علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

المنسي الذي لم يعد منسيّاً

الإثنين ١١ مايو ٢٠٢٠

من بين عشرات المسلسلات التي تزخز بها شاشات القنوات التلفزيونية العربية في شهر رمضان المبارك، يقدم مسلسل «الاختيار» نفسه عملاً درامياً هادفاً ومختلفاً، يبتعد بفارق كبير عن معظم الأعمال الدرامية المعروضة في هذا الشهر، من حيث القصة، ومن حيث التناول البعيد عن الإسفاف، ومن حيث جودة الإنتاج وأداء الممثلين ودقة الإخراج. قصة المسلسل وطنية تظهر الفرق الكبير بين الإخلاص للوطن وبين الخيانة التي انزلق إليها بعض الذين ضللتهم الأفكار المتطرفة البعيدة عن الدين الحق الذي نزلت به الرسالات السماوية، ودعا إليه الرسل منذ أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وحتى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم. يجسد هذا الفرق بطلا المسلسل الضابطان المصريان أحمد المنسي وهشام عشماوي، اللذان تربيا في حضن الجيش المصري، فانحاز أحمد المنسي للوطن واختار أن يكون مقاتلا في صفوف الذائدين عنه، بينما غامت الرؤية أمام عيني هشام عشماوي فانحاز للمتطرفين، واختار أن يحمل السلاح في وجه حماة الوطن ويسفك دماءهم. القصة كما يعرف الجميع حقيقية، وبطلاها معروفان، ذهب أحدهما شهيدا وهو يحارب الإرهاب والإرهابيين في أرض سيناء، وأُعدِم الثاني بعد أن ارتكب من المجازر الكثير الذي ذهب ضحيته عدد كبير من الضباط والجنود المصريين، وعدد آخر من المدنيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أن فتاوى مشايخ الإرهابيين أباحت دماءهم وسوغت قتلهم، عندما لم يجدوا مخرجا…

بلادنا جميلة.. فلا تحزنوا

الإثنين ٣٠ مارس ٢٠٢٠

مربكة كانت نهاية الأسبوع الماضي لبعض الذين لم يفهموا رسالة الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث المتعلقة بالتعقيم الوطني من فيروس كورونا المستجد، فقد فهم البعض الرسالة على أنها تقييد تام للحركة طوال اليوم، رغم الجهود التي بذلتها وسائل الإعلام الرسمية في توضيح الصورة من خلال الرسائل التي بثتها، ومن خلال المقابلات التي أجرتها مع مسؤولي الجهات والدوائر المختصة والمتحدثين الرسميين باسم الهيئة الوطنية لإدارة الطواريء والأزمات والكوارث لإزالة اللبس وتوضيح الصورة، وتأكيد أن الحركة ستكون طبيعية خلال ساعات النهار التي ستتوقف فيها عملية التعقيم. على أي حال بدأت عملية التعقيم الوطني بنجاح ويسر وسهولة، وهي مستمرة حتى يوم السبت المقبل، وبقي أن نستخلص الدروس والعبر منها. وأولها أن الارتباك الذي حدث لدى البعض قبل بدء عملية التعقيم لم يكن ناشئاً عن عدم الثقة بقدرة الجهات التي قامت بالعملية، وتلك التي أشرفت على حركة تنقل البشر والسيارات خلال تنفيذها، وإنما لحرص الجميع على الالتزام بالتعليمات، وعلى أن تتم العملية بسلاسة، وأن لا تتسبب حركة الناس في إعاقة الطواقم التي قامت بالتعقيم عن عملها الذي أدته بكفاءة ومهارة ليستا غريبتين على الجهات المختصة في دولتنا عندما تسند إليها أي مهمة. ما يلفت النظر خلال الأيام الثلاثة التي جرت فيها عملية التعقيم انتشار فيديوهات وصور لمدن الإمارات وشوارعها وهي تخلو من السيارات…

