محمد الرميحي
محمد الرميحي
محمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت

كيف يُفكر النظام السوري؟

السبت ٢٤ مايو ٢٠١٤

كنت أود أن أعنون المقال بعنوان آخر هو: الانتصار السوري! إلا أنني خشيت أن أعطي القارئ العَجِلَ فكرة غير صحيحة عما أريد، خصوصا أن كثيرا منا يهتمون بالعناوين فقط! ما أرغب أن أعرضه للقارئ هو وجهة نظر يُسوِّقها النظام السوري عبر متحدثيه، ومن خلال وسائل إعلامه الموجهة إلى جمهوره والمتعاطفين معه، وهي وجهة نظر أحاول أن ألخص منها الزّبد، وهي الشتائم والاستهزاء الموجه ضد المعارضة وضد الدول التي يرى النظام أنها «تُحرض» ضده حتى أصل إلى صلب المنطق الذي يعرضه، وليس من أجل عرضه، ولكن من أجل إضاءة على نوع التفكير الذي يحكم دمشق اليوم. تتلخص الأفكار العامة، كما تابعتها من خلال لقاءات مطولة عرضت على بعض وسائل الإعلام السورية الرسمية، تتلخص في المحاور السبعة التالية: أولا: إن مركز العرب ومحورهم الأساسي هو ثلاث عواصم «دمشق الأمويين»، و«بغداد العباسيين»، و«قاهرة الفاطميين»، وهي المراكز الثلاثة الرئيسة في العالم العربي، وبقية الدول والأقطار هي «عرب عاربة» ليس لها ثقل تاريخي يذكر، كثير منها إما بلاد فلاحة، وإما بلاد بداوة. العواصم الثلاث الآن تتقارب مع بعضها لتشكيل محور «الإنقاذ العربي»، فهذه بغداد تشكِّل اليوم ضلعا مهما لمقاومة «البداوة التكفيرية»، وهذه دمشق تواجه بصدرها كل قوى التكفير والإرهاب، وهذه القاهرة قادمة بعد أن تخلصت من أدران «الإسلام الحركي»، وأتوقف هنا حتى أشرح أن وجهة…

الذئاب لا تقرأ الخرائط!

السبت ١٧ مايو ٢٠١٤

ينقل عن الرئيس التاريخي الأسبق لفرنسا الجنرال ديغول قوله: إذا أردت أن تعرف ما يجري حولك، فانظر إلى الخريطة، فالحركة فيها وحولها تحدد لك مسار الأحداث! وليس أفضل من تلك النصيحة لفهم ما يحدث في الشرق الأوسط اليوم، فالناظر في خريطة الشرق الأوسط يرى أن هناك احتداما واضحا يستخدم فيه السلاح والدبلوماسية معا بين عدد من القوى ترغب أن تحصل على قطعة من «كعكة» الشرق الأوسط الشهية، تدفع هذه القوى في الأساس مصالحها القومية، وتتدثر بعدد من السواتر الآيديولوجية أو حتى الأخلاقية. على رأس القوى قوتان لهما ماض إمبراطوري يرغبان في إحيائه على حساب شعوب ومصالح العرب في الشرق العربي. قوة صغيرة نسبيا وقوة كبيرة نسبيا، ولكن كلا منهما «يخطط وينفذ» ولا يرغب فقط، أن يكون له «هيمنة» على الشرق العربي وموارده وإنسانه، على خلفية قراءة استراتيجية تفترض أن هذا العالم العربي ضعيف المناعة ومفكك ولا يقوى على المقاومة. القوة الأولى لا ريب هي إيران، فليس بخاف أنها موجودة ومؤثرة في العراق ولبنان وسوريا، ولها أياد في أكثر من مكان في جيب بعض الدول العربية الأخرى. هي في الواقع تعبث بالجسم العربي تقريبا كيفما تشاء، إما بسبب قبول ورضا بعض العرب في الخضوع لتبعيتها، أو بسبب تجاهل هذا العبث حتى لا يثار الأسد الإيراني أكثر مما هو ثائر! يكفي أن…

ثلاثة من عرب الشرق الأوسط!

