حسان حيدر
حسان حيدر
كاتب و صحفي

التهديد الإيراني ليس نووياً فقط

الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠١٣

الخطأ الذي ارتكبه الأميركيون خصوصاً، والغرب عموماً، باختزال الأزمة السورية الدامية المستمرة منذ عامين ونصف العام، وقصرها على ملف ترسانة بشار الأسد الكيماوية، مرشح لأن يتكرر مع ايران، عبر اختصار الأزمات المتعددة معها بملفها النووي، في مثال جديد على عدم اكتراث الغربيين بالمشكلات الحقيقية في المنطقة واكتفائهم بالسعي لحل ما يمسهم منها وما يزعج حليفهم الفعلي الوحيد: إسرائيل. صحيح أن الملف النووي الإيراني يشكل مصدر قلق لمختلف دول المنطقة والعالم، لكن هناك أموراً أخرى غير التخصيب ومستواه وإمكانات امتلاك قنبلة نووية لا بد أن يشملها «الاعتدال» الإيراني المستجد، إذا كان لقيادة روحاني أن تثبت جديتها في تخفيف التوتر مع العالم العربي، وألا تكون المرونة المعروضة مجرد تعابير ديبلوماسية وبلاغة في الخطابة، ذلك أن لـ «حسن الجوار» شروطاً لا بد أن تلبى ومعايير لا بد أن تحترم. والامتحان الحقيقي هو أن تتوقف ايران عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، طوراً باسم فلسطين والقدس وتارة باسم الإسلام والمسلمين. ولا احد بالطبع يمانع في نصرة الإيرانيين لأهل فلسطين من باب التضامن الإسلامي، شرط ألا يكون الهدف الفعلي مشاركة الفلسطينيين في قرارهم المستقل أو تحريض فئة فلسطينية على أخرى مثلما حصل عملياً. ولا بد أيضاً وخصوصاً أن تكف ايران عن سعيها إلى تحويل الشيعة، أقلية كانوا أو أكثرية، إلى ميليشيات في أوطانهم، تأتمر…

مقامرة «حزب الله»

الخميس ٢٢ أغسطس ٢٠١٣

كلما ظن البعض أن «حزب الله» ربما صار جاهزاً للعودة عن خطيئة، بل جريمة المشاركة في الحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد الذي قتل امس وحده اكثر من ألف مدني معظمهم من الأطفال بالسلاح الكيماوي، كلما فاجأهم الحزب بتصعيد كلامي وعسكري يؤكد انه ماض في تورطه بلا رجعة، كالمقامر يغرق في خسارته كل يوم على أمل بأن يأتي اليوم الخيالي الذي يعوض فيه ما خسره. لكن الحزب يراهن هنا على ما لا يملك: بلده وطائفته. وهكذا، بدلاً من أن يعتبر من الدعوات المتكررة التي وجهت إليه قبل تفجير الرويس وبعده بأن يخرج من سورية ويترك لشعبها حسم خياراته، إذا بأمينه العام نصرالله يؤكد استعداده للذهاب شخصياً للقتال هناك، ويتوعد بمضاعفة عديد رجاله المنخرطين في قتل السوريين. وبدلاً من أن يدرك الحزب أن سياسة المربعات الأمنية أثبتت فشلها لأنها غير عصية على الخرق، وأن يستمع إلى نصح الساسة الذين دعوه إلى إعادة الاعتبار إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها لأن في الدولة الحاضنة لكل اللبنانيين خير حصانة من الاستهداف، إذ به يحول الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض مناطق الجنوب والبقاع إلى قلاع عسكرية تنتشر الحواجز الأمنية عند «حدودها» في أقصى تعبير عن الأمن الذاتي والطائفي الذي دأب عليه منذ تأسيسه، وفي تكرار للتجارب الفاشلة طوال الحرب الأهلية. ولم يكتف الحزب بهذا، بل حاول…

