حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

هل تطالب المملكة بحقها؟

الأربعاء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٨

أخيراً كشفت الواشنطن بوست خفايا الحملة التي تبنتها ضد المملكة عبر مقالات جمال خاشقجي وارتباطها المباشر بقطر من خلال مؤسستها الدولية التي تشرف عليها السيدة السياسية والإعلامية والاستخباراتية ماغي ميتشل، وتبعاً لذلك فقد كشفت أيضا وبشكل مباشر عن تبعيتها وتواطُئِها مع تلك المؤسسة، فالمؤسسة الصحفية الضخمة التي استطاعت ذات يوم الإطاحة بأحد الرؤساء الأمريكيين يصعب أن تكون مُستغفَلة لأكثر من عام ولا تدري ما هي حيثيات مقالات خاشقجي وملابساتها ومن يقف خلفها وما هي أهدافها، كانت بالتأكيد تعرف ذلك ولكنه تكتيك اختارت توقيته لكشف القصة بعد غياب جمال وبعد تهافت الحملة التي اندلعت ضد المملكة وولي العهد على خلفية مقتله، فهل تنتهي القضية عند هذا الحد، وهل نقبل أن نكون لقمة سائغة وجداراً قصيراً لمثل هذا الاستهداف الذي تقوده مؤسسات إعلامية كبرى بالمال القطري. لقد توفرت الآن أدلة مادية ضد مؤسسة قطر الدولية بأنها التي صممت وقادت الحملة في الواشنطن بوست ضد المملكة بحسب الرسائل المتبادلة بين مديرتها وجمال خاشقجي بمعرفة الصحيفة، ولذلك من حق المملكة أن تواجه المؤسسة القطرية بشكل قانوني وتطالب بحقوقها نتيجة كل ما ترتب على تلك المؤامرة، وكذلك من حقها أيضا مواجهة الصحيفة كونها الوعاء الذي احتوى تلك المؤامرة؛ لأن قطر لن تتوقف عن توظيف أذرعتها الإعلامية في الإساءة للمملكة، وإذا تهاونت المملكة معها في هذه…

الإخوان: هل يكفي التصنيف وسحب الكتب؟

الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨

حظي التقرير الذي أعده زميلنا العكاظي الأستاذ خالد طاشكندي ونشر يوم الأحد الماضي عن تنظيم الإخوان المسلمين وتغلغله في مفاصل المجتمع السعودي وسيطرته على مناهج التعليم والنشاط الإعلامي والثقافي والعمل الخيري، حظي ذلك التقرير المفصل الذي تضمن أيضا سرداً تأريخياً لوصول رموز الإخوان وتأسيس نشاطهم بمقروئية واسعة وتعليقات كثيرة في مواقع التواصل، وعند قراءته تعود الذاكرة إلى الماضي القريب وليس البعيد لنقف على حقيقة صعوبة كتابة ونشر مثل هذا التقرير في صحفنا أو الحديث بمثله أو ما هو قريب منه في أي منبر إعلامي لأن من يحاول ذلك سوف يواجه عاصفة هوجاء عاتية تقتلعه وتدمره معنويا وتستعدي عليه وتمارس ضده تصفية حقيرة كجزء من أدبيات المدرسة الإخوانية الوالغة في الانحطاط والخسة، كان نشطاء الإخوان جاهزين ومنظمين ومترابطين من خلال شبكتهم واسعة الانتشار لإلحاق الأذى البالغ بمن يشير إلى وجودهم ونشاطهم مجرد الإشارة، فكيف بمن يحاول كشف جزء يسير من نشاطهم الخبيث، لكن الزمن والظروف والوعي والأحداث كشفت سوء طويتهم وخبث نواياهم ضد الوطن ما جعل الدولة تصنف تنظيمهم ولو متأخراً ضمن التنظيمات والجماعات الإرهابية. لكن الأمر الآن لم يعد مقتصراً على إثبات وجودهم ونشاطهم الكارثي على مدى عقود من خلال المجالات التي تغلغلوا فيها وشكلوا من خلالها تفكير ووعي ووجدان أجيال متعاقبة، وإنما الأمر المهم هو كيفية التخلص من هذا…

