عمار بكار
عمار بكار
كاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد

ميثاق شرف للسعوديين على “تويتر”

الإثنين ٠٣ مارس ٢٠١٤

لا أظن أن أحدا يشكك اليوم في التأثير الهائل للمغردين على "تويتر" على الرأي العام، وعلى تداول المعلومات والآراء في المجتمع، فهناك الآن مئات المغردين السعوديين الذين يملكون من المتابعين ما يزيد عن توزيع كبرى الصحف السعودية، وبل ويزيد أحيانا عن عدد زوار كبرى المواقع الإلكترونية الإخبارية. هذا التأثير الضخم سمحت به التكنولوجيا لأفراد من المجتمع يتفاوتون في إمكاناتهم المهنية والعلمية، وحصل فجأة قبل أن تنضج الرؤى العامة التي تسمح بأن يكون هذا التأثير إيجابيا وبناء. بينما تقرأ هذا المقال اليوم الاثنين، يجتمع المغردون السعوديون ضمن مبادرة لمؤسسة مسك الخيرية في عامها الثاني، ويناقشون عددا من القضايا، وهي مبادرة هامة وحيوية في رأيي لأنها تسهم في وضع تلك الرؤى العامة، التي تساعد في علاج المشكلات الناتجة عن الدور السريع والمفاجئ للشبكات الاجتماعية. كإسهام مني في المبادرة، أقترح هنا ميثاق شرف أرى شخصيا أنه يتضمن عشرة مبادئ هامة، ينبغي أن يلتزم بها كل مغرد سعودي، وخاصة منهم من له تأثير كبير على الجمهور. المبادئ المقترحة هي: 1) الصدق والدقة: كمية المعلومات الخاطئة والتعميم غير المنطقي والنقل غير الدقيق هائل جدا، وهذا يعني أن "تويتر" كمصدر معلومات لكثير من الناس هو مصدر لا يعتمد عليه. اعتماد الصدق والدقة يتوافق مع مبادئ شرعنا الحنيف، وهي مبادئ إنسانية عامة لا يجادل فيها أحد، ولكنها…

بين الإصلاح و”عض الذات”..!

الإثنين ١٧ فبراير ٢٠١٤

قبل سنوات قرأت لأحد المفكرين الأميركيين ينذر بأن قدرة التكنولوجيا في زمن ثورة المعلومات على أرشفة كل كبيرة وصغيرة في حياتنا سيكون له أثر سلبي حاد على الإنسانية. حسب رأي هذا المفكر، هناك نمو خرافي في السنوات الأخيرة في "نشر" كل ما يتعلق بحياتنا بتفاصيلها الصغيرة، والشركات القائمة على التكنولوجيا تفرح بذلك؛ لأن كل خططها التجارية المستقبلية قائمة على الاستفادة من هذه المعلومات الشخصية بشكل أو بآخر، ولكن الناس ستدفع ثمن ذلك غاليا. تذكرت ما كتبه هذا المفكر لما رأيت السجال بين الأستاذ داود الشريان وبين الدعاة الذين هاجمهم في برنامجه، ولكنني لم أحب أن أعلق على ما حصل وقتها حتى لا أصبح جزءا من هذا الجدل. الأستاذ الشريان هاجم الدعاة بناء على مواقف من الأرشيف، جردت من الظروف التي فرضتها، وجاء خصوم الشريان الغاضبون منه، وفعلوا الشيء نفسه، وتحول النقاش إلى عملية فتح ملفات قديمة مع تجريدها الكامل من الظروف التي أحاطت بها، والمعاني التي مثلتها في ذلك الوقت. من جهة، المجتمع يحتاج للإصلاح، ويحتاج لمعالجة المشكلات الملحة، والنقد الذاتي، ويحتاج لمواقف حاسمة كذلك، ولكن فكرة الإصلاح في جوهرها مرتبطة بالتغيير، والنمو، وتطور الأفكار والشخصيات التي تقف وراءها. من حق شخصيات عامة مثل الشريان والعودة والعريفي وغيرهم أن يطوروا أفكارهم، ووجود الأرشيف الرقمي لما قالوه تلفزيونيا أو على تويتر…