السبت ١٠ مايو ٢٠١٤

مجلة «التايمز» الأسبوعية نشرت هذا الأسبوع العدد السنوي لها الذي تخصصه عادة لاختيار أهم مائة شخصية شكلت نفوذا ملموسا في العالم، خيرا أو شرا، طبعا من الشخصيات الهامة المائة عدد كبير من السياسيين والفنانين والمخترعين والموسيقيين. عادة يقوم طاقم المجلة بتمحيص أعمال المختارين من بين الآلاف من الشخصيات المرشحة، بمنهجية منضبطة تفحص أعمالهم من زاوية تأثيرها على الأحداث في العام. من نافلة القول: إن شخصيات مثل فلاديمير بوتين أو أنجيلا ميركل وباراك أوباما أو البابا فرنسيس الأول أو الرئيس التركي عبد الله غل أو وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون أو غيرهم من الشخصيات الاقتصادية والفنية الرياضية التي تؤثر في أحداث العالم كانت مختارة من بين المائة، والتي كتبت عنها المجلة بإسهاب في العدد المشار إليه. ما أرغب في الحديث عنه ليس تبرير الاختيار، ولا حتى ما إذا كانت تلك الشخصيات بالفعل قد حققت تأثيرا بالغا في مسيرة العالم الذي نعيش فيه أم لا! حديثي محدود برمزية اختيار الأشخاص من إقليم الشرق الأوسط العربي وهم ثلاثة؛ عبد الفتاح السيسي، عُبادة القادري، وأخيرا أبو دُعاء، الأول من مصر والثاني من سوريا والثالث من العراق، المثلث الأكثر اضطرابا وحرجا في المنطقة. ربما المعروف من بين الثلاثة أكثر هو عبد الفتاح السيسي، وقد اختير لدوره السابق في الإطاحة بحكم الإخوان، أو بمساعدة الشعب…

مسلمو أوروبا والعودة إلى عاصمة الخلافة

السبت ١٢ أبريل ٢٠١٤

مدينة برمنغهام هي ثاني كبرى المدن البريطانية بعد العاصمة لندن، بل هي العاصمة الثانية في غرب وسط الجزيرة البريطانية، وتطير إليها شركات طيران مباشرة من الشرق الأوسط والقارة الهندية، وفيها أكبر جالية آسيوية (تبلغ نحو 20 في المائة من قاطنيها)، السواد الأعظم منهم مسلمون، وهي مدينة أيضا تشتهر بأنها تحتضن أفضل المؤسسات التعليمية، خاصة الجامعية، وكذلك المدارس الحكومية، التي تسمى في بريطانيا (المدارس الخاصة)، وهي تسمية تاريخية. مدارس برمنغهام اليوم تحت الاستقصاء من قبل الحكومة البريطانية، لأن عددا من مدرسيها متهمون من المواطنين بأنهم يشيعون أفكار (الكراهية) - وهو تعبير محسّن عن (أفكار إرهابية)، كما يعزلون الطلاب عن الطالبات، وهو مظهر لا تقره قوانين التعليم. تنتشر أيضا في هذه المدينة مدارس تسمى (إسلامية) وهي مدارس خاصة تأخذ بالمنهج الحكومي العام في المواد العامة، ولكنها تقدم برامجها الخاصة - كما تقول - من أجل تعلم النشء المسلم الحفاظ على هويته المسلمة خوفا من الضياع في محيط مجتمع علماني مثل المجتمع البريطاني. إذا عطفنا كل ذلك على إنشاء لجنة برلمانية بريطانية للنظر في موقع حركة الإخوان المسلمين ونشاطها السياسي، خاصة أن هناك اشتباها في قيام الحركة بأنشطة إرهابية في بريطانيا، الأمر الذي ردت عليه الحركة بتهديد مبطن وأنها مستعدة للدخول في معركة قانونية وسياسية على الأرض البريطانية، فإن بوضع الملفين بعضهما مع…

