عمار بكار
عمار بكار
كاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد

سبعة أسرار جعلت “تويتر” شاغل الناس

الإثنين ٢٥ مارس ٢٠١٣

قبل أيام مرت الذكرى السابعة لتأسيس "تويتر"، الشبكة الاجتماعية التي غيرت حياة كثير من الناس، وغيرت الطريقة التي تتحرك بها المعلومات في المجتمعات وعلى شبكة الإنترنت بشكل عام. تويتر تمتلك اليوم أكثر من نصف مليار مستخدم، حوالي 200 مليون منهم على الأقل نشط في التغريد، ولأن تويتر تتطلب حدا أدنى من التعليم حتى يمكن استخدامها – بخلاف فيسبوك مثلا - فإن تويتر تكاد تستولي على القطاع الأفضل دخلا والأكثر تعليما والأقوى تأثيرا في مختلف بقاع الأرض. تويتر ينمو حتى الآن بسرعة خرافية، فهناك حوالي 460 ألف حساب يفتح يوميا، و177 مليون تغريدة يوميا، ومجرد أن يستطيع موقع إنترنت أن يحقق هذا النمو وهذا التأثير في 7 سنوات أمر لم يكن ممكنا لأي ظاهرة ثقافية أو اجتماعية في تاريخ الإنسانية، لولا "ثورة المعلومات" التي صارت عامل تسريع رهيب في تطور الأمم "هذا المثال وحده دليل كاف على أن الدول أو الشركات التي تتحرك ببطء مصيرها دائما الفشل والتدهور لأن سرعة الحركة في العالم كفيلة بتغيير كل شيء في عدة سنوات فقط". كيف استطاع مجموعة من الشباب الأميركيين صناعة هذه الأسطورة؟ هنا محاولة شخصية سريعة لتفكيك سبعة أسرار لنجاح الشبكة. 1- أين يمكن تمويل مشروع بهذه الضخامة مع دخل مادي محدود لعدة سنوات؟ فقط في الولايات المتحدة، حيث توجد أفضل بيئة لتشجيع…

حرب “الهاشتاقات”!

الإثنين ١٨ مارس ٢٠١٣

رغم أن عبارة "حرب الهاشتاقات" غير مستعملة حسب البحث على جوجل، إلا أن معظم قراء المقال يدركون ما هي، فهي جزء من استهلاكنا اليومي للمعلومات على تويتر، بل إن إحدى الكلمات الشائعة على تويتر هي أن يتم "هشتقة" شخص معين، وكأنك سجنته بين خطوط رمز الهاشتاق (#) وجهزته لتلقي كل أنواع الضربات التي لا تعرف الرحمة، بل تستمتع بفكرة الهجوم الساحق على الشخص "المهشتق". في الفترة الماضية، بدأ ينتشر نوع آخر من "الهشتقة" وهي خلق هاشتاق مضاد لهاشتاق آخر، ويتحزب الجمهور في فسطاطين، أحدهما يدعم أحد الهاشتاقات والآخر يدعم الثاني، ويمكن طبعا متابعة الإحصاءات لترى أيهما يتقدم أكثر، بل إن موقعا مثل hashtagbattle.com يقدم لك بشكل سريع مثل هذا الإحصاء الذي يقارن هاشتاقين ضد بعضهما. حرب الهاشتاقات هي ظاهرة أخرى من ظواهر هذه الإمكانات الجبارة للشبكات الاجتماعية التي تسمح بأن يجتمع ملايين الأشخاص في مكان افتراضي واحد ليناقشوا موضوعا واحدا وكأننا جميعا نعيش في غرفة واحدة، ولكن في نفس الوقت كلنا يملك المناعة التي تسمح لنا بالتخفي أو الهجوم الذي لا يعرف خجلا أو خوفا. هذا يشرح حجم التحزبات الموجودة على شبكة تويتر بما جعل الشبكة الاجتماعية تتحول من أداة لتوحيد نسيج المجتمع – كما كان متوقعا نظريا من العالم الافتراضي - إلى أداة للتقسيم والصراع و"الحرب" أحيانا. ولكن في…

المستقبل = الإبداع = “خلخلة كل القواعد”!

