يطبق لصعوبة انطباق الشروط على السارق أو المختلس. بعد الإطاحة بالنميري تم انتخاب صهره الصادق المهدي، الذي أصبح رئيساً للوزراء، إلا أن الترابي وللمرة الثانية قاد انقلاباً مع الرئيس البشير، وأودعوا الصادق في السجن وعادوا أيضاً إلى الأسلمة بعد أن تم رسم مسرحية اعترف بها الترابي لاحقاً، هي أن الأمر كان سيناريو يتم فيه سجن الترابي آنذاك ثم يتم إطلاقه لاحقاً. وقصته مع المهدي عجيبة، والقريبون منهما كانوا يرثون لحال وصال المهدي زوجة الترابي وشقيقة الصادق، وفي مقابلة معها بداية عام 2012 سألها الصحافي فتح الرحمن شبارقة: * هل تشعرين سيدة وصال بأنك منقسمة بين زوجك الدكتور الترابي وأخيك الإمام الصادق عند حدوث مثل هذه…

التطبيع مرة أخرى

السبت ١٣ أغسطس ٢٠١٦

سأبدأ من حيث ذكر المحامي الجميل أحمد بصراوي في معرض حديث عن التطبيع في أحد القروبات مخاطباً أحد المهرولين، أن ممارسات بعض الفلسطينيين الخاطئة لا تعني أن تتجاهل أن لهم قضية عادلة وأصحاب حق تاريخي. نعم ما ذكره صديقنا صحيح، فليس من المنطق أن أعاقب كل الفلسطينيين أو أظلم قضيتهم أو أتخاذل في سبيل نصرتهم لمجرد أن بعضهم لم يقدم واجبه الوطني على أنانيته أو ذاتيته. مقال السفير عبدالله المعلمي المعبّر أثلج صدورنا، ووجّه رسالة قارصة لكل مهرول بأن ركضهم سراب وعبث. وإذا كان هناك من يروّج للتطبيع فهناك بالمقابل من يقف له كالطود العنيد. زميلنا أحمد عدنان وعد الجميع في التواصل الاجتماعي بأنه سيكتب مقالة أوحى هو أو روّج إلى أنها ستكون الحسم لمعركة التطبيع وزيارة أنور عشقي، إلا أن المقالة ظهرت بشكل مغاير عما وعد به. ولست أقلل من قلم الزميل، فهو والحق يقال بارع، إلا أنه يدافع عن قضية خاسرة. أحيلك يا سيدي عدنان إلى صوت الضمير وصوت الشعوب العربية الهادرة من المحيط إلى الخليج، فهي ترفض التطبيع، وما حصل في الأولمبياد الأخير في البرازيل هذه الأيام من السعودية ولبنان والكويت والإمارات، سواء من مشاركين أم وسائل إعلام يعطي للعالم رسالة واحدة ثابتة، هي لا للتطبيع مهما طبّع الآخرون. أريد أن أنعش ذاكرة الزميل إلى أعوام سابقة،…

من مطبع إلى مطبع .. «يا قلبي» لا تحزن!

السبت ٠٦ أغسطس ٢٠١٦

ما الذي يدعونا لزيارة الكيان المحتل؟! بل ما الذي يجبرنا على لعق الحنظل؟! لِمَ هذا الدفاع المحموم عن زيارة أنور عشقي؟ أراد الجنرال المتقاعد أن يدغدغ مشاعرنا قليلاً، فقال لا فضّ فوه إنه أتى ليصلي ويؤم المصلين في الأقصى، وإنه حضر زواج ابن المناضل تميم البرغوثي. ربما اعتقد عشقي أن الزمن القديم مازال كما هو، وأن الشعارات البراقة قد تنجح مع الجماهير، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن ليس تماماً، ففي وسائل التواصل الاجتماعي وزمن الكاميرا والإنترنت و«يوتيوب» و«واتساب» لا يمكن أن تكون الخدعة كاملة، وكما قيل سابقاً لا يمكن أن تكون الجريمة كاملة. يقول زميلنا أحمد عدنان في معرض دفاعه عن العسكري السابق إنه معه، وإنه ليس من حق أحد أن يخونه أو يخوننا إذا عبّرنا عن طلب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل (الكيان المحتل)، وأنا بدوري لا أجرؤ على اتهام أحد بالخيانة، فخيانة الوطن في نظري هي أبشع الخيانات، لكن هذا لا يبرر بالمقابل الاستهانة بمشاعر الفلسطينيين في كل بقعة بالأرض، ومحاولة التقرب من جلاديهم، ألم يسأل عشقي أو عدنان ما هو المقابل يا ترى؟ لا شيء، فالمحتل يريد من دون شك علاقة مع المملكة والدول العربية، لكن من دون أن يتزحزح قيد أنملة عن مشروعه الاستيطاني الشرير الاستعماري، فها هو كل يوم يفاوض من جهة، ويهدم بيوت الشهداء…

