عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

العمالة الوافدة والاختناق المروري

الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨

تعيش شوارعنا، وخصوصاً في المدن الكبيرة ومنها العاصمة الرياض، حالة من الاختناق المروري، على رغم ما يُقال عن خروج أعداد كبيرة من العمالة خروجاً نهائياً، ولكن يبدو أن هناك أعداداً مماثلة تصل في المقابل، وأعتقد أن حصول العامل الوافد على رخصة القيادة لدينا من أسهل الدول في العالم. كلنا له تجربة مع سائق العائلة، إذ إنه عندما يصل نكتشف أن هذا السائق لا يعرف القيادة، ونأخذه في رحلات تدريبية في الشوارع ساعات، ومن ثم نحمله مسؤولية القيادة بالعائلة، على رغم ما يمثل ذلك من خطورة بالغة على الآخرين، ومن واقع تجربة، فإن كثيراً من هذه العمالة ولظروفها الاقتصادية في بلادها لم تملك أو تستعمل السيارة بتاتاً، ولكننا للأسف أصبحنا حقل تجارب لهم، أما كيفية حصولهم على رخصة القيادة، فهذه هي باعتقادي مشكلة كبيرة على الجهات المعنية لدينا التعاطي معها بكل جدية، فبعضهم يحصل على رخصة من بلده، وهذا للأسف يساعده في الحصول على رخصة القيادة عندنا بإجراءات بسيطة، فلا يكفي حضور عدد من المحاضرات في مدارس تعليم القيادة، أو اختبار عملي في ساحات تلك المدارس لمدة دقائق للحصول على رخصة القيادة، إضافة إلى استعمال بعض الكفلاء الواسطة لتسهيل الحصول على الرخصة لبعض العمالة الوافدة. فمدينة الرياض تشهد ازدحاماً مرورياً هائلاً في أغلب الأوقات، وخصوصاً في الشوارع الرئيسة كما هي الحال…

محاربو الفرح والترفيه في مجتمعنا

الأربعاء ٠٧ فبراير ٢٠١٨

من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي لا تخطئ عينه أن هناك حملات منظمة، سواء من الداخل أم الخارج، ضد الأنشطة الترفيهية التي تنظمها هيئة الترفيه، وأتذكر ما أثير قبل أسابيع حول إحدى فعاليتها في إحدى المناطق، إذ ذكر في المواقع الإلكترونية أن أبناء تلك المنطقة هاجموا منظمي الفعالية الترفيهية، وأن ذلك السلوك المضاد يعبر عن رفض المجتمع للانفتاح والتغير، وفي النهاية أصدرت «هيئة الترفيه» بياناً عن ملابسات تلك الفعالية، وأوضحت أن تلك الصور هي لبعض الحضور الذين أصروا على عدم الخروج من البوابات المحددة. باعتقادي أن هناك جماعات ليست بعيدة عن جماعة «التوظيف السياسي» لكل حدث في المملكة، حتى لو كان في مجال الترفيه، حتى أننا نجد ما يتناقل في بعض مواقع التواصل الاجتماعي موضوع نقاشات في بعض القنوات التلفزيونية، مثل قناة الجزيرة، التي تهول وتولول على ما تسميه «الانفلات الأخلاقي» في المملكة، والغريب أنها لا تلتفت إلى ما يجرى حولها من فعاليات مماثلة. قطار الفرح والتغير في مجتمعنا انطلق على رغم جماعة «لكن»، والتي بدأت تلعب على مصطلح «القيم المحلية» وكأنها في خطر جراء حفلات موسيقية وغنائية أو مسرحية هنا أو هناك، وبدؤوا يرددون اسطوانتهم المشروخة التي رددوها عشرات السنين، مرة بالخوف من التغريب، ومرات كثيرة أن الفرح يتصادم مع الدين، وكأننا الوحيدين في العالم المسلمين الأتقياء، ولا نشاهد بليون…

