السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٣
مرحلة عدم اليقين العربية التي تمر بها أمة العرب أفرزت الكثير من الأفكار والمقولات، بعضها أوهام وبعضها حقائق، إلا أن تصنيفها وفرزها يختلطان على الحصيف، ويتوقف استيعابها على من أنت وما خلفيتك الثقافية وخبرتك، وربما ميولك السياسية أيضا. في الأسابيع الأخيرة القليلة حملني أمري للتنقل بين عدد من اللقاءات التي نظمت في عدد من الدول العربية والأوروبية، واختلف الجمهور إلا قليلا ممن قابلت. كنت أفكر وأفسر الأحداث بطريقة، وآخرون يفكرون بطريقة مخالفة بدت وكأنها وهم لي، على الأقل، وحقيقة لا تقبل الجدل من جانبهم. استطعت أن أفرز فيما سمعت عددا من الأوهام. القضية الأولى (حتى لا أضع لها تعريفا مسبقا) التي صادفتني ولم أكن أتوقعها، أن كثيرين يرون فيما يتطور حولنا معادلة ثابتة تتلخص في أن «الربيع العربي هو بالضبط حكم الإسلام السياسي»، وأي ترتيب آخر هو ردة وعودة إلى ما قبل «الربيع»! تلك قناعة ثابتة لدى البعض، ربما عززها وصول الإسلام السياسي أو الحركي - إن صح التعبير - إلى الحكم في مصر وفي تونس في المرحلة الأولى من «الربيع»، ومحاولات الإسلام الحركي أيضا في كل من ليبيا واليمن، للوصول إلى الحكم، وانتشار المجاهدين في سوريا، ربما التمكين الأولي والسريع للإسلام الحركي هو ما رسخ الفكرة وجعل شرائح عربية ترى أن النضال هو عودة حكم الإسلام الحركي إلى سدة…
السبت ٣٠ نوفمبر ٢٠١٣
يترقب الشارع الخليجي القمة الثالثة والثلاثين لدول مجلس التعاون التي تلتئم بعد أيام، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الكويت، بأمل ورغبة، الأمل أن تخرج هذه القمة بقرارات تنقل الوضع الحالي الذي استمر طوال هذه العقود الثلاثة الماضية، بكل إيجابياته وسلبياته، أن تنقله إلى شيء جديد يقارب الاتحاد، ورغبة صادقة في أن يقرأ المجتمعون التحديات الشاخصة أمام هذه المنظومة وشعوبها، من منظور الخير المشترك لا إنقاذ النفس فقط أو التشاحن على أمور ثانوية، المرحلة حاسمة وتحمل مخاطر جدية. كان الاجتماع الذي عقد في الرياض الأسبوع الماضي بحضور القيادة السعودية والكويتية والقطرية فاتحة أمل أن يجري لم الشمل، بعد أن تسربت معلومات وأفكار عن «وقفة نفس» لم تقصر في شرحها والبناء سلبا عليها وإصدار النظريات حولها في توقع التبعثر، الصحافة الأجنبية أو الكثير ممن يقرأون في فناجين القهوة ويفسرون المواقف من وجهة نظرهم تنبأوا بالانفراط. الأمر الذي حدث في الرياض الأسبوع الماضي وجب أن يبنى عليه باتجاه الخروج بموقف يواجه التحديات الكبرى التي تواجه دول الخليج. التحديات كبيرة، فقد انتهى الماراثون السباقي بين الولايات المتحدة والجارة الخليجية الكبيرة إيران بصلح، قد يكون مؤقتا وقد يكون دائما، ولكن الحدث قد تم. وقرئ من أكثر من زاوية، بين قراءة مهونة وأخرى مهولة ومهما كانت زاوية القراءة، هل ما حدث انتصار للجمهورية…
السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣
الحديث عن صفقة أميركية إيرانية هو حديث قريب إلى الجدية، كلتا الدولتين تحتاج إلى هذه الصفقة، بأقل قدر من التنازلات إن أمكن. الولايات المتحدة بسبب مجموعة معقدة من العوامل ترغب في أن ترى مخرجا (مشرفا) لمنع التسارع في العد التنازلي الإيراني باتجاه شيء ما من التمكن من قدرة نووية عسكرية، وإيران لأسباب معقدة أخرى، ترغب بأن تمتنع في الربع ساعة الأخير عن تحقيق تلك النتيجة لأسباب اقتصادية واستراتيجية خاصة بها من أجل رفع الحصار عنها من جهة، والاعتراف النهائي بنظامها من جهة أخرى، فنعومة التعامل بين الطرفين هي نعومة المضطر لا نعومة المقتنع. مما تسرب حتى الآن أن مشروع الخطوط العريضة أو ما يسمى بـ«المخطط الأزرق» لأفكار الصفقة ليس فيه الكثير من الجديد، فقد كان معروضا من إيران ومقبولا من الغرب، قبل وصول أحمدي نجاد إلى الحكم في إيران، بل منذ 10 سنوات على وجه التحديد، وتعطل المشروع بسبب مجموعة من المتغيرات، منها احتلال الولايات المتحدة للعراق، والقلق الذي انتاب إيران جراء ذلك، ثم عادت الفكرة إلى الظهور من جديد. يرى البعض أن «المخطط الأزرق» الجديد للصفقة هو من منظور غربي يحقق أقل مما عرض قبل أكثر من عقد، إلا أن القبول الغربي به الآن منقوص، بسبب مجموعة السياسات التي تبنتها الإدارة الأميركية الحالية، وليس بخاف أن السيد علي خامنئي…
السبت ١٩ أكتوبر ٢٠١٣
في المكان غير المضيء إلا قليلا على مسرح السياسة العالمية تجري أحداث الشرق الأوسط. نشاهد شخصيتين نستطيع أن نتبين معالمهما، هما الولايات المتحدة وإيران، تتصدران بشكل بارز الأحداث، بقية الشخوص تكمل المشهد. انقسمت قراءة المشهد الذي يعرض على المسرح السياسي عربيا وإيرانيا. بعض العرب تفاءلوا بهذا التقارب المحتمل الإيراني - الأميركي، لأنه قد يحمل في طياته اتفاقا على تجميد ما قامت به إيران حتى الآن من نشاط سياسي وتسليحي في المنطقة هو توسعي وهجومي، ويضع (الاتفاق) إن تحقق حدا لحالة سياسات الاستقطاب التي تفتك بالمنطقة وتكشفها على قاعدة البغض الطائفي المقيت، والبعض الآخر يرى أن هذا الاتفاق وراءه صفقة ما يجري الإعداد لها، وهي لن تكون بعيدة عن تقديم ترضية لإيران تحقق لها بعض طموحاتها السياسية، خاصة امتداد نفوذها في المنطقة. القراءة المنقسمة لا تتوقف عند العرب، ولكنها تصل إلى شرائح إيرانية نافذة، بعضها يرى أن الصفقة القادمة تعني رفع الحصار عن إيران وقبولها في المسرح الدولي لاعبة مهمة تقرر مع غيرها مصير المنطقة، وتخرج الشعب الإيراني مما هو فيه من عوز اقتصادي يلامس جميع الشرائح ويهدد المجتمعات الإيرانية بانفجار من الداخل، وهو - تذهب هذه الرؤية للقول - انتصار للسياسة السابقة وتتويج لها وقطف ثمارها. وآخرون يرون أن هناك تفريطا إلى حد الخيانة قد ينسف الثوابت الإيرانية التي قامت…
السبت ٢١ سبتمبر ٢٠١٣
حيرة حول موضوع مهم تتمثل في سؤال: لماذا هذا الموقف المصري الرسمي والإعلامي - بشكل عام - غير المتعاطف مع الثورة السورية، بل في بعض الأوقات، بعض المتحمسين المصريين لا يتأخرون عن الجهر بمعاداتها؟ ذلك موقف حيرني، وإن عرضناه على العقل، تبين سريعا خلل الموقف. إن افترضنا أن الحكم المصري الحالي هو نتاج سلسلة من الأحداث الثورية، تبدأ بثورة «25 يناير (كانون الثاني)» 2011، وما بعدها «30 يونيو (حزيران)» 2013 وتوابعهما، فإن الافتراض العقلي يقول إنه معادٍ بالضرورة للاستبداد! وإن كان كذلك، فهو إذن مع المطالبين برفع الاستبداد، وهي مطالب الشعب السوري في الأساس! أليس الموقف المتردد أو الملتبس أو حتى المعادي يصح أن يكون مثار تساؤل؟ يرى البعض في محاولة تفكيك هذا الموضوع من أجل فهمه، أن أهل مصر أو قل نخبتها قد لدغوا من ممارسات «إخوان مصر» في السنة الماضية التي كادت تأخذهم إلى الشمولية السياسية بلا رجعة، ويرون بالتالي أن السيناريو الأكثر ترجيحا أن يكون الإخوان في سوريا هم القادمين إلى الحكم هناك، إذا ما سارت الأمور على ما يتصور كثيرون، وبالتالي، فإنهم يتخوفون من أن ينال إخوتهم في سوريا ما نالوه من مرارة في زمن حكم «الإخوان»، فهناك «إخوان»، وهنا «إخوان». من هنا يمكن تفسير التردد، بل والإعلام المضاد، إلى درجة أن بعض فصائل الثورة السورية…
