عمار بكار
عمار بكار
كاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد

لماذا يهتم السعوديون بأخبار مصر؟

الإثنين ٢٩ يوليو ٢٠١٣

لما توجهت توكل كرمان الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل إلى ميدان رابعة العدوية للمشاركة في المظاهرات المناهضة للحكم العسكري في مصر، كان المصريون المؤيدون يصرخون غضبا محتجين على تدخل شخص غير مصري في سير أحداث مصرية. نفس الغضب تجده موجها نحو رئيس الوزراء التركي أردوغان لمواقفه غير المسبوقة في حدتها نحو شأن سياسي مصري. في نفس الوقت، كانت هناك تساؤلات كثيرة على "تويتر" وغيره عن سبب اهتمام السعوديين البالغ بتطورات الأحداث في مصر، على رغم أنها قضايا سياسية محلية ومعقدة. الإجابات على مثل هذه الأسئلة تأتي محملة بالألغام الفكرية، لأن الجمهور يرى أن هذا الاهتمام جزء حقيقي من اهتمامه بالقضايا العربية والإسلامية (أيا كانت وجهة النظر)، ولكن هناك وجه آخر مختلف تماما لهذا الاهتمام. منذ أن بدأت شبكة الإنترنت بالسيطرة على علاقة الإنسان المتعلم بالمعلومات والأخبار والأفكار، وخاصة لما زادت هذه السيطرة مع تطور نفوذ الشبكات الاجتماعية، لاحظ الباحثون أن هناك نموا سريعا ملحوظا في كل مكان في العالم بالاهتمام بما كان يسمى بالأخبار العالمية، حتى صار من المستحيل طرح هذا المصطلح اليوم مع تداخل الاهتمامات المحلية والدولية في سلة واحدة من اهتمامات الجمهور. لقد تحول العالم إلى قرية صغيرة، وهذا التحول الضخم جاء معه أن الجميع صار يهتم بأخبار القرية، ليس فقط لمجرد الاهتمام الناتج عن تدفق المعلومات،…

بين الراجحي وريتشارد برانسون: أين الخلل؟

الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٣

بعقد عقود طويلة من التركيز في الدول الغربية على تحقيق الأرباح التجارية بغض النظر عن سبل تحقيقها وعن مساهمة تلك الأرباح في نمو المجتمع، أي بعد عقود من تطبيق "الرأسمالية" البحتة؛ ظهر جيل جديد من رجال الأعمال الذين ينادون بتغيير هذا الوضع، وينادون بوضع أطر أخلاقية للعمل التجاري وبإيجاد أفكار فعالة لتحقيق المشاركة الفعلية والبناءة لرجال الأعمال في بناء مجتمعاتهم. أحد هؤلاء هو رجل الأعمال البريطاني الشهير ريتشارد برانسون، رئيس شركة فيرجن، والذي قولب أفكاره في كتابه Screw Business as Usual (أي: قل وداعا للبزنس كما نعرفه)، والذي شرح فيه مفاهيم عديدة مبسطة في هذا الإطار. برانسون مشهور بأفكاره غير الاعتيادية في مجال العلاقات العامة، ولا يمكن طبعا الادعاء بأن أعماله الخيرية ليست ذات منطلق إنساني، ولكنها بالتأكيد أفادت مجموعته واسمه على سبيل العلاقات العامة، كما هو واضح من الكتاب. لكن لو تأملت فيما قدمه برانسون على صعيد الأرقام والمشاريع وحتى المفاهيم، لوجدت أنه لا يزيد أبدا عما قدمه رجل أعمال مثل الشيخ سليمان الراجحي أو غيره كثيرون في المملكة العربية السعودية، حيث يمكن ببساطة القول إنه وغيره من رجال الأعمال قدموا المليارات للعمل الخيري والإغاثي والإنساني.. لماذا يشتهر برانسون وبيل جيتس ووارن بوفيت وغيرهم عالميا في هذا المجال، بينما يبقى ذكر رجال الأعمال السعوديين البارزين محدودا رغم ضخامته واتساع…

عندما تعرف الحكومات كل ما تفكر به!