نحن و«الهولوكوست»

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠١٨

في رسالة بعثها أمين رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى إلى مديرة متحف الهولوكوست في الولايات المتحدة، أشار فيها إلى أن تلك الجريمة هزت البشرية في العمق، وأسفرت عن فظائع عجز أي إنسان منصف ومحبّ للعدل والسلام أن يتجاهلها أو يستهين بها، مؤكداً أن الرابطة لا تعرب عن وجهات نظرها، استناداً إلى أي أبعاد سوى البعد الإنساني البحت المتعلق بالأرواح البريئة، فالإسلام يحمي الأبرياء، ويحاسب كل من يعتدي أو يقتل نفساً بريئة ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعاً. هذه الرسالة تأتي قبل أسبوع من المشاركة في فعالية ستقام في إيطاليا الأسبوع المقبل عن التصدي للعنف المرتكب باسم الدين. إن هذه الخطوة فيها من الشجاعة الكثير من قبل هذه المنظمة السياسية ذات البعد الدولي، المعبرة عن أكثر من 1.5 بليون مسلم في العالم تجاه هذه الكارثة الإنسانية التي حلّت باليهود في مرحلة الحكم النازي في ألمانيا، وغيرهم من الأقليات العرقية من الغجر والسلاف والأفارقة وغيرهم بدواعٍ كثيرة. لا شك في أن المنظمة انحازت إلى القيم الإنسانية، التي تدعو في جوهرها أغلب الأديان السماوية وتعلي من شأن العدالة والمساواة وتحرِّم قتل النفس وكأنما قتل الناس جميعاً، وتاريخنا الإسلامي والعربي فيه من هذه الشواهد الكثيرة على احترام الأقليات الدينية على امتداد تاريخنا، ولقد عاش أصحاب هذه الديانات في العالم العربي إلى فترة قريبة…

جلد مبتز أمام كلية للبنات!

الثلاثاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٧

في مجتمعاتنا العربية المحافظة، قضية السمعة والشرف والخوف من الفضيحة، وبخاصة في ما يتعلق بالمرأة، تمثل إشكالاً كبيراً، ولاسيما مع ظهور قضية «الابتزاز» من بعض عديمي الأخلاق، من الجنسين. ومع هذه الثورة المعلوماتية التي نعيشها، أفرز قضاء الأوقات الطويلة بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي سلوكيات، منها الابتزاز العاطفي والجنسي والمالي، بعد حصول المبتز، جراء اختراق حسابات الآخرين من «إيميلات»، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك من خلال الثقة ببعض العلاقات، التي قد تتغير إلى الأسوأ، ثم يقوم أحد طرفي العلاقة بابتزاز الطرف الآخر وإجباره وتهديده بفضحه وتنزيل صور أو مقاطع فيديو لها أو له في مواقع التواصل الاجتماعي إذا لم يرضخ لشروطه، والتي قد تصل إلى المساومة على قضايا تتعلق بالشرف أو دفع أموال. ويبدو من القضايا المطروحة في إعلامنا المحلي أن النساء أكثر عرضة لهذا النوع من الابتزاز، ولكن، كثيراً منهن لا يقمن بالتبليغ عن هذه القضايا، كما تشير أكثر الدراسات، خوفاً من الفضيحة الاجتماعية، وفي المملكة المشكلة خطرة إلى درجة أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنشأت وحدة خاصة لتعقب المبتزين، ولمساعدة النساء اللاتي يتعرضن للتهديد، وفي 2014 قال الدكتور عبداللطيف آل شيخ، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آنذاك، لإحدى الصحف المحلية: «نتلقى مئات المكالمات كل يوم من نساء يتعرضن للابتزاز». وبحسب إحصاءات لوزارة العدل، فإن…