تحديات ومخاطر في الخليج

السبت ٠٥ أبريل ٢٠١٤

في الثلاث سنوات السابقة ضربت المنطقة العربية موجة من التغيرات التي أطاحت عددا من الأنظمة العربية، ولم تكن هي الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، فالمنطقة ما زالت حبلى بالاحتمالات، من يتابع ما يُكتب بشكل صريح في الخارج يعرف أن ما يُفكر فيه خلف الأبواب المغلقة في منطقتنا ويُستبعد، يفكر فيه آخرون هناك علنا، بعضه يصل إلى التضخيم، ولكنه يتداول بسبب وجود هذا الساحر الجديد الذي يسمى الإنترنت. الخلاف الخليجي البيني مثير للقلق، زاده ما يُنشر الآن في هذه الشبكة السحرية من تنابذ بين أفراد ومجموعات في دول الخليج ينبئ بأن الخصام قد تجاوز الحد، ووصلت تباشير النزاع، الذي كانت دول مجلس التعاون تحرص على إطفاء شراراته إلى أن أصبح جذوة موقدة، إن لم يتداركها العقلاء فقد تفتح أبواب الشر، هذه المرة من الداخل، كما هي أبواب الشر مفتوحة من الخارج. أبواق الدعاية التي تحت التأجير أو المتبرعة تحمل معول الهدم وتضرب به شمالا وجنوبا، ولم تعد تلك الأبواق محصورة بين أشخاص تنقصهم الحكمة، بل أصبحت مكثفة بالسفه والاستفزاز، في تقديري، تهدد الأمن الوطني للإقليم قاطبة، المقصود بالهدم هو الحد الأدنى من التعاون القائم في الخليج، وهو مجلس التعاون، الذي كان كثير منا يأمل أن يتطور إلى الأفضل، فأصبحنا نرجو أن يبقى على ما هو عليه حتى لا تتهدم أركانه. إن…

الاستعداد الخليجي للتراجع الأميركي

السبت ٠٨ مارس ٢٠١٤

الخليج يتجه شرقا؛ زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى كل من باكستان والهند واليابان، وزيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى اليابان، تعني الزيارتان ضمن ما تعنيان، أن الخليج يتجه إلى الشرق، وقد سبقت تلك الزيارتين واحدة مرتقبة للرئيس باراك أوباما إلى المنطقة أواخر هذا الشهر. الرسالة هي أن هناك خيارات خليجية يمكن النظر فيها، إن قررت الولايات المتحدة أن تغلق الباب على المحادثات بينها وبين الدول الأوروبية من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، دون معرفة أو اطلاع دول الخليج، وخصوصا أن الموعد المضروب لاتفاق نهائي إيراني غربي هو يوليو (تموز) المقبل، وهو يعني أن ملفات لها علاقة بالمنطقة الخليجية والعربية سوف تبحث في هذه المرحلة التي قد تقود إلى وفاق إيراني - غربي. القلق الخليجي من إيران ليس كما يرغب الإعلام المعادي للخليج أن يُظهره، وكأنه قلق مذهبي، هو غير ذلك تماما، إنه قلق سياسي بامتياز، فإيران منذ أن بدأت مسيرتها الثورية لأكثر من ثلاثة عقود اعتمدت على ركائز ثلاث؛ الأولى معاداة الغرب وإسرائيل، الثانية معاداة الأنظمة الوراثية، والثالث تقديم بديل للشعوب العربية يختصر في شعار تخليص «المستضعفين» من «المستكبرين»، حسب مفردات الدستور الإيراني! البعض يسمي هذه الركائز الثلاث «المشروع الإيراني الإقليمي»، واتسم تطبيق هذا المشروع بمرونة كبيرة، وأيضا بانتقائية مبطنة. على…

