جلد العم معيض

آراء

التخويف من العقاب، وممارسته ضد المخالف، هما جزء من ثقافتنا، في اعتقادنا السائد يكون العقاب مبرراً للتأديب والتقويم، وقد يكون أيضاً لردع الآخرين عن إتيان الفعل المشين، وأسوأ مبرراته هو الذي يكون بدافع الانتقام، وبعدما تمر اللحظة التي نوقع فيها الألم على الآخرين، يحق لنا أن نتساءل عن جدوى العقاب، ولو كنّا عقلانيين أكثر فسنتساءل عن جدوى استخدام وسائل أخرى، وبدائل للتأديب والتهذيب والتقويم.

تداول المغردون، عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، وسماً بعنوان «جلد العم معيض»، بعد شيوع فيديو يصور أطفالاً يلعبون الكرة داخل منزلهم، ثم ينالون العقاب من العم معيض، ومن بين مؤيد لفكرة التأديب نزولاً عند المثل الشعبي «العصا لمن عصى»، وآخرين معارضين وصفوا الحادثة بأنها نوع من العنف الأُسَري الذي يعاقب عليه القانون، استعرض قسم آخر من المغردين نصائح علماء النفس في تجنب العقاب الجسدي لتسببه في الأذى النفسي، حيث إنه يُشعر الطفل بالمهانة، ويدخله في حالة مرضية من الاكتئاب والقلق، وما ينتج عن ذلك من تحول الطفل إلى السلوك العدواني المناهض للعقاب، أو إلى شخصية مكسورة تنقاد للقوي الذي يحمل بيده العصا.

وبعيداً عن المؤيد والمعارض؛ شدتني التعليقات التي قالت إننا جميعاً تعرضنا للضرب، والنتيجة كانت جيدة، تلك التعليقات تغافلت البعد الآخر والأثر السيئ الذي تركه العقاب الجسدي في نفسياتنا من خوف غير مبرر حتى بعد بلوغنا، وعلامة ذلك الضعف هو عبارات التشفي التي يطلقها البعض، بسبب أو دون سبب، على من تجمعهم بهم صلة القرابة أو الزمالة الوظيفية متى حلت بهم ضائقة، والضعف في جانبه الآخر نراه فيمن نصّب نفسه حارساً للفضيلة، دفاعاً عن عيب يخفيه، أو خشيةً عقاب يمكن أن يقع عليه، وقد يتطور هذا الخوف فيهم، ليتحول دافعاً لتكميم الأفواه، وإقصاء الآخرين.

وأخيراً؛ نقول للعم معيض؛ نحن أولى باللوم منك، فكلنا العم معيض مع أطفالنا، وكلنا يعتقد فيهم المثالية والكمال، ويحملهم ما لا يطيقون!