علي إبراهيم
علي إبراهيم
صحافي وكاتب مصري، ونائب رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط"

ويكيليكس المياه

الثلاثاء ١٩ أبريل ٢٠١٦

تقرير مثير للقلق نشرته مجلة «نيوزويك» حديثًا، نقلاً عن مركز الصحافة الاستقصائية، يتحدث عن واحد من أخطر التحديات التي تواجه العالم، وهو نضوب الماء المتاح للشرب للسكان في العالم الذين سيزدادون بمعدل ملياري نسمة خلال سنوات. التقرير الذي يشبه الخيال العلمي ويعتمد على برقيات سرية متبادلة لدبلوماسيين أميركيين نشرتها شبكة «ويكيليكس»، يحذر من اضطرابات اجتماعية وسياسية كبيرة نتيجة شح المياه سيكون الشرق الأوسط في قلبها بعد أن استنفدت عدة دول فيها مخزون المياه الجوفية خاصة في اليمن وسوريا، وهناك بعض التحليلات تذهب إلى أن شح المياه في المناطق الريفية أسهمت في دفع البلدين نحو الفوضى والانقسام؛ فعندما يكون النظام ضعيفًا لا يكون لديه حلول أمام مثل هذه التحديات البيئية. حسب التقرير زار موظفون من السفارة الأميركية مقر «نستله» أكبر شركة منتجة للمواد الغذائية في العالم بسويسرا، حيث قدم مسؤولوها نظرة متشائمة للغاية، وأرسل أحد الدبلوماسيين برقية بعنوان «جولة في نستله.. انسوا الأزمة المالية. العالم يعاني من نضوب الماء العذب»، وحسب البرقية توقع مسؤولو نستله أن ثلث سكان العالم سيعاني من ندرة المياه في 2025 وسيصبح كارثيًا في 2050 وأكبر المتأثرين منطقة الشرق الأوسط وشمال الهند والصين وغرب الولايات المتحدة. بعض الحكومات اتخذت إجراءات. كما تشير البرقيات إلى وقف الدعم لزراعة القمح والشعير في السعودية للحفاظ على المياه الجوفية وتوجيه المغفور…

تجميد سوريا

الثلاثاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٤

قد تكون الأفكار التي يروجها المبعوث الدولي لسوريا دي ميستورا، بشأن الأزمة، محبطة في واقعيتها وبراغماتيتها الشديدة، بشأن تجميد الأزمة، كما يقال، عند خطوط القتال الحالية، لإعادة الحياة إلى طبيعتها، ثم الانتقال بعد ذلك إلى البحث عن حل سياسي، لكنها قد تكون الخطة الواقعية المتاحة حاليا، رغم ما قد تسببه من إحباط للمعارضة السورية التي شاركت في مؤتمري «جنيف 1» و«جنيف 2» على أمل التوصل إلى اتفاق يتيح حلا يقوم على تغيير النظام. خطة تجميد الأزمة لا تقدم أفقا سياسيا واضحا إلى الأمام أو طريقا يبدو له آخر، وإنما هي تكريس الأمر الواقع الحالي حيث لا يستطيع طرف أن يقلب الطاولة على الآخر، والبناء على نظرية تقليص الخسائر ووقف النزيف لأن استمرار القتال ليس له نتيجة سوى سقوط المزيد من القتلى وحدوث المزيد من الدمار دون حسم ما لم يحدث تغيير جذري في المعطيات الدولية والإقليمية الحالية وتدفقات السلاح والدعم للجانبين. لكن المشكلة في سوريا أصبحت أن الخيوط فيها باتت شديدة التعقيد، وبدت أنها خرجت عن السيطرة، فخطوط القتال تتحول شيئا فشيئا إلى مواجهة بين جانبين أسوأ من بعضهما، ميليشيات تابعة لتنظيمات شديدة التطرف وتصدر الإرهاب إلى المنطقة كلها، وقوات نظام مسؤول عن تعقد الأزمة إلى هذا الحد، في حين أنه لو كان استخدم أساليب سياسية في التعامل مع المحتجين…

سني ستان وشيعة ستان!