السبت ١٤ سبتمبر ٢٠١٣
حيرة حول ما يمكن أن يحدث في اليوم التالي؟ نحن أمام احتمالين؛ إما أن تكون هناك حملة عسكرية، بصرف النظر عن مستواها، ضد النظام السوري، أو لا تحدث تلك الحملة. في الأسابيع الأخيرة بدأت الحيرة تصل إلى المواطن العادي الذي يتابع الأخبار التي تتغير بين لحظة وأخرى، تنتقل بين التشاؤم إلى التفاؤل، على أي طرف كنت من السياج! تداعيات اليوم التالي مهمة، لنبدأ بافتراض رقم 1: أن الحملة العسكرية الموعودة هي حمل كاذب! ماذا يمكن أن ترسل من رسائل إلى المنطقة وإلى العالم؟ قد تقرأ هذه الرسائل بأكثر من تفسير؛ الأول أن الحملة لم تتم، لأن النظام السوري سوف يسلم أسلحة الدمار الشامل للمجتمع الدولي، تلك العبارة سهل أن تقال ولكن معقد أمر تنفيذها، فهل سوف يسلم المنتج المخزون ويحتفظ بالأجهزة والمعدات التي تنتجه إلى وقت أفضل يسمح له بإعادة الإنتاج؟ هل سيقوم بتسليم المنتج والأجهزة (المصانع) وتدميرها أمام ناظري المجتمع الدولي؟ وهل يجري التفتيش على تلك الأسلحة تفتيشا دقيقا من أجهزة دولية؟ كل تلك الأسئلة مطروحة، ولنفترض أن هذا السيناريو قد جرى بالفعل، هذا يستدعي التفسير الثاني والمقارنة بتفكيك أسلحة فتاكة كانت لدى نظام صدام حسين، بعضنا لا يزال يتذكر كيف أرغم ذلك النظام على تفكيك ترسانته من بينها ما كان يسمى «المدفع العملاق» وغيرها من الأسلحة حتى نزعت…
السبت ٣١ أغسطس ٢٠١٣
بعض الإعلام المصري في الأسابيع الأخيرة غاضب من التصريحات التركية تجاه مصر، خصوصا تصريح رئيس وزراء تركيا السيد رجب أردوغان تجاه الشيخ الطيب شيخ الأزهر، حيث انتقد الأول موقف الأخير الإيجابي من التغيير في مصر. ليس هذا فقط وراء الغضب، بل مجموع حصيلة الحراك التركي الرسمي تجاه أحداث مصر الأخيرة التي أثارت الكثير من التساؤلات. المراقب يقف محتارا حول مجمل موقف تركيا الرسمية، بعد أن كان الأصدقاء الأتراك يقولون - محقين - إن تجربتهم ليست للتصدير، وإنهم فقط يزرعون حديقتهم حسب اجتهادهم، ومن يعجبه الناتج عليه أن يجتهد في حديقته الخاصة بزرع يناسبه! كان الحديث منذ سنوات في أنقرة يتوجه لتصفير عداد المشكلات العالقة مع الجوار الإقليمي، وكانت تلك السياسة مرحبا بها من كثيرين على أنها موضوعية وحصيفة. تطور الأحداث لم يترك مرحلة التصفير تستقر لتؤتي ثمارها، موجة «ربيع العرب» أربكت ذلك التوجه، ولما قربت الاضطرابات من سوريا زادت تركيا طوعا أو كرها غوصا في مشكلات الإقليم. التداخل مع المعضلة السورية، ومن ثم التطلع لدور في كل من تونس ومصر، بعد ربيع العرب، عطل الإيجابية التركية، بل تحولت إلى نقيضها، فقد رحب الأتراك كما رحب كثيرون بالتغيير في تونس ومصر، ولكن أصحاب السلطة الجدد في كلا البلدين العربيين لم يستمعوا إلى ما قيل إنه نصائح تركية لما أسرع لزيارتهم أردوغان،…
الجمعة ٣٠ أغسطس ٢٠١٣
