الأموات الأحياء

آراء

شهدت الساحة العلمية والطبية الإماراتية خلال الأيام القليلة الماضية عملية جراحية نوعية، جسدت النقلة الهائلة التي تحققت فيها وحجم التطور العلمي والطبي في بلاد كانت إلى خمسة عقود مضت تعاني ندرة المستشفيات والأطباء والممرضين، مع ارتفاع وفيات المواليد والنساء أثناء الولادة وتدني معدلات الأعمار.

كانت عملية زراعة قلب لشاب إماراتي في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي الأولى من نوعها في الدولة، ونوعية بكل المقاييس، فقد كان المتبرع المتوفى سريرياً من داخل الدولة، وإلى جانب القلب تبرع بكليتيه لشخصين آخرين في هذه العملية الأكبر بعد إقرار قانون التبرع وزراعة الأعضاء في الدولة.

تعد العملية إحدى ثمار نهج قيادتنا الرشيدة ورؤاها السديدة، وحجم الاستثمار الهائل في الإنسان، وتوفير كل الموارد والطاقات لأجله، والجهد غير الاعتيادي الذي بُذل للنهوض بالخدمات الصحية في البلاد، بحيث وجدنا اليوم إلى جانب هذه المنشآت الطبية الرفيعة المستوى، عالمية الطراز والمعايير، مثل مدينة خليفة الطبية وكيلفلاند كلينك وغيرها، كوادر طبية من مختلف التخصصات، بما فيها تلك الدقيقة والنادرة. وقد شارك في أول عملية زرع قلب بالدولة، طبيب إماراتي.

قبل هذه العملية بأيام شارك جراح العظام الإماراتي، النقيب طبيب جابر راشد مبارك الخييلي، في إجراء أول عملية جراحية باستخدام الذكاء الاصطناعي بمستشفى في باريس لتبديل مفصل الكتف، وباستخدام تقنيات الواقع الافتراضي في العملية التي تابعها على الهواء مباشرة، أطباء في ثلاث قارات من مستشفيات في الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا الجنوبية.

إن عمليات زرع القلب والكلى بمستشفى مدينة الشيخ خليفة بأبوظبي، وكذلك مستشفى كليفلاند كلينك، والتوسع في زراعة الأعضاء يعبر، إلى جانب تقدم وتطور الإمكانيات البشرية والبنى التحتية، عن تطور وعي المجتمع وأفراده في ما يتعلق بالتبرع بالأعضاء، حيث تساهم في إنقاذ حياة آخرين بانتظار هذه الهبة الغالية والنادرة. وقد لاحظنا كيف شهدت هذه المستشفيات المتطورة والمتقدمة توسعاً في برامج التبرع وزراعة الأعضاء التي تتطلب كذلك زيادة وتكثيف التوعية بهذه المبادرات الطيبة التي تزرع الأمل بالحياة، في نفوس أشخاص كثيرين ينتظرون دورهم في المستشفيات، وفي كثير من الأحيان يضطرون للاغتراب والسفر، بحثاً عن فرصة الحصول على متبرع، يوافق أو ذووه على تقديم عضو منه ليعيش إنسان آخر، وفي تاريخ عمليات الزرع قصص إنسانية تروى صنعت حياة، ونشرت الفرح والابتسامة.

المصدر: الاتحاد