الإثنين ١١ مارس ٢٠١٣

القاعدة المذكورة في العنوان تبدو بديهية، فالمستقبل والنمو والسيطرة في عالم الأعمال هي للشركات التي تملك الإبداع والأفكار الجديدة. في السابق كانت هذه القاعدة جزئية، وكان جزء كبير من المستقبل تحت سيطرة من يملك رأس المال، أو يملك العمالة المدربة، أو يملك قنوات التوزيع، ولكن في ظل العولمة تغير كل هذا، فالعمالة متاحة، ويمكنك تصنيع أي شيء تريد، ويمكنك نقله إلى أي مكان في العالم، ويمكنك تعيين شركات التسويق لتسوق ما تريد، ورأس المال صار متوفرا من آلاف الشركات الاستثمارية التي تبحث عن أي مشروع مربح. الأمر الوحيد النادر الذي يحدد من ينتصر على المدى الطويل هو: الإبداع أو الفكرة الجديدة. ولكن أي إبداع؟ بالنسبة لعالم التكنولوجيا (وهو ما أركز عليه في هذا المقال وتركز عليه معظم الدراسات المستقبلية) حيث تتطاير آلاف الأفكار من كل حدب وصوب، أثبتت الدراسات والتحليلات المالية أنه ذلك الإبداع الذي "يخلخل" قواعد السوق بأنواعها، ويأتي بقواعد جديدة تسمح للقادم الجديد بأن يزيح اللاعبين القدامى، وبحيث تتغير خريطة العلاقات التجارية تماما بسببه. "مايكروسوفت" فعلت ذلك سابقا عندما أصبح الكمبيوتر الشخصي ضرورة، وقلبت كل شيء رأسا على عقب، وتحولت لواحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، ثم فعلتها "جوجل"، والتي حولت البحث على الإنترنت إلى "مخ" لشبكة الإنترنت، وغيرت صناعة الإعلان في العالم إلى الأبد، وفعلتها "أبل"…

أحيانا.. المؤسسات الحكومية هي السبب!

الإثنين ٠٤ مارس ٢٠١٣

في علم الإدارة هناك نظرية مهمة تثبتها عشرات الدراسات تقول إن (الثناء الإيجابي عند الإنجاز، والسكوت عند الإخفاق)، أفضل من (السكوت عند الإنجاز والإخفاق)، وأفضل من (الثناء الإيجابي عند الإنجاز، والنقد عند الإخفاق)، وأفضل من (النقد فقط عند الإخفاق). لهذا طالبت في مقالي الأسبوع الماضي "تويتر..بين جلد الذات وحب الوطن" بروح إيجابية أفضل في التعامل مع القضايا المحلية، وإيجاد توازن بين النقد وبين الإيجابية، لأن مصلحة الوطن تقتضي ذلك. ولكنني في آخر المقال أكدت أن المؤسسات الحكومية أحيانا تكون هي مسؤولة عما يحصل، وذلك لتقصيرها في التواصل مع الجمهور بشكل سريع و"شخصي" وذكي يتوافق مع متطلبات الاتصال المؤسساتي في عصر الشبكات الاجتماعية والإعلام الرقمي. نحن الآن في زمن مختلف عما كانت عليه الأمور قبل عدة سنوات، والمؤسسة الحكومية التي لا تنزل إلى الجمهور وتتحدث معه بلغته وتوضح الحقائق بسرعة وشفافية وتقدير لذكاء الجمهور غير العادي فهي بذلك تسمح لـ"السلبيين" بأن يمرروا رسائلهم أيا كانت نواياهم، وتصبح المؤسسة الحكومية مسؤولة أيضا عن الظاهرة. قبل أسابيع قال لي أحد المسؤولين الكبار إن النقد على تويتر يظلم المؤسسات الحكومية ويقلل من جهودها، وضرب أمثلة، فقلت له: هل خرجت تلك الوزارات وأخبرت الجمهور بذلك؟ قال لي إن الوزارة الفلانية أصدرت تصريحا بعد أيام يوضح الحقائق ونشر في الصحف، فأجبته بالعبارة الإنجليزية المشهورة: "Too Little,…

“تويتر”.. بين حب الوطن وجلد الذات!

الإثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٣

في السنوات الأخيرة، حصل تغير جذري في ديناميكية الرأي العام، فبينما كان الرأي العام بطيء التكون والتغيير، يتجذر عميقا ويشمل القضايا الكبرى فقط، مع إمكانية التحكم به وتشكيله من خلال المؤسسات الإعلامية؛ فإنه اليوم تحول ليصبح "لحظيا" في تكونه، يتغير على مدار اليوم، ويتناول كل التفاصيل، وهو خارج عن التحكم تماما من أي جهة. مثل هذا التغير معناه بالضبط أننا نعيش في عالم مختلف، لم يعتده الإعلاميون والمثقفون والسياسيون من قبل، وبقدر ما تسهم الشبكات الاجتماعية في هذا التموج السريع والهائل، الذي يجعل المجتمع بأسره كالبحر في حركته، فإن الأمواج تترك على الشاطئ عندما تضربه بقايا ما تحمله في رحلتها، ولذا قد ينسى الجمهور القضية ولكن تبقى آثارها في أعماقهم، بشكل لا يمكن معه تجاهل النقاشات اليومية التي تحصل على الشبكات الاجتماعية، وعلى رأسها "تويتر". كثير من الناس سعيد بالقدرة على التغيير والضغط على المسؤولين والمؤسسات الحكومية والخاصة من خلال "تويتر"، فبعد أن كان التواصل مع المؤسسات يأخذ وقتا وإجراءات بيروقراطية معقدة، صار يمكن توصيل رسالتك خلال لحظات، ليقف معك الجمهور من خلال "هاشتاق" وينطلق في معركته ضد خصمك بلا هوادة. ومن المؤكد أن كثيرا من الناس الذين يستخدمون "تويتر" بهذا الشكل ينطلقون من حبهم للوطن وإيمانهم بمستقبله ورغبتهم في أن يرونه الأفضل بين الأمم، ولكن هناك كثيرون في الحقيقة…

تبقى “صاحبة الجلالة” ولكن ببلاط جديد!

الإثنين ١٨ فبراير ٢٠١٣

إذا كانت "صاحبة الجلالة" أو الصحافة ممتنة يوما لجوتنبرغ، الرجل الذي اخترع الطباعة، فربما تحتاج لتكون أكثر امتنانا لمن اخترع "الآيباد"؛ لأنه كان النور الذي منحها المخرج بعد نفق مظلم من الانهيارات والخسارات المادية. في السنوات الخمس الأخيرة، بدا واضحا التراجع في أداء الصحافة الورقية، وحدث إغلاق لعدد كبير من الصحف والمجلات حول العالم، رغم كل المحاولات غير المجدية لإنقاذها، فالصحافة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية بدأت تسيطر على الموقف، فهي تملك كل ما لا تملكه الصحافة الورقية في عالمنا الجديد. لكن هذا كله في طريقه للتغير كما يبدو في هذا العام، ففي العام الماضي حدث تحول هام. إذ أظهرت الدراسات والإحصاءات إقبالا واضحا من الجمهور على النسخ الإلكترونية من المجلات والصحف، والمقصود هنا النسخ التي تحافظ على نفس إخراج المجلة والصحيفة، ولكن يمكن استعراضها وتصفحها من خلال الأجهزة اللوحية (مثل آيباد) والموبايل أو على سطح الكمبيوتر، بل إن هذا النمو يتجاوز في الحقيقة المواقع الإلكترونية لتلك الصحف. في الأسبوع الماضي، اعتمدت ABC وهي المنظمة المعنية برصد انتشار الصحف والمجلات، والتي تؤثر تقاريرها بشكل كبير على صناعة الإعلان، اعتمدت معيارا جديدا لرصد انتشار الصحف، يضم النسخ الورقية والنسخ الرقمية معا، وذلك ليكافئ تلك المجلات والصحف، والتي استطاعت الانتشار بشكلها نفسه من خلال المنصات الرقمية الجديدة، مما سيغير المعادلة ويغري المؤسسات الإعلامية بالمزيد…

