تركيا و«إسرائيل» تستعيدان العلاقات الدبلوماسية بعد 6 سنوات من القطيعة

أخبار

استعادت تركيا، أمس الاثنين، علاقاتها مع كل من «إسرائيل» وروسيا، بإبرام اتفاق مع «إسرائيل» يتم بموجبه أن يدفع الكيان 20 مليون دولار لأنقرة تعويضاً عن هجوم الكوماندوز «الإسرائيلي» على السفينة التركية «مرمرة»، على أن يتم تبادل السفراء قريباً، وأوضح رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو أن الحصار البحري على غزة سيتواصل، وأكد أحد وزرائه أن الاتفاق تاريخي سيكون له أثر هائل في الاقتصاد «الإسرائيلي» من دون أن تحصل حماس في القطاع على أي امتيازات، وأجرى الرئيس التركي اتصالاً بنظيره الفلسطيني وضعه في صورة الاتفاق، ومن جهة أخرى أعلن الكرملين أن الزعيم التركي رجب طيب أردوغان اعتذر إلى الرئيس فلاديمير بوتين عن إسقاط الطائرة الروسية على الحدود التركية، وأن المشتبه به في قتل الطيار الروسي ستتم محاكمته.

فقد أعلن مسؤولون في كل من تركيا و«إسرائيل» أن الجانبين توصلا إلى اتفاق لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد ستة أعوام من القطيعة بين الحليفين التاريخيين، وأعلن نتنياهو، أمس الاثنين، التوصل إلى اتفاق مصالحة مع تركيا لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وبالتزامن أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم التوصل إلى اتفاق، وأشاد به واعتبره في مصلحة «أمتنا والفلسطينيين».

ووفقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في روما فإن «إسرائيل» وافقت على طلب تركيا بتعويض عائلات ضحايا السفينة التركية مرمرة التي كانت تهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة عام 2010. وقال يلديريم إن «إسرائيل» ستدفع عشرين مليون دولار لعائلات عشرة اتراك قتلوا خلال الهجوم على السفينة «مرمرة». وفي المقابل ستسقط أنقرة الاتهامات الجنائية ضد الجنود «الإسرائيليين» الذين شاركوا في الهجوم على السفينة. كما سيتم السماح لتركيا بإرسال مساعدات إلى غزة، عبر «إسرائيل»، والاستثمار في مشروعات للبنية التحتية.

وقال يلدريم إن أول سفينة ستنطلق يوم الجمعة المقبل إلى ميناء أشدود وعلى متنها أكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية. وأضاف في مؤتمر صحفي: «آمل أن يكون الاتفاق مفيداً لأمتنا وللفلسطينيين الذي تكبدوا الكثير». وذكر أن الجانبين سيتبادلان تعيين السفراء.

من جانبه، أكد نتنياهو المزايا الاقتصادية التي يوفرها تحسن العلاقات مع تركيا. ويرى محللون أن «إسرائيل» تأمل في أن تصبح أكبر موَرِّد للطاقة إلى تركيا. وقال نتنياهو: «الغاز مهم جداً ويسمح بتعزيز الاقتصاد «الإسرائيلي»… إننا نتحدث هنا عن كميات كبيرة». وأضاف «استخدم هذه الكلمة عن قصد(…) أعني انعكاسات إيجابية كبرى». لكن نتنياهو أكد أن الحصار البحري المفروض على قطاع غزة سيبقى على حاله بعد الاتفاق.

وكانت تركيا وضعت ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات مع «إسرائيل» هي اعتذار علني عن الهجوم وتعويضات مالية للضحايا ورفع الحصار عن قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.

وأكد يوفال شتاينيتس وزير الطاقة في الكيان أن الاتفاق لا يتضمن أي تنازل من «إسرائيل» بالدفاع عن نفسها وحماية أمنها. واوضح أن الاتفاق لا يمنح تسهيلات لحركة «حماس». واصفاً الاتفاق بعملية سياسية تاريخية ذات أهمية بالغة بالنسبة ل«إسرائيل».

