زيادة «محــدودة» في كلفة البناء رغم ارتفاع الحديد 60%

أخبار

ارتفعت كلفة البناء بالسوق المحلي بنسبة محدودة تراوحت بين 3 و5%، رغم ارتفاع أسعار الحديد بنحو 60% خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي لتتراوح بين 2350 و2500 درهم حاليا، مقابل نحو 1500 درهم مطلع العام .

وقال مقاولون لـ «الاتحاد» إن احتدام المنافسة يحول دون توجه كثير من المقاولين لزيادة سعر كلفة المتر المربع، بهدف الفوز بالمناقصات، موضحين أن كثيرا من المقاولين يضطرون لتقليص هامش أرباحهم للحصول على مشاريع جديدة.

وأوضح مقاولون أن أغلب المشاريع التي تم توقيع عقودها، والجاري تنفيذها لم تشهد زيادة في كلفة البناء بعد ارتفاع الصلب، فيما شهدت بعض التعاقدات الجديدة زيادة في كلفة بناء المتر المربع بقيمة 100 إلى 200 درهم.

وبحسب متعاملين بالسوق تتراوح كلفة بناء المتر المربع في أبوظبي حاليا بين 2200 و2900 درهم، وتختلف حسب المواصفات، حيث ترتفع الأسعار أحيانا لأكثر من 3 آلاف درهم.

وأرجع تجار مواد بناء ارتفاع أسعار الحديد إلى زيادة الأسعار العالمية، فضلا عن زيادة المواد الخام المستخدمة في صناعة الصلب، مؤكدين عدم وجود تأثير كبير لحجم الطلب بالسوق المحلي على الأسعار.

وأظهر تقرير صادر عن مركز الإحصاء – أبوظبي، الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار الحديد خلال شهر أبريل الماضي بنسبة 21.1% مقارنة بمارس 2016.

وأكد متعاملون بسوق البناء والتشييد في أبوظبي أن كثيرا من المقاولين لم يتجهوا لخفض كلفة بناء المتر المربع مع انخفاض أسعار الحديد إلى 1500 درهم قبل نحو 6 أشهر، ومن ثم فإن عودة أسعار الصلب لمعدلاتها الطبيعية حاليا لن يؤثر كثيرا على كلفة البناء. وأشاروا إلى وجود متغيرات عديدة تؤثر على كلفة البناء بخلاف سعر الحديد، مثل كلفة العمالة والتشطيبات وتكاليف النقل، موضحين أن نسبة مساهمة الحديد بوجه عام في تكاليف البناء لا تزيد على 7% غالبا.

زيادة الأسعار

وقال المهندس محمد فيصل سليمان نائب رئيس اللجنة الاستشارية العليا بجمعية المقاولين، والمدير العام بشركة الإمارات المساندة «مالتاورو» إن سوق البناء والتشييد يشهد حالة من المنافسة الشديدة بين المقاولين، ما يحول دون حدوث زيادة كبيرة في أسعار كلفة البناء.

وأوضح أن أسعار الحديد شهدت زيادة كبيرة، حيث يقدر سعر الطن حاليا بنحو 2325 درهما، مقابل نحو 1450 درهما مطلع العام الحالي، وهو ما يعني تسجيل زيادة في سعر الطن تصل إلى نحو 900 درهم. وتوقع سليمان زيادة كلفة البناء بنحو 3% مع زيادة كلفة الحديد مؤخرا، لافتا إلى اتجاه أحد المقاولين بالفعل بزيادة سعر المتر المربع بأحد المشاريع الجديدة بنحو 90 درهما مؤخرا، وذلك بعد زيادة الحديد بنحو 60%.

وكان المهندس سعيد غمران الرميثي الرئيس التنفيذي لشركة حديد الإمارات، قد أكد مؤخرا أن سوق الحديد في الإمارات يتجه إلى الاستقرار خلال الشهور الثلاثة المقبلة، مؤكدا استمرار الشركة في ضخ كميات إضافية من منتجات الحديد الوطنية بالأسواق المحلية تصل إلى نحو 30 ألف طن شهرياً، تضاف إلى 120 ألف طن بشكل ثابت حتى يستقر السوق.

