زينب الخضيري
زينب الخضيري
كاتبة سعودية

حظوظ لامتناهية..!

السبت ١٩ يونيو ٢٠٢١

كلنا يريد أن يحصل على حياة سهلة، وأوقات سعيدة، وحظوظ لامنتهية، ولكن البعض منا تعود أن يربط سعادته وعواطفه وحالته النفسية بتحقيق الأهداف؟! ومن المتعارف عليه أن الربح والخسارة هما الحالة الانسانية الثابتة في هذا العالم الهش والدائم التغيير، ولكن لماذا لا نتعود أن نحول خساراتنا النفسية إلى أرباح؟ شاهدت مؤخرا فيلما قديما تدور قصته حول الشجاعة والحب لدى المستوطنين الأميركيين الأوائل، كانت ميزتهم أنهم لا يكترثون بالمعاناة ورغم خوفهم يتصرفون ويتحملون الوحدة ويتقبلون المحنة ويتغلبون عليها بهدوء، بينما لا يفقدون التركيز على أهدافهم. كانت لديهم شجاعة وعزيمة ألهمتني كثيراً حتى أنني لم أستطع السيطرة على مشاعري أثناء الفيلم، هذا الفيلم يوضح الفرق بين أن تتغلب على مخاوفك والظروف المحيطة بك، والتركيز على أهدافك دون أن تجعلها شرطاً في حب نفسك والرفق بها، وهذا لا يعني ألا تتأثر بالتحديات من حولك، ولكن لا تدع مشاعر النجاح أو الفشل تسيطر عليك، فأنت هنا ملك لنفسك ولست ملكا للتحديات والظروف من حولك، ربما من الجيد أن نتبنى موقف المقاتل في بعض المواقف حيث نرى الحياة معركة ليس فيها إلا "النصر" بدلاً من الانسحاب والاختباء خلف مشاعرنا عند أول تحدٍّ يواجهنا والكيل بمكيالين لوماً لأنفسنا، ولسوء الحظ غالباً ما تعطينا الحياة دلائل ومفاتيح غامضة شأنها شأن الألغاز، من أجل أن نتبع نهجاً معيناً…

رفقاً بما تبقى من مشاعر!

السبت ٠٧ ديسمبر ٢٠١٩

هل جربت تلك اللحظة التي تحس بها أن العالم ملك لك وحدك؟ هل جربت أن تحزن لدرجة أن يضيق العالم بك؟ ماذا تفعل عندما تتعب من الصراخ على الحياة؟ وما سلوكك عندما تفرح جداً؟ وكيف تحول مشاعرك السلبية إلى مشاعر إيجابية؟ والسؤال الأهم: ما الرهان الجوهري على حياتك، وما الذي يتحكم بمشاعرك وإحساسك تجاه الحياة، وما البرهان الذي تقدمه من أجل إثبات قدرتك على التغيير من الداخل؟ كل هذه الأسئلة تتداعى في روحي وكأن هناك صوتاً داخل رأسي يردد الأبيات الخالدة من قصيدة الشاعر ويليام بتلر ييتس العظيمة "المجيء الثاني"، حيث يقول: "الأشياء تتداعى، ويعجز المركز عن الصمود ويُطلَق العنان للفوضى لتجتاح العالم.. الصالح لا يجد سبيلاً للإقناع، بينما الطالح تملؤه قوة متوقدة.. أي وحش فظ هذا الذي يفيق أخيراً ويمشي محدودباً صوب بيت لحم ليولد هناك؟". هذه القصيدة تشبه مشاعرنا في مراهقتنا حيث توجد تلك الفترة الضبابية تجاه أنفسنا وعدم الثقة بقدراتنا وبالعالم، وهو شيء يدعو للتأمل، هنا أحاول تحريك الذكريات وأعيد المشهد الذي عشناه سابقاً مع مشاعرنا وفوضويتها والخوف منها، هذا الخوف الذي سيطر علينا فترة طويلة من الزمن يجب أن يختفي إلى الأبد من أجل أن نستوضح أنفسنا ونحدد مسارنا وإعادة النهضة لأنفسنا وقدراتنا وقراراتنا. إن تحرير أنفسنا من الخوف يبدأ عندما يكتشف الإنسان أنه مدفوع نحو…

قلوبنا في هذا اليوم..!!

