بشار الصغير

آراء

«السلطة تميل إلى الفساد، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة»، المفكر البريطاني اللورد أكتون.

تدعم بحوث علم النفس الاجتماعي مقولة أكتون، فالسلطة تقود الناس إلى التصرف بطريقة متهورة، والاصطدام مع الآخرين ورغباتهم، وتؤكد البحوث تغير سلوك الناس حال اكتسابهم القوة، فيبدأون بالتصرف إما بألفة أو بعدائية، وهذا ما يطلق عليه اصطلاحاً «فتنة السلطة»، وتستثني تلك البحوث القيادات الناجحة، التي تتمتع بالذكاء الاجتماعي، وتخاطب الناس بتفهم مشاعرهم ومراعاة رغباتهم.

تضرب تلك البحوث المثل في مجتمعات النمل، حيث لا تُعتمد القوة والقتال لتأسيس السلطة وفرض النفوذ، فبدلاً من ذلك، تكسب القيادات مكانها بالتأكد من أن كل نملة لديها ما يكفي من الغذاء، والعمل على حل الصراعات، وإنفاذ المبادئ التوجيهية للمجموعة.

ومع ما نراه على شاشات التلفزة من جرائم، يرتكبها نظام بشار الأسد بحق شعبه، جدير بأن يقف المرء مع نفسه قليلاً ويحاسبها، وليسألها هل أنا أشبه بشاراً في شيء؟ هناك فرضية جديرة بالمناقشة؛ فبذرة الشر أو الخير في النفوس واحدة، كل النفوس الخبيثة يتضح خبثها بمجرد أن تجد سلطة تمدها بمقومات الظهور، فلو تعرضنا للظروف نفسها، وامتلكنا القوة نفسها التي يبطش بها بشار، فبالتأكيد سيظهر معدننا الطيب أو الخبيث، وكم من المخزي أن يلعن المرء المجرمين، وفي الوقت نفسه تحمل نفسه بذرة إجرام غافلٌ هو عنها.

ولأن حدود سلطتنا تقتصر على الزوجة والأبناء والخدم، والبعض منا تتسع سلطاته، لتشمل عشرات الموظفين العاملين تحت إمرته، فسنرى مع هذه السلطة بشاراً صغيراً في الزوج الظالم، المستغل قوامته بإهانة كرامة زوجته، والتشكيك في نزاهتها، والتلصص على مكالماتها، بشار صغير – كذلك – من استعبد الخدم، فيأخر رواتبهم، ويتعامل معهم باعتبارهم طبقة حقيرة، وبشار صغير – أيضاً – من حرم موظفيه حقوقهم، يحاربهم في لقمة عيشهم، ويستغل وظيفته ليحقق مكاسب شخصية.

وأخيراً، أحداث الشام الأخيرة تحتاج منا إلى وقفتين: الأولى من النفس، نسألها أخبيثة أنت أم طيبة؟! والثانية لشكر نفوس كريمة تحكمنا، نراها كلما قويت الدولة وزاد خيرها، ازدادت حلماً وليناً على شعبها.

المصدر: الإمارات اليوم