سيف حمدوك وترسه

الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠١٩

لفت انتباهي العنوان الذي وضعته «البيان» قبل أيام لخبر بدء الحكومة الانتقالية في السودان حملتها لتفكيك دولة الإخوان، التي ظلت متحكمة في كل مفاصل الدولة، ومتغلغلة في جميع المؤسسات العامة عبر الكوادر الموالية لها، دون النظر إلى كفاءة هذه الكوادر لشغل المناصب التي أسندت إليها. «حمدوك يشهر سيفه لتفكيك دولة الإخوان في السودان» كان هو العنوان. وحين نقول «دولة الإخوان» فنحن نعني ما نقول، لأن الإخوان درجوا على تكوين دولة لهم داخل الدولة. حدث هذا في مصر، عندما تأسس التنظيم قبل أكثر من ثمانين عاماً، ليتغلغل في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة التعليمية، حيث تصنع أجيال المستقبل التي ستتسلم الراية من جيل الآباء والأجداد، وزرع أفكار التنظيم بين الناشئة كي يشبوا عليها منذ الصغر، وتصبح هي الموجهات الأساسية والرئيسة لهم في مراحل حياتهم المختلفة. كما حدث في غيرها من الدول التي نجح التنظيم في التسلل إلى مؤسساتها المختلفة، عدا مؤسستي الجيش والأمن اللتين ظلتا عصيتين على التنظيم في أغلب الدول. وقد شكل السودان استثناءً من هذه القاعدة، حيث كان رأس السلطة، الرئيس السابق المشير عمر البشير، خاضعاً لهذا الفكر الذي كان يمثله في السودان الدكتور حسن الترابي، الذي أتى بالبشير إلى الحكم عام 1989 من خلال انقلاب عسكري على الحكومة التي كانت منتخبة ديمقراطياً، وكان يرأسها الصادق المهدي، قبل أن…

في محطة «هوبت بانهوف»

الإثنين ٠١ يوليو ٢٠١٩

الحركة في محطة قطارات مدينة ميونيخ «هوبت بانهوف» لا تهدأ، وعاصمة ولاية بافاريا الحرة أصبحت تشبه كثيراً العاصمة البريطانية لندن، المدينة الأشهر من حيث تعدد الوجوه وتنوع الأجناس والثقافات والديانات، لكثرة المهاجرين إليها من كل أقطار الدنيا، الساعون منهم إلى رزق، والباحثون منهم عن ملاجئ آمنة، والهاربون من جحيم الحروب وصراعات الأنظمة ومعارك الجماعات والإثنيات والمصالح والأيديولوجيات. فميونيخ لم تعد مدينة للألمان فقط، والألمانية لم تعد هي اللغة الوحيدة التي تُسمع في شوارع ميونيخ، بعد أن طغت عليها لغات ولهجات وافدة من جهات العالم الأربع، وبعد أن افترش أرصفة شوارعها عشرات المتسولين، يستجدون المارة بلغات بعضها مألوف لنا نحن العرب، وبعضها الآخر غير مألوف لنا ولا للألمان أنفسهم، الذين انعكس على بعضهم هذا النزوح غير المنضبط سلباً، فغدوا أكثر عصبية وأقل قدرة على تحمل ضيوف مدينتهم. في محطة قطارات ميونيخ، حيث اللقطة التي تسرق الكاميرا من بين كل المشاهد التي تلتقطها العين، وجوه عليها تعبيرات مختلفة، بعضها تنم عن قلق، وبعضها عن حيرة، وبعضها عن خوف لا نعرف من ماذا، وبعضها عن فرح لا نعرف لماذا، وبعضها لم تتشكل بعد لتأخذ شكلها النهائي. في المحطة أرجل تسابق عقارب الساعة كي تنتقل من رصيف إلى رصيف، وفي المحطة أرجل ثقيلة الخطى، تتسكع بين الأرصفة ومحلات بيع الأطعمة والتذكارات، تستعجل عقارب الساعة…