قل لي سرعة اتصالك بالإنترنت.. أقل لك من أنت

الإثنين ٠٣ فبراير ٢٠١٤

لو سألت الناس من حولك إذا كان أي منهم مستعد للعودة إلى عام 1995 أي قبل 20 عاما فقط لوجدت أنه تقريبا لا أحد يستطيع أن يتخيل حياته بلا موبايل أو إنترنت. باختصار: عدم امتلاك أي إنسان لتكنولوجيا الاتصالات يعني اليوم حياة تشبه البدائية أكثر من أي شيء آخر. هذا التغير الخرافي في الحياة من حولنا في فترة قصيرة أحدث تحولا في القيم العالمية، فالأمم المتحدة صارت تعتبر الاتصال بالإنترنت حقا من حقوق الإنسان الأساسية التي لا تقل عن حقه في الحياة والغذاء والعلاج والتعليم، وهذا بدأ ينعكس تدريجيا على ممارسات الأمم المتحدة ووثائقها. هناك حجم كبير من الأبحاث عما يسمى بـ"الفجوة المعرفية" (Knowledge Gap)، أي الفجوة بين من يملك القدرة الاتصالية وبين من لا يملكها، وهي فجوة يرى الكثير من الباحثين أنها تزيد الفقراء وسكان المناطق النائية فقرا وجهلا وضعفا في اللحاق بالأفضل حالا والذين يملكون الاتصال بالإنترنت السريع. هذا لا ينطبق فقط على أفريقيا التي خصصت الأمم المتحدة صندوقا خاصا لدعم الخدمات الاتصالية فيها، بل ينطبق حتى على أحياء مدينة مثل نيويورك يخاف القائمون عليها من الأثر السلبي لهذه الفجوة، التي قد تنتج عن عدم قدرة الأقل حظا فيها من دفع تكاليف الإنترنت السريع في منازلهم وعلى جوالاتهم. كنت قبل أكثر من عام في لوكسمبرج، وكان رئيس وزراء…

هل تدمر التكنولوجيا حياتنا الاجتماعية؟

الإثنين ٢٧ يناير ٢٠١٤

هناك مفارقة غريبة في تأثير الشبكات الاجتماعية (فيسبوك وتويتر وواتس أب وغيرها عشرات) على حياتنا، فبقدر ما تسهم في زيادة حجم وتنوع علاقاتنا الاجتماعية من جهة، فهي كذلك - في رأي الكثير من الناس - تؤثر سلبيا على حياتنا الاجتماعية، وفي رأي البعض قد تدمرها تماما. هذا الموضوع له صدى ضخم في الدراسات الغربية، في محاولة لفهم أثر التكنولوجيا على المجتمع. العلاقات الاجتماعية هي التي تضمن للمجتمع قوته واستمراريته في مواجهة الأزمات، وهي التي تقوي الروح الوطنية، وتسهم في نمو الأنشطة التطوعية، ويستطيع المجتمع من خلالها بناء عملية التعليم الذاتي لثقافة المجتمع وعاداته. العلاقات الاجتماعية هي أيضا ما يمنح الإنسان السعادة حين لا يشعر بالوحدة والضعف في مواجهة الحياة. العلاقات الاجتماعية باختصار أمر لا ينبغي لمجتمع واع أن يتركه في حالة تدهور دون أن يفعل شيئا. بالمقابل، ورغم الازدياد الواسع لاستخدام الشبكات الاجتماعية في الدول العربية، ورغم أن الحياة الاجتماعية الإيجابية جزء أصيل من ديننا وثقافتنا، إلا أنني شخصيا لم أجد دراسة واحدة عربية على الإطلاق تحاول البحث في هذا الموضوع، ولذا ما سأنقله أدناه من نتائج للدراسات الغربية قد لا ينطبق على مجتمعنا العربي، لأننا مختلفون في تركيبتنا الاجتماعية، ولكن لعلها تحفز الباحثين العرب على التحرك في هذا الاتجاه. هل تدمر التكنولوجيا حياتنا الاجتماعية؟ فيما يلي بعض الإجابات العلمية…