وأوضح أن «حديد الإمارات» بدأت في اتخاذ إجراءات تثبيت أسعار منتجاتها للتجار منذ شهر أبريل، وهو ما جعل السوق يتجه نحو الاستقرار، خصوصاً بعدما قررت الشركة تقليص حصة تصدير منتجها للأسواق الخارجية بنحو 30 ألف طن شهرياً مع توجيه تلك الكميات للسوق المحلي.

نشاط السوق

بدوره، أكد المهندس فراس حارث الراوي رئيس مجلس إدارة شركة كاريزما للاستشارات الهندسية أنه في حالة وجود نشاط بسوق البناء والتشييد فإن أغلب المقاولين يستغلون زيادة أي بند لرفع الأسعار، إلا أنه في حالة الاستقرار أو الميل إلى الركود فإن المقاول يضطر لخفض هامش أرباحه وعدم زيادة الأسعار لاستمرار أعماله. وأوضح أن الفترة الحالية لا تشهد أي طفرة في الأعمال حيث يميل السوق إلى الاستقرار، وهو ما يحول دون حدوث زيادة ملحوظة في كلفة البناء. واستبعد الراوي زيادة أسعار المشاريع التي تم توقيع عقودها، أو بدء تنفيذها، لاسيما أن كميات الحديد يتم استخدامها أول 3 أو 4 أشهر من بدء الأعمال الإنشائية. وأوضح الراوي أن نسبة مساهمة الحديد بوجه عام في تكاليف البناء لا تزيد على 7% غالبا، ومن ثم فإن زيادة الحديد لا تعني بالضرورة ارتفاع كلفة البناء، إلا أنه في نفس الوقت يصعب تجاهل احتمال ارتفاع بعض المواد الأخرى في نفس الوقت، وهو ما قد يؤثر فعليا على الكلفة.

وأكد الراوي أن أسعار الحديد ترتبط في المقام الأول بالسوق العالمي، حيث يظل تأثير الطلب بالسوق المحلي محدودا، لاسيما أنه خلال السنوات الخمس السابقة هناك حالة من الاستقرار في الطلب، دون حدوث طلبات استثنائيه أو وقف للمشاريع.

خسائر التجار

ومن جانبه، أوضح خالد أدلبي، المدير العام للشركة العربية لمواد البناء، أن سعر طن الحديد تراوح خلال الشهر الحالي بين 2400 و2500 درهم، وذلك مقابل نحو 1400 إلى 1600 درهم قبل نحو 6 أشهر، مرجعا ذلك إلى زيادة الأسعار العالمية، فضلا عن زيادة المواد الخام المستخدمة في صناعة الصلب سواء بالمصانع المحلية أو الخارجية.

وأضاف أن ارتفاع الأسعار يشمل كميات الحديد المستورد أو المحلية، موضحا أن الحديد الإماراتي يستحوذ حاليا عن نحو 60% من السوق. وفيما يتعلق بحجم الطلب بالسوق المحلي، أوضح أدلبي أن إمارة دبي التي تشهد طفرة إنشائية تزامنا مع الاستعداد لاستضافة اكسبو 2020، كما تشهد إمارة أبوظبي مشاريع عمرانية متنوعة. وأشار أدلبي إلى اعتراض كثير من الملاك على زيادة أسعار الحديد خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا عدم استفادة التجار من هذه الزيادة كما يعتقد البعض. وقال إن بعض المصانع في الخارج قررت زيادة أسعار كميات من الحديد بعد التعاقد عليها، وقبل توريدها بأيام ما أسهم في تحمل التجار لخسائر مالية، لاسيما في حالة اتفاق التجار لبيع هذه الكميات لمقاولين بالأسعار السابقة.

تباين المواصفات

إلى ذلك، قال المهندس أحمد عثمان مدير شركة «ديسيمون» للاستشارات الهندسية في أبوظبي إن تكاليف البناء تشمل عناصر متعددة بخلاف الحديد، مثل العمالة والخرسانة والمعدات والنقل والتشطيبات، ومن ثم فإن زيادة بند واحد لا يؤثر كثيراً على أسعار البناء.

وأوضح أن متوسط كلفة المتر المربع تختلف بناء على المواصفات، حيث تصل في الفنادق لنحو 6 آلاف درهم، وفي الأبراج المكتبية أو السكنية إلى 4 آلاف درهم، فيما تقدر في الفلل السكنية بنحو 3 آلاف درهم.

واستبعد عثمان حدوث زيادة في كلفة البناء نتيجة ارتفاع الحديد، مؤكدا أن المنافسة الشديدة بين شركات المقاولات، تدفع المقاولين لخفض الأسعار بهدف اقتناص أي فرص متوافرة للعمل.