في «دبي الجنوب» رأيت اللامستحيل

الإثنين ٢٩ أبريل ٢٠١٩

أتنقل بين إمارتي دبي وأبوظبي عبر شارع الشيخ مكتوم بن راشد الواصل بين الإمارتين منذ عقود تكاد تكمل الأربعة. ولست وحدي الذي يفعل هذا، فقد كبُرْتُ وكبُرَتْ أجيال مع هذا الشارع، قبل أن يُطلق عليه اسم الشيخ مكتوم بن راشد، عليه رحمة الله، وبعده. وقد واكبت تطوره، منذ أن كان شارعاً واحدا ًغير مضاء ليلاً، تستخدمه السيارات الذاهبة والراجعة في اتجاهين متقابلين. ولا ترى حولك وأنت تسير فيه إلا أرضاً قفراً خالية من أي بناء وبشر، ومنذ أن كان «برج راشد» الذي توارى الآن خلف ناطحات سحاب شارع الشيخ زايد آخر من يودعنا ونحن نغادر دبي، وأول من يستقبلنا ونحن نصل إليها، وحتى أصبح شارعاً مزدوجاً من حارتين في كل ناحية، إلى أن غدا هذا الشارع الفسيح، ذا الحارات المتعددة، الذي نستخدمه الآن، تحيل الأضواءُ ليلَه نهاراً، وتنتشر على جانبيه المنشآت والموانيء والمصانع والمجمعات السكنية، بحيث لا نشعر أننا انتقلنا من مدينة إلى مدينة. ولو أتيح لي أن أصور فيلماً بتقنية الفاصل الزمني ((Time-lapse لمسيرة تطور هذا الشارع، لخرجت بعمل فني جميل، يرصد مسيرة تطور طرق الإمارات عبر خمسين عاماً من الزمن. لكنني اكتشفت أن ثمة عملاً ضخماً يجري جنوب هذا الشارع، لا يبدو للعين ونحن نستخدم هذا الطريق ذهاباً وإياباً بين الإمارتين الجميلتين. تشرفت يوم الإثنين الماضي بحضور اللقاء…

من الخيمة إلى الفضاء

الإثنين ٢٩ أكتوبر ٢٠١٨

«لو رآكم زايد لدمعت عيناه.. أنتم غرسه وثمرة عمله وتتويج مسيرته». بهذه الكلمات خاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فريق عمل «مسبار الأمل» عند الكشف عن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ عام 2015. واليوم يطلق مركز محمد بن راشد للفضاء ثالث قمر صناعي له بعد «دبي سات1» و«دبي سات2» وأول قمر مصنّع بأيدٍ إماراتية 100% «خليفة سات». الأمر الذي يجعلنا نتساءل: لماذا تهتم دولة الإمارات بالفضاء، وإلى أي مدى يخدم الاهتمام بالفضاء شعبنا وسكان الكرة الأرضية، وهل يستحق الفضاء أن تُرصد له هذه الميزانيات الضخمة، ولماذا تذكّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الشيخ زايد، عليه رحمة الله، وهو يعلن عن مشروع «مسبار الأمل» قبل ثلاث سنوات؟ يروي معالي وزير الدولة زكي نسيبة، الذي رافق الشيخ زايد، عليه رحمة الله، منذ ستينيات القرن الماضي، أنه حضر نقاشاً في مجلس الشيخ زايد حول رحلات الفضاء، شارك فيه الحضور، واتفقوا جميعاً على أن الصرف على الفضاء وأبحاثه هدرٌ لا مبرر له، لكن الشيخ زايد، عليه رحمة الله، خالف الجميع قائلاً إن هذا استثمار وليس هدراً، لأن من يسيطر على الفضاء يسيطر على الأرض. هذه النظرة الثاقبة هي التي جعلت الشيخ زايد، عليه رحمة الله، يهتم بالفضاء وأبحاثه قبل…