السبت ١٠ أغسطس ٢٠١٩

عندما تشرع في قراءة مقالتي هذا اليوم البعض منكم قد يكون حاجاً، أو مكبراً في هذا اليوم الفضيل يوم عرفة، أو يكون منتظراً الإفطار بلهفة بعد يوم طويل من الصيام والتعب في هذا الجو القائظ..! يا ترى ما الذي يجعلنا نحب هذه الأجواء من الفرائض والسنن والتي لسنا مجبرين على أدائها مثل صيام يوم عرفة؟ في هذا اليوم يقف الحجاج على جبل عرفة, حيث يعد هذا الوقوف من أهم أركان الحج, أتذكر مشاعري عندما حججت لأول مرة كانت مزيجاً بين الفرح والرهبة والخوف من الوقوع في الخطأ حتى لا أفسد حجي, قرأت كثيراً عن الحج, وكيف أتمه بشكل يتناسب مع الجهد المبذول, كنت متحفزة جداً ومتحمسة لأبعد الحدود, كانت تلك الرحلة من أمتع رحلات العبادة, أتت سهلة جميلة وخفيفة وكسبت علاقات كثيرة مع من قابلتهم, أتت في وقت كنت أحتاجها نفسياً, كنت في سباق مع نفسي, ومع كل شيء حولي, وعكس ما قيل لي عن صعوبة الحج, انتهى الحج بيوم عرفة, وبعده العيد وكأنه مشاعر أم وأب يبحثان عن تفاصيل الفرح في ملامح أطفالهما، وكأني أحدثكم عن مراجيح الأطفال، وعذوبة أحلام الصبايا، عن مدينة يسكنها العشاق، عن حلوى القطن التي تتعاظم كلما شعرنا بالفرح, في عيد الأضحى المميز والذي يشبه حلماً استوائياً يمطر السكينة كل سنة, وكأنه شمس تبدد غيوم…

موت الصورة…!

السبت ٢٥ مايو ٢٠١٩

ما الذي يجعلنا نصور أنفسنا طوال الوقت ثم نحتفظ بالصور؟ ربما هو هاجس الخلود؟ فالصورة ماهي إلا تحنيط للحظات فائتة، وكأنها تعيد الحياة بعد الموت، فهي تخلد الحياة وتحفظها، وهي التي تمسح فكرة الغياب، هي رحلة اللاعودة، ألا تكون أنت قبل الصورة، فقط شكلك في تلك اللحظة وربما بعد إضافة فوتوشوب على الصورة فإنك تتلاشى، وقد يكون هنا موت الصورة، وكيف تموت الصورة إذن؟ تموت عندما أغيرها بطريقة مقصودة وكأني أغير الشكل واللون وأحياناً حتى وقت الصورة، هذا الهروب من نفسك هو ليس تخليداً للحظة هو تزييف لها فالصورة تلتقط حسك ونبضك وهي شاهد على كل شيء مر عليك إذا وثقته بالصورة.  ولكن ماذا لو زيفت الصورة ووضعتها داخل الإطار؟ نعم تزييف الصورة أن تكون شخصا آخر تتمنى أن تكونه وليس صورتك الأصلية كما خلقك الله، ربما هي خيارات فالبعض يحب أن يعدل في صوره فهناك برامج كثيرة ومن أشهرها الفوتوشوب الذي يأكل منك كل وهج الحياة، ومؤخراً فلتر السناب تشات الذي سهل عملية التصوير وستكون الصورة من خلاله مرضية جداً فهي لا تحتاج لخبير مثل الفوتوشوب والبرامج المعقدة، السؤال الممتد لهذا الحديث: ماذا صنعت بنفسك مع كل عملية فوتوشوب على كل صورة، وكأنك هنا تزيف تاريخك ونبضك وروحك، وتكتب تاريخا مزيفا لك فالصورة هي ماضٍ ولكن ليس لها مستقبل،…

بين الورود والبارود..!!