ملامح عام خليجي جديد

السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣

كان يمكن أن يكون لمجلس التعاون العربي في الخليج، أحد عشر عنوانا، ولكن حكمة المرحوم الشيخ زايد جعلته ستة فقط، باحتواء سبعة عناوين وصهرها في عنوان واحد، العناوين السابقة لم تلغَ ولكنها مرصوصة في بنيان دولة واحدة تتعمق هويتها أكثر وأكثر، وتظهر لأهلها بمرور الزمن أهمية ذلك البنيان الذي سعى إليه المرحوم وحققه. العالم من حولنا يحب العناوين الواضحة والمجمعة، والتشتت في العناوين تقعد الآخر عن التواصل معها، كما تغري الطامع على تجاوزها، كما تفتقد قدرة على المناورة تقريبا في كل شيء. كان يمكن أن يخرج الاجتماع الذي عقد في الكويت للقمة الخليجية الرابعة والثلاثين قبل أسابيع، باختصار في العناوين بشكل ابتكاري، يقي المنطقة سوءات التحولات الحادثة حولها، كما يرسل رسالة للأصدقاء أولا ثم الأعداء أن المنطقة تستطيع أن تقيم حائطا منيعا للصد، إلا أن ذلك الاختصار لم يتم، أو قد أرجئ إلى وقت آخر ومكان آخر، وقد يستطيع الإنسان أن ينتظر أما الزمن فلا ينتظر! نحن أمام مدرستين في التفكير الاستراتيجي الخليجي، واحدة تهون الأمر، وترى في كل العواصف حول الخليج كونها عواصف بعيدة تضرب بقوتها مكانا آخر وأقواما آخرين. ومدرسة ثانية ترى أن ما حولنا سوف يفيض علينا، وهو باختصار حزمة من فتن طائفية وحروب أهلية، وأحد المشهيات لتلك الإفاضة فرقتنا. التحوطات لتقليل تأثير الإفاضة، ولا أقول لمنعها،…

بماذا يفكر الآخر.. أوهام أم حقائق؟!

السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٣

مرحلة عدم اليقين العربية التي تمر بها أمة العرب أفرزت الكثير من الأفكار والمقولات، بعضها أوهام وبعضها حقائق، إلا أن تصنيفها وفرزها يختلطان على الحصيف، ويتوقف استيعابها على من أنت وما خلفيتك الثقافية وخبرتك، وربما ميولك السياسية أيضا. في الأسابيع الأخيرة القليلة حملني أمري للتنقل بين عدد من اللقاءات التي نظمت في عدد من الدول العربية والأوروبية، واختلف الجمهور إلا قليلا ممن قابلت. كنت أفكر وأفسر الأحداث بطريقة، وآخرون يفكرون بطريقة مخالفة بدت وكأنها وهم لي، على الأقل، وحقيقة لا تقبل الجدل من جانبهم. استطعت أن أفرز فيما سمعت عددا من الأوهام. القضية الأولى (حتى لا أضع لها تعريفا مسبقا) التي صادفتني ولم أكن أتوقعها، أن كثيرين يرون فيما يتطور حولنا معادلة ثابتة تتلخص في أن «الربيع العربي هو بالضبط حكم الإسلام السياسي»، وأي ترتيب آخر هو ردة وعودة إلى ما قبل «الربيع»! تلك قناعة ثابتة لدى البعض، ربما عززها وصول الإسلام السياسي أو الحركي - إن صح التعبير - إلى الحكم في مصر وفي تونس في المرحلة الأولى من «الربيع»، ومحاولات الإسلام الحركي أيضا في كل من ليبيا واليمن، للوصول إلى الحكم، وانتشار المجاهدين في سوريا، ربما التمكين الأولي والسريع للإسلام الحركي هو ما رسخ الفكرة وجعل شرائح عربية ترى أن النضال هو عودة حكم الإسلام الحركي إلى سدة…

الفرص والتحديات في قمة الوجود لا الحدود!