اجعلها تقف عندك

الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٨

«أستحلفك بالله أن تنشرها.. أرسلها لغيرك.. لا تجعلها تقف عندك». تستفزني الرسائل التي تنتهي بمثل هذه العبارات، وأعتبر هذا نوعاً من الإرهاب، لأن الذين يستخدمونها يستغلون العاطفة الدينية لدى الذين يرسلونها إليهم، ويوحون إليهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، أنهم سيأثمون لو تجاهلوا طلبهم فلم يرسلوا الرسالة بعد قراءتها إلى غيرهم كي تعم الفائدة، ويكون لهم الأجر والثواب لأنهم ساهموا في نشرها. بداية أقول إننا لسنا ضد نشر الخير، لكننا في الوقت نفسه ضد استغلال عواطف البشر، أيًّا كان نوع هذه العواطف، وضد الضغط عليهم من خلال هذه العواطف، حتى لو كانت المقاصد نبيلة. ولهذا فإن المزايدة على عمل الخير ونشره مرفوضة منذ البداية، فالذي يريد أن ينشر الخير لن يُعدَم وسيلة لذلك، في حين أن استغلال عواطف البشر، والدينية منها على وجه الخصوص، ربما يؤدي إلى نشر رسائل فيها من السم ما يغلب على الدسم. وهناك الكثير من الكلام الذي يمكن أن يقال حول الذين يصوغون رسائلهم بطرق ذكية، يضعون داخلها ألغاماً كثيرة يمكن أن تنفجر في المجتمع وتفجره وتحوله إلى أشلاء مبعثرة، قبل أن يتم اكتشاف هذه الألغام وتفكيكها وإبطال مفعولها. وكي لا نقع في المحظور، فيبرز لنا من يقول إننا نحرم حلالاً أو نحل حراماً، أو أننا نعرف بما لا نعرف، ونفتي ونحن لسنا من أهل الفتوى،…

أمة تختنق

الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٨

قبل عام من الآن، في مثل هذه الأيام، في هذا المكان، في هذه المناسبة، مناسبة عيد الأضحى المبارك، كتبت تحت عنوان «أمة تنتحر»: (نحن أمة تنتحر، والتعبير ليس من عندي، وإنما هو للشيخ عبدالله بن بيّه، أحد أكبر علماء الأمة المعاصرين. وقد جاء وصفه هذا في مجال تشخيصه حال الأمة الذي قال إنه كارثي). يومها لامني بعض الإخوة والأصدقاء، وقالوا إن نظرتي تشاؤمية، وعاتبني البعض قائلاً إنني ضيقت هامش الأمل كثيراً، ولم أنظر إلى نصف الكأس الممتلئة، بينما قال البعض إنهم يوافقون رأي الشيخ العلامة عبدالله بن بيّه، الذي يمثل الاعتدال بين علماء الأمة الإسلامية في هذا الزمن، الذي طغى فيه التطرف والتشدد على الاعتدال والوسطية، وانتشر فيه تكفير المعتدلين من علماء الأمة وأفرادها الذين ينبذون أفكار المتطرفين، ناهيك عن تكفير أصحاب الديانات الأخرى، واستباحة دمائهم، والدعوة لقتلهم وإبادتهم، وكأن الإسلام جاء لإبادة الجنس البشري. ومحو أصحاب الديانات والملل الأخرى من على ظهر البسيطة، وهو ما لم يرد في دستور هذا الدين العظيم، الذي يدعو إلى فتح حوارات مع الآخرين، فيحض رسوله الكريم على الدعوة إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، ومجادلة الآخرين بالتي هي أحسن، ويقرر أن الله سبحانه وتعالى أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين. فمن أين أتى هؤلاء المتطرفون بهذه الأفكار الظلامية، وإلى أين هم…