السبت ٠٤ مايو ٢٠١٩

كل شيء في الحياة يخيل إليك أنه يبتسم عندما تحب، وعندما تسمع بالحرب تعبس الدنيا في وجهك فلا مهرب من أهوالها إلا بالحب أحياناً. فالحب قد يقف في وجه الاستبداد والطغيان والحقد والقبح، ولكن ما وجه الشبه بينه وبين الحرب؟ كليهما يبدأ بهدوء، بلطافة، وبشرارة خفية، فالحرب قد يشتعل فتيلها دون استعداد لها، كذلك الحب قد يبدأ دون أن ترغب أو تبحث عنه، فالعلاقة بين الحب والحرب قديمة منذ الأزل، وكأنها صراع بين الخير والشر، فالحب في الحرب يمد المحب بالطاقة والقوة وهو ما يجعله يصبر على أهوالها، فعندما يحب الجندي فهو لا يتوانى عن مكاتبة حبيبته يومياً عن كل الرعب الذي يعيشه والبشاعة التي يراها، كذلك عن أشواقه الحارة رغم برودة الموت، وعن انتظاره للقائها وخوفه من ألا يراها مرة أخرى، يتجلى هنا الصراع بين العاطفة والعقل، بين الواقع والأحلام، ولكن ماذا يحصل للعلاقة في الحرب، فالمتعارف عليه أن علاقة الحب يشوبها ارتفاعات وانخفاضات ما بين شد وجذب، رضا وزعل، سوء فهم وغضب، غيرة وبرود، فما بالك عندما تعيش الحب في ظروف وعرة قاسية مفجعة، كيف ستكون شخصية المحب، فالحرب تحذرنا من النصف المظلم فينا، من ذلك الشر الكامن في النفوس ويأبي أن يتغير، هذه المتخمة بالضجيج والعويل والرعب والكوابيس، وكأن مرض دق باب جسدك لتفتح رغماً عنك، هي…

تلك الأشياء الفاتنة

السبت ٢٠ أبريل ٢٠١٩

"المطبخ بيئة قاسية، منه تخرج أقسى الشخصيات". غوردون رامزي.. الحب ليس له واقع نقاتل ونقتتل من أجله، هو زاوية صغيرة تأخذنا بعيداً عنها، فهو ليس حكراً على الأشخاص، فقد يكون لمكان، أو كتاب، أو لوحة، أو تحفة فنية، أو حتى طعام، ونادراً ما نتحدث ونصف علاقتنا بالأشياء والحميمية التي نحس بها عندما نرتبط بشيء حولنا، ونهمل وصف سلوكياتنا إزاءها والتي نكون في وئام معها، فنحن لا نعرف متى تشتعل شرارة حب الأشياء، ولكنها وقود للعيش، وكسر لروتين الأيام، فكلما أحببنا شيئاً وجربناه نكون مفتونين بالعالم، فبإمكان التجربة أن تكون الباعث للاستمرار، لأنها تجعلنا نرتبط ارتباطاً ذهنياً بالمكان أو الصوت أو حتى الطعم، فنصبح كطير عائد إلى عشه. والسؤال الذي يشغلني: ما طريقتك في تعقب شعورك تجاه ما تحب؟ بالنسبة لي التجربة عنصر مهم جداً، وكأنها بطل غير ممكن! وإحدى هواياتي هي استكشاف الشعوب من خلال الطعام وطقوسه، ويطيب لي زيارة المطاعم والمقاهي في كل مكان تطؤه قدمي، وأذكر في إحدى أمسيات الصيف كان لي لقاء مع طعام الشيف رامزي في مطعمه الذي افتتحه حديثاً في إحدى الدول العربية، كنت أعتقد أنني سأتناول طعاماً حاد الطعم يقطر صراخاً كصراخه على صغار الطباخين في البرنامج التلفزيوني Hell's Kitchen ومن تابع البرنامج يعرف أسلوب رامزي ومزاجه الناري وردات فعله العنيفة، ولكن بمجرد دخولي…