عندما يسرق المفكر.. محمد عابد الجابري أنموذجاً

السبت ٣٠ يوليو ٢٠١٦

لكي لا يذهب فكر القارئ بعيداً فالمقصود بالسرقة أعلاه الاقتباس من باحث أو مفكر آخر من دون ذكر اسمه، وهو ما حدث عندما نشر المفكر المغربي الراحل الشهير محمد عابد الجابري مقالات في صحيفة الشرق الأوسط عن محنة أحمد بن حنبل من دون الرجوع للمصدر الأصلي وهو المفكر الأردني - الفلسطيني الشهير فهمي جدعان. الطريف أن جدعان لم يكن يعلم بالاقتباس (إذا لطفنا كلمة سرقة)، إلا بعد أن أجرى معه الباحث القدير علي العميم حواراً لصحيفة الشرق الأوسط آنذاك، وأثناء الحوار سأله عن مقالات الجابري بهذا الخصوص، قال: «إنه لم يطلع عليها»، وعندما بادر العميم ووفرها له وقرأها جدعان صدم وذهل وغضب من الجابري، واتهمه علانية بالسرقة عندما قال: «إنه اتبعني حذو القذة بالقذة». لنعود إلى الجابري ونتساءل، أكان المقصود سرقة أم نوعاً من الاستهتار أو الكسل؟ الواقع أن الأمر غامض، إلا أن العوامل جميعها تكون مشتركة، وقد سأله محمد رضا نصرالله في برنامجه التلفازي الشهير «60 دقيقة سياسية» عن ذلك، فأجاب مرتبكاً أن له صلة وثيقة بجدعان وعائلية كذلك، وأن عدم توفر المصادر ذلك الوقت حدا به إلى الأخذ من كتاب جدعان، (وكل ذلك لم ينف أنه لم يذكر اسم فهمي جدعان كمصدر له). المثير في الموضوع أن جدعان نفسه لا يشكك أبداً في قدرة الجابري العلمية، فهو يعرف…

إخوان السعودية ومصر .. بين الأصل والفرع 2-2

السبت ٢٣ يوليو ٢٠١٦

بدلاً من تعزيز التلاحم العربي ومفهوم الوحدة العربية، يلجأ بعضهم إلى التقليل من مكانة العرب الخليجيين، وبخاصة أنه لا يعترض على ما يراه تطرفاً فحسب، بل هو يعتبر الثقافة العامة في المملكة متطرفة، فجمال الغيطاني أبدى اعتراضه مثلاً على المباني التي تم تشييدها برأسمال سعودي في القاهرة، باعتبارها عمارة شرسة ومتوحشة فيها كثير من البذخ وعدم مراعاة جمالية الواقع المحيط بها. مؤسف أن يُعتبر عربياً الاحتلال الإسرائيلي أقل منك خطورة (هذا ما ذكره الغيطاني، معتبراً ثقافتنا هي الأخطر، طبعاً على اعتبار أنه يسمي ثقافتنا وهابية وهي ليست كذلك)، وإيراد المقارنة نابع من كراهية دفينة لا أرى لها تفسيراً آخر. فترة السبعينات كانت المملكة في طور البناء والنمو والتحديث، ولم يكن هناك ما يسمى بهذا المد أو الصحوة المتوترة، وحتى أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتسمون ببساطة وطيبة وسلام لا يصدق، يطلق أحدهم تنبيهاً في وقت الصلاة ويمضي، ولم يكن هناك تداخل بين عملهم وعمل جهات أخرى كالشرطة أو الإعلام أو حتى التعليم. المجتمع النسوي السعودي كان أكثر بساطة وأقل تعقيداً، وعلاقتها بالرجل ليست تلك الموحشة كما هو الآن، وبالتالي لا أفهم معنى أن تعود أجيال مصرية متعلمة من السعودية وهي مغلفة بدين متطرف وبظرف سنوات قليلة، مع أننا نتحدث عن مجتمع مختلف يصعب أن تندمج معه مجتمعات عربية…