وكالة أردوغان للتسويق

الخميس ١٥ نوفمبر ٢٠١٨

مارس الرئيس أردوغان متعمداً أقصى درجات الابتزاز بقضية جمال خاشقجي وتوجه بالتلميح المفضوح لاتهام القيادة السياسية للمملكة بالتورط في القضية، وطالما قد أشار في خطابه السابق إلى يقينه بعدم علم الملك سلمان بالأمر فهو بالتأكيد يتهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحاجة في نفسه ولأسباب يفهمها الذين يدركون امتعاض أردوغان من وقوف المملكة ضد الحلم التوسعي التركي وتدخلاتها ومساندتها للمحور المعادي للمملكة واحتضانها ودعمها لتنظيم الإخوان المصنف إرهابياً لدينا ولدى الدول المتحالفة مع المملكة ضد الإرهاب. لقد بدأ أردوغان يمارس مهمة التسويق لهذا الاتهام بكل إصرار مستغلاً أي مناسبة وأي حدث، فعل ذلك في مقاله بالواشنطن بوست، وحرص على تسويق اتهامه قبل اجتماع قادة العالم في باريس في ذكرى الحرب العالمية الأولى، وادعى أنه سلم التسجيلات إلى عدد من الدول الكبرى، لكنه سرعان ما أسقط في يده عندما فضحه وزير خارجية فرنسا علناً بتأكيده عدم سماع فرنسا لتلك التسجيلات وأنه يمارس لعبة سياسية من تسويق القضية، وتلاه مستشار الأمن القومي الأمريكي بتصريحه أن لا شيء يثبت علاقة ولي العهد بالقضية، ومع ذلك ما زال التحشيد الإعلامي مستمراً لتسويق هذا الاتهام برعاية رسمية مباشرة من الرئيس التركي وبدعم إعلامي لوجستي من قطر. لقد تهافتت كل محاولات أردوغان وسوف تتهاوى وتتلاشى، والحقيقة أن ما يقوم به مؤسف جداً لأنه لن يتحقق…

فضيحة الواشنطن بوست

الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٨

آخر ما يمكن أن يخطر على البال هو قراءة مقال في صحيفة أمريكية لشخص مثل محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا في عصابة الحوثيين والمدرج ضمن قائمة العقوبات الأممية منذ مطلع العام الجاري، لكن صحيفة واشنطن بوست فعلتها ونشرت له مقالاً يوم الجمعة في قسم «آراء عالمية» ليكون بحق مفاجأة المفاجآت التي قدمتها الصحيفة مؤخراً. بالتأكيد أن شخصاً متواضع التعليم والمعرفة والثقافة والاطلاع كهذا الشخص لا يمكنه كتابة مقال سياسي قابل للنشر في أي صحيفة محلية، لكنه فاجأنا بالكتابة في واشنطن بوست، ودون شك فإن اللوبي الإيراني هو من كتب ورتب النشر مع الصحيفة ليمثل المقال فضيحة إعلامية كبيرة ونقطة سوداء في تاريخ الصحيفة ومهنيتها؛ لأنها سمحت بظهور اسم قيادي في تنظيم ميليشياوي معاقب أمميا ككاتب رأي فيها، والمفارقة المهمة أن يتزامن نشر المقال مع خبر نشرته الصحيفة في نفس اليوم أن إدارة الرئيس ترمب تبحث تصنيف جماعة الحوثيين تنظيماً إرهابياً كإجراء ضمن التوجه لإنهاء الحرب في اليمن التي تسبب فيها الحوثيون وحولوها إلى كارثة إنسانية شديدة السوء. المهم في الأمر ليس ما قاله الحوثي في مقاله من كلام لا يمكن لأحد أن يصدقه حين يعرف ماذا فعلت الجماعة باليمن، وماذا فعل هو حتى أصبح مجرماً مطلوباً للعدالة، المهم هو توقيت نشر المقال والهدف من النشر. جاء…