أفكار لشراء أغلى شيء في الدنيا

الإثنين ١٣ يناير ٢٠١٤

لـ"أديسون" مقولة مشهورة جدا عرفت باسمه كفهم جديد للعبقرية والتي هي حسب رؤيته: "1% نبوغ و99% عمل شاق"، ولعل ما أعطى المقولة مصداقيتها وشهرتها أنها صدرت من واحد من أذكى الناس الذين عرفهم التاريخ، حيث استطاعت اختراعاته أن تغير العالم بما في ذلك اختراعه للكهرباء والسينما وشبكة الهاتف وصناعة الألمنيوم وغيرها كثير. في زمننا هذا صارت نظرية أديسون أكثر مصداقية، ببساطة لأن طرق النجاح صارت معروفة وواضحة لمن يريد سلوكها، وتبقى المسألة متوقفة على من يعمل أكثر من الآخرين، وهذا ينطبق طبعا بدرجة أعلى على المجتمعات التي تتوفر فيها العدالة، ويقل فيها تأثير الواسطة والعلاقات الاجتماعية. من يريد أن يعمل أكثر يحتاج بالتأكيد وقبل أي شيء إلى إدارة فعالة للوقت. الوقت أصبح من أثمن الأشياء في الحياة، فهو كالألماس نادر ومحدود مع حاجة ماسة إليه، حتى نستطيع أن نلبي طلبات الحياة الكثيرة والمتعددة جدا. معظم الناجحين الذين قابلتهم في السنوات الأخيرة ومنذ أن بدأت أهتم بهذه القضية شخصيا يعانون من هذه المشكلة، ويبحثون بشكل دائم عن الحلول، فما يمكن عمله كثير، ولو عمل كله فالإنسان سيصعد للقمة بلا شك وسيصبح السيد بين أقرانه، ومن يستطيع إدارة وقته بشكل فعال، فإنه بالتأكيد لو توفر له الذكاء والتعليم فإنه سيحول هذا الوقت إلى ذهب خالص. فيما يلي بعض الأفكار السريعة التي تعلمتها…

عشرة توقعات لعام 2014

الإثنين ٠٦ يناير ٢٠١٤

يشعر كثير من الناس بتسارع العالم بعد ثورة المعلومات، وهذا ليس وهما، بل هو حقيقة تثبتها دراسات كثيرة تؤكد أن الإنسانية صارت تحقق في عام واحد ما كانت تحققه في عشرة أعوام أو أكثر سابقا، وذلك بفضل التمكين الضخم الذي تقدمه التكنولوجيا للباحثين والشركات والمبدعين. في الأسبوع الماضي، تكلمت عن بدء الانطلاقة الفعلية لـ"إنترنت الأشياء" في 2014، وهو ما سميته بعهد "ما بعد الإنترنت"، بحكمه سيمثل بداية ثورة حقيقية في تفاعلنا اليومي مع الأشياء من حولنا والتحكم بها عن بعد بشكل كان سابقا شيئا من الخيال العلمي فقط. هنا أسرد عشرة توقعات أخرى لعام 2014 على مستوى التكنولوجيا واستخداماتها: 1- استخدام الأجهزة المحمولة الذكية سيتصاعد بشكل مرهق للشركات الكبرى، ويتطلب الكثير من الجهد لمواكبة التحول من الكمبيوتر للموبايل. مارك زكربرج قال إن 48% من استخدام "فيسبوك" يأتي من الموبايل. هناك تحليلات تتوقع وصول هذه النسبة إلى 70% هذا العام. هذا النمو الخرافي سيكون لصالح شركات الاتصالات التي تتحكم بشبكات الجيلين الثالث والرابع، وسيتطلب جهدا هائلا من كافة الشركات لمواكبة هذا النمو من الناحية التسويقية. 2- ردود الفعل السلبية لكل الوثائق التي كشفها جون سنودن عن تجسس الإدارة الأميركية على الإنترنت ستظهر هذا العام مع كم هائل من الأنظمة والقوانين التي تحمي الخصوصية، وجهود لحماية المعلومات الوطنية للدولة من وصولها لشبكة…

2014.. بداية عهد “ما بعد الإنترنت”!