الإثنين ٠٨ يوليو ٢٠١٣

"إذا كان فيسبوك يعرف ما تقوله، فإن جوجل تعرف ما تفكر فيه".. هذه المقولة لباحث أوروبي تعطيك بوضوح ما معنى أن تجمع هذه المواقع كافة المعلومات عن أي مستخدم، وما معنى أن تمتلك حكومة مثل الحكومة الأميركية القدرة على الوصول لهذه المعلومات. هذا هو باختصار سبب الضجة العالمية التي حصلت حول الوثائق التي سربت من وكالة الأمن القومي الأميركي. أحد الصحفيين كتب تأملاته في صحيفة نيويورك تايمز حول ما يعنيه برنامج استخباراتي كان قد سمحت به حكومة الرئيس أوباما وظهرت معلومات عنه ضمن الوثائق نفسها والذي يقوم على تحليل معلومات الإيميل (أي المرسل والمستقبل والتاريخ) دون الاطلاع على الإيميل نفسه لكل الإيميلات التي أرسلت داخل أميركا لمدة عامين. هذا يشبه ما يفعله برنامج اسمه Immersion والذي يسمح لك أن تحلل إيميلاتك بنفس الطريقة لتكتشف عبر السنوات التي استخدمت فيها الإيميل من هم أكثر الناس الذين تواصلت معهم، ويكشف شبكة العلاقات بين الناس الذين تعرفهم وتتواصل معهم. تخيل ماذا يعنيه أن تملك الحكومة الأميركية هذه المعلومات عن كافة الأميركيين، إنه باختصار يغني الحكومة عن ملايين من الدولارات لفهم الأنماط الاجتماعية وشبكات العلاقات بين الناس والتجمعات الموجودة وكيف تنمو وتتكون وتتغير، سواء كان ذلك في أوقات الأزمات أو في أوقات الرخاء. إن اتخاذ أي قرارات ضخمة على المستوى الحكومي يتطلب وجود هذا…

هل هناك قوة خفية تحرك الثورات حول العالم؟

الإثنين ٠١ يوليو ٢٠١٣

في الأسابيع الماضية، كان مشهد الجموع المتظاهرة حول العالم مشهدا مشتركا في نشرات الأخبار، بين تركيا والبرازيل وتشيلي وتكساس الأميركية، بالإضافة إلى تظاهرة "تمرد" في مصر التي بدأت بالأمس. هذا المشهد بدأ يلفت أنظار العالم من جديد لميكانيكية الثورات، بحثا عن السر وراءها، والسبب لهذه الالتفاتة الجديدة أنه بينما كانت ثورات "الربيع العربي" تنتفض غضبا ضد الفقر والظروف المعيشية السيئة والأنظمة الحديدية، مما يقدم شرحا سهلا لأسبابها، فإن المظاهرات في تركيا والبرازيل وتشيلي تحصل في دول ناهضة اقتصاديا، وتتمتع بأنظمة ديموقراطية، وحكومات لا تنقصها الحيوية والاندفاع نحو تطوير المستوى المعيشي العام لبلادها وتلبية طلبات جماهيرها. حتى في مصر، بعيدا عن البحث عن التفاصيل الدقيقة للديناميكية السياسية والاجتماعية بين الحكم والمعارضة، فأنت تتحدث عن نظام حصل على شرعيته بانتخابات ديموقراطية، ويفترض أن هناك كمية هائلة من الأمل في الجمهور الخارج من النظام الذي ثار ضده، ويفترض أن يقلل هذا من غضب الشارع، ويخلق شيئا من الصبر والطاقة الإيجابية لديه، والأمر نفسه يقال عن ليبيا وتونس. ما الذي يحصل بالضبط؟ لماذا يثور الأتراك ضد حكومة تركيا التي صنعت ما يسمى عالميا بـ"المعجزة التركية" (والمقصود هنا نمو اقتصادي نادر من نوعه كما وكيفا)، والأمر نفسه ينطبق على البرازيل التي يتحدث عنها كواحد من أهم الأسواق العالمية الناشئة، وتشيلي التي تعيش أكثر عهودها ازدهارا…

“بريزم”: أن تستسلم للعيش في العراء!