لماذا نجحت برامج “يوتيوب” وفشل التلفزيون؟

الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٣

ظاهرة نجاح البرامج الكوميدية على "يوتيوب" لا تخفى على أحد، وكل صار مطلعا على كونها تحقق أرقام مشاهدة هائلة، وهي أرقام موثقة ولا مكان للشك فيها، كما أنه لم يعد سرا أن هذه الفيديوهات تحقق أرباحا إعلانية مميزة مقارنة بشركات الإنتاج التقليدية الأخرى، وهو نجاح تجاري هائل إذا عرفنا أن عمر هذه الصناعة لا يتعدى 3 أعوام فقط. ما هو السر الذي جعل هذه الفيديوهات تستولي على اهتمام ومتابعة ملايين المشاهدين رغم صنعتها الإنتاجية المتواضعة، ورغم أن قنوات التلفزيون "تتطاحن" فيما بينها في السنوات العشر الأخيرة لإنتاج أعمال كوميدية كلفت مئات ملايين الريالات في مجموعها، وهذا لا يشمل ميزانيات التسويق التي عملت لجذب المشاهد لها. هل هو فعلا حب الجديد فقط كما يقول بعض أم هناك فراغ معين غطته هذه الكوميديا بشكل لم يستطع التلفزيون تحقيقه؟ الهدف من هذا السؤال ليس جدليا فقط، فمعرفة نقاط قوة الإعلام الرقمي الجديد تسمح لنا بالتفكير والاستفادة منها بأفضل شكل ممكن، حتى يستمر الأداء المميز ولا نسمح للنجاح المفاجئ أن يخلق نسخا مكررة من الأعمال تؤثر على ذلك النجاح بشكل سلبي. في رأيي أن هناك 4 أسرار لنجاح كوميديا "اليوتيوب" أسردها سريعا في هذا المقال. السر الأول هو ما أسميه بـ"التلاؤم" Relevance، وهذا التلاؤم هو ببساطة مدى القرب من الجمهور وثقافته. مشكلة عملية الإنتاج…

التجارة على “فيسبوك” و”تويتر”.. بداية الحكاية

الإثنين ٠٤ فبراير ٢٠١٣

كان يامكان في قديم الزمان شيء اسمه "التجارة الإلكترونية"، التي كانت تعرض بضائعها على مواقع الإنترنت وتنتظر من الجمهور أن يأتي ويشتري البضاعة متى ما تأتى لهم ذلك، مع تفاعل محدود جدا بين التجار الإلكترونيين والجمهور. اليوم لدينا شيء مختلف اسمه "التجارة الاجتماعية" حيث تذهب البضائع يوميا للجمهور على شبكاتهم الاجتماعية، وبرسائل تصلهم من أصدقائهم ومن مواقعهم المفضلة، تذكر لهم الأشياء التي يحبونها فقط، وكل ما عليهم حتى يشتروها أن يردوا على الرسالة بكلمة: اشتريت، وبعدها يصلهم ما يشترونه مباشرة دون أي صداع. هذا الوصف ليس مبالغة بل هو حقيقة، وهو مستقبل التجارة على الإنترنت. التجارة الاجتماعية Social Commerce أو التجارة عبر الشبكات الاجتماعية، وهي تعني ببساطة أن تصلك رسالة على "فيسبوك" أو "تويتر" أو "انستجرام" تنص على عرض تجاري معين، وأن يرد عليها الشخص بكلمة واحدة ليتم بعدها أتوماتيكيا سحب المبلغ من وسيلة الدفع المفضلة لديه وإرسال ما اشتراه إليه مباشرة. هذا الشخص كان في السابق قد سجل معلوماته عندما ضغط على "تابع" Follow أو "أحب" Like فيطلب منه الحساب تزويده بمعلوماته الخاصة بالدفع والتسليم، ويصبح بعدها شراء الأشياء مسألة رد على رسالة لا تأخذ 20 ثانية من الوقت. التجارة الاجتماعية ليست سهلة فقط، بل هي تتضمن خلق مجتمع صغير حول الشركة التي تقدم الخدمات، بعد أن يقدم لها…

مصر تحارب نفسها.. إلكترونياً!

الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٢

المشهد في مصر هذه الأيام حزين، لا يمكن أن يقال عنه أقل من ذلك. أكتب من هناك بعد أن شهدت عطلة مليونيات الرفض والتأييد، وتحدثت مع كثير من الناس، والنتيجة ببساطة أن مصر التي جاءت بالربيع تعيش اليوم مخاضاً صعباً لا يسرّ من يحب مصر وأهلها. لقد مثّلت مصر حالة خاصة وسبقاً تاريخياً في استخدام الإعلام الاجتماعي في «تعبئة» الشارع المصري في مطلع 2011م لتنتج عنه ثورة مصر وإزالة نظامها الديكتاتوري، وتعاضدت القنوات الفضائية مع الشبكات الاجتماعية في صناعة الإنجاز الذي رسمه أهل مصر في الشارع. اليوم، لدينا سبق تاريخي جديد، حيث تقوم وسائل الإعلام نفسها (الإلكترونية والفضائية) بتعبئة الشارع نفسه لينقسم بشكل حاد، حيث يسعى كل فريق للحفاظ على الإنجاز بطريقته ومن وجهة نظره، وبينما في الحقيقة تدفع مصر ثمن هذا الانقسام على مختلف الأصعدة. لا يمكن في الحقيقة لأمة أن تعيش هذه الحالة من التسييس والنقاش الجدلي حول قضايا سياسية وقانونية دقيقة، إلا وتعطلت حياتها المدنية وتوقفت عجلتها الإنتاجية على مدى طويل. تماما كما نشرت مئات الدراسات التي تتحدث عن الإعلام الجديد والفضائي وكيف صنعت ثورة مصر، نحتاج دراسات أكثر للحديث عن دورها في صناعة الانقسام. يوم السبت الماضي كانت هناك هجمة هائلة على الإعلاميين، ورد بعض الإعلاميين بعنف وتحد، مما يعني أن مهنة الحياد أصبحت بوضوح جزءا…

الحب في زمن فيسبوك..

الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٢

يزداد سعر المعادن الثمينة كالذهب والألماس بندرتها وصعوبة الوصول إليها، ويقل سعر البترول رغم تكلفة استخراجه والحاجة المفرطة إليه بسبب وفرته الحالية. هذا المثال يجيب على السؤال الشائع: هل تغيرت حياتنا الاجتماعية وعلاقاتنا بعد دخول الشبكات الاجتماعية (فيسبوك وتويتر) إلى حياتنا؟ الجواب يمثل معادلة صعبة، فبقدر ما زادت العلاقات الاجتماعية والصداقات من ناحية الكم أضعافا مضاعفة، فإنها من حيث الكيف قد تناقص عمقها، وصارت سريعة سطحية مع القليل جدا من الولاء لهذا الكم الهائل من «الأصدقاء». هذه النتيجة البدهية ليست كلامي بل هي نتاج مئات الدراسات العلمية عن تطور حياتنا الاجتماعية والعاطفية مع تطور الشبكات الاجتماعية. السؤال إذن: لماذا نكلف أنفسنا العناء والوقت في بناء علاقات هشة وننسى أساليب أيام «زمان» لما كانت الصداقة أقوى وأعمق، تصادف صاحبك وجها لوجه فلا تنسى ابتسامته لأيام وتتردد كلماته في ذهنك وتعيش معه همه وهمك. لماذا تنازلنا عن هذا كله من أجل «أسماء مستعارة» وهويات محدودة وكثير جدا من المجاملة التي لا تحمل أي معنى؟ هناك نظرية علمية هامة تنظر للعلاقات الاجتماعية والعاطفية بنظرة اقتصادية، بمعنى أن الإنسان يقارن في تجاويف قلبه الخفية بين «تكلفة» العلاقة الاجتماعية وبين «العائد» منها، فإن كان العائد بالنسبة له أكثر من التكلفة مضى في العلاقة الاجتماعية أو العاطفية (بما فيها الزواج)، وإن كانت التكلفة أكبر، رأى نفسه…

هوامير تويتر!

الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٢

من الطبيعي جداً أن يهتم الناس بأعداد المتابعين على تويتر، ليس فقط لأنها طبيعة بشرية، ولكن لأن هذه الأعداد تعني اتساع حجم التأثير للأشخاص، وعندما يتسع دور الشبكات الاجتماعية وعلى رأسها تويتر وفيسبوك في حياتنا اليومية وحراكنا الاجتماعي والسياسي والثقافي، فإن هؤلاء الأشخاص يصبحون تماماً كهوامير السوق المالية، يلعبون في قوى العرض والطلب كما يرغبون، وإن كان التأثير هنا في الأفكار والرأي العام وليس في الأسهم والمال. لكن هل كل من يملك الأرقام لديه التأثير حقيقة؟ الجواب طبعاً لا، ولذلك حاولت كثير من المبادرات الغربية إيجاد معادلة كمية يمكن من خلالها قياس التأثير، مثل موقع Klout، وهناك مواقع عربية استفادت من هذا التطور أيضا وقدمت جهدها في هذا المجال مثل tweepar.com و taether.com، ومعروف أن هذه المواقع تلقى اهتمام الناس ووسائل الإعلام. لقد تحول قياس التأثير إلى صناعة تنمو تدريجياً بسبب إدارات التسويق في الشركات التي تحاول معرفة تأثيرها على الشبكات الاجتماعية، وبسبب المؤسسات الأمنية والرقابية حول العالم التي تحاول فهم ما يدور ضمن الشبكات الاجتماعية والتعامل معه، إلا أن كل أنظمة قياس التأثير ما زالت تعتمد على معادلات متنوعة جداً، وليس هناك أي دليل على أن معادلة معينة صحيحة مقارنة بمعادلة أخرى، وهي كلها تعتمد على حساب كمي لعدد الأتباع، وأتباع الأتباع، «والريتويت»، وإعادة النشر، وغير ذلك. لكن الطريف…

هل للشيخ العريفي أن يفرح بثلاثة ملايين متابع؟

الثلاثاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٢

«يا ريحانة قلبي: والله ما أعلم أني أفرح بالعدد لمجدٍ شخصي.. إنما لتساعدوني، لنصرة الضعيف، ومساعدة الفقير، ونشر الخير -العريفي- ثلاثة ملايين». بهذه العبارة المتأنقة أعلن د. محمد العريفي وصوله لثلاثة ملايين متابع ليضعه هذا على قمة المغردين في العالم العربي، وليمتلك بذلك أكبر مجتمع افتراضي يلتف حوله منذ أن بدأ الشبكات الاجتماعية قبل عدة سنوات. لاشك أن مثل هذا الرقم إنجاز للشيخ العريفي، حيث تعبر الأرقام –بشكل غير مسبوق- في عالم الإعلام الاجتماعي عن حجم التأثير الكمي للأشخاص، إلا أن هذه الشخصية التي حققت هذه الأرقام (من المحبين) هي ذاتها التي تثير كثيراً من الجدل في تويتر، وكان آخرها الجدل الضخم الذي أثاره موقف د. العريفي من الأزمة الكويتية. هل أسهم الجدل في تحقيق هذا الانتشار للعريفي أم العكس؟ الجواب في رأيي أن كلا الأمرين صحيح، فلاشك أن الشيخ العريفي له آراء لا تمسك بمنتصف العصا، فوقف معه محبون كثر، وكون كمية هائلة من الأعداء، ما أوجد حالة من الاستقطاب بين فريق مدافع (يبارك له بالملايين الثلاثة ويعيد نشر تغريداته بإعجاب)، وبين فريق لا يكل ولا يمل في البحث عن أي هفوة للعريفي. من جهة أخرى، فإن هذا الانتشار الضخم للشيخ العريفي سيضع عبئاً كبيراً عليه، لأن كل رسالة له يقرؤها على الأقل مليون شخص ويعيد تغريدها ما معدله…