حلم محمد بن سلمان

الإثنين ٢٩ أكتوبر ٢٠١٨

هل قول الأمير محمد بن سلمان في منتدى مبادرة الاستثمار أن منطقة الشرق الأوسط سوف تصبح أوروبا لناحية القوة الاقتصادية والتطور والتحديث والإنتاج وكل ما يرتبط بالقوة والحضور العالمي كقوة منافسة ومتفوقة، هل هذا القول يبدو ممكنا وقابلاً للتطبيق أم أنه مجرد حلم كبير يبقى في خانة الأحلام فقط. الحقيقة أن الأمير محمد يأتي في وقت أشد ما نكون فيه أن نحلم ونحقق الحلم. لقد جاء بعد مراحل متراكمة من اليأس العربي والانكسار الطويل لحقها الخريف العربي الذي أودى بالكثير من المكتسبات والمقدرات العربية وخسف بشعوب وكيانات كانت متماسكة رغم أخطائها ومشاكلها. المواطن العربي تعلم عبر أجيال متلاحقة أن الوطن العربي يملك أهم المواقع بين قارات ودول العالم وأنه يملك أهم الثروات الطبيعية وبإمكانه أن يكون أثرى وأقوى منطقة، لكن ذلك لم يتحقق منه سوى أقل القليل. دول قليلة التي اهتمت باقتصادها وحرصت على الانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة والمؤثرة وفي مقدمتها المملكة. لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وربما هذا هو منطلق حلم الأمير محمد بن سلمان الذي عدّد الإمكانات الاقتصادية لبعض الدول العربية وكيف يمكنها لو استثمرت جيداً أن تكون فعلا أوروبا الجديدة. المشاريع الكبرى التحولية تبدأ بحلم والعمل يحول الحلم إلى حقيقة، فدعونا نأمل أن نرى حلم محمد بن سلمان يتحقق ذات يوم قريب. المصدر:…

إدارة أزمة إعلامية

الأحد ١٤ أكتوبر ٢٠١٨

ما زالت المملكة تتعرض لهجوم إعلامي قاس من خلال جميع وسائل الإعلام، ولكثافة الأصوات والمنابر التي تكيل التهم حدث تأليب كامل للأفراد والمنظمات الدولية. وليس خافيا أن بلادنا مستهدفة عسكريا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، وهذا الاستهداف جاء ضمن مخطط الفوضى الخلاقة التي عصفت بالعالم العربي (وتحديدا في دول بعينها). ومع انقشاع غبار ثورات الربيع العربي كانت نتائجها على غير المتوقع، والسبب في ذلك السعودية التي ظلت تقاوم الإعصار وعملت جاهدة على إيقاف المد الإخواني، ولأنها فعلت ذلك فقد اكتسبت الأعداء من كل حدب وصوب.. ولأنها لم تسقط عسكريا بالرغم من افتعال فوضى في كل مكان وتأليب الشارع، ومع ذلك ظلت متماسكة، فكان ثاني السيناريوهات إسقاطها اقتصاديا، ولأنها استطاعت تجاوز السقوط الاقتصادي، ونجحت في إبقاء اللحمة الوطنية والذود عن سيادتها، فازدادت قوة على قوة، ليصبح السؤال: ما الذي يمكن فعله مع هذه الدولة التي لم تسقط بكل الوسائل؟ ووجدوا أن الحرب الإعلامية قادرة على التشويش وخلق معضلة دولية من أجل انتزاع مقدرات البلد وطموحه، فكان الضرب من تحت الحزام وبكل أنواع الكذب والتبجح. هذه هي المعركة الدائرة الآن، نحن نعيش حربا إعلامية، وكان من المفترض إيجاد أو خلق إعلام الأزمات بكل وسائله، فكمية الأخبار الموجهة ضد البلد ورموزه جعلت المتابع في العالم يحمل البلد تهما استسقاها من الإعلام المعارض والكاره والمسترزق والبلطجي.…