الإثنين ١٠ يونيو ٢٠١٣

شهد الأسبوع الماضي ضجة ضخمة عالميا بسبب فضيحة برنامج "بريزم" التجسسي. المشكلة هنا ليست في مخالفة دولة كبرى مثل أميركا لمبادئها الأساسية التي افتخرت بها عبر السنين، فهذا أمر انتهت الصدمة منه بعد 11 سبتمبر، ولكن في رأيي لأن الإنسانية استيقظت فجأة لتفاجأ بتحد من أصعب التحديات التي تواجهها في تاريخنا الحديث، بعد أن صارت التكنولوجيا جزءا من حياتنا، وصار العيش يبدو من المستحيل بدون شبكة الإنترنت والبريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية وتطبيقات الموبايل. بعد هذا الاعتماد الهائل على التكنولوجيا تكتشف البشرية أن هذا يعني بلا مبالغة أن كل شيء تفعله يمكن رصده بالتفاصيل، وتحليله، ثم عقابك عليه إن لم يعجب ذلك "الأخ الأكبر". يمكن بسهولة الوصول لنتيجة هنا أنه تقريبا لا يوجد مفر من هذا المأزق: لا يمكننا التوقف عن استخدام التكنولوجيا، ولا يوجد أي إطار قانوني أو فكري يمنع حكومة مثل الحكومة الأميركية من الاطلاع على كل أسرار حياتنا. الإنترنت تحول فجأة إلى مصيدة ضخمة، وقعت فيها الإنسانية لصالح الدولة التي اخترعته ودعمته استثماريا وتقنيا وحولته إلى المغناطيس الذي نلتصق جميعا به شئنا أم أبينا. ما لا يعرفه كثير من الناس بعد، وما لا يتخيلونه هو كيف تعمل هذه الأنظمة التي تجمع معلوماتنا وتحللها. أتيح لي مرة أن اطلع على مشروع عملاق في بريطانيا لبناء واحد من هذه الأنظمة،…

الوصفة السحرية لبناء “مجتمع ريادي”

الإثنين ٢٧ مايو ٢٠١٣

إذا رأيت شابا متوقدا يحمل فكرته وطموحه على عاتقه، ويعمل بكل جد لتحويل تلك الفكرة إلى عمل تجاري ناجح، رغم محدودية الإمكانات والمخاطرة ضد "هوامير" السوق، فاعرف أنك ترى شابا "رياديا"، ولأن هذا النوع من الشباب كما وضحت في مقال سابق، هم الذين يحدثون التأثير العميق في الاقتصاد الوطني، فإن المجتمع الذين يستطيع أن يحتفل بهم ويعزز مكانتهم هو "مجتمع ريادي"، وهو مجتمع يطمح لتحقيق الاقتصاد المعرفي، ولخلق الوظائف، وقتل البطالة، وتنويع الاقتصاد، وتطوير أطر القطاع الخاص، أي باختصار هو مجتمع "طموح" للنمو. ما زالت كل الدول العربية في بداية الطريق لتحقيق مثل هذا المجتمع، مقارنة بالمجتمعات الغربية، وهناك قصص فشل أكثر من قصص النجاح. تحدثت حول هذا الموضوع مع أ. د. أحمد الشميمري، رئيس جمعية ريادة الأعمال والأستاذ بجامعة الملك سعود، وصاحب عدة مؤلفات عن الريادة باللغتين العربية والإنجليزية، وصاحب مسيرة أكاديمية وعملية طويلة في مجال ريادة الأعمال. الدكتور أحمد كان قد كتب كتابا بالإنجليزية بالاشتراك مع بروفيسور إيطالي بعنوان entrepreneurialism أي "الريادية"، والذي يقوم على أن "الريادية" هي مذهب اقتصادي جديد (تماما مثل الاشتراكية والرأسمالية)، لأنها بخلاف الرأسمالية التي تركز على قوة رأس المال، فإن "الريادية" تركز على قوة الموارد البشرية بكل ما لديها من إبداع وطاقة، ولأن الريادية تركز أيضا على ثورة المعلومات كثروة مستقبلية يتمحور حولها…

حكايات لشباب رائعين يصنعون المستقبل..