التطرف من وجهة نظر مغايرة

السبت ٠٩ يوليو ٢٠١٦

من الظلم أن نقول: إننا شعب، إرثنا ومناهجنا وتاريخنا عنف، فهذا الجلد لذاتنا لن يقدم حلاً شافياً ولا كافياً لمآسينا التي نشهد جزءاً منها الآن. مثقف اسمه فيصل النعيم، عرض في «يوتيوب» محاضرة من خمس دقائق، أبدى فيها وجهة نظره حيال ما يحدث من عمليات الانتحار بتفجير النفس في المجمعات أو المساجد، أو باغتيال رجال الأمن، أو بقتل الأقارب، وهو الأبشع من دون جدال. يرى النعيم - وهو في نظري محق - أن أعداد «الدواعش» في العراق يقدرون بين 100 ألف و200 ألف، ومن 29 دولة، وتحتل فيه السعودية رقم 2 بعد تونس، إذ إن أعداد التونسيين 17 ألفاً، بينما السعوديون 15 ألف مقاتل. وبمقارنة العدد بمجموع السكان يتضح أن التونسيين ثلاثة أضعاف أمثالهم من السعوديين، وهي إشارة واضحة إلى أن المشكلة عالمية، وليست ذات خصوصية سعودية. فمن المعلوم أن تونس منذ أيام بورقيبة، أي أكثر من 50 عاماً، تتخذ العلمانية «منهجاً»، فضلاً عن أن المناهج غير إسلامية بتاتاً. النقطة الجديرة بالاهتمام هي أن النعيم ذكر أن أعمار هؤلاء الإرهابيين تراوح بين الـ16 والـ19 عاماً، أي أن ثقافتهم ووعيهم تشكل في السنوات الأربع الماضية، وهي كما يصفها النعيم فترة تغيير المناهج، ومراقبة منابر التكفير أو التطرف أو التحريض. النعيم علل ما يحدث بوجود منظمات متطرفة في العالم، وذكر أرقاماً مخيفة،…

حينما تتغير القيم الأخلاقية

السبت ٠٢ يوليو ٢٠١٦

لا أعتقد أن هناك ثمة اختلاف في تقويم الكرم والوفاء والشجاعة أو العكس، وتعلمنا في المدارس منذ صغرنا عن حاتم الطائي وكرمه والحادثة الشهيرة التي نحر فيها فرسه الوحيد، ليقدم لحمه لضيوفه على رغم أنه غير ملزم. هذه القيم التي نقرأ عنها منذ ما قبل الميلاد امتداد إلى ما قبل الإسلام وما بعده حتى يومنا هذا، انتابها نوع من التغيير وإن بقيت المسميات، وأصبح كثيرون يخلطون بين الكرم الفطري وكرم الواجب وكرم القادر وكرم الفقير، والأمر نفسه ينطبق على القيم الأخرى. طبعاً الإعلام يروج للقيم الجديدة لأسباب كثيرة، منها الهيمنة والإعلان والانتشار والنجاح، بعيداً عن نبل الهدف من عدمه. لفتت نظري قصتان واقعيتان حدثتا بهذا الخصوص ورد فعل المجتمع والإعلام بما فيه التواصل الاجتماعي، إحداهما لشاب في العشرينات ذهب إلى الهند ليلتقي بمربيته الهندية بعد سفرها بسنوات، إذ أسبغت عليه الجماهير أنواعاً من الثناء على وفائه وتواضعه وما إليه. ربما لم يسأل أحد نفسه سؤالاً آخر، هو: لو لم يزرها ولم يسأل عنها وعرف الناس بذلك أتراهم سيتهمونه بالجحود والنكران؟ أشك في ذلك، بل إن كثيراً منهم سيقول سيدة أتت وأدت عملها وذهبت، فهي ليست أمه ولا أخته أو قريبة له. من وجهة نظري، إن ما فعله الشاب أمر عادي جداً، بل هو واجب عليه تفرضه الأخلاقيات والقيم، فالمرأة ربته،…

ليلة بكينا شهداءنا وحسن!