الإثنين ٣٠ ديسمبر ٢٠١٣

العنوان هو حقيقة وليس مجرد عنوان، فشبكة الإنترنت كما نعرفها، سيبدأ العد التنازلي لها هذا العام لتصبح أقل أهمية في حياتنا وأقل تأثيرا، كما أن الاستثمارات التي تتجه إليها ستبدأ بالتناقص، ليبدأ بعدها عهد "ما بعد الإنترنت".. هذا الانحدار سيكون لصالح بديل مهم بدأ يصعد نجمه، وهناك شواهد عملية بأنه سيشهد قفزة هامة جدا في عام 2014 بعد تمهيد استمر لمدة ثلاث سنوات. هذا البديل اسمه "إنترنت الأشياء" (The Internet of Things). حتى نبدأ الحكاية من أولها، شبكة الإنترنت التي بدأ استخدامها في عام 1992 تقوم بربط ملايين الخوادم (سرفرات) حول العالم. كل سرفر يحمل عنوانا يميزه ويقوم بعرض معلومات، ومستخدم الكمبيوتر الشخصي يقوم بطلب هذه العناوين ثم التفاعل مع هذه المعلومات. هذا كله خلق عالما افتراضيا غير حياتنا بشكل جذري على كل الأصعدة، وتغير معها العالم إلى الأبد. لكن العلماء كانوا يتساءلون دائما عن الكيفية التي يمكن من خلالها ربط الناس ببعضهم بعضا من خلال شبكة افتراضية، وربط الناس بالأشياء. بالنسبة للأشياء يمكن استخدام الحساسات (Sensors) والتي يمكنها أن تكون صغيرة جدا (حتى أقل من أن ترى بالعين المجردة) ويمكن للحساسات التعرف على تغيرات معينة وتنفذ أوامر معينة، وعندما صار الإنترنت لاسلكيا (وايرليس) في أواخر التسعينات، زاد الأمل في تحقيق ذلك نظريا، ولكن بقي هناك شك في إمكانية ربط…

سؤال الهوية العربية في مطار دولي

الإثنين ٢٣ ديسمبر ٢٠١٣

عندما تمشي وسط الجموع في لندن أو باريس أو دبي أو أي "مدينة دولية" - إن صح التعبير - تكتشف أن الهوية الوطنية تفقد معناها، فالكل تتلبسه الثقافة العالمية في مظهره وتصرفاته، لتصبح الهوية خاصة بالشخص نفسه بناء على مبادئه وأفكاره واحتياجاته، بينما الشركات والمحلات التجارية تتلمس تلك الاحتياجات لتصمم كل ما لديها بناء على طلب الجماهير القادمة من كل صوب. في عام 1999، حضرت بالصدفة اجتماعا لشركات الطيران في العاصمة الأميركية واشنطن لوضع استراتيجية تلك الشركات على المدى الطويل، وكان الاتفاق بألا تتم صناعة طائرات أسرع أو أذكى أو أكثر أمانا بل التركيز فقط على جعل السفر أقل تكلفة، والتركيز على توفير التكاليف لزيادة عدد المسافرين. هذا ما يبدو أنه حصل فعلا، وهو عامل من عوامل عديدة ساهمت في زيادة رحلات السفر في حياة الناس خلال السنوات العشر الأخيرة مقارنة بالسابق، أيا كان هدف تلك الرحلات. بالنسبة للمفكر العظيم إدوارد سعيد فالسفر والترحال والهجرات المؤقتة ستزداد في حياة الشعوب حتى تصبح العامل الأكبر في تكوين الثقافات. المفكر الراحل له نظرية مميزة يحلل فيها كيف سيؤثر سعي الناس للسفر والاستقرار أينما طاب لهم لأسباب العمل أو أي أسباب أخرى على المنظومات الفكرية والثقافية والاجتماعية وحتى السياسية. هذا ما نراه اليوم بشكل متزايد في مدن معينة أطلقت عليها في بداية المقال…

“انستجرام” يحرمنا من قتل الذكريات!

الإثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٣

إذا تأملت في الحج فستجد أنه لا يعني فقط مسح الذنوب من سجل الإنسان عند الله الرحمن الرحيم، بل هو أيضا بداية جديدة للضمير الذي يعاني من الأخطاء، ويريد أن يتخلص منها دفعة واحدة. هذه البداية الجديدة تعني الكثير للإنسان الضعيف بطبعه والذي يرهقه الندم. الديانة المسيحية بذلت جهدا كبيرا في هذا الاتجاه، فهي لم تؤكد فقط على عقيدة الخلاص والتي تطهر الإنسان عبر الإيمان القلبي بل أيضا تمنحه الكثير من الغفران من خلال جلسات الاعتراف. ولكن ماذا عن جروح الروح؟ عن تلك الندبات التي تتراكم على قلوبنا مع الأيام؟ ماذا عن أخطائنا التي تلاحقنا في أعماقنا؟ عن تلك اللحظات التي نقف فيها مصدومين من أنفسنا، وربما مصدومين من الأيام التي حرمتنا وعاقبتنا ونحن لا نستحق ذلك؟ الإنسان يتمتع بقدرة هائلة على النسيان. هذا ما يفعله الإنسان عادة، يحاول أن ينسى حتى يتمكن من النوم والمضي في حياته. وكثير من الأمور الإيجابية التي نقوم بها هي جزء من عملية النسيان هذه. جمال الحياة أن تجدد ذكرياتك، أن تنطلق مع البدايات الجديدة، أن يجري نهر عذب في حياتك لا يتوقف، بحيث يكون في كل يوم من حياتك ماء جديد. التكنولوجيا عادة تمضي في الاتجاه المعاكس. هي تحاول الاستفادة من إمكاناتها في الحفظ والتسجيل والأرشفة لدفعك لتسجيل ذكرياتك وتخزينها وتصنيفها واسترجاعها ومشاركتها…

لا بديل عن “الانفتاح”!

الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣

إذا راقبت الحراك الاجتماعي والثقافي في المملكة، وربما في العالم العربي كله خلال السنوات العشر الأخيرة لوجدت أن كثيرا منه مرتبط بكسر الحواجز وتجاوز العادات والتقاليد (بما فيها المسلمات الفكرية) التي لم تعد تملك جاذبية عالية لدى الأجيال الجديدة. نحن نعيش في منعطف هام في تاريخ الإنسانية، حيث استطاعت ثورة المعلومات أن تنهي معنى الحواجز الجغرافية وتحول العالم إلى مجتمع واحد، وصار من المستحيل وضع الأسوار والاعتماد عليها في حماية المجتمع وتقاليده.. ليس هذا فحسب، بل إن "الانفتاح" على الثقافات الأخرى صار ضرورة حقيقية للنجاح والتطور لأي أمة على وجه الأرض، وأي أمة تعزل نفسها، ستواجه بالفشل الاقتصادي والسياسي وربما الثقافي كذلك. هل الانفتاح على الآخرين مخيف؟ قبل أكثر من عشر سنوات كنت في حديث مع أمينة السلمي ـ رحمها الله ـ التي كانت حينها إحدى أبرز الشخصيات الأميركية التي تعمل لمصلحة خدمة قضايا المسلمين والعرب في أميركا، وذلك بعد اعتناقها الإسلام في السبعينات الميلادية. كانت أمينة حينها تنتقد العرب والمسلمين في أميركا، الذين يحاولون عزل أبنائهم عن المجتمع الأميركي أملا في تربيتهم على طريقتهم الخاصة بما يتوافق مع القيم العربية والإسلامية، وذلك في رأيها لأن الثقافة الأميركية كالطوفان الذي لا يمكن مقاومته. الحل في رأي أمينة كان هو أن تعمل من ضمن الثقافة نفسها، وتحاول أن تسمح للطفل بأن…

تموت الصحيفة.. ويعيش الصحفي!

الإثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠١٣

يستطيع الصحفي – في عصر الإعلام الجديد - أن يتحول إلى وسيلة إعلام متنقلة مستخدما "تويتر" لنقل أخباره السريعة و"يوتيوب" لنشر فيديوهاته. هذه الحقيقة بدأت تحول كثيرا من الإعلاميين حول العالم إلى أسماء بارزة Brands يبحث عنها الجمهور، لأنهم يثقون في هذه الأسماء ويستمتعون بما تقدمه من معلومات وأخبار وآراء. لكن هذا التطور له ما بعده، وهو تطور ستكون له آثار جذرية على المهنة الإعلامية والمؤسسات الصحفية في المستقبل القريب. هذا التطور سيعني باختصار أن المؤسسة الصحفية ستتحول إلى كيان تقتصر مهمته على جمع الأسماء اللامعة (أو النجوم الصحفيين) وتقديمهم للجمهور، ويصبح نجاح المؤسسات الصحفية مقتصرا على قدرتها على اجتذاب الأسماء بما توفره لهم من خدمات وأولها طبعا الربح المادي. هذا يحصل حاليا مع نجوم كتاب الرأي، ونجوم المذيعين التلفزيونيين، ونجوم الكوميديا، ولكنه بفضل الشبكات الاجتماعية والتغير السريع في المهنة الإعلامية سيتحول إلى ظاهرة عامة تشمل الصحفيين والمراسلين، كل بحسب قدرته على بناء اسمه وشهرته وسط الجمهور. لقد استطاع "يوتيوب" أن يكسر الحواجز ويقلل حلقات الوصل بين النجم والجمهور. صار النجم يطرح ألبومه الموسيقي أو مقطعه الكوميدي على الموقع، ويشاهده الجمهور ويحصل على الإعلان مباشرة من المعلن الذي يريد أن يربط نفسه بنجاح هذا النجم. الأمر نفسه سينتقل إلى الصحفيين والإعلاميين، الذين سيكتبون مباشرة للجمهور من خلال منصات مخصصة لهذا…

إكسبو 2020 .. دبي تفوز!

الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠١٣

سألني بالأمس سائق باكستاني: هل صحيح أنه عندما تفوز دبي باستضافة إكسبو 2020 ستكون هناك نصف مليون وظيفة جديدة في دبي؟ هذا السؤال لم يكن شاذا، فمن يزور دبي، يعرف أن الإكسبو تحول إلى حدث المدينة، وحديث كل الناس فيها، فالإكسبو كما هو معلوم حدث اقتصادي ضخم، وهناك منافسة حادة بين دول العالم لاستضافته، ودبي دخلت هذه المنافسة، لتتوج جهود عقدين من العمل المتراكم في تأسيس البنية التحتية التي تجعل المدينة مزارا اقتصاديا وسياحيا عالمي النكهة والتميز. من يزور دبي، سيلاحظ أيضا شعار دبي كمدينة مرشحة لإكسبو 2020 في كل مكان، في كل المباني، وعلى السيارات، وتجدها كأعلام على البيوت، وكهاشتاق في أحاديث الإماراتيين وأهل دبي على تويتر، وفي الصحف والمجلات، وبداية حديث المذيع اللبناني في الصباح في أحد إذاعات المدينة كل يوم، إكسبو 2020 تحول إلى حلم للمدينة، وخطوة ضخمة، يقف ورائها الجميع أيا كانت جنسياتهم ومهنهم ومستوياتهم الاقتصادية، فإنجاز دبي يعني المزيد من الرفاه والحياة الناشطة لهم. بالنسبة لمواطني الإمارات، تفوق دبي في الفوز بإكسبو 2020 هو أيضا إنجاز يضاف لكل إنجاز يوما بعد يوم للرؤية الطموحة التي يحملها قادة الدولة وحكام دبي، هو جزء من فخرهم بوطن يتصاعد وينمو ويعلو ويتقدم المسيرة، هو روح وطنية من نوع مختلف تماما، نوع يبحث عن الإنجاز للوطن فقط. عندما تلاحظ…