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٣

ما هو الرابط المشترك بين هؤلاء: لؤي نسيم، عبدالمحسن الربيعة، ونايف القحطاني؟ الإجابة باختصار: هذه الأسماء هي عناوين لقصص نجاح سعودية مميزة، تجمع بينها القدرة على خلق قيمة اقتصادية ضخمة في وقت قصير وببدايات محدودة مع الكثير من الطموح والاندفاع من ناحية، والتفكير المنظم والتخطيط من ناحية أخرى. في الأسبوع الماضي تحدثت عن وجود نسبة عالية من "فشل" الشباب الرياديين والمبادرين الذين يحلمون بتأسيس مشاريعهم الخاصة، وذلك رغم كل الجهود والدعم الحكومي والخاص لهم، والسبب أن هناك ضعفا كبيرا في "إرشاد" هؤلاء الشباب لتحقيق النجاح التجاري واتخاذ الاستراتيجيات الصحيحة والتخطيط السليم لأعمالهم، فتبدأ قصة النجاح بحماس ودعم وساعات طويلة من العمل الشاق، ولكنها تنتهي بمشروع فاشل أو محدود النجاح، لا يحقق القيمة الاقتصادية المأمولة. هذه المشكلة ليست جديدة في عالم ريادة الأعمال، ووجودها كان سببا في نشوء منظمة عالمية لا ربحية اسمها "إندافور" Endeavor تعنى بشكل خاص بمساعدة رواد الأعمال على تحقيق النجاح، ليس فقط مساعدة لهم على الوصول إلى خط النهاية، ولكن أيضا لدفعهم على اختيار مشاريع تحقق "تأثيرا عميقا" Deep Impact Entrepreneurship في النمو الاقتصادي الوطني، لأنها توفر عددا كبيرا من الوظائف المحلية، ولأنها تسهم في نمو القطاع الاقتصادي الذي ينتمي إليه المشروع بشكل كبير. تحدثت عن المنظمة وأهدافها وطريقة عملها بشكل مطول مع راكان العيدي، رئيس "إندافور"…

لماذا يفشل “المبادرون” العرب؟

الإثنين ١٣ مايو ٢٠١٣

المبادرون أو الرياديون هم أولئك الشباب الموهوبون الذين تركوا طريق الوظيفة المعتاد، وحملوا أفكارهم التجارية على عاتقهم، ووضعوا جهدهم ليل نهار ليحولوها إلى حقيقة واقعة وقصة نجاح من رأس مال صغير، وبعيدا عن "الدلال" الذي تحظى به الشركات الكبرى ذات الميزانيات والفرق الضخمة. في الأسبوع الماضي قدمت عددا من الدلائل على أن تشجيع المبادرات هو الحل رقم واحد عالميا لمشكلة البطالة، وعلى أن المبادرين أو الرياديين هم عادة من يقودون التحولات الجذرية في القطاعات الاقتصادية، لأنهم يغامرون ويفكرون ويبتكرون، بخلاف الشركات التي تحاول عادة اتباع السائد لضمان الأرباح الكبيرة. على الرغم من ذلك كله، وعلى الرغم من وجود مجموعة كبيرة من المشاريع والهيئات الحكومية وصناديق الدعم والتمويل، إلا أن هناك فشلا حقيقيا في هذا الاتجاه، وهناك ضعف واضح في هذا الدعم مقارنة بدول العالم الأخرى، إلى درجة أن حجم دعم المبادرات في العالم العربي كله لا يصل إلى مستوى الدعم الموجود في دول صغيرة حجما مثل سنغافورة أو إسرائيل. لماذا يحصل هذا التقصير بينما يعاني العالم العربي، ومنه دول الخليج، من ارتفاع نسب البطالة، وفي نفس الوقت هناك مستوى لا بأس به من الوعي والسيولة المالية؟ قبل أن أحكي رؤيتي في هذا المجال، تحدثت مع راكان العيدي، وهو مهندس حاصل على الماجستير من أستراليا في مجال المبادرات، والمؤسس والرئيس التنفيذي…

حل “البطالة” عن طريق “الأفكار الجديدة”!

