علي سالم
علي سالم
كاتب ومسرحي مصري

الفكرة والأفكار والمفكر

الأربعاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٤

تفسير قديم شائع لكل من يعمل بالتفكير، أو ينشغل بالفكر والأفكار، وهو أنه يعاني بشدة وأن هذه المعاناة لا بد أن تسلمه حقا للمرض. ولذلك يقولون في ريف مصر عن أي شخص يعجزون عن تشخيص مرضه، أنه مصاب بالفكر. أو عنده فكر. ويجدون سندا لذلك في الحدوتة الشعبية الشهيرة عن الهدهد وسيدنا سليمان. حدث أن سيدنا سليمان غضب غضبا شديدا على الهدهد لسبب لم تهتم الحدوتة بذكره، فاستدعاه وقال له بحدة: لقد عفوت عنك مرارا على الرغم من أخطائك الكثيرة، واستهانتك بأوامري وتعليماتي، لذلك سيكون عقابي لك مختلفا عن كل مرة.. ستتعلم هذه المرة معنى العقاب الحقيقي.. سأحرمك من النوم.. ستعجز عن الطيران، ستعجز عن المشي، سأرسل لك بالشيء الوحيد الذي تعجز عن مواجهته والذي يدفعك إلى الموت ببطء.. سأرسل لك بالفكر.. اتفضل.. مع السلامة. طار الهدهد مبتعدا، طار خارج المدينة، وقد أخذ «يفكر» باضطراب شديد في ذلك العقاب الذي سيلحق به، ترى.. ما هي طبيعة ذلك العقاب المسمى بـ«الفكر»؟ هل هو طائر جارح من فصيلة الصقور والنسور ينزل عليه بغتة من أجواز السماء العليا فيمزقه إربا إربا. أم هو حيوان من وحوش الغابة الغادرة القادرة على القفز عاليا واصطيادي من فوق الشجرة؟ أم هو من فصيلة الميكروبات والفيروسات سيتسلل من خلال تنفسي إلى جسمي ليدمره ببطء..؟ فزعه الناتج عن…