ولطمأنة الفلسطينيين، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً هاتفياً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليل الأحد /الاثنين، «ليضعه في صورة» الاتفاق، كما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا). كما التقى أردوغان الجمعة الماضي في إسطنبول رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، خالد مشعل. وتعهدت تركيا أيضاً بمنع حماس من تنفيذ أي أنشطة ضد «إسرائيل» على أرضها، كما ذكرت صحيفة «هآرتس «الإسرائيلية»»، موضحة أن الحركة ستواصل العمل من تركيا لأهداف دبلوماسية.

من جانبه، رحب وزير الخارجية الأمريكي كيري بالمصالحة التركية «الإسرائيلية». وقال عقب لقائه نتنياهو في روما: «تحدثنا عن التقدم الذي يتم إحرازه – التقدم الكبير الذي يتم إحرازه، ونحن بالتأكيد نشجع التحرك باتجاه حل الخلافات بين تركيا «وإسرائيل»».

من جهته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال لقائه الرئيس «الإسرائيلي» رؤوفين ريفلين، أمس الاثنين، بالاتفاق معتبراً أنه «إشارة أمل» للشرق الأوسط. ورأى في الإعلان عن تطبيع العلاقات «الإسرائيلية»- التركية «إشارة أمل مهمة لاستقرار المنطقة».

من جهة أخرى، اعتذر الرئيس التركي أردوغان لنظيره الروسي بوتين عن قيام الطيران التركي بإسقاط مقاتلة روسية قرب الحدود السورية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ودعا إلى «إصلاح العلاقات بين تركيا وروسيا».

وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «الرئيس التركي عبر عن تعاطفه وتعازيه الحارة لعائلة الطيار الروسي الذي قتل، كما قدم اعتذاره»، مضيفاً أن أردوغان قال إنه «سيبذل كل ما بوسعه لإصلاح العلاقات الودية تقليدياً بين تركيا وروسيا». وأوضح الكرملين في بيان أنه تلقى رسالة من الرئيس التركي قال فيها إن أنقرة «لم ترغب أبداً ولم تكن لديها النية» لإسقاط الطائرة الروسية. ويؤكد أردوغان في الرسالة المنسوبة إليه أن «روسيا هي بالنسبة لتركيا صديق وشريك استراتيجي» كما أضاف الكرملين في بيانه.

وفي تركيا قال متحدث باسم الرئيس التركي إن أردوغان عبر عن حزنه العميق جراء إسقاط الطائرة الروسية.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أسقط الطيران التركي مقاتلة «سوخوي 24» روسية قرب الحدود السورية وقتل الطيار بإطلاق النار عليه أثناء هبوطه بالمظلة. واكدت تركيا أن المقاتلة دخلت مجالها الجوي وأنها حذرتها «عشر مرات خلال خمس دقائق»، فيما أكدت موسكو أن المقاتلة كانت تحلق في الأجواء السورية، ولم تتلق تحذيراً قبل اسقاطها. وأثار هذا الحادث أزمة خطرة في العلاقات بين البلدين. وفرضت روسيا قيوداً تجارية على أنقرة. وكان بوتين قال إن القيود لن تلغى إلى أن يعتذر أردوغان عن الحادث.

إلى جانب ذلك، قال مسؤول تركي، أمس الاثنين، إن رجلاً يشتبه في أنه قتل الطيار الروسي بعد أن أسقط الطيران التركي طائرته قرب الحدود السورية تجري محاكمته. واعتقل ألب أرسلان جيليك الذي كان يقاتل في ذلك الوقت ضمن لواء تركماني مدعوم من تركيا، ومعارض للقوات الحكومية في شمال سوريا في أواخر مارس/آذار في مدينة أزمير في اتهامات لا علاقة لها بذلك لكن المحكمة قررت في مايو/أيار أن الأدلة غير كافية لإدانته.(وكالات)

المصدر: الخليج