مالك عبيد
مالك عبيد
كاتب سعودي

حكاية حسن

الأحد ٣٠ يناير ٢٠٢٢

من أبرز ملامح التيارات الفكرية المتشددة.. أنها شرائح مغلقة على فئويتها وقداسة موروثها.. تستفزها أية محاولة قد تطال ما تراه ثابتاً وجودياً يميزها كفئة أو طائفة أو حزب عن غيرها من الشرائح الأخرى. وسواء جاءت تلك المحاولة على شكل تساؤل أو سرد لتفاصل تجربة أو معايشة واقع اجتماعي مغلق غير معلن التفاصيل، فإن حالة من الاستنفار تسيطر على مراكز القوة داخل هذه الشريحة، وتدفعها لرفع حالة التأهب القصوى، وتؤلب الجماهير كجزء من استراتيجيتها ضد كل ما تعده هزائم محتملة في ميادين الصراعات الإنسانية المزمنة. والهزيمة بكل الأحوال أمر غير محبذ حتى إن كان المهزوم هو الوهم، والعقل هو المنتصر. ما تعرض له الزميل والصديق حسن المصطفى من تقريع وتخوين ليس بالأمر الجديد، بل ربما يتطور فيما بعد، لا سمح الله، فيتعرض هو أو عائلته إلى اعتداء مشابه لتلك الاعتداءات التي طالت أغلب الباحثين في ميادين المسكوت عنه. فالتجربة التاريخية، وميدان البحث ونوعية الأطراف المنزعجة كلها توحي بأن التاريخ في هذه المسألة يعيد نفسه. فتح الصندوق الأسود للسلفية والحركية الشيعية اليوم، والبحث في تفاصيل المسكوت عنه، لا يختلف عن فتح الصندوق الأسود للسلفية والحركية السنية من قبل. فما إن بدأ بعض الباحثين بتناول الموروث الثقافي السني بالبحث والغربلة وإعادة التقييم، حتى نشطت فتاوى التكفير والقتل والإخراج من الملة والتخوين، وأمسى الإرهاب…

حكومات الوهم والفرص الضائعة

الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٠

لم يعد مشهد الاحتجاجات والمظاهرات التي تملتئ بها معظم العواصم العربية باستثناء دول الخليج العربي بالأمر الخارج عن المألوف. فلا تكاد قنوات الإعلام الرسمي وغير الرسمي، ومواقع التواصل الاجتماعي تخلو من نقل حي ومباشر للمصادمات المسلحة بين المتظاهرين وقوات الأمن هنا أو هناك، ليزيد بالمقابل عدد الضحايا المتساقطين تحت قنابل الغاز والهراوات والرصاص الحي دون أن يكون هناك أمل بتحسين ظروف المواطن، وتقديم ما يقنعه بالعودة مرة أخرى لبيته راضياً. جماهير العواصم العربية الثائرة خرجت إلى الشارع بمطالب لا تقع ضمن حدود الترف أو الهامش، بل هي مطالب ملحة ويهدد التلاعب بها حياة الناس ومصيرهم بشكل مباشر، بعد أن أخلت حكوماتها ببنود العقد الاجتماعي، ولم تف بمحددات العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وهو الأمر الذي قاد تلك البلدان اليوم لأن تصبح ميادين مفتوحة أمام سيناريوهات حروب أهلية، وانتشار مليشيات مسلحة أكثر عنفاً وتطرفاً مما هي عليه الآن، وتهدد مستقبل البلاد والعباد بانفلات أمني أكثر بشاعة مما نراه اليوم. وتنبئ بتبني أجندات خارجية مشبوهة لا تعمل لصالح المنطقة، ولا تغير من حياة المواطن نحو الأفضل. ما تمر به أغلب عواصم العالم العربي اليوم يثير عدداً كبيراً من الأسئلة حول طبيعة العلاقة ما بين حكومات تلك الدول على اعتبارها مسؤولة وبشكل مباشر عن إدارة حياة الناس، وتلبية احتياجاتهم وبناء مستقبلهم من جهة، وبين…