تغيير إيراني؟

الخميس ٠٨ أغسطس ٢٠١٣

طوال عقد من المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي، كانت الدول الغربية تتحدث عن سعي الجمهورية الإسلامية إلى إبرام صفقة كاملة تتضمن انتزاع اعتراف دولي بنفوذها ودورها الإقليميين، وأن الغرب لن يخضع لهذا الابتزاز الذي تمارسه، ويُفضل أن يحصر التفاوض بالملف النووي الذي يقلقه مع إسرائيل، رابطاً مسألة تخفيف العقوبات المتدرجة على الاقتصاد الإيراني أو إلغائها بحل هذه المشكلة. اليوم، وبعد التغيير الذي حصل في إيران مع مجيء رئيس «معتدل»، صار المطلب الإيراني المعلن إجراء مفاوضات نووية منفصلة تماماً عن الأوجه الأخرى للسياسات الإيرانية في المنطقة، مثلما يوحي به كلام روحاني في مؤتمره الصحافي الأول بعد توليه منصبه، وإبداء استعداد بلاده لإجراء مفاوضات «جادة وجوهرية» حول هذا الملف «تزيل المخاوف لدى الطرفين»، وقبولها أيضاً بحوار مباشر مع الولايات المتحدة إذا أثبتت الأخيرة «حسن نواياها». لكن هل يعكس هذا تغييراً فعلياً في المواقف الإيرانية أم أنها السياسات نفسها بأسلوب مختلف وتعابير أكثر قابلية للتأويل؟ الأرجح أن القيادة الإيرانية التي تعود الكلمة الفصل فيها إلى الولي الفقيه وليس للرئيس، رأت أن السبيل إلى الخروج من الضيق الاقتصادي المتزايد الذي يضغط على موارد طهران ويقلص قدرتها على مواصلة تمويل أتباعها وحلفائها في المنطقة، يتطلب مخاطبة الغرب بلهجة مختلفة وتقديم بعض التنازلات الشكلية هنا وهناك من دون تغيير جوهري، والإيحاء بأنها باتت جاهزة لمراجعة…

فرصة اخيرة لـ «حزب الله»

الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٣

يتوقع اللبنانيون، او بعضهم على الأقل، ان ينغّص القرار الأوروبي بإدراج «حزب الله» على لائحة المنظات الإرهابية، عيشهم واستقرارهم في دول الشتات الأوروبية التي نزحوا اليها قسراً او طوعاً على مدى السنوات الأربعين الماضية، لكن هذا لن يكون شيئاً بالمقارنة مع ما سيعاني منه مواطنوهم في لبنان نفسه، سواء مع بدء تطبيق القرار الاسبوع المقبل وما يستتبعه من تدقيق وعرقلة في تجارتهم ومعاملاتهم وتحويلاتهم وأعمالهم وبالتأكيد سفرهم، او بما يعنيه القرار من فتح الوضع في لبنان على المخاطر كافة، وخصوصاً الأمنية، اذا لم يرتدع «حزب الله». وهذه ليست المرة الأولى التي يدفع فيها عموم اللبنانيين ثمن سياسات الحزب المنفردة او يتحملون العبء الذي يلقيه على كاهلهم كلما قررت إيران ان تحرك بيادقها، وهو في مقدمهم، في لعبة النفوذ الإقليمية والدولية. لكن قرار الأوروبيين الجديد يعني عملياً رفع ورقة الحصانة الأخيرة عن لبنان واللبنانيين، بعدما كانوا يترددون في اللحاق بالأميركيين والعرب الذين سبقوهم الى ذلك. فخلال التجارب السابقة، وآخرها وأهمها حرب تموز 2006، نجحت الديبلوماسية الأوروبية في حماية لبنان، بما فيه «حزب الله»، من تدمير واسع كانت الادارة الأميركية اعطت إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذه، وتمكنت من لجم آلة العدو العسكرية وتقليل أضرارها، في مقابل ضبط الجبهة في جنوب لبنان والمشاركة في الإمساك بها عبر نشر قوات «يونيفيل». اما اليوم، فإن تورط…