لم يعد للديكتاتور أثر

الإثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٨

أول ما يلفت نظرك حين تهبط بك الطائرة في العاصمة الرومانية بوخارست اسم المطار «مطار هنري كواندا»، فتتساءل لماذا سمي باسم شخصية غير سياسية، رغم أن المطارات غالباً ما تُسمى بأسماء السياسيين، مثل مطار «جون إف. كينيدي» في نيويورك، ومطار «شارل ديغول» في باريس، خاصة أن أول ما يخطر في الذهن عندما يرد ذكر رومانيا هو اسم الرئيس نيكولاي تشاوشيسكو، الذي حكمها من عام 1974 وحتى عام 1989؟ الجواب عند الرومانيين هو أن «هنري كواندا» أضاف لاسم رومانيا مجداً لا ينساه أبناء الشعب الروماني، فقد كان طياراً وعالماً ومخترعاً ورائداً في علم الإيروديناميكا. بنى أول طائرة نفاثة في العالم سُجِّلت باسمه «كواندا 1910»، وعُرِضت أول مرة في باريس، وله نظريات عدة عن حركة الأجسام في الهواء والديناميك، كما له اختراعات عدة في علم الطيران. أما نيكولاي تشاوشيسكو فكان ديكتاتوراً، أصبحت رومانيا في عهده أكثر بلاد أوروبا فقراً، وأصبح الحصول فيها على الحاجات الأساسية للشعب أمراً صعباً يتطلب الكثير من العناء، ووصلت سياسته في التقشف إلى درجة تقنين الخبز، حيث تم تخصيص حصة يومية تُقدَّر بنصف رغيف لكل مواطن، رغم أن رومانيا غنية بمواردها الطبيعية والزراعية، إلا أن هذه الموارد كانت تُصدَّر إلى الخارج لتسديد ديون البلاد التي تراكمت بسبب مشروعات البناء الضخمة التي قام بها تشاوشيسكو، وغيّر من خلالها ملامح…

كشف القناع عن سر الإخفاق

الإثنين ٠٩ يوليو ٢٠١٨

خرجت المنتخبات العربية الأربعة من الدور الأول لمباريات كأس العالم 2018 بروسيا، ومع خروجها تجددت أحزان العرب، وتجدد الحديث عن مستوى الكرة العربية، الذي يتراجع رغم كل ما يصرف عليها من أموال، وما يُوفَّر لها من إمكانات. وهو حديث نتوقع أن يتواصل على مدى الدورات المقبلة لكأس العالم خلال العقود المقبلة من الزمن ما لم تحدث معجزة، رغم أننا في زمن التخطيط لا زمن المعجزات المنتظَر أن تهبط علينا من السماء. ومع خروج المنتخبات العربية المحزن، وجد البعض عزاءه في بقاء لاعبين من أصول عربية في بعض المنتخبات الأوروبية، التي بقيت وحدها تتنافس على كأس البطولة بعد أن خرجت منتخبات القارات الأخرى، كما وجدوا متنفساً لأحزانهم في المستوى المشرف الذي ظهر به هؤلاء اللاعبون مع تلك المنتخبات، مثل ناصر الشاذلي ومروان فيلايني المنحدرين من أصول مغربية في منتخب بلجيكا الذي أصبح على أعتاب البطولة، ونبيل فقير المنحدر من أصول جزائرية في المنتخب الفرنسي المرشح هو الآخر بقوة لها، وسامي خضيرة المنحدر من أصول تونسية في المنتخب الألماني، الذي لم يكن أحسن حظاً من الفرق العربية المغادرة من الدور الأول. ويبقى الحديث غير مكتمل دون الإشارة إلى اللاعب المصري محمد صلاح، الذي تألق مع فريقه في الدوري الإنجليزي، وحرمته الإصابة من الظهور بمستواه الحقيقي في كأس العالم مع المنتخب المصري. هذه…

لماذا أتلف الطلبة مرافق مدرستهم؟!

الإثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٨

حسناً فعل معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، عندما أصدر تعليماته بتشكيل لجنة لدراسة الحالة الاجتماعية والنفسية لطلبة مقطع فيديو إتلاف الصف المدرسي، للوقوف على الأسباب التي دفعتهم لهذه السلوكيات السلبية، والخارجة على كل أصول التربية الأخلاقية التي يجب أن يُنشّأ عليها الأبناء، والتي من المفترض أن يستمدوها من البيوت التي خرجوا منها، قبل أن يتعلموها في المدارس التي أرسلهم ذووهم إليها لينهلوا العلوم والأخلاق منها، كي تتحقق معادلة «التربية والتعليم» الأساسية، التي يحملها اسم الوزارة. لذلك، فإننا نأمل ألا تقتصر الدراسة على الطلبة الذين قاموا بهذا الفعل المشين فقط، ونرجو أن تمتد إلى البيوت التي تربوا فيها، والأسر التي أنتجت لنا صغاراً يتصفون بكل هذه العدوانية التي شاهدناها في مقطع الفيديو، وهذه الرغبة الجامحة في تخريب الصفّ الذي يدرسون فيه، وتحطيم الطاولات والكراسي، والقذف بها في الهواء، كأنهم في مشهد تمثيلي عبثي خارج عن سيطرة الجميع، بمن فيهم مخرج المشهد، إذا كان ثمة مخرج له بينهم. كما نقترح أيضاً أن تشترك وزارة تنمية المجتمع في هذه الدراسة، لأن مسؤولية الأسرة منوطة بها، كما جاء في تصريح معالي حصة بوحميد وزيرة تنمية المجتمع، بمناسبة إطلاق السياسة الوطنية للأسرة، عندما قالت إن قرار مجلس الوزراء بإطلاق السياسة الوطنية للأسرة، هو بمثابة هدية من قيادتنا الرشيدة إلى مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة.…

هاتف من سمرقند

الإثنين ٢٣ أبريل ٢٠١٨

«يحدث أحياناً في مساءٍ بطيءٍ عَبُوسٍ أن يتسكع بعض أهالي سمرقند في درب الحانتين غير النافذ بالقرب من سوق الفلفل، لا لكي يذوقوا خمرة الصُغْدِ المُمَسَّكة، وإنما ليرقبوا ذهاب الناس وإيابهم، أو ليخاصموا شارباً ثَمِلاً. وعندئذ يُمرَّغ الرجل في الغبار، وتُكال له الشتائم، ويُنذَر لجحيمٍ تذكِّره نارها، حتى آخر الدهور، بحُمرة الخمرة المُغْوِية. ولسوف يولد من قبل هذه الحادثة في صيف 1072م مخطوط الرباعيات. فعمر الخيّام في الرابعة والعشرين، ولمّا يَمْضِ على وجوده في سمرقند كبيرُ وقت. فهل كان ذاهباً إلى الحانة في ذلك المساء، أم أن صُدْفَة التسكّع هي التي حملته؟». هكذا يلج الأديب اللبناني أمين معلوف إلى روايته الشهيرة «سمرقند». ومن خلالها يربط الخيوط التي جمعت شاعر «الرباعيات» الشهير عمر الخيّام بالوزير السلجوقي الأعظم نظام الملك، وزعيم «فرقة الحشاشين» حسن الصباح. خيوط حاولْتُ أن أقتفي أثرها وأنا أعبر شوارع سمرقند، مستدعياً تاريخاً شهدته هذه المدينة العريقة، منذ أن دخلها القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي فاتحاً مرتين، إلى أن اتخذها تيمورلنك عاصمة لملكه، ونقل إليها الصُنَّاع وأرباب الحرف لينهضوا بها، حتى غدت واحدة من حواضر العالم المشهود لها. «في سالف العصر والأوان، عندما كان الذئب هجاماً، والثعلب متلصصاً، والغراب عازفاً، والعصفور نماماً، والسلحفاة وزانة، والخنزير البري جزاراً، والضفدع بصاصاً، عاش في هذا الزمن البعيد رجل عجوز لا هو…