من جهته، أوضح غدير جمول المهندس المعماري بشركة رتاج للاستشارات الهندسية وإدارة المشاريع أن كثيراً من المقاولين لم يتجهوا لخفض كلفة بناء المتر المربع مع انخفاض لأسعار الحديد إلى 1500 درهم قبل نحو 6 أشهر، حيث كان يتم التسعير على 2500 إلى 2700 درهم للطن، ومن ثم فإن عودة أسعار الصلب لمعدلاتها الطبيعية يفترض ألا يؤثر كثيراً على كلفة البناء.

وتوقع جمول ارتفاع كلفة البناء بالمشاريع التي تستخدم كميات كبيرة من الحديد، موضحا أن الفلل الصغيرة التي يتم إنشاؤها عبر قروض إسكان المواطنين تستهلك كميات من الحديد تقدر بنحو 230 إلى 250 ألف درهم.

خسائر مالية

بدوره، أشار حمزة إبراهيم المدير التنفيذي لشركة الموناليزا للمقاولات والصيانة العامة إلى تحمل المقاولين خسائر مالية نتيجة زيادة أسعار الحديد، لاسيما في ظل صعوبة مطالبة الملاك بفارق السعر، بالمشاريع التي تم توقيع عقودها.

ولفت إلى اضطرار بعض المقاولين لزيادة أسعار متر بناء الفلل السكنية بأبوظبي بنحو 200 درهم، ليتراوح بين 2850 و2900 درهم، مقابل 2700 درهم قبل زيادة الحديد.

وقال إبراهيم إن معظم الملاك لا يتفهمون زيادة كلفة البناء، مشيرا إلى توجه بعض الملاك للتردد في توقيع العقود الجديدة، بهدف الانتظار لمدة شهر أو شهرين ترقبا لانخفاض أسعار الحديد، وهو ما يؤدي لحالة من الركود بالسوق.

وأوضح أن ارتفاع أسعار الحديد يرجع للأسواق العالمية، وهو ما يظهر في حدوث أزمات بالتوريد ببعض دول المنطقة، مشيراً إلى وجود نقص في بعض أنواع الحديد. وفيما يتعلق بحجم الطلب بالسوق المحلي، أوضح إبراهيم أن السوق يشهد حالة من تباطؤ الأعمال خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر، فيما يعود النشاط بين شهري نوفمبر ومايو.وأشار إبراهيم إلى ارتفاع أسعار بعض مواد البناء الأخرى بخلاف الحديد، لافتا إلى ارتفاع سعر الخرسانة الجاهزة من 210 إلي 225 درهما، كما ارتفع سعر الطابوق من 1,70 إلى 1.85 درهم.

تباين أسعار مواد البناء

أظهر تقرير مركز الإحصاء – أبوظبي مؤخرا أن مجموعات مواد البناء قد شهدت تغيّراً في متوسطات أسعارها خلال شهر أبريل 2016، حيث ارتفع متوسط أسعار الإسمنت خلال أبريل الماضي بنسبة 0.4%، والخشب بنسبة 0.2%، والمواد العازلة بنسبة 4.2%، وارتفع متوسط أسعار مجموعة الديزل بنسبة 11.4% خلال أبريل 2016 مقارنة بمارس 2016. وانخفضت أسعار مجموعة العمالة بنسبة 9.3% خلال شهر أبريل ، ومتوسط أسعار مجموعة البلاط والرخام بنسبة 2.0%، فيما تراجع متوسط أسعار مجموعة الزجاج بنسبة 0.4% ومتوسط أسعار كابلات الكهرباء بنسبة 1.1%، خلال الفترة ذاتها مقارنة بمارس . وشهدت بعض مجموعات مواد البناء ارتفاعاً في متوسط أسعارها خلال شهر أبريل 2016 مقارنة بشهر أبريل 2015، إذ ارتفع متوسط أسعار مجموعة الطابوق بنسبة 8.5%، ومتوسط أسعار مجموعة الأسقف المستعارة بنسبة 5.6%، وكذلك متوسط أسعار مجموعة الخرسانة بنسبة 2.2%، فيما ارتفع متوسط أسعار مجموعة البلاط والرخام بنسبة 6.7% في أبريل 2016 مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

المصدر: الإتحاد