اسم بيّاع

آراء

ثلاثة أشياء تزدهر تجارتها في رمضان: القطايف، التمر هندي، والدراما.. وهذه الأشياء الثلاثة، تتوافر بشكل هائل، وأحياناً يتقارب الطعم والجودة والشكل، بحيث لا تميز هذا الإنتاج عن ذاك الإنتاج، سوى بشهرة المحل أو قوة القناة.

بعض الأخبار الطازجة الطالعة من «مطابخ» الإنتاج، تتحدّث عن أرقام فلكية لكلفة بعض الأعمال الدرامية، بعضها لو وزّعت كلفته على عدد مشاهدي العمل لخلّصت ديونهم، وحسنت ظروفهم المالية، وتركت لهم «قرشين» لنائبات الزمان.

مسلسل «مأمون وشركاه»، مثلاً، والذي يقوم ببطولته النجم الكبير عادل أمام، وصلت ميزانيته إلى 60 مليون جنيه مصري، منها 40 مليون جنيه نظير أجر «الزعيم» وحده!

مسلسل آخر في «فرن» الإنتاج، يدعى «رأس الغول» بطولة النجم محمود عبدالعزيز، وصلت كلفته إلى أكثر من 40 مليون جنيه، حصة البطل محمود عبدالعزيز من العمل نحو 28 مليون جنيه!

المعادلة واضحة كما ترون هي تجارة أسماء، حيث لم أجد خبراً واحداً يتحدّث عن قصة المسلسل، ولا عن كاتبه، أو فكرته، أو عن ماذا يتحدّث، كل هذه الأشياء التي ذكرتها تمثل «المقطورة» المجرورة لا إرادياً، التي تتبع رأس النجم المحرّك.. فالإنتاج والتوزيع والانتشار والمنافسة، تقوم على شيء واحد أن يكون لديك «اسم بيّاع» وكفى، بغض النظر عن المحتوى والمستوى الفني.

هذه الدائرة الإنتاجية، التي تصل بمئات الملايين مفتاح حلقتها المشاهد.. شركات الإنتاج تبيع هذه الأعمال بأرقامها الفلكية – مضافاً إليها الربح – للمحطات الفضائية الغنية، المحطات الفضائية الغنية تقوم بترويج هذه المسلسلات للشركات العالمية والمحلية، التي يهمها أن يظهر إعلانها بين فواصل العمل، هذه الشركات تستهدف المستهلك بالدرجة الأولى للترويج لبضاعتها في قمة استمتاعه بمشاهدة المسلسل. ومع تكرار الدعاية يبرمج عقل المستهلك على شراء هذه السلعة، وهكذا تلتحم دائرة التسويق، فالمشاهد (المستهلك) هو الذي تقوم عليه كل الدراما بشكل مباشر.

كنت أفكر بجنون ورومانسية «صعلوكية».. ماذا لو تبرّع النجوم بـ10% من صافي أجورهم لجمعيات خيرية، أو لفقراء بلدانهم المعوزين، إن لم يكن من باب عمل الخير وصناعة الفرح للآخرين، فليكن من باب ردّ الجميل لمن أوصلني إلى هذا الثراء.. فلولا العيون الصغيرة ما لمعت كل هذه النجوم الكبيرة!

المصدر: الإمارات اليوم