أوسكار لأوباما

الخميس ١٨ يوليو ٢٠١٣

بعد تسعة أشهر على توليه منصبه، مُنح الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام، بتعجّل استند إلى خطابات بليغة عن خططه لتغيير العالم. وكان لم يفعل شيئاً بعد. أما اليوم، وهو لم يفعل شيئاً بعد خمس سنوات، فيستحق جائزة الأوسكار لأفضل ممثل، كونه تمكن من خداع الجميع بلغته الراقية التي تتلاشى بمجرد خروجها من فمه ولا يبقى منها سوى أضغاث وعود، وبقدرته على تلبس الأدوار وإقناع السامعين بجديته، لينتهي الأمر كأنه لم يكن بعد تركه خشبة «المسرح». كان نصيب الشرق الأوسط من «حرفة» اول رئيس اميركي أسود كبيراً. فهو اغدق عليه الآمال بمستقبل ابيض ناصع، يحب فيه الجميع بعضهم بعضاً ويتعايشون في سلام ابدي ونيات صافية. حتى ان الذين استمعوا الى خطابه «التاريخي» في القاهرة حلموا بأنه سينقلهم الى كوكب مختلف، ليس فيه اسرائيل الغادرة الحاقدة التي يعرفون، ولا حروب ولا دمار ولا جيوش، وأيضاً لا جوع ولا عوز ولا ديون. كان عند العرب مشكلة كبرى يريدونه ان يساعد في حل عادل لها. اليوم تعج دنياهم بالمشكلات المعقدة والدامية وبالتدخلات، فيما هو ينتقل إلى دور المتفرج. وبين الحين والآخر يرسم خطوطاً حمراً، ليتبين لاحقاً انه لا يميزها عن باقي الألوان. ظن الفلسطينيون مثلاً انه جاء إلى البيت الأبيض أخيراً رئيس سيضغط على إسرائيل لإجبارها على القبول بدولتهم، فإذا بهذه الدولة…

انفجار الضاحية: من المسؤول؟

الخميس ١١ يوليو ٢٠١٣

يتقاسم «حزب الله» المسؤولية عن تفجير بئر العبد مع الذين خططوا له ونفذوه. فمنذ قرر أن يختصر سورية كلها بنظام الأسد، وأن يعتبر شعبها الثائر مجرد «مجموعات تكفيرية»، وأن يفترض بدون مبرر أو وجه حق أن أي نظام جديد في دمشق سيكون حتماً ضد «المقاومة»، إنما كان يستعدي ليس فقط الثورة السورية، وإنما الغالبية الساحقة من اللبنانيين والعرب الذين يؤيدونها ويرون فيها أملاً في تغيير النظام الدموي وكف شره إلى الأبد. ومنذ أن امتثل الحزب لأوامر طهران –وهو ليس غريباً عنها ولا يمتلك أصلاً القدرة على رفضها– بإرسال رجاله للقتال دفاعاً عن حليفها الوحيد في المنطقة، كان يفتح علناً جبهة ادعى طويلاً أنه حريص على إغلاقها، هي جبهة الفتنة الشيعية–السنية، مع ما يعنيه ذلك من توريط «بيئته الحاضنة» المغلوبة على أمرها في فعل وردِّ فعل من نوع ما حصل امس الأول، يدفع فيها أبرياء ثمن مواقفه من أمانهم ودمائهم، مثلما دفعه قبلهم مدنيون سوريون صادف وجودهم في مناطق عملياته. كان الحزب يعرف بالتأكيد أن ذهابه إلى الحرب السورية سيعني لاحقاً إحضار الحرب السورية إلى عقر داره. وكان يعرف أن القتل الذي تورط فيه في حمص وحلب ودمشق بذرائع لا تقنع سواه، لن يبقى محصوراً في الحيز الجغرافي الذي اختاره ودعا اللبنانيين المحتجين على تدخله إلى مواجهته فيه، بل سينتقل حتماً…

ليس هكذا يُواجَه «حزب الله»