ابن سلمان وسيادة الأوطان

الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٨

أيام عاصفة إعلامياً، فقد كانت المملكة خلال الأسبوع الماضي مالئة الدنيا وشاغلة العالم بما يتداوله الإعلام عنها، وكثيره سلبي مدفوع الثمن، ثم جاء الرئيس دونالد ترمب ليختم الأسبوع بتصريحاته الخالية من الدبلوماسية والكياسة والحصافة، وبعد تصريحاته خاض من خاض وترقب من ترقب وشمت وشتم الذين تمتلئ قلوبهم بالحقد على المملكة، ولكن جاء الشخص المناسب في الوقت المناسب ليقول ما قال، ويجعل عيون العالم تنصرف عن كل حدث لتقرأ كل كلمة قالها. حديث الأمير محمد بن سلمان لوكالة بلومبيرغ لم يكن حديثاً إعلامياً عابراً، بل رؤية عابرة للزمن تؤطر كل ما تفعله وتخطط له المملكة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا وفكريا ومؤسساتيا. الحديث عبارة عن حضور لدولة كبيرة تعتد بنفسها دون غرور، وتعرف إمكاناتها وتاريخها وقدراتها وشعبها وقيادتها، واستعدادها للرهان على النجاح لأن لها كرامة وسيادة. ما من جانب يتساءل عنه العالم بشأن المملكة إلا وغطاه الأمير محمد بحصافة ولباقة وشفافية ودهاء سياسي. دهاء السياسيين الكبار وليس مكر السياسيين الصغار الذين أفقدوا أوطانهم حتى معنى الوطن. الثقة والاعتداد والاطمئنان الموجودة في حديثه تستند إلى معطيات موضوعية كثيرة، من أهمها الثقة في التخطيط والأمانة مع الواقع والشجاعة في التصدي للتحديات، ليس بعنتريات كلامية وإنما بالعمل المتقن. عظيم جداً أن تنتمي لوطن يعتز بكرامته ويحافظ عليها ولا يسمح لأحد بالتطاول عليها. عظيم أن تكون…

تقاسيم العود تمنع الزواج !

الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٨

سوف أشعر بحرج بالغ فيما لو سألني أحد من خارج المملكة عن صحة الخبر الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي عن تأييد محكمة الاستئناف لحكم دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة العامة في إحدى مناطق المملكة برفض إثبات عضل فتاة رفض شقيقها تزويجها من معلم كونه عازف عود، فقد رأت المحكمة أن الخاطب غير مكافئ للفتاة دينياً بسبب عزفه للموسيقى. وربما كنت سأعتبر القصة مشوبة بالمبالغة أو حتى غير صحيحة لو اقتصر تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي فقط، لكن صحيفة «عكاظ» نشرتها يوم أمس في صفحتها الأولى ما يؤكد أنها حقيقية وقد حدثت بالفعل. بكل تأكيد ستتناول وسائل الإعلام الخارجية هذا الخبر غير الطريف كما هي عادتها في التقاط الأخبار المثيرة في الداخل السعودي وسوف نكون مثار التندر ولن نستطيع التبرير مهما حاولنا، ولكن بعيداً عما سيثيره هذا الخبر خارجياً هل فعلاً ما زال لدينا مثل هذا التفكير الذي يتحول إلى أحكام قضائية تتعلق بمصائر البشر. في هذه القصة قبلت المحكمة شهادة شاهدين أفادا برؤيتهما الخاطب يعزف العود في مناسبتين، بينما لم تقبل تزكية إمام مسجد وزملاء المعلم الخاطب وشهادتهم له بالصلاح ومداومته على الصلاة في المسجد بعد أن تقدم لخطبة الفتاة مرتين، والفتاة تحمل شهادة الماجستير وبلغت من عمرها ٣٨ عاما وتعمل في منصب قيادي مرموق وتحت إدارتها أكثر من ٣٠٠ موظفة،…