رواية الشباب تتنفس

السبت ٠٢ مارس ٢٠١٩

غالباً ما أسمع في الأوساط الثقافية وبين المثقفين أن روايات الشباب لا ترقى لمستوى الرواية، ولا تعدو كونها محاولات لإثبات الوجود، ولم تكن تقنعني هذه الفكرة، وكنت أتساءل هل فعلاً هناك إحصاءات ودراسات فتشت عن أدب الشباب وسرديتاهم؟ لذلك قررت أن أبحث عن كل جديد للشباب وأطلع عليه وأحكم بنفسي، وأثناء هذا القلق العقلي فاجأني القائمون في هيئة منتدى الفجيرة الثقافي باختياري رئيسة تحكيم لجائزة الرواية الشبابية، يعني أنني سأكتفي من البحث وستأتي الروايات إليّ كعينة للكشف عن المخبوء والنظر في مستوى الكتابة الروائية للشباب، وكان لي ما أردت كنت أقرأ كل رواية وأفكك عوالمها وأبحر في نفسيات شخوصها وأماكنها وأعيش معها، فكانت تجربة تستحق التوقف عندها، فلم تكن مسيرة التحكيم سهلة، ولم تكن صعبة، كانت بين بين، وطرقاتها مليئة بالدهشة حيث الزخم الروائي الجميل الذي يخبرنا أن الرواية مازالت بخير، وقد اطلعت في البداية على الكثير من الروايات الشبابية وكانت تتراوح ما بين الجيد، والجيد جداً، والممتاز، ومع تحديد القائمة الطويلة والتي كانت عبارة عن عشر روايات ارتفعت وتيرة التميز حتى وصلنا للقائمة القصيرة بخمس روايات، كنت مندهشة بما قرأت فهذه الروايات جاءت متماسكة في بنائها وقوية في أفكارها ومعالجتها للموضوعات بشكل مختلف حيث تفاجئك النصوص في كل مرة، وكنت محتارة مع لجنة التحكيم في القائمة القصيرة فكلها رائعة…

حكاية اليوم العالمي للغة العربية

السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨

منذ فجر البشرية، انطلق الإنسان يسعى في الأرض؛ ليجيب عن التساؤلات الوجودية التي تدور في خلده.. من أنا؟ ما ماهية الأرض والكون؟ لماذا أنا هنا؟ من أين أتيت؟ ما هذه الأشياء من حولي؟ وكثير من الأسئلة التي كانت تدور وتدور في عقله، ولكن لم يملك وسيلة أو طريقة للإجابة عن تساؤلاته، فالإنسان بخلاف بقية المخلوقات مخلوق لغوي، اللغة لديه تواصلية وأكثر من ذلك كما يقول تشومسكي؛ إذ يدور من خلالها التفكير، ومن هنا كان الإنسان العاقل كائنًا لغويًا، ولم تكن اللغة لديه تفاعلية فحسب كبقية المخلوقات. في الغابة ستلاحظ قطيعًا من الظباء يعبر قرب النهر فيلحظ أحدها نمورًا تتربص بالقطيع، فيصدر صوتًا فزعًا، فتعرف بقية الظباء أن ثمة خطرًا بالقرب، فقط هكذا فهمت وتفاعلت مع الصوت من دون أي تفسيرات يقدمها أول ظبي أصدر الصوت، وهكذا تسير بقية الأمور، فثمة أصوات وتعابير تعبر عن حوادث كإشارات يفهمها الجميع من دون لغة حوارية، وهذه تقريبًا تجمع جميع المخلوقات ما عدا الإنسان. أما بالنسبة للبشر فالأمور تسير بطريقة مختلفة، وعلى مدى الزمن كوّن الإنسان الأول لغة وكلمات (مفاهيم) توافق مع بني جنسه على معانيها ومدلولاتها حتى يتمكن من التعبير والتواصل معهم بكل سهولة، ثم ما لبثت الأجيال التالية حتى أضافت ووسعت دائرة هذه المفاهيم والمدلولات، وأضافت قائمة أوسع من الجيل الأول، وهكذا…