الخميس ٢٧ يونيو ٢٠١٣

الشطط الأمني والسياسي الذي أحدثته جماعة الأسير في منطقة صيدا، حيث بدا الأمر كأن أصوليين ينتقمون من الجيش لعجزهم عن مواجهة «حزب الله» مباشرة، يفترض ألاّ يغيّب أو يطغى، وقد انتهت المعركة المفتعلة وحصرت انعكاساتها على الموضوع الأساس الذي يشغل اللبنانيين جميعاً، وهو تورط «حزب الله» في الحرب السورية وتوريط لبنان كله معه. قدَّم أصوليو عبرا، ولأسباب تتعلق ربما بحقد قديم على الجيش يعود إلى أحداث مخيم نهر البارد ولصلتهم ببعض من قاتلوا فيه ويقيمون اليوم في مخيم عين الحلوة، خدمة للحزب الذي يدَّعون مقارعته، فتحولوا خارجين على القانون، وسقطت حججهم، التي لم تَرْقَ أبداً إلى مستوى سياسي يجمع لها أنصاراً على مستوى البلد، وبقيت غائصة في تعابير مذهبية هابطة ومشخصنة على قياس زعيمها. وبدلاً من أن يحاول الأسير تحييد الجيش في «معركة الشقق الأمنية» للحزب في منطقة صيدا، «نجح» في تكتيل اللبنانيين ضده على اختلاف مشاربهم السياسية والطائفية، باستثناء قلة قليلة لم يحدث دفاعها عنه أي فارق، وألصق بنفسه وبأتباعه صفة «مطلوبين» بعدما قتل العسكريين عن سابق تصور وتصميم. وأياً يكن مدى صحة الكلام عن نفوذ لـ «حزب الله» داخل المؤسسة العسكرية وتفرعاتها، فإن الجيش يبقى المؤسسة الوطنية الوحيدة التي نجحت في حماية نفسها من الانقسام الحاد الحاصل في سائر هيئات الدولة اللبنانية، رغم صعوبة المهمة، ما يجعل الحفاظ…

مصاعب نظامي تركيا وإيران

الخميس ٢٠ يونيو ٢٠١٣

قطبا الإسلام السياسي، السني والشيعي، وراعيتا جهود «التثوير» وحركات «التغيير» في المنطقة، تركيا وإيران، أُصيبتا بالعدوى. الأولى لم يعد بإمكان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان ضبط الشارع المتبرم عبر استخدام القوة أو التلويح باللجوء إلى الجيش، ولا عبر تذكيره كل الوقت بـ «المعجزة» الاقتصادية التي حققها، والثانية يحاول مرشدها الأعلى امتصاص موجات «الزلزال الانتخابي» الذي جاء برئيس معتدل فاز بأصوات الإصلاحيين ودعاة التغيير. المؤسستان الدينيتان الحاكمتان في أنقرة وطهران لم تعودا بمنأى هما الاثنتان عن الرياح التي ساهمتا في إثارتها، ولو أن ذلك يتخذ حتى الآن طابعاً أقل مواجهة مما حققتاه في العالم العربي، والذي عملتا منذ وصولهما إلى السلطة على جعله ساحة لترويج نموذجيهما: تركيا في صورة الاعتدال الذي يخفي رغبة عميقة في التسلط وإحياء تقاليد «الخلافة العثمانية»، وإيران عبر استغلال الأقليات الشيعية العربية وزجها في مواجهات عبثية مع مجتمعاتها. فالتمرد الحاصل على سلطة «حزب العدالة والتنمية» في شوارع إسطنبول وأنقرة ومدن أخرى لم يعد مجرد احتجاج على مشروع لقطع أشجار حديقة وبناء مجمع تجاري مكانها، بل بات، مع الشعارات التي ترفع والهتافات التي تردد، إعلاناً برفض الانقلاب الديني المتدرج على الدولة العلمانية ومؤسساتها، وخصوصا الجيش والقضاء، ولاستراتيجية الإسلاميين التي طوت صفحة التطلع نحو أوروبا بما تتضمنه من التزام بقوانين الشفافية والديموقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، واختارت بدلاً منها…