استنسخوا عادل الجبير

الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨

كان وزير خارجية المملكة عادل الجبير نجماً بامتياز، خلال فعاليات الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، هناك مسؤولون يحضرون هذه المناسبة السنوية الأممية ويغادرون دون أن يشعر بهم أحد حتى من بعض الدول المهمة، وغيرهم يقعون في أخطاء كبيرة تحرج دولهم أمام الرأي العام، أو يحاولون مغالطة الحقائق بشكل لا يليق أن يشاهده العالم، لكن عدداً قليلاً من يحسنون عرض سياسات دولهم بأسلوب يفرض احترام العالم لهم، والوزير الجبير من أبرزهم. بعد اعتلال صحة الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، كان السؤال من يستطيع أن يخلف ذلك الدبلوماسي الضخم الذي قاد زمام وزارة الخارجية وأدار دفة الدبلوماسية السعودية لأكثر من 4 عقود، وعاصر أحداثا عربية وإقليمية ودولية مفصلية وتحولات كبرى في السياسات العالمية، واستطاع أن ينفذ سياسة المملكة الخارجية بإتقان منقطع النظير، كان سؤالاً جوهريا ومهما ليس لعدم وجود كفاءات وطنية ولكن لأنه من الصعب أن يخلف أحد سعود الفيصل، وستكون مهمة صعبة لخلفه لأنه سيتعب من يأتي بعده. لكن موقع القرار والاختيار في الدولة عرف من يختار بعده، فجاء بعادل الجبير الذي تعلم في جامعة سعود الفيصل وكان أحد أنجب تلاميذها، جاء بعد تجربة ثرية كسفير في واشنطن ليدير الدبلوماسية السعودية في خضم أحداث ومتغيرات جسام ومشاكل معقدة، فأثبت منذ البداية أنه قادر على أن يكون شخص المرحلة. تابعنا بإعجاب…

«تكدس» جامعي..

الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٨

الإمارات ذهبت إلى المستقبل في التعليم، وفي رؤيتها أن الاستعداد للقادم لابدّ أن يرافقه تخطيط يتوجه إلى العلوم والابتكار، وقد بتنا نحتاج إلى علماء إماراتيين، يُديرون دفة المشروعات الوطنية الكبرى، تحديداً في برامج الفضاء، والتكنولوجيا الذكية، التي غيّرت مفهوم السرعة، فتكيفنا معها بتسارع قوي ومدروس. كذلك، فإن شواهد التطور واضحة في جذب الجامعات العالمية إلى المناخ الأكاديمي في الإمارات، وإنشاء مزيد من المعاهد العلمية المتقدمة، ما يعني أن التعليم يتصدر أولويات الدولة، وتُوليه القيادة جهداً واهتماماً ومتابعةً، وأسست له «مجلس التعليم والموارد البشرية» تأكيداً على أهمية تنظيمه، وضرورته لأي عملية تنموية طموحة في بلادنا. ولأننا اخترنا التعليم النوعي الذي يُنتج المبتكرين والعلماء والخبراء، فمن المهم أن ندرس احتياجاتنا الأساسية، ثم الفرص في السوق الأكاديمية لدينا، ومن حولنا، لنصل إلى الرقم الدقيق في عدد الجامعات المفتوحة في الإمارات، خصوصاً أن لدينا «الإمارات» و«السوربون أبوظبي» و«نيويورك أبوظبي» و«الأميركيتين» في دبي والشارقة، و«خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث»، وهذه مجرد أمثلة عن عشرات الجامعات العالمية والمحلية المرموقة. لأننا كذلك، فالواجب أن نسأل عن مدى حاجتنا إلى 170 جامعة في الإمارات، 100 منها في المناطق الحرة، وما هي خططها الدراسية، وهل يمكن دمج كثير منها في كيانات أكاديمية كبيرة، وماذا عن برامجها وتخصصاتها في ما يخصّ وظائف المستقبل؛ أحد أبرز التحديات في سوق العمل حول العالم؟…

