رامز والصدمة

آراء

البرامج الرمضانية تشبه البوفيه المفتوح للصائم، لا تستطيع أن تشبع من كل شيء، لكن لديك الخيار في أن تتذوق كل شيء، أو على الأقل ما يقع عليه بصرك بالمصادفة، أو سمح لك وقتك المتقطّع في هذا الشهر.

فوجئت وأنا أحضر «عيّنات» من برنامج رامز تحت الأرض أن كل هذه الضجة الإعلامية والترويج الكبيرين، وحديث المواقع والصحف قبل البث وبعد البث، ما هي إلا صدمات كهربائية لإنعاش ميت، فكل الحديث الذي يجري حول رامز تحت الأرض للفت الانتباه إليه أكبر بكثير من حجم وأهمية وجمالية العمل نفسه.

تمكنّت من متابعة خمس حلقات كي لا أظلم العمل بالحكم على حلقة واحدة، فوجدته سطحياً يستغبي المشاهد العربي بصورة معيبة، وهو لا يدري أن المواطن العربي، لكثرة ما شاهد من مقالب حقيقية سياسية واقتصادية واجتماعية، لم تعد ترعبه المقالب الفنية المتقنة، فكيف بمقالب فنية مدبلجة ومتّفق عليها، وحجم التمثيل فيها رديء جداً ومفضوح؟ فلن يجد حتى المشاهد العادي صعوبة في تحليل ملامح الضيوف، ولا ردود أفعالهم الباردة على المقلب، كما لن يجد صعوبة في تمييز الكاميرات التي شاركت بأخذ اللقطات في أسخن لقطة بالمقلب، ما يعني أن الضيف يراهم وهم يصورنه ويرونه تماماً، ويتحركون بحرية حوله لأخذ أكثر من «تيك».

قبل أيام كشفت صحيفة هندية، بعد اتصالها مع مدير أعمال «شاروخان»، أحد ضيوف رامز جلال، أن النجم العالمي كان على علم مسبق بالمقلب، وتدرّب أكثر من مرة لتبدو ردة فعله طبيعية، حتى لا يفسد المتعة على المشاهد، وفوق كل هذا تقاضى 400 ألف دولار عن دوره وغادر. وهذه ضربة أخرى للبرنامج الذي فقد صدقيته منذ الجزء الأول، رغم ضخامة الإنتاج والصرف الكبير عليه، الذي لو وجّه إلى أعمال أخرى لأثرى الشاشة وأمتعها. بالمقابل، برنامج الصدمة بفكرته البسيطة والتكلفة الإنتاجية المتواضعة، مقارنة مع «رامز تحت الأرض»، يحقق نجاحاً وإبهاراً في كل حلقة، ويكفي أنه يستخرج إنسانيتنا المدفونة بالهم اليومي وبركام الأنانية، يكفي أنه يوقظ فينا الإنسان الذي لم تعد تهزّ مشاعره الاستجداءات، ولا المناظر المحزنة، ولا الفقر، ولا التشرد، ولا الجوع.. هذا البرنامج تفوّق على نفسه لأنه يحمل رسالة، وشتّان بين من يحمل رسالة ومن يحمل المغلّف الملوّن فارغاً.

المصدر: الإمارات اليوم