مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

ارتباك لبنان

الخميس ١٠ سبتمبر ٢٠١٥

الحراك الشعبي في لبنان أتى على غير موعد، بطريقة أربكت القيادات السياسية كلها. حاول حزب الله والتيار العوني تصوير التظاهرات في البداية، على أنها تنسجم مع مطالب ومطامع حزب الله وعون والبقية. لكن شباب وفتيات «طلعت ريحتكم» لم يتقولبوا بقالب السيد والجنرال. مست الاتهامات كل الطبقة السياسية اللبنانية، بل إن حسن نصر الله نفسه كانت صورته موجودة بالميدان مع الطبقة السياسية المدانة، لكن أنصار الحزب سرعان ما ردعوا كل من فكر في معاملة نصر الله كبقية السياسيين والبشر! هناك من يرى أننا أمام أكثر من جهة في هذا الحراك، ومن ذلك حزب الله نفسه من خلال مجموعة أطلقت على نفسها «بدنا نحاسب». وكان لافتًا إصرار الحزب من خلال أبواقه الإعلامية، على حصر الحراك المشروع في هذه المجموعة. وهناك شباب من العونيين في الحراك، لكن طريقة حركتهم تجاوزت أحلام الجنرال، لذا كان الارتباك الأخير. نبيه بري، القطب الشيعي السياسي رئيس البرلمان، هب لعقد الحوار الوطني، وحضر قادة السياسة في لبنان. واستمر الحراك. هناك من يرى أننا تجاه حركة عميقة أبعد مما يتخيله كل ساسة لبنان، وأن «الربيع العربي» وصل متأخرًا للبنان.. نحن، طبقًا لهذا الرأي، تجاه «ثورة» على النظام السياسي اللبناني قاطبة. هل ينجح؟ من المبكر قول هذا، خصوصًا أن حراك الشباب ما زال تحت السيطرة، رغم محاولات التصعيد، والتحرش بالأمن…

في رثاء الرجال

الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠١٥

لم يكن ثمة وهم أو توهم حول خطورة المهمة في اليمن، منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها طائرات التحالف العربي - الإسلامي وآلياته البرية وقطعه البحرية، بتفويض «دولي». نعم لم تكن هناك توهمات، والحرب طريق كبير لرسم التاريخ، وبناء الواقع المطلوب، بل إن الحرب هي تكميل لما عجزت عنه السياسة كما يقول حذاق المؤرخين. المهمة في اليمن واضحة: استعادة الشرعية، وتقويض المؤامرة الإيرانية بتحويل اليمن إلى دولة تابعة ونظام موال، بقيادة «المرشد» الجديد لليمن، عبد الملك الحوثي، لكن بصيغة زيدية معدلة بفرشاة إيرانية خمينية. الصراع في اليمن صراع وجود، لم يكن هناك خيار للسعودية والإمارات والبحرين والكويت، بشراكة مصر والمغرب والأردن وماليزيا والسنغال، وغيرها.. إلا ضرب المؤامرة الإيرانية في اليمن، وحماية الأمن الخليجي العربي السعودي، مهما كلف الأمر. ماذا يحدث في الحروب؟ المعارك، والقصف، والاقتحام، يفعل ذلك بشر هم الضباط والجنود، وعليه، ومع كراهية هذا الأمر، فإن جزءا من طبيعة الحروب، الدماء والدموع. قدمت قوات التحالف العربي بقيادة السعودية الغالي، بل الأغلى، وهو أرواح الرجال، ولكن ذلك لم ولن يفت في عضد وعزيمة التحالف. تفجير مستودع صافر في مأرب على الحدود السعودية، بصاروخ يعتقد أنه أطلق من مناطق الحوثيين وصالح في بيحان، والذي راح ضحيته نحو خمسين إماراتيا وخمسة بحرينيين وعشرة سعوديين، هو فصل من فصول المهمة في اليمن، والتي…

ثورة العبادي.. وخوف السيستاني

الأحد ٢٣ أغسطس ٢٠١٥

لولا دعم المرجع الشيعي الأكبر السيد السيستاني، وأضيف أيضًا انخفاض مداخيل البترول، ما كان لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الإقدام على محاربة رموز الفساد العراقي. دعم المرجعية الدينية، واضح، وسببه معروف، وانخفاض مداخيل البترول، خاصة مع موسم الحر الشديد هذا، ومعه الذعر من «داعش»، وتفشي الجو الطائفي والتوتر الأمني، ما عزز نمو الميليشيات الشيعية، كلها عوامل مهدت الجو لخلق قاعدة دعم شعبي للعبادي. حيدر العبادي، هو مثل سلفه نوري المالكي، ابن حزب الدعوة الأصولي، وهو النسخة الشيعية من جماعة الإخوان المسلمين، وقبل نور المالكي كان أيضًا «الدعوي» إبراهيم الجعفري. لنتذكر أن المالكي تولى الوزارة في أبريل (نيسان) 2006 عقب وزارة إبراهيم الجعفري، الذي كان مشغولا بالخطب والتنظير، وشرح أدبيات الدعوة بطريقة جعفرية خاصة. جاء المالكي حينها على أساس برنامج الأمن، وعلى وقع انتقادات سنية وعربية وعلمانية بالاختراق الطائفي لأجهزة الأمن، وطولب بتطهير وزارة الداخلية من السمعة الطائفية السيئة التي لحقت بها، بعد اكتشاف سجن الموت والتعذيب السري. لكن تحقق في المالكي مقولة الشاعر: رب يوم بكيت منه فلما / صرت في غيره بكيت عليه. تحول الرجل لديكتاتور «شفط» كل المناصب السيادية، وغذى المناخ الطائفي، بعدما همش خصومه الشيعة خاصة التيار الصدري، ليتبين لاحقًا أنه فعل ذلك ليتفرد بقيادة الشيعة، ليس لدواع وطنية صرفة. قاصمة الظهر كانت فاتورة الفساد وهي بمليارات…