لماذا تستغربون سلوك «حزب الله»؟

الخميس ٠٦ يونيو ٢٠١٣

يشبه التفاجؤ العربي، والخليجي خصوصاً، بسلوك «حزب الله» في سورية وتفانيه في القتال دفاعاً عن نظام بشار الأسد، التفاجؤ الدولي بسلوك إيران في الملف النووي بعدما «اكتشفت» الوكالة الدولية للطاقة الذرية الآن فقط أن الحوار مع طهران «يدور في حلقة مفرغة». كأن العرب يقولون إن ما قام به الحزب قبل الحرب السورية كان مقبولاً، وإن التغيير الذي طرأ على مواقفه لم يكن متأصلاً في تكوينه، مثلما يرفض العالم الاعتراف بأن إيران تناور منذ صدور التقرير الأول للوكالة الذرية في 2003 عن إخفائها معلومات عن نشاطها النووي، ولم تفعل سوى زيادة قدرتها على التخصيب، بينما هو يتلهى بالوعود والآمال الخاوية. لو استمع العرب إلى ما تعب اللبنانيون من ترديده عن تجربتهم مع الحزب منذ تأسيسه قبل ثلاثة عقود، وشكواهم من ممارساته طوالها، لاستنتجوا أن مواقفه الحالية هي وحدها النتيجة الطبيعية لنشأته وتركيبته وارتهاناته. فالحزب بدأ جهازاً أمنياً إيرانياً – سورياً منذ لحظته الأولى ولا يزال، مع أن البعض يعتبر أن التجسيد الأوضح لتحالفه العضوي مع النظام السوري، ظهر مع اغتيال الحريري في 2005 عندما ثارت تساؤلات عن سبب «عجز» أمن الحزب المنتشر بفاعلية في العاصمة وسائر المناطق اللبنانية عن اكتشاف وجود شاحنة مملوءة بطنين من المتفجرات تتنقل في شوارع بيروت بانتظار مرور هدفها، قبل أن يتضح من تحقيقات المحكمة الدولية أنه…

روسيا تمهّد للدولة العلوية

الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣

يزداد الموقف الروسي تشدداً مع الوقت في مسألة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وتؤكد موسكو أن الحرب السورية ستطول سنوات وستحصد المزيد من الضحايا إذا استمرت المعارضة المدعومة من العرب والغرب في المطالبة برحيله، لكنها لا تقدم أي تفسير علني لماذا تصر هي على بقائه، باستثناء الحديث العمومي عن «مبدأ عدم التدخل»، ولا توحي بالثمن الذي تطالب به في مقابل التخلي عنه والتوصل إلى تسوية تنتهي بزوال نظامه. وتستغل روسيا الحرج العربي، الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي عندما تحدث عن «المأزق الكبير» المتمثل في عجز الدول العربية عن وقف حمام الدم في سورية واستحالة إقناع المعارضة بفكرة بقاءٍ ولو موقت للنظام الحالي بعد سقوط أكثر من 60 ألف قتيل، لتهدد (روسيا) بالمزيد من القتل وبإطالة أمد الاقتتال إلى ما لا نهاية، ولتؤكد استمرارها في منع مجلس الأمن من التوصل إلى إجماع ينهي المأساة. وأمس، تأفف وزير الخارجية الروسي من «هوس» المعارضة بإطاحة النظام، وكأن الأسد وصل إلى السلطة في انتخابات حرة ونزيهة وليس وريث ديكتاتورية قامت على هيمنة أقلية على مقدرات الحكم بالترهيب والإقصاء. لكن الروس الذين التقوا قيادات من مختلف أطراف المعارضة، يعرفون بالتأكيد أن هذه ستخسر مبرر وجودها إذا هي تراجعت عن مطلب التنحي، ويعرفون أن المواجهة، حتى لو طالت سنوات، لن تكون نتيجتها النهائية في مصلحة…