السبت ٣٠ نوفمبر ٢٠١٣

يترقب الشارع الخليجي القمة الثالثة والثلاثين لدول مجلس التعاون التي تلتئم بعد أيام، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الكويت، بأمل ورغبة، الأمل أن تخرج هذه القمة بقرارات تنقل الوضع الحالي الذي استمر طوال هذه العقود الثلاثة الماضية، بكل إيجابياته وسلبياته، أن تنقله إلى شيء جديد يقارب الاتحاد، ورغبة صادقة في أن يقرأ المجتمعون التحديات الشاخصة أمام هذه المنظومة وشعوبها، من منظور الخير المشترك لا إنقاذ النفس فقط أو التشاحن على أمور ثانوية، المرحلة حاسمة وتحمل مخاطر جدية. كان الاجتماع الذي عقد في الرياض الأسبوع الماضي بحضور القيادة السعودية والكويتية والقطرية فاتحة أمل أن يجري لم الشمل، بعد أن تسربت معلومات وأفكار عن «وقفة نفس» لم تقصر في شرحها والبناء سلبا عليها وإصدار النظريات حولها في توقع التبعثر، الصحافة الأجنبية أو الكثير ممن يقرأون في فناجين القهوة ويفسرون المواقف من وجهة نظرهم تنبأوا بالانفراط. الأمر الذي حدث في الرياض الأسبوع الماضي وجب أن يبنى عليه باتجاه الخروج بموقف يواجه التحديات الكبرى التي تواجه دول الخليج. التحديات كبيرة، فقد انتهى الماراثون السباقي بين الولايات المتحدة والجارة الخليجية الكبيرة إيران بصلح، قد يكون مؤقتا وقد يكون دائما، ولكن الحدث قد تم. وقرئ من أكثر من زاوية، بين قراءة مهونة وأخرى مهولة ومهما كانت زاوية القراءة، هل ما حدث انتصار للجمهورية…

أميركا وإيران.. كره المحب!

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣

الحديث عن صفقة أميركية إيرانية هو حديث قريب إلى الجدية، كلتا الدولتين تحتاج إلى هذه الصفقة، بأقل قدر من التنازلات إن أمكن. الولايات المتحدة بسبب مجموعة معقدة من العوامل ترغب في أن ترى مخرجا (مشرفا) لمنع التسارع في العد التنازلي الإيراني باتجاه شيء ما من التمكن من قدرة نووية عسكرية، وإيران لأسباب معقدة أخرى، ترغب بأن تمتنع في الربع ساعة الأخير عن تحقيق تلك النتيجة لأسباب اقتصادية واستراتيجية خاصة بها من أجل رفع الحصار عنها من جهة، والاعتراف النهائي بنظامها من جهة أخرى، فنعومة التعامل بين الطرفين هي نعومة المضطر لا نعومة المقتنع. مما تسرب حتى الآن أن مشروع الخطوط العريضة أو ما يسمى بـ«المخطط الأزرق» لأفكار الصفقة ليس فيه الكثير من الجديد، فقد كان معروضا من إيران ومقبولا من الغرب، قبل وصول أحمدي نجاد إلى الحكم في إيران، بل منذ 10 سنوات على وجه التحديد، وتعطل المشروع بسبب مجموعة من المتغيرات، منها احتلال الولايات المتحدة للعراق، والقلق الذي انتاب إيران جراء ذلك، ثم عادت الفكرة إلى الظهور من جديد. يرى البعض أن «المخطط الأزرق» الجديد للصفقة هو من منظور غربي يحقق أقل مما عرض قبل أكثر من عقد، إلا أن القبول الغربي به الآن منقوص، بسبب مجموعة السياسات التي تبنتها الإدارة الأميركية الحالية، وليس بخاف أن السيد علي خامنئي…