الإثنين ٠٦ مايو ٢٠١٣

لا أدري ما هي نسبة وعي المجتمع بحالة اقتصادية اسمها "الرياديون".. إلى أي حد يعرف عموم الناس عن وجود عالم كامل مرتبط بصناعة فكرة جديدة، يقودها من يملكها ويؤمن بها، ليحولها إلى قصة نجاح هامة؟ أيا كان هذا الوعي، فهو أقل من المطلوب بالتأكيد، لأنني عندما أقرأ الكثير من المقالات والتعليقات عن موضوع البطالة في المملكة وتنمية قدرات الشباب فمن النادر أن ترى إشارة واضحة لأهمية تنمية هذا القطاع الاقتصادي المرتبط بالريادة والمبادرات Entrepreneurship، وهذا أمر غريب.. الغرابة تأتي لعدة أسباب: أولا: لأن هناك إجماعا عالميا على أن واحدا من أفضل الطرق لمعالجة البطالة وتوفير فرص العمل هو دعم هذا القطاع الاقتصادي الذي ينتهي بتأسيس الشباب أصحاب الأفكار والحماس لمؤسسات صغيرة. إحدى الدراسات التي صدرت قبل سنوات قليلة قالت إن الشرق الأوسط سيحتاج لخلق 80 مليون وظيفة جديدة مع حلول عام 2020 حتى يستطيع استيعاب موجات الشباب القادمين من صفوف الدراسة إلى سوق العمل. هذا الرقم ضخم جدا ويؤكد حجم المشكلة التي تواجه العالم العربي ذا النمو السكاني المرتفع (وربما كانت أحد أسباب الربيع العربي). في الغرب، يصل معدل الشباب الذين يسعون لتأسيس مؤسسات تجارية يملكونها إلى 10%، بينما يصل عدد هؤلاء الشباب في المملكة - حسب دراسة قامت بها مؤسسة لرصد الريادة في العالم gemconsortium.org بالتعاون مع جامعة الفيصل…

أنقذوا الإنسان و”أوقفوا القتلة الآليين”!

الإثنين ٢٢ أبريل ٢٠١٣

في الفيلم السينمائي الأميركي الشهير "تيرميناتور" Terminator، يردد أرنولد شوارزينجر بصوته الآلي العميق: "سأعود يوما"، وذلك بعد أن استطاع كرجل آلي أن يأتي من المستقبل باحثا عن المرأة التي أنجبت القائد الذي قاد حرب البشر ضد سيطرة الآلة في زمنه المستقبلي. يبدو أن هذا الزمن المستقبلي أصبح قريبا جدا، وصارت الدراسات والبحوث حول التطوير العسكري للروبوتات التي تقاتل "بشكل مستقل" حقيقة واقعة تفرض نفسها، ليبدأ سباق تطوير عسكري تقوده أميركا في هذا المجال، والذي سينتج عنه عدد من نسخ الروبوتات (الرجال الآليين) التي تتميز بتقدم في المهارات والحصانة ضد التدمير والدقة العالية في ملاحقة الأعداء تحت الظروف الصعبة، بالإضافة لقدرتها على اختيار الأهداف بنفسها واتخاذ القرارات اللازمة في أرض المعركة دون الحاجة للمساعدة البشرية.. هذا التسارع هو الذي دفع مجموعة كبيرة من الباحثين والنشطاء القانونيين ونشطاء حقوق الإنسان لتخصيص شهر أبريل الحالي لإطلاق حملة للتوعية بهذه القضية تحت عنوان Stop Killer Robots أو"أقفوا القتلة الآليين". هناك طبعا الروبوتات التي يتم التحكم بها عن بعد، وهذه موجودة وحققت تقدما كبيرا، ويدخل في إطارها الطائرات بدون طيار، ولكن ما يتوقع أن يأتي هي تلك الروبوتات التي تقاتل وتتحرك بشكل مستقل دون الحاجة للتحكم البشري. ومن لا يتابع عالم الروبوتات، لا يتوقع التقدم الضخم الذي حققته في السنوات القليلة الماضية، بحيث صارت تحل…