تغلغل «الإخوان» في جامعاتنا

الثلاثاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٧

جماعة الإخوان المسلمين من أمهر التنظيمات السياسية في اختيار كوادرها، خصوصاً من طلاب مراحل التعليم الثانوي والجامعي، فهي تركز على مواصفات شخصية لهذه الكوادر، يكون لها القدرة على جذب الأتباع في محيطها التعليمي والمجتمعي وتنتقي المميزين تعليمياً في تخصصاتهم. نجحت هذه الجماعة ومنذ تأسيسها في التغلغل والسيطرة على الاتحادات والجمعيات في الجامعات العربية، وكلنا يذكر فوز القوائم الإخوانية في انتخابات تلك الاتحادات في الدول التي تسمح قوانينها بالانتخاب في جامعاتها، وكانت تلك القوائم الإخوانية في تنافس وصراع مع القوائم اليسارية في الجامعات العربية التي ضعف تأثيرها بعد هزيمة 76، مما فتح الفضاء الطلابي أمام جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة على الجامعات العربية، وكلنا يذكر استخدام الرئيس المصري الراحل أنور السادات في سبعينات القرن الماضي لهذه الجماعة في صراعه مع القوى الناصرية، إذ أطلق قياداتها من السجون وسمح لكوادرها الطلابية بالعمل السياسي هناك، وكانت نتيجة ذلك سيطرتهم على الاتحادات الطلابية في الجامعات المصرية في تلك الفترة. في حالتنا السعودية ولظروف تاريخية وسياسية كان الحضور الإخواني في مشهدنا التعليمي والجامعي من خلال وجود رموز إخوانية، خصوصاً المصرية والسورية في الجامعات السعودية، وعملت هذه الكوادر بنفسٍ طويل ومنظم لبث الفكر الإخواني في مجتمعنا، والتفت على تعهداتها وأخرجت لنا نسخة إخوانية محلية (سرورية)، واستقطبت الكوادر الطلابية المميزة في جامعتنا، والغريب أنها ركزت على الطلاب أو…

النشاط اللاصفي والمخاوف المباحة

الثلاثاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٧

ارتبطت النشاطات اللاصفية في تعليمنا بمرحلة الصحوة التي لم تختطف التعليم فقط، ولكنها للأسف وفي مرحلة لاحقة اختطفت المجتمع بأسره، وكلنا يتذكر المعسكرات الصيفية التي كان القائمون عليها لهم أجنداتهم السياسية بعيداً عن غرس مفهوم الوطنية في قلوب الطلاب. ومنذ تلك المرحلة ونحن نعيش حالاً من الخوف المشروع أن تتكرر عملية غسل عقول أبنائنا في تلك الأنشطة اللاصفية، وكلنا يتذكر أن أحد وزراء التعليم قال وبشكل واضح إن تعليمنا مختطف، وإن هناك منهجاً خفياً في مدارسنا، والخوف والكارثة أن تلك التصريحات من وزير التعليم في وقته لم يجب عليها بشكل واضح حتى الآن، وهذا باعتقادي أحد الأسباب التي تجعل المجتمع يساوره القلق من عودة النشاط اللاصفي والذي قررته وزارة التعليم وستطبقه بدءاً من هذا العام. البعض أخذ على وزارة التعليم في قرارها هذا بعدم وجود البيئة المهيأة في مدارسنا لممارسة هذه الأنشطة الحرة، إضافة إلى عدم وجود الكوادر البشرية التربوية للقيام بهذه المهمة، ولكن باعتقادي أن القائمين على التعليم استشعروا أهمية إخراج الطلاب من الرتابة وإكسابهم المهارات بعيداً عن رتابة الغرف المغلفة، وهذا بحد ذاته خطوة جيدة، ومن المهم أن نحاول أن نركز في هذه النشاطات على غرس المفاهيم الإنسانية العالمية في عقول الطلاب، فهم يعيشون في عصر غير العصر الذي عشنا فيه، ويجيدون اللغات الأجنبية، واهتماماتهم تتعدى الحدود، لذا…