الثلاثاء ٠١ أكتوبر ٢٠١٣

بعض المقالات والتحليلات لخبراء غربيين رغم الاختلاف معها تشحذ الذهن لإعادة التفكير ومحاولة سبر بحار مجهولة أو غير مطروقة من الأفكار فيما وراء قناعات ثابتة أو ترسخت بحكم الجغرافيا والتاريخ. من أمثلة هذه الأفكار والنظريات التي طرحت في خضم العواصف التي تمر بها المنطقة عن إعادة رسم الخريطة الإقليمية أو خطوط جغرافية لكيانات سياسية جديدة على طريقة سايكس بيكو التي قسمت وحددت خطوط الحدود في الهلال الخصيب. لكن أفكارا مثل هذه تبدو الآن فانتازيا فكرية تآمرية أو أفكار خيال علمي. الشرق الأوسط في حالة غليان، وهو أمر ليس جديدا على المنطقة, فإذا وضعنا النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي جانبا والذي شنت خلاله 4 حروب رئيسة، سنجد التاريخ الحديث للمنطقة مليئا بالصراعات وحتى الحروب الكبيرة الأخرى التي أخذت بعدا دوليا (حربا العراق) بخلاف الحروب الأهلية، والصراعات المسلحة المستمرة حتى الآن وتأخذ أشكالا متعددة مع جماعات إرهابية أو تكفيرية، لكن لم يكن أحد يتحدث عن خريطة جديدة، فلماذا الآن بعد موجة الانتفاضات في 2011 والتي كانت في معظمها تتعلق بمطالب مجتمعية وليس لها علاقة بالعرق أو الطائفة؟ في مقال في صحف غربية بينها «نيويورك تايمز» و«التايمز» البريطانية يستشهد الباحث روبن رايت بما قاله مارتن كوبر مبعوث الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن في يوليو (تموز) عن أن العراق هو الصدع بين العالمين السني والشيعي،…

خصخصة «الربيع»

الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠١٣

في خطابه الأخير عن سوريا وطلبه التفويض من الكونغرس الأميركي لتدخل عسكري هناك، أشار الرئيس الأميركي باراك أوباما في إحدى الفقرات إلى أن آمال «الربيع العربي»، في إشارة إلى التغييرات التي شهدتها عدة جمهوريات عربية في 2011، أخرجت قوى تغيير ستأخذ سنوات طويلة لكي تستقر. وهو تسليم ضمني بما أصبح كثيرون يسلمون به، وهو أن الاستقرار ليس وشيكا، وقد يأخذ سنوات أو حتى عقودا؛ فالتغييرات التي حدثت أخرجت قوى متصارعة ستحتاج إلى وقت لكي تستطيع أن تصل إلى صيغة مشتركة لبناء مجتمعات جديدة مستقرة، وقادرة على الازدهار وتلبية حاجات مواطنيها. وحتى طلب التفويض أو الطرح المقترح للتدخل العسكري من جانب تحالف دولي تحاول واشنطن بصعوبة بناءه لتوجيه ضربات محدودة ردا على استخدام السلاح الكيماوي، هو عملية إدارة للصراع، أو احتواء له أكثر منها تفكيرا في اليوم التالي، أي في خطة تغيير للنظام أو ترجيح كفة على أخرى من أجل بناء شيء جديد على أنقاض شيء يدرك الجميع أن وفاته مسألة وقت، ولا أحد لديه خطة واضحة حول مستقبل سوريا، بينما تحولت الانتفاضة هناك من سلمية إلى مسلحة ثم أصبحت حربا أهلية بأبعاد طائفية في شيء لا علاقة له بأي ربيع. القوى المتصارعة هي السبب في كل هذه الفوضى ومشاهد عدم الاستقرار والظواهر الفريدة والنادرة التي أصبحت في بعض الأحيان عجيبة…