يوسف الديني
يوسف الديني
كاتب سعودي

لغز التجنيد: «داعش» مرعبة لنا لكنها جذابة لهم!

الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠١٤

هناك رعب وخوف يمكن أن تقرأه في عيون الأشخاص العاديين الذين لم يقرأوا من قبل عن التطرف والإرهاب و«القاعدة» وأخواتها وأخيرا «داعش»، التجربة المتكاملة لتنظيم متطرف انقلابي يسعى إلى إقامة دولة وبطريقة ذكية تقرأ التوازنات الإقليمية والاستخبارات وليست بسذاجة رفاق الأمس الذين كانت أحلامهم على الأرض لا تعدو سوى الإثخان في العدو والشهادة ولقاء الحور في السماء، بينما تعدك «داعش» بكل شيء بدءا من إلغاء الحدود والفوارق والصعود السريع في هرم التنظيم وصولا إلى التمكين في الأرض وبناء الدولة والعيش وفق أسلوب حياة ونمط بدائي يعزز من الصورة الذهنية لمجتمعات الثغور في التاريخ الإسلامي وبطريقة تسويقية تستقطب المغيبين بحلم الخلافة الذي بات فكرة مسيطرة تداعب أحلام الأجيال الجديدة التي تشبه نظراءها في كل شيء سوى الفكرة المسيطرة، فشباب «داعش» لم ينزلوا من السماء، هم، خاصة الأجيال الجديدة، مشدودون وبارعون في التقنية سريعو التقلب والتأثر وسلم القيم لديهم مضطرب جدا، تبرز قيم الاستئثار والشجاعة والحميّة وإثبات الذات لكن في أشكال وقوالب وصيغ دينية لمنح هذه النفسية المضطربة بعض المعنى، بينما تتجلى في المجتمعات الشبابية في شكل ألعاب عنيفة وسلوك غير سوي... إلخ. صحيح أن ثمة وعيا كبيرا يتخذ شكل القلق والخوف من التطرف والإرهاب، لكن هذا الخوف هو فقط من التورط الأمني أو التأثيرات الكبرى من العمليات الانتحارية والتفجير، لكن هذا…

مقاومون ومقامرون: زمن الدم الرخيص والسياسة القذرة!

الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠١٤

رغم كل هذا الدمار الذي يحل بـ«غزة» عبر جرائم الحرب الإسرائيلية التي طالت أكثر من 400 من المدنيين، كانوا وقود المغامرات السياسية الرخيصة وذلك بتحويل هذا الجزء من القطاع إلى ورقة ضغط سياسية ومحاولة أخيرة لإنقاذ معسكر الإسلام السياسي المقاوم والدول المطبّعة الراعية له التي أفاقت من صدمة خروج الإخوان المسلمين من استحقاقات الربيع العربي بهذه المفاجأة من «حماس» للالتفاف على الحالة المصرية وإعادة تثويرها، فحماس في هذا التوقيت اختارت سلاح المقاومة الفعّال باعتباره مخالب إقليمية بيد تركيا وقطر، ليس لإعادة بعث مشروع الإخوان الذي بات مجرد ذكرى مؤلمة، بل لمحاولة الدفع بهذا التحالف السياسي الذي يجمع تيار الممانعة بشقيه السني والشيعي، وبالتالي فهو ثمن سياسي كبير ووجبة تفاوضية دسمة، لكن الفاتورة الإنسانية والحقوقية كبيرة إلى الحد الذي ربما نسف شرعية ومصداقية «حماس» بالكامل لولا أن وجودها جزء من بقاء مشروع الدولة اليهودية الذي يطرح بشكل أقوى كلما أمعنت حماس في استغلال مفهوم «المقاومة» ليس على الأرض، وإنما على الشاشات ودهاليز السياسة الخفية، والتحول إلى ورقة ضغط سياسية في الداخل الفلسطيني تجاه حركة فتح التي رغم أخطائها لم تكن هي وحركات لا تتفق وآيديولوجية حماس معزولة عن توترات الصراع مع إسرائيل في صعودها وهبوطها بين خيارات المقاومة المسلحة والرهان على المفاوضات ولاحقا طالت يد الممانعة تيارات إسلامية غير مسيسة كالتيارات…

لغز «داعش»!