القصيبي وأسباب ضعف الإعلام العربي في الغرب

الأربعاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٧

في هذا البيت للمتنبي (إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة... ففي الناس بوقات لها وطبول)، يقدم الدكتور غازي القصيبي لكتابه بعنوان «أميركا والسعودية.. حملة إعلامية أم مواجهة سياسية»، ويقول القصيبي إن الشاعر المتنبي تنبه منذ أكثر من ألف سنة إلى العلاقة المفصلية بين السياسة والإعلام. والمؤلف يشرح ظروف تأليفه هذا الكتاب على خلفية أحداث 11 سبتمبر وما طرأ من سوء تفاهم بين أميركا والمملكة، فبدلاً من معالجة ما طرأ من إشكالية بين الجانبين بالطرق الدبلوماسية المعتادة، فوجئت الرياض بحملة إعلامية أميركية غير مسبوقة في ضراوتها. الكاتب يناقش العلاقة بين الصحافي الغربي والسياسي في بريطانيا وفرنسا وأميركا وفي الدول الغربية الأخري، فلا يوجد في حياة الصحافي الغربي أهم من المعلومة، وبقدر ما تزيد أهمية هذه المعلومة وسريتها ومركز مقدمها تزيد إمكانية وأهمية السبق الصحافي، والتساؤل المشروع حول هذه الجزئية المهمة بين الصحافي والسياسي في الغرب على أي أساس تبنى ولماذا نجد الجهود العربية في اختراق الساحة الإعلامية ضعيفة أو شبه معدومة، على رغم الجهود التي تبذلها بعض الدول لإيصال صوتها وتصحيح صورتها في تلك المجتمعات، فمسألة العلاقة بين الصحافي الغربي والمسؤول البريطاني مثلاً، أن ذلك السياسي البريطاني لا يتحدث مع أجنبي غريب كما يقول المؤلف، ولكن مع صديق يعرفه من أيام الدراسة، وهنا لا بد من وقفة للعلاقة غير الرسمية التي…

المجلس الاقتصادي ومواجهة تحديات الشباب

الثلاثاء ١٥ أغسطس ٢٠١٧

في خبر نشر هذا الأسبوع أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية شكل لجنة لمعالجة قضايا الشباب، وانتهت هذه اللجنة بعدد من التوصيات وصادق عليها المجلس، وحددت اللجنة التحديات التي تواجه الشباب وهي، الحوادث المرورية، والسمنة، والانحراف الفكري، والبطالة، وضعف مخرجات التعليم، وعدم مواءمتها لسوق العمل، والمخدرات، والضغوط الاجتماعية والنفسية. بداية لا شك في أن مجتمع الشباب بجنسيه في أي مجتمع هو أساس التنمية والبناء، فكيف بمجتمع يشكل الشباب نسبة قد تزيد على 60 في المئة من سكانه كما هي حال المجتمع السعودي؟ مثل هذا الاهتمام من المجلس الاقتصادي الذي يترأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله وهو من جيل الشباب وأقرب إلى التحديات والتطلعات التي يواجهها شباب الوطن لهو دليل وخريطة طريق لهذه المشكلة الوطنية التي لا يمكن تأجيلها، فكلنا يعرف أن البطالة هي سبب رئيس لمشكلات الشباب في العالم ونحن جزء منه، وتظهر الأرقام الرسمية أن نسبة البطالة لدينا في حدود 12 في المئة وهي مرتفعة بين الإناث أكثر من الرجال، لأسباب اجتماعية وتنظيمية، وكلنا يتذكر بعض المعارضين لعمل المرأة مثلاً في محال المستلزمات النسائية، ولكن وزارة العمل مضت في مشروعها الوطني، هذا إضافة إلى سعودة بعض القطاعات الأخرى كما في قطاع بيع وصيانة محال الاتصالات، وهي باعتقادي تجربة رائدة يجب أن تعمم في قطاعات أخرى، اللجنة مثلاً…

العلمانية العدو الوهم !!

