إميل أمين
إميل أمين
كاتب مصري

الحديدة… «كعب أخيل» المشروع الإيراني

الإثنين ١٨ يونيو ٢٠١٨

منذ انطلاق ثورة إيران عام 1979 وعين الملالي على اليمن، ولهم في ذلك مآرب متعددة، بعضها ظاهر للعيان في حين الآخر مستتر. ولأن الأهداف لا تتحقق إلا من خلال العنصر البشري، فقد خططت في ليل بهيم لتطويع فصيل من اليمنيين ليكونوا خنجرها في خاصرة الحكومة اليمنية في الداخل من جهة، وتجاه بقية دول الخليج من ناحية أخرى؛ ولذلك جندت في أوائل التسعينات بدر الدين الحوثي، ودجّنته ضمن أصول المذهب الاثني عشري بعد أن لقّنته الأصول والفروع في قم، ليترك المذهب الزيدي. الأمر عينه فعلته تالياً مع المئات من اليمنيين الذين أضحوا ذراعها السياسية في الداخل اليمني لتهيئة البيئة الاستراتيجية لمشروع إيران الأكبر، المتمثل في السيطرة على واحد من أهم الممرات المائية حول العالم، أي باب المندب، ثم إكمال تصدير ثورتها عبر محاولتها توسيع رقعة الهلال الشيعي في منطقة الخليج العربي، وثالثاً الاستعداد للتوسع في أفريقيا ونشر التشيع بين الأفارقة، وفي هذه جميعها يبقى تهديد الأمن القومي العربي واقع حال. نجحت قوات التحالف الدولي في الأيام والساعات القليلة الماضية في الاقتراب من تحرير مدينة الحديدة، حيث الموقع والموضع الاستراتيجي غير المسبوق، وذلك بعدما حررت مطار الحديدة الدولي الذي كانت ميليشيات الحوثي تستخدمه مستودعاً للأسلحة والذخيرة، وربما وقت ظهور هذه السطور للنور تكون قوات التحالف العربي الداعمة للشرعية اليمنية قد أكملت تحرير…

الفاتيكان والعالم الإسلامي… تعاون لا تنافس

السبت ٢٦ مايو ٢٠١٨

يبقى شهر رمضان الفضيل قيمة روحية للإنسانية؛ فالصوم والصلاة، يقرّبان بين الأرواح الساعية في طريق الوحدة الإنسانية، والبشرية الواحدة، عبر المودات المتبادلة، وتعظيم التعاون النافع والبناء من أجل عالم أكثر تناغماً، يسوده السلام، وتتباعد عنه سحب الكراهية والخصام. ومثل كل عام، توجه المجلس البابوي للحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان برسالة التهنئة للعالم الإسلامي، وتهنئة هذا العام لها مذاق خاص؛ ذلك أنها تأتي بعد تبادل زيارات رفيعة المستوى بين وفود إسلامية من رابطة العالم الإسلامي برئاسة الدكتور محمد العيسى إلى حاضرة الفاتيكان، واللقاء مع الدوائر المعنية بالحوار هناك، وتالياً زيارة وفد المجلس البابوي للحوار برئاسة الكاردينال جان لوي توران إلى المملكة العربية السعودية؛ في بادرة حوارية إنسانية رفيعة جداً، هي الأولى من نوعها مع الاستقبال الطيب الذي جرى على أرض المملكة للوفد الفاتيكاني. عنوان الرسالة يوحي بالكثير جداً من المعاني الإيجابية الخلاقة «المسيحيون والمسلمون... من التنافس إلى التعاون»؛ ما يستدعي من الأفق علامة استفهام، «هل نحن مقبلون على قراءات مغايرة للأزمنة يحل فيها توجه إنساني حقيقي يرتكز إلى منطلقات إيمانية صادقة غير مغشوشة تدفع أتباع الأديان في طريق تعبيد مسيرة الإنسان بكل ما هو حق وخير وجميل وعادل... طريق تتقلص فيها العنصرية وتختفي من على دروبها ملامح ومعالم العنف والتطرف؟ رسالة الفاتيكان للعالم الإسلامي هذا العام مليئة بالخواطر التي تتعلق…

