رقية البلوشي
رقية البلوشي
كاتبة إماراتية

«كوفيد 19» والانقسام الكبير

الخميس ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٠

أظهرت جائحة «كوفيد 19» مدى هشاشة العالم الذي نعيش فيه، حيث قام الفيروس المجهري الصغير بهدم جدران الأنظمة الاجتماعية والصحية والأكاديمية السابقة، التي تم بناؤها على مدى المئة عام الماضية، كما أظهر الوباء ضعفاً عالمياً بين الأنظمة الدولية، سواء كانت تربط بين الدول أو اقتصاداتها العالمية. أدت تداعيات جائحة «كوفيد 19» إلى عالم أكثر انقساماً وغير متساوٍ، حيث إنه على الصعيد العالمي تم ظهور المزيد من الفوارق بين الشعوب، نظراً للأسباب التالية: أولاً، التفاوتات الصحية الموجودة مسبقاً، والتي زادت نتيجة للوباء. ثانياً، مدى استعداد الدول ومرونتها الاقتصادية. ثالثاً، جودة الاستجابة العامة للوباء، واتباع الحقائق العلمية. وأخيراً، مدى ثقة المجتمعات بإجراءات وبروتوكولات حكوماتهم في التصدي للفيروس. لقد شهدنا أيضاً كيف تم تقييم البلدان بناءً على نجاحها في الاستجابة لأزمة «كوفيد 19»، وخلق معايير جديدة لتقييم البلدان في المستقبل. نظراً لأن تداعيات أزمة «كورونا»، كانت ذات أبعاد متعددة، فقد أدت إلى زيادة الفجوة بين الدول المتطورة والنامية، على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، ما أثّر في جودة الصحة والتعليم والاقتصاد وفرص العمل. أما أكثر حالات عدم المساواة إلحاحاً في العالم، والتي نشهدها اليوم بسبب جائحة «كورونا»، فهي: أولاً: النظام الصحي العالمي لم يكن جاهزاً للاستجابة لإصابة جميع السكان بالفيروس في الوقت ذاته، حيث كافحت الدول المتقدمة لتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها منذ بداية الجائحة، ما…

الأمم المتحدة.. عطاء 75 عاماً

الخميس ٠١ أكتوبر ٢٠٢٠

سبعة عقود مضت منذ إنشاء الأمم المتحدة في يونيو 1945، حيث تم التوقيع على الميثاق في مؤتمر في سان فرانسيسكو، بقيادة كل من بريطانيا والصين والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة. نهضت الأمم المتحدة من رماد الحرب العالمية الثانية لتحقيق السلام والأمن العالميين كمبدأ رئيسي لها. إذا تعلم العالم أي شيء من الأشهر العشرة الماضية، فسيكون من أهمية (Multilateralism) والترابط العالمي. حيث أظهر لنا وباء فيروس «كورونا» المستجد أن اتباع نهج الانغلاق يؤدي إلى عواقب وخيمة، على سبيل المثال اضطراب في حركة الأفراد والسلع، حيث امتد الضرر ليمس قطاعاتٍ حيةٍ مثل السياحة والتبادل التجاري وسلسلة التوريد. وفقاً لبحث أجراه مركز (Pew) للأبحاث، يعيش 91 % من سكان العالم في بلدان تفرض قيوداً على الركاب القادمين من بلدان أخرى. ومن المتوقع حدوث انخفاض مماثل في التجارة العالمية بنسبة 27% في الربع ال الثلاثة السابقة، وذلك بناءً على مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD). وبينما تغلق كل دولة حدودها لمحاربة الفيروس، يخلق ذلك نهج العزلة في مكافحة الوباء، ويقلل من التعاون الدولي، مؤدياً إلى مستقبلٍ غامضٍ اقتصادياً وسياسياً، ويبدو الأمر وكأننا نتعثر في الظلام. لا يمكننا أن نتناول موضوع التعاون الدولي ولا نذكر الأمم المتحدة، خاصة أنها تزامنت مع الذكرى السنوية الخامسة والسبعين خلال شهر سبتمبر الماضي. اليوم، وبمشاركة 193 عضواً في هذه المنظمة…

«الدبلوماسية العلمية» قوة جديدة

السبت ٠٦ يونيو ٢٠٢٠

هل ما زال مفهوم الدبلوماسية القائمة على أفكار رواد القرن العشرين، ودبلوماسية الحرب الباردة تفرضُ نفسها كما كانت ذي قبل؟ وهل المفهوم نفسه هو ما قال به العديد من مُفكري العلوم السياسية بين القوة الكامنة لدى الدول، وقدرتها على تقديم العطاءات بديلاً عن الحروب والنزاعات، أو كما قال مارك توين تقوم على مبدأ: «الأخذ والعطاء، أعطي واحدة وآخذ عشرة؟». الدبلوماسية كمفهوم بدأت تدخل عليه عوامل جديدة، تساهم في تغير المفهوم في العلاقات الدولية، وهذا ما ظهر في ظل أزمة كورونا، فلم تعد الدبلوماسية هي القوة الجامحة التي تتحرك من قبل القوى العظمى نحو الدول الأقل قوة أو الأقل تقدماً، وقد يتحول شكل الدبلوماسي من صورة الشخص الأنيق من ذوي الياقات البيضاء، إلى العالم أو الطبيب أو المخترع ذي السترات البيضاء. في خضم أزمة الوباء العالمي الذي يشهده العالم، أصبحنا نفهم هشاشة العالم الذي نعيش فيه. حيث كشف لنا العدد المتزايد للوفيات يومياً عن مدى ضعف البلدان التي يُنظر إليها أنها من الدول العظمى في مواجهة هذا الفيروس القاتل. وبرز الدور السامي والبطولي للأطباء والكادر الطبي وهم يضعون حياتهم على المحك لمحاربة هذا العدو غير المرئي. وبتنا نشهد بالعلماء والباحثين وهم يقفون إلى جانب أهم قادة العالم لإجراء الإحاطات الإعلامية يومياً، في حين يترقب أفراد المجتمع الإعلان عن التوصل إلى لقاح…