الثلاثاء ٠٨ أغسطس ٢٠١٧

في كل دعوة إلي علمنة المجتمعات الإسلامية والعربية خاصة تواجه مثل هذه الدعوات إلي الحداثة بالرفض والخلط بأن العلمانية هي مضادة للإسلام والحقيقة أن المجتمعات العربية وما تشهده من حروب دينية وطائفية هي في حاجة ملحة إلي نظام علماني يحدد العلاقة بين الديني والسياسي وهذا التفريق هو باعتقادي هو لحماية الدين في المقام الأول ، من استغلال الدين من تيارات سياسية وشخصية ضيقة كما فعل الخميني مثلا وأصبح يحكم كولي فقيه حيث يقول في هذا الصدد " إن "مفهوم فصل الدين عن السياسة قد ألقاه الاستعماريون في أذهان الشعوب " سيد قطب من جهته يقول " يقولون إن شعار الفصل بينهما عائد بالأصل إلى مفهوم غربي قائم على فصل الكنيسة عن الدولة" مثل هذه الممارسات والأقوال هي قمة الاستغلال السياسي للدين كما يرفعها تيار الأخوان المسلمين "الإسلام دين ودولة" والبعض يرفع شعار الإسلام هو الحل، العلمانية وكما نشهد ممارساتها في بعض الدول المتقدمة قائمة علي احترام حرية الأديان وممارسة الطقوس الدينية في تلك المجتمعات ونجد الكثير من الجاليات المسلمة تتمتع بحق بناء دور العبادة ووجود مدارس أسلامية في تلك الدول وهذا كله نتاج العلمانية التي نحاربها وتصور لنا علي أنها ضد المعتقد الديني وهذا بسبب شعارات أن المسيحية يوجد بها طبقة كهنوتية وأن الثورات هناك قامة ضد ممارسات تلك الطبقة…

محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.. ثنائي التحديث الخليجي

الثلاثاء ٠١ أغسطس ٢٠١٧

دولنا تمر بالعديد من التحديات التي وصلت إلى تحويل بعضها إلى دول فاشلة، الصومال منذ أكثر من 20 عاماً وهو في حالة حروب أهلية وصراعات قبلية، دول مركزية عربية (مصر - سورية - العراق) تعرضت ولا تزال تخوض مرحلة التعافي من حالات من ربيع أو خريف إسلاموي دمّر مفهوم الدولة ومؤسساتها، وبعضها سقطت أنظمتها السياسية، ولكن الحالة أصبحت لا تفرق عن حالة الصومال كما هي الحال في ليبيا. بعض النخب العربية تراهن على حتمية الفوضى بعد هذه التغيرات، التي للأسف لم يكن لديها البديل الفعلي من مؤسسات سياسية لها نهج فكري أو آيديولوجي لقيادة حتمية التغيير التي ينادون بها، لا يمكن والتاريخ شاهد على أن أي ثورات لها فلاسفتها والمبشرون بها، وبعضهم لم يشاهد أفكاره على أرض الواقع، فقد رحلوا قبل ذلك. فكر التغيير والثورات مرحلة وعي سياسي وثقافي تراكمي، ترفض السائد بكل أشكاله، وتقدم أطروحاتها الفلسفية لشكل التغيير القادم سياسياً واجتماعياً وثقافياً، والثورات العالمية مثل الفرنسية والأميركية والبلشفية قامت ضد التسلط الديني ومؤسسة الكنيسة هناك، ونادت وطبق بعضها مفاهيم الحرية والعدالة، وأسست دولة المواطنة، والبعض فشل في ذلك وسقط عندما ابتعد عن أسسها ومبادئها الأصيلة، كما حدث للثورة البلشفية في روسيا. في منطقة الشرق الأوسط، حدثت ثورة الخميني منادية بالتخلص من ظلم حكم الشاه ونصرة المظلومين، ولكنها للأسف سفكت…