الأربعاء ١٨ يونيو ٢٠١٤

هل أصبحت «داعش» لغزا عسيرا على الفهم، كما يوحي هذا الكم من المعلومات المتناقضة والمتباينة والتحليلات التي تتوسل نظريات مؤامرة في غاية التعقيد؟! هذا التعاطي الذي يقترب من حدود «الأسطرة»، بتحويل «داعش» إلى أسطورة، مقصود لذاته في حال استثنائي وصلنا إليه بعد «الربيع العربي» حيث الإرهاب والوحشة والبشاعة التي لا يقبلها عقل أو دين تتحول إلى كارت سياسي مهم تلعب كل الأطراف حتى المعادية على استغلاله بشكل جيد، وهنا لب «الأزمة»، فالاستغلال السياسي يجب ألا يحجبنا عن قراءة ظروف تعملق وتضخم هذه التنظيمات بعد فشل الربيع العربي. إذن كيف بدأت القصة؟ باختصار «داعش» هي منتج إرهابي منفصل عن «القاعدة» بعد أن كانت جزءا منها، ثم أضيفت إليها أفكار جديدة، إلى أن آل الوضع إلى هذا المزيج الذي يقترب من العصابات المنظمة منه إلى عمل جماعات العنف المسلح الدينية (بذور «داعش» تعود للخلاف الفكري بين تيار الصقور الذي كان يمثله الزرقاوي، و«القاعدة» التقليدية، وبعد مقتله ومقتل أبو حمزة المهاجر دخلت «داعش» مرحلة مشروع الدولة في العراق). تبدو «داعش» في عيون «الجميع» لغزا محيرا ينسب تارة إلى إيران وتارة إلى العراق وتارة إلى بشار وتارة إلى الولايات المتحدة، ناهيك عن الاتهام الاستعدائي الذي يعبر عن أزمة ترحيل الأزمات السياسية الإيرانية الشهيرة، والتي اقتبسها المالكي حين أطلق اتهاماته جزافا تجاه المملكة والخليج، وبشكل…

بيان علماء القطيف: خطوة شجاعة استلهمت حساسية التوقيت!

الأربعاء ١٢ مارس ٢٠١٤

البيان الذي أصدرته طائفة من علماء محافظتي القطيف والأحساء من الإخوة في الطائفة الشيعية، انعطافة مهمة جدا وتاريخية نظرا للتحولات التي تعيشها المنطقة وخاصة وضعية «المملكة» بحجمها وثقلها وعبورها رياح الأزمات، إضافة إلى ارتفاع منسوب الاستهداف لاستقرارها الذي لا تخطئه العين (تصريحات المالكي الأخيرة ليست آخر المطاف). أهمية هذا البيان سياسيا تفوق كل التأثيرات الأخرى، فهو بمثابة إعادة إنتاج العلاقة مجددا مع مراعاة المتغيرات على الساحة منذ أن لخبط «الربيع العربي» الأوراق، وساهم في بعث طموحات وأفكار الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي للرهان على أنموذج الربيع، وهذه نقطة تسجل لصالح شجاعة رموز الإسلام السياسي الشيعي الموقعين على البيان الذي لم يقابله حتى الآن بيان من الضفة الأخرى ورموز الإسلام السياسي السني لأسباب تعود إلى حالة الإنكار والذهول التي يعيشها أبناء الخطاب بعد السقوط المدوي للجماعة الأم في مصر وانعكاسات ذلك على المشهد الخليجي، وهو ما يعيد ترتيب الأسئلة، وأهمها: لماذا ما زال إخوان الخليج والسعودية يعيشون حالة الإنكار فيما يحاول إخوان تونس وتركيا وسوريا والسودان واليمن وحتى إخوان الأقليات المسلمة في أوروبا التعايش مع خصوصية مشاهدهم المحلية من دون تبني سقوط تجربة مرسي وبديع وفشلها كمسألة وجودية؛ حياة أو موت؟ الإجابة التي لا يتسع لها هذا المقال تكمن في عدم استقلالية الإسلام السياسي الخليجي عن مرجعيته الحركية بمعنى أنه لا…

بأي سلاح نحارب دعاة الموت؟!

الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠١٤

ما زال المشهد السعودي مرتبكا جدا في مواجهة التطرف والإرهاب، وهذا طبيعي بعد أن عشنا سنوات طويلة في فهمه وتعريفه والتأكد من خطورته، منذ حادثة جهيمان وحتى مقتل أبنائنا بين يدي «داعش» و«النصرة» وبقية منتجات «القاعدة» المشوهة. هناك تركيز كبير على «العناصر» السعودية في كل مناطق التوتر، وهذا راجع إلى جملة من الأسباب تتصل بطبيعة تحول «السعودي» المقاتل إلى قيمة إضافية خارج قدراته الذاتية، فهو عامل دعائي مهم ومزدوج من حيث استخدامه ككرت ضغط سياسي، كما أنه عامل استقطاب لكوادر جديدة محملة عادة بالتمويل والدعم والمساندة أحيانا للأسف من الأهل عن جهل وخوف من التواصل مع السلطات (عادة يجري اتخاذ قرار التبليغ بعد انقطاع التواصل أو القتل). اليوم يتكرر الحديث ليس عن توصيف «الإرهاب» فهو أمر قد تجاوزه المجتمع بعد أن طال العنف الداخل السعودي، وأصبحت الحرب على الإرهاب مهمة الدولة الأولى والمعركة ضده، كما قال الملك عبد الله مرارا طويلة ومستمرة، الحديث اليوم عن بأي سلاح نحارب التطرف، وهنا تحولت المسألة من الرغبة في المعالجة والإصلاح من قبل التيارات الرئيسة في المشهد السعودي إلى الاستغلال والإسقاط السياسي والاحتراب. الإسلام السياسي بمرجعية رموز الصحوة يتعامل مع الإرهاب على طريقة أكل الميتة، يستخدمه حين يفشل ويتضاءل موقعه وحجمه داخل المجتمع، إما بالدعم أو التبرير أو باعتباره نتيجة لأسباب سياسية يريد بها…

فرصة تاريخية لمحور الاعتدال

الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣

في السياسة فتش دائما عن المصالح الإقليمية وليس الداخلية، وبحسب عبارة جون كيندي الشهيرة فإن «السياسة الداخلية قد تخذلنا ليس إلا، أما السياسة الخارجية فبإمكانها قتلنا»، طبقا لهذه المعادلة السياسية فإن من المهم على محور الاعتدال الخليجي الآن بعد سقوط «الإخوان» وخروجهم الذي يبدو طويلا من المشهد، التفكير في مسارات الحسابات الإقليمية للمرحلة المقبلة. وإذا اعتبرنا بعد زوال غبار الربيع العربي الذي امتد طيلة الأعوام الماضية أن ثمة ثلاثة محاور رئيسة، وهي دول الاعتدال والمحوران التركي والإيراني، فإن من المهم قراءة السقوط المدوي لـ«الإخوان» ومصكوكة «الإسلام السياسي»، وفق حسابات الربح والخسارة على مستوى السياسة الخارجية. خسرت تركيا حليفها الاستراتيجي قبل أن تخسر نظيرها الآيديولوجي مع الفارق، فمكونات ما بعد مرحلة «الإخوان» لا يمكن لهم أبدا أن يشكلوا أي تحالف سياسي مع «النموذج التركي» الذي طالما تغنى به «الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي. الثوار والقوى السياسية المدنية تنظر إلى التجربة التركية بعين الريبة، لا سيما بعد أحداث «تقسيم»، والجيش المصري ذو النزعة القومية يتحسس من هيمنة حزب العدالة والتنمية التركي على الجيش وتحييده له، والسلفيون يرون في علمانية تركيا نموذجا غير صالح للحكم، كما أن الاقتصاد التركي رغم ضخامته لا يشكل عامل إغراء للانفتاح المصري على المنتجات الرخيصة القادمة من آسيا. في المقابل خسرت تركيا النموذج الديمقراطي الذي أنتجه الربيع العربي وسلمه…