وماذا بعد اليوم الوطني؟

الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨

كان اليوم الوطني استفتاءً كبيراً لا تنقصه الدقة والموضوعية على معنى الوطن بعد أن أراد أصحاب المشاريع الأممية والأجندات السياسية الخائنة تغييبه، وعملوا على ذلك بجهد جهيد وعمل دؤوب على مدى عقود، لكن شاء الله أن ينتهي ذلك المشروع الخبيث نهاية مخزية تليق برموزه وأقطابه وأتباعه عندما قررت الدولة أنه لم يعد لائقا بها التسامح وحسن الظن مع من أعطتهم فرصاً كثيرة للرجوع عن الخطأ لكنهم حاولوا التذاكي والتمويه والخداع المستمر، كما أن المجتمع لم يعد ذلك القطيع الذي يمضي خلف أي فكرة ملغومة دون تفكير وتمحيص واختبار لمدى صلاحيتها وطنياً وإنسانياً. إنه جيل الانفتاح الفكري، جيل التعليم المتطور، جيل الابتعاث، جيل المختبرات العلمية، جيل نيوم وكاوست وهارفارد وكمبريدج وأكسفورد وليس جيل الدروشة حول الجهلة الذين كانوا يقذفون بالمجتمع إلى الماضي السحيق وهم يرفلون في كل منتجات الحضارة، ويسوقونه إلى الموت وهم يحرصون على كل ثانية في الحياة. ولكن هل هذا يضمن لنا عدم الوقوع في فخاخ مستقبلية؟. الصدفة التأريخية الرائعة جاءت لنا بقيادة تقوم الآن بإنعاش الوطن وتخليصه من الأوبئة الفكرية التي كانت تتربص بوطن عظيم أنجز أجمل وحدة وطنية في التأريخ الحديث، وتحاول بإرادة غير قابلة للتراجع أن تجعله في مصاف العالم الأول، ولكن ماذا عن المستقبل، ماذا عن الأهم، إذا لم نضع صمامات أمان وطنية غير قابلة…

يوم الوطن بإرادة المواطن

الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٨

اعتدنا على مشاهدة أيام وطنية في بلدان عربية كثيرة، قبل أن تتهاوى بعضها ويترنح بعضها الآخر، تؤطرها العسكرتاريا واستعراضات القوة رغم أنها في أنظمة تدعي أنها جمهورية وديموقراطية منتخبة تعود السلطة فيها للشعب، ولكن في المقابل لا يرى الناس في اليوم الوطني سوى استعراض الدبابات والمدرعات والطائرات الحربية على شرف الزعيم الأوحد وجوقته التي تتحكم في مفاصل البلد وتسوم أهله الترهيب والاستبداد، ولا بأس من بث بعض الأغاني الوطنية التي تتمحور حول الزعيم وحزبه الحاكم بعد أن تجيزها وزارة إعلام الحاكم الأوحد المستبد. ولأنها أنظمة انقلابية قفزت إلى السلطة دون أي مشروعية فإن الريبة والتوجس والشك يجعلها تحصي أنفاس الناس وحركاتهم وسكناتهم، السلطة هي التي تأمر طلاب المدارس والجامعات، وكل الشعب المغلوب على أمره أن يحمل اللافتات ويصفق للزعيم الأوحد، ومن لا يفعل سوف يعرف ماذا يفعله زوّارالفجر. تلك الكيانات الهشة المصطنعة كانت تعيّرنا ذات زمن بأننا بلدان متخلفة. كانوا يعتبروننا نشازاً في العالم الجديد الذي بشّروا به، ومضى الزمن والزمن فضّاح، ليثبت للدنيا كم كان زيفهم وكم كان صدقنا. مثلاً مثلاً، ها نحن في المملكة العربية السعودية، لا مدينة صغيرة أو كبيرة إلا واحتفلت بيومها الوطني، ليس بأوامر الاستخبارات وأحذية العسكر، وإنما بأمر الحب للوطن وقيادة الوطن، وبأمر الثقة بين الشعب وقيادته. شعب يحتفي بوحدته وأمنه واستقراره وتطوره وأحلامه…