تحولات إيجابية في العلاقات السعودية – العراقية

الثلاثاء ٢٥ يوليو ٢٠١٧

لا شك أن زيارة وزير الداخلية العراقي للسعودية الأسبوع الماضي واستقباله من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، خطوة مهمة في تعزيز التعاون الثنائي للبلدين ولتحقيق والعمل على مصالحهما المشتركة. إن ملف مكافحة الإرهاب يأتي على قمة الملفات التي ناقشها الجانبان السعودي والعراقي، وكلنا يعرف أن آفة الإرهاب تعاني منها المنطقة العربية، وللأسف أن ذلك بسبب تلك التنظيمات التي ترفع الخطاب والشعارات «الإسلاموية» وأيديولوجياتها العابرة للحدود والأوطان، من هذا المنطلق تأتي أهمية هذه الزيارة لتوثيق التنسيق والعمل الأمني لمحاربة هذه التنظيمات من «داعش» وغيرها. كما هو معروف أن الحدود بين السعودية والعراق تمتد لمسافة 800 كيلومتر، وهذا يتطلب عملاً أمنياً واستخباراتياً مستمراً بين الطرفين، وفي هذا السياق عبرت المملكة في برقية تهنئة للشعب والحكومة العراقية بتحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي، معبرة عن ذلك بموقفها السياسي مع العراق وشعبه الرافض للإرهاب مهما تعددت صوره وأشكاله، والمملكة كما هو معروف تعرضت لهجمات إرهابية من هذا التنظيم، ما يدل على أهمية العمل العربي والإسلامي والدولي في التصدي للإرهاب بإشكاله كافة، كما عبر ولي العهد السعودي قبل أيام في اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأميركي أن الحرب على الإرهاب وكل من يدعمه ويموله لا بد أن تستمر وبكل حزم. الإقليم يمر بأزمات متصاعدة، وخاصة…

«الهيئة».. ودراستها العجيبة لـ«التبرج والسفور»

الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠١٧

خرجت علينا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أيام بإعلان رسمي عن مناقصة لدراسة علمية عن ظاهرة التبرج والسفور في المجتمع. الهيئة تراجعت عن عزمها إجراء هذه الدراسة العظيمة، التي حقيقة لا أعرف سبب عزم الهيئة على أجرائها من الأصل، إضافة إلى وصفها بالظاهرة والوصول إلى نتيجة الدراسة قبل إجرائها لو تم. البعض طرح أن مثل هذا العنوان استفز شريحة كبيرة من المجتمع، وكان سبباً لإلغاء هذه الدراسة. علينا الإيمان بأن هناك قضايا دينية حولها خلافات فقهية، ولكن باعتقادي أن المتشنجين من خروج المرأة في مشهدنا الاجتماعي هم أصلاً ضد عملها، على رغم وجود كل الاشتراطات التي حددتها الجهات الرسمية التي تحمي المرأة في أماكن العمل، وكلنا يتذكر التجمعات ومقابلة وزراء العمل للاحتجاج على توظيف المرأة في مجالات تعمل بها المرأة في كل دول العالم. أتحسر على وضع بعض جهاتنا الحكومية واهتماماتها في صرف الملايين لدراسات غريبة عجيبة هي ضد أبسط حقوق البشر حول كيفية لبسهم، ومن ثم نطلق الأحكام عليهم من أشكالهم الخارجية، في الوقت الذي نقرأ فيه كل يوم بالصحافة العالمية عن اختراعات علمية وطبية تخدم البشرية، ونحن مازلنا نلف وندور حول كيفية لبس المرأة وكأن ذلك يهدد السلم الاجتماعي. علينا أن نحترم خيارات الإنسان البسيطة، وأن نحترمها، وهذا ليس بالأمر الصعب، ولكن المسألة لها علاقة بالتشدد…