كوريا الشمالية… مناورة أم توجه استراتيجي؟

الإثنين ٢٣ أبريل ٢٠١٨

شيء ما مثير للغاية في موقف كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية، الرجل الذي كان وحتى وقت قريب يهدد الولايات المتحدة عبر صواريخه الباليستية، وربما قنابله النووية... ما الذي جرى حتى ينقلب كيم على نفسه 180 درجة، معلناً وقف الاختبارات النووية والصاروخية، ومتعهداً بإغلاق موقع للتجارب النووية، وهل نحن أمام تغير استراتيجي أم في مواجهة مغامرة تكتيكية؟ السر في العقوبات الاقتصادية والسياسية يقول البعض لا سيما أن من أوقع عقوبات شديدة الفاعلية على أون هي الصين، الحليف الاستراتيجي الأكبر، والداعم الأول للنظام في بيونغ يانغ، والتي تستحوذ على ما يقارب من 90 في المائة من إجمالي تجارة كوريا الشمالية في العالم الخارجي. الصين هي أكبر مورد للطاقة لكوريا الشمالية، وهي أكبر مستورد للفحم وبعض المعادن الثمينة، وقد فرضت عليه حظراً شبه شامل في كل ما يتعلق ببرنامج الأسلحة. يمكن القطع بأن هناك مخاوف حقيقية داخلية شملت أون تمثلت في الوضع الاقتصادي المزري، الذي تردت إليه بلاده، الأمر الذي شعرت معه القيادة السياسية في البلاد أنه بدأ يؤثر سلباً على النخبة المقربة، وأن سياسة القتل بالمدافع الثقيلة لن تجدي مع كافة قطاعات المجتمع، التي تضررت مصالحها الصناعية وإنتاجها الزراعي وتجارتها من جراء العقوبات الدولية المفروضة على عموم الدولة. كما أنه إذا صدقت الأنباء التي وردت على لسان رئيس كوريا الجنوبية بأن…

ولي العهد… والقوة الناعمة الفرنسية

السبت ١٤ أبريل ٢٠١٨

هل هي مصادفة قدرية أم موضوعية أن تكون فرنسا المحطة التالية مباشرة في زيارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد الزيارة الناجحة للولايات المتحدة؟ تمثل أميركا القوة الخشنة وفيها جرت أحاديث الشراكات عبر مجالات القوة العسكرية وصناعات الطاقة الجديدة والبرمجيات والتكنولوجيا، بينما تبقى فرنسا، مع تقدمها العسكري والتقني، ميدان القوة الناعمة دبلوماسياً وثقافياً، فكرياً وأدبيـاً، حضارياً وإنسانياً. القوة الناعمة لأي دولة تتصل بثلاث ركائز جوهرية؛ اقتصاد قوي، وقوة بشرية متماسكة ومترابطة، واهتمام وانتباه لمجريات الأمور حول العالم... وهذه تتوافر لفرنسا بشكل واضح سيما مع مجيء إيمانويل ماكرون إلى الحكم، وتلقي بظلالها أيضاً على تجربة الأمير محمد بن سلمان في السعودية حيث استنهاض قوى المملكة الحقيقية اقتصادياً عبر مجالات ما بعد الأفكار الكلاسيكية، ثم شباب واعٍ يمثل غالبية بنية المجتمع يدفع معه تلك التجربة إلى الأمام، وفي إطار من الرؤية اليقظة لاستراتيجية 2030. تبقى فرنسا في كل الأحوال عقل أوروبا النابض ومؤشرها التنويري الكلاسيكي عبر ثلاثة قرون خلت، وعليه فإنه عندما تشرق أنوارها الناعمة تستضيء أوروبا بأكملها، وقد كانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة هناك تجربة تدلل على أن قوة فرنسا الناعمة الحقيقية هي في صحوتها لا غفلتها، وفي تسامحها لا تشددها، وفي اختيارها رجلاً يقبل الآخرين، لا سيدة تحمل مشاعر التعصب والتزمت تجاه المغاير. مرة أخرى تحمل الأقدار تشابهاً كبيراً…