أولويات خليجية

السبت ١٩ أكتوبر ٢٠١٣

في المكان غير المضيء إلا قليلا على مسرح السياسة العالمية تجري أحداث الشرق الأوسط. نشاهد شخصيتين نستطيع أن نتبين معالمهما، هما الولايات المتحدة وإيران، تتصدران بشكل بارز الأحداث، بقية الشخوص تكمل المشهد. انقسمت قراءة المشهد الذي يعرض على المسرح السياسي عربيا وإيرانيا. بعض العرب تفاءلوا بهذا التقارب المحتمل الإيراني - الأميركي، لأنه قد يحمل في طياته اتفاقا على تجميد ما قامت به إيران حتى الآن من نشاط سياسي وتسليحي في المنطقة هو توسعي وهجومي، ويضع (الاتفاق) إن تحقق حدا لحالة سياسات الاستقطاب التي تفتك بالمنطقة وتكشفها على قاعدة البغض الطائفي المقيت، والبعض الآخر يرى أن هذا الاتفاق وراءه صفقة ما يجري الإعداد لها، وهي لن تكون بعيدة عن تقديم ترضية لإيران تحقق لها بعض طموحاتها السياسية، خاصة امتداد نفوذها في المنطقة. القراءة المنقسمة لا تتوقف عند العرب، ولكنها تصل إلى شرائح إيرانية نافذة، بعضها يرى أن الصفقة القادمة تعني رفع الحصار عن إيران وقبولها في المسرح الدولي لاعبة مهمة تقرر مع غيرها مصير المنطقة، وتخرج الشعب الإيراني مما هو فيه من عوز اقتصادي يلامس جميع الشرائح ويهدد المجتمعات الإيرانية بانفجار من الداخل، وهو - تذهب هذه الرؤية للقول - انتصار للسياسة السابقة وتتويج لها وقطف ثمارها. وآخرون يرون أن هناك تفريطا إلى حد الخيانة قد ينسف الثوابت الإيرانية التي قامت…

«إخوان».. و«إخوان»

السبت ٢١ سبتمبر ٢٠١٣

حيرة حول موضوع مهم تتمثل في سؤال: لماذا هذا الموقف المصري الرسمي والإعلامي - بشكل عام - غير المتعاطف مع الثورة السورية، بل في بعض الأوقات، بعض المتحمسين المصريين لا يتأخرون عن الجهر بمعاداتها؟ ذلك موقف حيرني، وإن عرضناه على العقل، تبين سريعا خلل الموقف. إن افترضنا أن الحكم المصري الحالي هو نتاج سلسلة من الأحداث الثورية، تبدأ بثورة «25 يناير (كانون الثاني)» 2011، وما بعدها «30 يونيو (حزيران)» 2013 وتوابعهما، فإن الافتراض العقلي يقول إنه معادٍ بالضرورة للاستبداد! وإن كان كذلك، فهو إذن مع المطالبين برفع الاستبداد، وهي مطالب الشعب السوري في الأساس! أليس الموقف المتردد أو الملتبس أو حتى المعادي يصح أن يكون مثار تساؤل؟ يرى البعض في محاولة تفكيك هذا الموضوع من أجل فهمه، أن أهل مصر أو قل نخبتها قد لدغوا من ممارسات «إخوان مصر» في السنة الماضية التي كادت تأخذهم إلى الشمولية السياسية بلا رجعة، ويرون بالتالي أن السيناريو الأكثر ترجيحا أن يكون الإخوان في سوريا هم القادمين إلى الحكم هناك، إذا ما سارت الأمور على ما يتصور كثيرون، وبالتالي، فإنهم يتخوفون من أن ينال إخوتهم في سوريا ما نالوه من مرارة في زمن حكم «الإخوان»، فهناك «إخوان»، وهنا «إخوان». من هنا يمكن تفسير التردد، بل والإعلام المضاد، إلى درجة أن بعض فصائل الثورة السورية…