البؤس

السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨

يحدث أحياناً أن نختبئ هروباً من صراعات وتمزق هذا العالم، فنصاب بالردة النفسية أو ما يسمى عالم الانكماش على الذات، فنتقوقع حول ذاتنا ونعيش عزلة جادة عن محيط الجميع مغرقين بهمنا الخاص ومشكلاتنا اليومية، وعندما نرغب في معرفة العالم الآخر فإننا نتجه للقراءة، وبالذات الرواية، فحضور الرواية المكثف على مائدة الإنسان العادي ما هو إلا دليل على أنها تحمل الكثير من هم الإنسان المسكون بالبساطة. إن وعينا بما يحدث من حولنا ضيق ولا يلتقط إلا اللقطات القريبة منا، لذلك يأتي الخيال مساعداً على تصوير مشهد بانورامي أوسع ومكتمل الزوايا، فيحلّق بنا نحو أفق شاسع يتميز بقوة الحلم الساحقة، والذاكرة التي لا تكف عن الحضور لتعذيبنا كلما أوشكنا على النسيان، أحياناً يخلق الألم والبؤس قوة بداخلنا تجعلنا مختلفين، فالألم غالباً يجعلنا أقوى ونفكر بطريقة مختلفة، فكل إنسان له نصيب من الألم في هذا العالم، إلا أن البؤس هو ما قد نخلقه نحن لأنفسنا أو قد يخلقه الآخر لنا، والذي باستطاعتنا التخلص منه. وفي خطاب حول البؤس ألقاه فيكتور هوغو في الجمعية التشريعية الفرنسية قال فيه :»أنا، أيها السادة، لست ممن يعتقدون أّنه بالإمكان إزالة الألم من هذا العالم، فالوجع قانون إلهّي. ولكنني من بين الذين يعتقدون ويؤّكدون أنه يمكننا القضاء على البؤس. لاحظوا جيدًا، أيها السادة، أني لا أقول التخفيف منه…

قارئ عميق.. كاتب مذعور

السبت ١٥ سبتمبر ٢٠١٨

لا شك أن ثمة علاقة خفية، مميزة وغامضة تتشكل حروفها بين الكاتب والقارئ في حركة متواترة تشتد حيناً وتفتر حيناً آخر، وفق استغراق الكاتب في الكتابة واستحواذ النص على القارئ، ففي اللحظة التي يحاول فيها الكاتب فرض هيمنته من خلال نصوصه سيواجه صعوبات عدة تتعلق بقبول القارئ ووعيه ومشاركته للنص. فكل كاتب له طريقته في الكتابة، وله منهجه في استشعارها، وبالنسبة لي أعتبر الكتابة حالة اتحاد مع الكون، يحصل تناغم وتوطيد للصفاء، وتآلف مع الفكرة والغرق في المتناهي واللامتناهي، ولا يمنع أن الكتابة قد تكون لإثارة الضحك، أو الحزن، للتنوير أو التجهيل، التعاطف أو التخلي، والنتيجة تكون مذهلة، فالقارئ العميق يلمس كل أحاسيس ومشاعر الكاتب، ويحلل ما يكتب ويصدر أحكاماً أيضاً على الكاتب، لذلك هي فكرة مرعبة أن تحس أنك تحت تأمل القارئ، يصيبني الذعر كلما راودتني هذه الصورة، أحاول أن أستجمع أفكاري وتركيزي وأسأل نفسي من هو القارئ؟ وما معنى أن يقرأ لك شخص بعيد قد يكون في آخر العالم؟ ما معنى أن نكتب مشاعر الآخرين بكل شفافية؟ وما معنى أن أكتب وأنا مذعورة؟ أتعجب من تلك المشاعر التي تنتابني كلما هممت بالكتابة، يحضر القارئ أمامي بكل أسلحته ويراقبني وأنا أبني عوالمي ونصوصي، وخوفي يتعمق كلما استشعرت عمق القارئ، وهل فعلاً نصوصي سترتقي لتوقعاته وذائقته؟ هذه المخاوف هي ترمومتر…

عصا الساحرة..!

السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٨

لابد أن نعي أن الحياة ليست مسابقة، ونجاحات الآخرين يجب أن تسعدنا، فعندما نحتفي بالآخرين فإننا بنفس الوقت نقمع رغبات شريرة بداخلنا ونهذبها، وكذلك الاختلاف مع الآخرين سواء باللون، أو الجنس، أو المعتقد، ولو تأملنا بيئتنا الاجتماعية المليئة بالخلافات وباللغط ورفض الآخر سيكون نزوعنا نحو الإعلام الذي لا يتوانى عن عرض كل شيء وتعزيز العنصرية تجاه الآخر، ولكن بالنظر إلى المجتمع سنجد أنه يصعب عليه مواجهة هذا الاختلاف أو التحدث عنه بشكل صريح. والسؤال الذي لا يمكن تجاوزه، ما يحدث من رجعية علمية وعنصرية وتحزب وطائفية في بعض أنحاء العالم العربي، بماذا يمكن أن نفسره؟ هذا الغبش الرمادي للواقع ترسّخ الآن بطريقة لا تدعو للتفاؤل، وتلك الاضطرابات في إيقاعات الحياة اليومية لدينا، ما تبريرها؟ لم نعد نستطيع السيطرة على واقعنا بسبب الازدحام العقلي والروحي لكل أنواع التلوث الفكري واللفظي، فنحن نعيش في مكان واحد، ولكون المنطقة العربية تمر بتحديات ضخمة وغير متوقعة النتائج، ألا يمكن أن نبدأ ببناء مجتمعاتنا، ألا نحاول أن نريح عقولنا من الفوضى الذهنية التي نعيشها، ونجعل التسامح يأخذ مسار الألفة، لماذا لا نشجّع كل المبادرات التي تدعو للتعايش والتسامح، ألم يأن لكل عاقل أن يُشهر سيف عقله في وجه التحزب والعنصرية بداعي الاختلاف، ومع كل ما يطرح من مبادرات للتعايش بسلام واحترام مبدأ وعقيدة الآخر إلا…

أسئلة كسولة

السبت ٠١ سبتمبر ٢٠١٨

ما هو مركز التحدي الذي تواجهه كل يوم؟ هل تشعر أنك مميز أحياناً؟ وهل شعرت يوماً أنك شرير أو حقير؟ ماذا يمكن أن تسمي هذه المشاعر المتضاربة التي تعتريك؟ هذه الأسئلة خطرت ببالي عندما كنت أقتلع إحدى الشجيرات في حديقتي الصغيرة والتي ماتت بفعل الحرارة الشديدة، كنت أفكر بماهية الشجرة العلمية، ولكني أغفلت التفكير بعلاقتها بالأرض، هذه العلاقة التي تعيدنا إلى جذورنا الإنسانية وعلاقة الإنسان بالأرض. كتب باراك أوباما في كتابه «جرأة الأمل» The Audacity of Hope: إن القيم الأميركية تضرب بجذورها في تفاؤل أساسي بالحياة وإيمان بالإرادة الحرة. بمعنى الإيمان بأنك تستطيع أن تنجح في حياتك مهما كانت حياتك. ولكن ألا نحتاج إلى التحرر من الأفكار التي قولبتنا والأوهام التي نعيش فيها من أجل أن تنجح حياتنا؟ كثيرون منا لا يحملون منظوراً فلسفياً لبدء حياتهم، أو إعادة بنائها، ولكن باستطاعتهم أن يؤمنوا بأنفسهم وبإرادتهم، فعمر الإنسان قصير جداً، لذلك ليس لدينا وقت لنقضيه بالشك والحيرة. ومهما كنت إنساناً مختلفاً ومهماً كانت رؤيتك للعالم من حولك فتأكد أنك إنسان فريد، وبإمكانك أن تكون قوة إيجابية في وجه الرتابة والملل، وفي محاولة تقليد الآخرين مضاهاتهم وجعلهم النقطة المرجعية لحياتنا وسعادتنا، فرحلة الحياة تكمن عظمتها وجمالها في أن نكون نحن على طبيعتنا دون تزييف فالحياة ليست مسابقة. الواقع أن أول سؤال كسول…