أقرب تشبيه مرّ بخاطري حينما طلب مني الزملاء في صحيفة الشرق المساهمة في ملف (التحولات وتأثيرها على الوعي العربي)، أنه (الرقص على السلم) بكل ما يعنيه من رمزية. لعلي أستطيع بضمير مرتاح أن أصف ما يدور حولنا بأنه (أكبر تضليل إعلامي) جرى على المواطن العربي، ونتيجته استباحة كل هذه الدماء الزكية التي تسيل على مذبح هذا التضليل. التضليل الإعلامي من الكثافة إلى درجة أنه أنتج لنا عقلا (نخبويا) مشوشا، وعقلا (جماهيريا) تائها في الظلام! كلاهما أعمى! يقول لنا التضليل إننا لا نعرف على سبيل الدقة من أرسل أبخرة الموت إلى أهلنا في الغوطتين في دمشق! لا واشنطن ولا موسكو تقرران من الفاعل! بقي أن يقرر المتابع أن من فعل ذلك هم أهل الغوطتين! حيث استنشقوا عنوة الأبخرة القاتلة ظنا منهم أنها رياحين دمشق! ولا نعرف على وجه اليقين إن كان قد بقي في مصر (إسلام) فهناك من يمطرنا بالقول إن (الإسلام) و(الإخوان) صنوان، فإن زال سلطان الإخوان في مصر، اختفى -والعياذ بالله- الإسلام! لقد استولى بعضهم على إسلامنا حتى لم يعد لديهم فرق بين شهوتهم للدنيا، وتدين الجماهير الأصيل الباقي. القتل أمام المساجد أصبح لهوا، فها هم المصلون يُصلون في مساجد طرابلس وهم أنقياء ومعبدون بالشواظ، وها هو نفس الفعل في مساجد ودور العبادة في العراق. في ليبيا وفي تونس…
السبت ٢٤ أغسطس ٢٠١٣
العدو الرئيس لأي سلطة حاكمة في مصر هو الفقر، وليس نقصا في التدين أو نقصا في الديمقراطية هو مكمن الخطر، والسلطة التي لا تضع نصب عينيها محاربة الفقر، وتهتم بدلا من ذلك بآليات ظاهرية لما يعرف بالديمقراطية أو كثرة الصلوات، تغيب عنها القضية المركزية. تخفيف حدة الفقر وتجفيف منابعه لا يبحث عنها في «آيديولوجيا» معينة أو في شعارات سرعان ما ينكشف للجميع أنها لا تشبع ولا تغني. تخفيف حدة الفقر لها مدخلات معروفة تبدو سهلة في الظاهر وعصية على المنال في الواقع. لعل الأركان الخمسة التي تساعد على تجفيف منابع الفقر، والتي تم اختبارها بنجاح في أماكن أخرى، هي على التوالي: تجويد التعليم، تخفيف حدة البيروقراطية، محاربة الفساد، جذب استثمارات خارجية، منظومة قانونية مستقلة وحديثة. هذه الشروط الخمسة متداخلة ويخدم بعضها البعض الآخر، وتحتاج إلى رؤية وإدارة لتحقيقها. لقد تم تحقيق هذه الشروط في بلاد شرقية كثيرة أصبحت اليوم بلادا مستقرة وحديثة ومنتجة، ومصر فيها من القدرات ما يمكن التعويل على نجاح مثل تلك الخطط إن هيئ لها إدارة تنتشلها من هذه الوهدة التي أراها مؤقتة. أهل الآيديولوجيا يبيعون الوهم للبسطاء، ينشرون بينهم الرأي القائل إن فقرهم في الدنيا قد يتحول إلى غنى في الآخرة، فيجعل الجماهير تتدفق إلى عالم الأوهام، وهو وهم استمرأته قوى «الإسلام السياسي» ومررته على جمهور…
السبت ١٠ أغسطس ٢٠١٣
يتصاعد الاشتباك السياسي في مصر إلى درجة الاحتقان الذي قد يؤدي، إن سارت الأمور من دون ضبط، إلى انشقاق حقيقي لم يحدث في التاريخ المصري الحديث، فقد كان المجتمع المصري طوال تاريخه مرتبطا بمجرى النيل الذي يتماسك في سريانه رغم سيولته. السبب هو محاولة الاستحواذ على الدولة المركزية من أحد طرفي الشقاق وتهميش الآخر، غافلا عن تغيرات الأزمنة ومطالب العصر، التي تؤسس إلى استحالة التهميش واستحالة «التكويش»! «الإخوان»، أو الجماعة، وهو الشق العام لمن هم اليوم في المعارضة، إن أردنا تسمية الأمور بأسماء محددة، فقدوا السلطة في شكل تنحية الرئيس محمد مرسي من الحكم، ولكنهم غفلوا عن حقائق أخرى هي لصالحهم، فلأول مرة في تاريخ «الإخوان» يصبحون فريقا سياسيا معترفا به وعلى قدم المساواة، وقادرا على تحريك جماهيره