زيارة ولي العهد… حساب الحصاد الأميركي

الإثنين ٠٩ أبريل ٢٠١٨

ثلاثة أسابيع استغرقتها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تستحق قراءة لحساب الحصاد، لا سيما وأنه حصاد يتصل بالبشر قبل الحجر. من دون تهوين أو تهويل يمكننا القطع بأن الزائر الأمير قد أحدث صدمة إيجابية خلاقة، إن جاز التعبير، لدى المجتمع الأميركي، فقد حمل معه رؤية أقرب ما تكون إلى ما يعرف بـ«شبكة الأفكار التقدمية» (Progressive Ideas Network)، تلك التي تتجاوز إشكاليات القضايا السياسية التقليدية، التي كانت مثار التصارع والتنازع بين العرب وبين الأميركيين لعقود طويلة. صدمة الأميركيين الإيجابية التي نتحدث عنها، تمثلت في قائد شاب جاء بمبادرات ورؤية ضمن استراتيجية، أي أنه يمضي في سياق الأطر العلمية المنهجية التي يتفهمها الأميركيون جيداً، وبعيداً عن الرايات الفاقعة والأصوات الزاعقة شرق الأوسطية. يمكن للمرء، ومن خلال التدقيق فيما كتب عن الأمير محمد بن سلمان عبر الصحافة الأميركية، القطع بأن هناك إعجاباً بقدرته على رفع معنويات شعبه والأخذ به إلى قصب السبق من خلال جهوده التي يبذلها، وفيها يتحدث بأصوات السعوديين، بل وكثير من أبناء المنطقة الذين يحلمون ببناء غد مشرق لأبنائهم، غدٍ تنسجه الأيادي العاملة والعقول المبدعة، من خلال الإبداع والمعرفة، والفضيلة والأخلاق. حساب الحصاد لزيارة ولي العهد إلى الولايات المتحدة تنبئنا بمولد قيادة فاعلة وناجزة في المملكة، قيادة استطاعت أن ترسم صورة لها كما تريد، قيادة حاسمة وجسورة…

زيارة ولي العهد السعودي والنهضة العلمية

الإثنين ٢٦ مارس ٢٠١٨

لعقود طوال كان جلّ الاهتمام العربي لجهة أميركا يتركز حول أمرين: القضايا السياسية، وإشكالية صراع الشرق الأوسط، وصفقات الأسلحة. والمؤكد أنه لا خطأ بالمرة في أن تكون واشنطن شريكاً في مآلات السياسات في الشرق الأوسط، فهي لا تزال القطب الأول والأهم، وبالقدر نفسه أيضاً لا يبخس أحد أهمية الحصول على الأسلحة الحديثة، فالحق دون قوة تحميه في مواجهة الباطل هو حق ضعيف. غير أن شيئاً ما قد فات كثيرين تجاه ما تملكه أميركا، ولم يتم الالتفات إليه إلا لماماً: العلم والتكنولوجيا، والمؤسسات العلمية والمعاهد الفكرية، والجامعات الكبرى والعقول البراقة، والرجال العلماء والمرجعيات العلمية، وهذه جميعها قد كفلت للولايات المتحدة أن تتبوأ المكانة الأولى حول العالم في البحث العلمي، ما صنع لها السيادة والريادة حتى الساعة، على كافة الأصعدة الإنسانية. ولعل المتابع لزيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الأخيرة إلى الولايات المتحدة، يستلفت انتباهه الاهتمام المكثف بالطرح العلمي والمعرفي في الداخل الأميركي، سيما وأن الزيارة قد حققت نجاحات واضحة على صعيد التعاطي السياسي الخلاق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ما تجلى في الثناء على قرار خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز في تصعيد الأمير محمد إلى ولاية العهد، عطفاً على لقاءاته المثمرة مع بقية أركان الإدارة، من نائب الرئيس، ومؤسسات الدولة، من وزارة الدفاع إلى الكونغرس، ومن…

لودريان يخفق في طهران

السبت ١٠ مارس ٢٠١٨

هل فشلت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى طهران في الأيام القليلة الماضية؟ قبل تحليل زيارة لودريان والوقوف على إخفاقاتها الذريعة نذكر بأن الأميركيين قد راهنوا من قبل على فشل أي وساطة سياسية أو دبلوماسية تغير من الموقف الإيراني العنيد والمتصلب، ومع ذلك تركوا باباً جانبياً للأوروبيين، علّهم يفلحون في تغيير نوايا طهران الحقيقية أو كشفها على الملأ، وهذا ما جرت به المقادير. قبل زيارة لودريان، وبتاريخ 13 فبراير (شباط) الماضي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن انتشار الصواريخ الإيرانية داخل سوريا واليمن يشكل تهديداً للحلفاء في المنطقة، وطالب بوضع إيران «تحت المراقبة بشأن صواريخها الباليستية»، واقترح فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. لكن الرسالة الفرنسية يبدو أنها لم تصل إلى الإيرانيين، أو وصلت لكن كالعادة الغيّ الإيراني السادر لم يعرها أدنى انتباه، بل على العكس استبقت التصريحات الإيرانية زيارة لودريان، وكأني بالملالي يسعون إلى الصدام في الزحام عطفاً على الاحتكاك في الظلام. لا دالة من القريب أو البعيد للأنظمة الثيولوجية على التفاوض.. إنها تمتلك في أوهامها الحق المطلق، ودونها هو الباطل، ولهذا علت الأصوات في الداخل الإيراني قبل زيارة الوزير الفرنسي بالقول إنه لا مكان في الداخل الإيراني لأي مفاوضات؛ فقد قضي الأمر حول البرنامج النووي، أما مشروع الصواريخ الإيرانية الباليستية فهذا حق أصيل لا…