هل بدأت الآلات في السيطرة على الإنسان؟

الإثنين ٠٨ أبريل ٢٠١٣

لمشاهدي الأفلام السينمائية الأميركية، سيبدو العنوان شيئا من الخيال الجامح الذي تراه في بعض أفلام "الأكشن"، ولكن لمن يتابع التطور الرهيب للتكنولوجيا، ربما يدرك أنها حقيقة شبه قائمة اليوم في المجتمعات المتقدمة، وهي في ازدياد سريع خلال العقدين القادمين، وستشمل دول العالم بلا استثناء. الحكاية باختصار أن نمو برامج الكمبيوتر وخدمات الإنترنت والروبوتات والأتمتة لعالم الصناعة والزراعة جعلت الكثير من الوظائف المتوسطة والدنيا أمرا هامشيا يمكن الاستغناء عنه ببرنامج كمبيوتر أو روبوت أو خدمة إنترنت متقدمة. هناك إحصاءات مكثفة في أميركا تكشف أن هناك انخفاضا حادا وسريعا في كل المهن ذات الطابع الروتيني ومهن معالجة المعلومات، وهو نفس الانخفاض الذي حصل في العقود الماضية في مجالي الزراعة والصناعة بدليل أن الإنتاج الزراعي والصناعي في أميركا يزداد بينما نسبة ضئيلة جدا من الأيادي العاملة لها وجود في هذه المجالات بسبب التكنولوجيا. أحد الباحثين الأمريكيين يقول بأن التكنولوجيا تحولنا سريعا إلى نوعين من الناس: نوع يخبر التكنولوجيا ماذا تفعل، ونوع تخبره التكنولوجيا ماذا يفعل. النوع الأول يشمل المستثمرين وذوي القدرات المعرفية المتقدمة، والنوع الآخر هو بقية الناس، الذين صارت برامج الكمبيوتر تبرمج أعمالهم وتتابع إنتاجيتهم وتحدد لهم بالضبط مسار عملهم لحظة بلحظة. أحد الأمثلة تروى عن مستودعات أمازون الضخمة في بريطانيا والتي يتصرف فيها العمال حسب ما تخبرهم الطلبات القادمة لهم على…

دروس من “حكايات شهرزاد” في عصر “فيسبوك”

الإثنين ٠١ أبريل ٢٠١٣

كلنا نعرف حكايات ألف ليلة وليلة، حين كان على "شهرزاد" أن تمتع "شهريار" كل يوم بقصة جديدة حتى لا يمل منها ويتركها إلى غيرها، في أجواء لا تختلف عن أجواء مسلسل "حريم السلطان" حيث تتسابق كل الجميلات على كسب انتباه "شهريار" ومحبته. كل الجميلات اللاتي سبقن "شهرزاد" بذلن كل حيل الأنثى في كسب محبة "شهريار"، ولكنهن فشلن، ودفعن ثمن الفشل، ونجحت "شهرزاد"، ليس لأنها جميلة أو تحسن أي فن من فنون كسب قلوب الرجال، بل لأنها تروي له حكاية ممتعة كل يوم. هذه القصة في رأيي تعلمنا بالضبط كيف يمكن لشخص أن يحقق الانتشار في عصر الشبكات الاجتماعية، فمن بعد عصور طويلة من ندرة المعلومة، وبذل الجهد للوصول إليها، صار آلاف الأشخاص يبحثون عن إمتاعنا، ورضانا، وانتباهنا، وهذا الأمر سيزداد خلال السنوات العشر القادمة بشكل يصعب على غير المتابع تخيله، بحيث ستصبح خياراتنا من المعلومات والترفيه والتواصل مع الآخرين عبر الموبايل أو الإنترنت أو التلفزيون الذكي أكثر بكثير مما نستطيع تحمله. إن ما يحصل على "تويتر" أمر مثير للتأمل، فنحن كلنا نعيش في دوامة محاولة كسب قلوب الآخرين وانتباههم من خلال رسالة قصيرة نكتبها في أي اتجاه كان. بقدر ما لهذه الوفرة والتكاثر النووي السريع لمصادر المعلومات من فائدة للجمهور؛ فإنها تعني أن الراغب في الانتشار عليه أن يعيش تحديا…