د. عبد الحميد الأنصاري
د. عبد الحميد الأنصاري
كاتب قطري متخصص في حقوق الإنسان والحوار الحضاري والفكر السياسي

السعادة مصلاً واقياً من التطرف

آراء

احتفل العالم بيوم السعادة العالمي، والذي صادف يوم 20 من هذا الشهر، وحققت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة متقدمة في التقرير العالمي الصادر من الأمم المتحدة، إذ حققت الإمارات قفزة كبيرة بتصدرها المركز الأول عربياً، للعام الثالث على التوالي، وفي هذه المناسبة السعيدة، قالت معالي عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة: إن ما حققته دولة الإمارات من تقدم ملحوظ في تقرير السعادة العالمي لعام 2017، يعد إنجازاً نفتخر به، ويشكل نتاجاً للرؤية السديدة لدولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله تعالى، ولتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي يؤكد: أن إسعاد الناس سيظل غاية وهدفاً وبرامج عمل حتى يترسخ واقعاً دائماً ومستمراً، وللمتابعة المستمرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأضافت «عندما يكون إسعاد الناس وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، هو الشغل الشاغل للقيادة، فإن النتائج تأتي منسجمة مع هذه التوجهات».

وقد حصدت دولة الإمارات واحداً من المراكز العشرة الأولى عالمياً في 21 مؤشراً من المؤشرات التي يرصدها مسح «غالوب» العالمي، حيث حلّت في المركز الأول عالمياً في 3 مؤشرات، هي:

1- مدى الرضا عن جهد الحكومة لحماية البيئة، 2- مدى تمتع الأفراد بصحة جيدة لأداء المهام اليومية، 3- مدى ملاءمة المدينة لإقامة الأفراد من دول أخرى.

وكما أسلفت في مقالة سابقة، فإن مفهوم السعادة قد تطور من مفهوم شخصي خاص بسعي الفرد لتحقيق سعادته إلى مفهوم جماعي يتعلّق بمهام أساسية للدولة المعنية بتحقيق السعادة، وكان رواد التنمية العرب في الماضي معنيون بمطالبة الحكومات العربية بوضع مشروعات للتنمية وجودة الخدمات ومشاريع البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، أما اليوم فقد تغيَّر مفهوم التنمية، ليصبح تحقيق السعادة وظيفة أساسية على الحكومات، عبر توفير بيئة حاضنة ومشجعة للأفراد لبناء مجتمع سعيد، يحققون فيه طموحاتهم وأحلامهم.

علينا أن نعي أن مطالبة حكوماتنا بتحقيق مجتمع السعادة، ليس ترفاً، أو أمراً كمالياً وتحسينياً، بل ضرورة ملحة لجهة حماية شبابنا من الغلو والتطرف والكراهية، وحماية مكتسباتنا وأوطاننا من التفرقة والانقسام، وحماية أمننا الوطني، تحقيق السعادة المجتمعية، أصبح من ضرورات الاستراتيجية الأمنية الوطنية، لأن المجتمع السعيد لا ينتج إرهاباً أو إرهابيين، من يحب الحياة، فهو سعيد، والسعيد لا يفجر نفسه، ولا يدعم التطرف، ولا يلتحق بالتنظيمات الإرهابية، المفجرون هم أبناء الكراهية، كراهية الحياة والبشر والحجر.

إنّ إشاعة الفرح والبهجة وتعميم مظاهر السعادة وترجمتها في المناهج والخطاب الديني أسلوب حياة وعمل، وهذا يُحصن شبابنا أمام موجات التطرف، كما أن إسلامنا مع إشاعة البهجة ومظاهر السرور وإسعاد الإنسان، ورسولنا رحمة مهداة، وما خُيِّرَ إلا اختار الأيسر والأوفق للناس، وقرآننا مع رفع الحرج والضيق والعنت ومظاهر الكآبة والبؤس (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ…)، «سورة الأعراف: الآية 32». ختاماً: أليس من الواجب علينا أن نشغل شبابنا بالانفتاح على الفنون والموسيقى، وكل ما يسعدهم ويبهجهم كما يفعل شباب العالم الذي يبدع ويكتشف ويساهم في صنع الحضارة والتقدم بدلاً من إشغالهم بخلافات الماضي وصراعاته التاريخية.

المصدر: الاتحاد