«كايسيد» والأديان… رؤية لخير الإنسان

السبت ٠٣ مارس ٢٠١٨

أفضل توصيف يمكن لنا من خلاله شرح فكرة الحوار بين أتباع الأديان يتمثل في القول: إنها مسيرة لبناء السلام ووضع حد للصراعات البشرية.. مسيرة لبناء الجسور وهدم الجدران، بحيث تكون قاعدة الجسر قائمة على أسس العدالة، عبر التعايش السلمي والمواطنة المشتركة. في هذا السياق يأتي الدور التقدمي للمملكة العربية السعودية، التي أبدت رغبة كبيرة في زمن المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز في جمع القادة الدينيين والسياسيين تحت سقف واحد للحوار من أجل السلام في العالم، ومن هنا ولد قبل بضع سنوات «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» (كايسيد) في فيينا، ليكون منصة للوفاق والاتفاق بين أتباع الأديان التوحيدية وغيرها من المذاهب الوضعية. الدور الرائد للمملكة في هذا الإطار تعززه توجيهات الملك سلمان، ورؤية ولي العهد الأمير محمد الساعية لإعادة قبس التنوير والمصالحة للأجواء العربية والإسلامية، بعد أن اختطفتها أصوليات، بعضها متشدد والآخر متطرف، وكلاهما يتجاوز بل ويفتئت على صحيح الدين الإسلامي السمح، وقد كان إنشاء مركز الملك سلمان للسلام الدولي في ماليزيا العام الماضي خير شاهد على إيمان المملكة القوي والمستمر بالإرادة البشرية، والقدرة على جعل العالم مكاناً أكثر سلاماً وملاءمة للعيش. في ظل هذا الإطار كان اللقاء الدولي الثاني لـ«كايسيد» طوال يومي 26 و27 فبراير (شباط) المنصرم في العاصمة…

فتنة قطر.. بين الأميركان و«الإخوان»

الخميس ٠٨ يونيو ٢٠١٧

هل باتت قطر بسياساتها وساستها إشكالية مزمنة في الجسد العربي عامة والخليجي منه بنوع خاص سيما بعد التصريحات الأخيرة للأمير تميم عن العلاقات مع إيران، ورؤيته السلبية لجيرانه من دول الخليج، عطفاً على التصريح لا التلميح بالعلاقات الجيدة مع إسرائيل؟ ربما ما خفي عن البعض، وهو مكشوف ومعروف بلا شك لجموع الباحثين المحققين والمدققين في الشأن القطري، كان أكثر هولاً، سيما ما يتصل بعلاقات قطر بالإرهاب الدولي «القاعدي» و«الطالباني»، وصولاً إلى «الداعشي»، والأدوار القاتلة التي لعبتها ولا تزال في دعم الإرهاب حول الشرق الأوسط. هذه القراءة ليست نصاً إنشائياً لتوصيف أبعاد الأزمة القطرية وتبعاتها واستحقاقاتها، وإنما هي بحث معلوماتي مدعوم بالحقائق والأدلة والأرقام، عن الدولة صغيرة الحجم، ذات الكوادر المحدودة للغاية، والتي خيل إليها أنها قادرة على صياغة شكل المنطقة، ما أدى إلى أزمتها الراهنة، وهي حكماً أزمة عاصفة لها أن تقتلع أعمدة خيمتها. قاعدة الانشقاق العربي في كتابه «قطر... إسرائيل الصغرى ورأس الأفعى» يرصد الكاتب والباحث المصري الأستاذ «بلال الدوي»، الأدوار الخطيرة التي لعبتها قطر منذ انقلاب «حمد بن خليفة» على أبيه عام 1995، وعنده أنه من يومها وقطر تختار لنفسها طريق التحالف مع الشيطان، بل والنوم في فراش الشيطان نفسه لتخسر نفسها وتخسر أشقاءها العرب، وتكسب ود شيطان هدفه تدمير الأمة العربية بأكملها. عبر أي طريق سعت قطر…