السبت ١٨ يونيو ٢٠١٦

يصر الفنان الكبير ناصر القصبي، والمبدع خلف الحربي (مؤلف ومشرف عام)، والمخرج أوس الشرقي، وزملاؤهم في مسلسل «سيلفي2» في قناة «إم بي سي» على التألق ومنافسة أنفسهم للعام الثاني. قبل أيام ودّعنا بدموع الحزن حسن الحارثي إثر نوبة قلبية مفاجئة، ليخسر الوطن أحد أبنائه المخلصين، وإن كانت الأوطان عموماً غنية بفلذات أكبادها نساءً ورجالاً. في العام الماضي كنا نعرف الراحل الكبير الدكتور عبدالرحمن الوابلي ومن بعد وفاته أصبحنا نعرف مواهب أخرى علمت في ما بعد، وأحدهم الراحل الجميل حسن الحارثي. ولا ننسى الجنود المجهولين من معد أو ممثل أو منتج أو مصور أو غيرهم في هذا المسلسل. المسلسل أصبح سمة بارزة في الشارع السعودي أو الخليجي، وغدا نقله هموم المجتمع السعودي ذا تأثير معتبر ومميز، وأراهن أن كل مسؤول سعودي يشاهد المسلسل الذي تحسب له القطاعات الحكومية ألف حساب بما يحتويه من نقد بناء وقوي. كان القصبي نبهنا قبل الحلقة عن شهداء الوطن من أبطالنا البواسل أنها من كتابة الراحل الجميل حسن الحارثي. لذا، كانت الرغبة في مشاهدتها مضاعفة؛ كونه غادرنا قبل أن يرى ما خطه يراعه -رحمه الله-. للتذكير، كانت الحلقة عن شابين أخوين أحدهما وهو الأكبر ممن لهم الشرف بحماية الوطن وأبنائه بعمله في قطاع الأمن برتبة متقدمة، بينما الآخر إرهابي، فكره مستلب للمتطرفين الذين يتعطشون للسلطة ويريدون…

الترفيه مطلب شعبي

السبت ٢٨ مايو ٢٠١٦

مفهوم الترفيه عند بعض الجماعات المتشددة هو المجون والتفسخ والانحلال والبذاءة والخلاعة، وأضف ما شئت من الأشياء السلبية. هذا الانطباع تولد عندهم من خلال الصور النمطية التي يشاهدونها عادة في الأفلام السينمائية، أو الذين يسافرون ويلمسونها عن قرب أو تجربة بارتيادهم المحلات المشبوهة. طبعاً ما تقدم لا يعكس الواقع عن الترفيه، بل هو لا علاقة له بالترفيه؛ الترفيه له ثقافته الخاصة، والواقع أن الأمور التي تتعلق بالترفيه أكثر من أن تحصى. التوجس والخوف من الترفيه دفع هذه الجماعات للافتئات بتحريم كل ما يتعلق بأي نوع من أنواع الفرح، فأصبح الشخص يخشى حتى من الضحك بصوت عال لكي لا يتهم بالخفة والفسق. وقبل سنوات كانت ورقة اللعب ولعبة الشطرنج محرمة في المملكة، ولو سألت أي متشدد عن سبب ذك لما جاوبك بشكل مقنع! وهل يملك حقاً جواباً؟ عندما كنا أطفالاً إلى مرحلة البلوغ، اقتصر ترفيهنا على «عظيم ساري» أو لعب الورق بالبيت طبعاً، أو «المصاقيل»، أو كرة القدم، وعندما كبرنا فقدنا القدرة أو الرغبة أو الإمكان ممارسة هذه الألعاب، فضلاً عن أن المرأة لا مكان لها في هذا الترفيه البريء. إنشاء هيئة عامة للترفيه هو اعتراف بوجودها، وهذا أول الغيث، إذ خطرت ببالي التغريدة التي ذكرها الدكتور سعد الصويان بقوله: «الترفيه ما يبي له وزارة خلونا على كيفنا وحنا ندل الدرب».…