من دون خشية السلطة القائمة، كما كان في العصور السابقة من الملك فاروق إلى عصر مبارك. الحقيقة الأخرى التي غفلوا عنها أنهم وصلوا إلى تنصيب رئيس جمهورية من صفوفهم، إلا أن ذلك الرئيس جاء بأغلبية ضئيلة، وفي ظروف معقدة، صوّت الناس تخوفا من الضد وليس موافقة، لم يعرف الرئيس المنتخب ولا محازبوه كيف يمكن توسيع تلك الأغلبية ببناء تحالف موسع تفرضه طبيعة المرحلة الانتقالية، كما تقرره مرونة تقاسم الأعباء. إلا أن العجلة للاستحواذ غلبت على التأني والتدرج، فتراكمت الأخطاء التي أدت إلى…
السبت ١٥ يونيو ٢٠١٣
مجموعة من شباب الخليج (نفخوا الصفارة) كما يقول المثل الغربي، كناية عن قرع الجرس للفت الأنظار وإشاعة الانتباه حول أوضاع الخليج العربي المهدد استراتيجيا. المجموعة من عشرين شابا وشابة أصدروا دراسة تتكامل مع بعضها، حول الأخطار المحيطة بالخليج. ليس مهما الآن أسماؤهم أو حتى ما نشروه من صحيح الأفكار أو إمكانية إخضاعها للمناقشة، المهم أن العمل يلفت النظر إلى التحولات الكبرى التي تحدث حولنا، ودور أهل الخليج فيها، وما يمكن أن ينتج عنها من مخاطر، والأهم أنها صادرة من عقول خليجية شابة تشعر بالتحديات حول مستقبلها، من المصادفة أن يكون العنوان الذي اختارته هذه المجموعة «الخليج 2013.. الثابت والمتحول» من إصدار مركز الخليج لسياسات التنمية ومقره الكويت، والمتحول في تقديري أكثر من الثابت، بل إن عناصره تزداد ليقلب الثبات إلى تحول. ليس في نيتي هنا أن أدخل في مناقشة مفردات هذا العمل، فهو في التفاصيل ليس جديدا على المتابع، أهمية الدراسة أنها وضعت بين دفتي مطبوعة على النت، أقر أصحابها أنهم على استعداد لمناقشة كل أو بعض ما طرح من أفكار، كما لم يخفوا تحيزهم المسبق المشوب بالقلق على المستقبل. ما أرغب فيه هو إضاءة – إن أمكن – على عمق التحولات التي تجري حول الخليج وفيه، والتي يمكن أن تؤثر على أهله وعلى استقراره، أفضل تعبير لتوصيف الحال حولنا،…
السبت ١٨ مايو ٢٠١٣
قبل نحو قرن من الزمان، وقع رئيس الولايات المتحدة الأشهر وودرو ويلسون بيانا تاريخيا، هو إعلان دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، قال فيه: «من أجل أن يصبح العالم مكانا آمنا للديمقراطية». وقتها كان مفهوم الديمقراطية طفلا مدللا لدى الخاصة من النخب. مضى مائة عام وما زال هذا المفهوم غامضا وملتبسا منذ ذلك الزمن، ما الديمقراطية؟ ليس هناك جواب شافٍ! لقد لبست الديمقراطية الغربية أكثر من قناع مبتذل. قال جوزف ستالين إنه يحقق الديمقراطية، فقتل من أجل إقناع الآخرين بمفهومه، عشرين مليون إنسان. النازيون في ألمانيا والفاشيون في إيطاليا كانوا يعلنون أن أنظمتهم ديمقراطية إلى العظم، كما حط الراحل معمر القذافي من شأن الديمقراطية بإطلاق اسمها كجزء من جماهيريته التي فتحت سجونا أكثر بكثير من مدارس! وها هي الممارسة تتعثر في بلد مثل لبنان، بعد أن تغير - أو كاد - قانون اللعبة في كل موسم انتخابي، وفي الأردن حيث اتهم أعضاء في البرلمان بفضائح، كما في غيرهما من الممارسات العربية. أما ربيع العرب فما زال يأمل بتطبيق الديمقراطية، ولكنها أيضا تفر من نخبته كما يتسرب الماء بين الأصابع. في عدد الشهرين الأخيرين من الـ«فورن أفيرز»، المجلة المؤثرة في تشكيل فكر النخبة الأميركية، وأكاد أقول العالمية، العنوان الأبرز للمقال الرئيس هو «رأسمالية عدم المساواة». هذا العنوان له صدى في عدد…