جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

سانشيرو بطل الأبطال

آراء

في دبي مكتبة رائعة تدعى كنوكيونيا، ربما أكبر متجر بيع كتب في الشرق الأوسط، وتستحق مقالاً وحدها فهي فرع من شركة يابانية هائلة بدأت كمتجر لبيع الأخشاب وانتهت بمالكة أكبر سلسلة لمتاجر الكتب، هل من علاقة بين العملين، ربما فالكتب تطبع على ورق والورق يأتي من الخشب .

تستطيع أن تمضي ساعات هناك تقرأ ما شئت، أو تقلب الكتب إن كنت من عشاقها، ثم تشتري ما شئت من بين آلاف العناوين أو تمضي راشداً متمتماً في نفسك «ما أكثر الكتب وما أقل الأوقات!».

القسم الذي يشدني بعد الإصدارات الجديدة من الكتب العربية السياسة هو «المانجا» اليابانية، بالقرب منه قسم لا يقل «فرجة» لمجسمات شخصيات الرسوم الكارتونية، ففي جمعها هواية مكلفة، لعل بعض الكبار وقد رزقوا مالاً وسعة، يعوضون بها سنوات الحرمان عندما كانوا أطفالاً ولا يستطيعون شراء مجلة سوبرمان واحدة، فكيف بمجسم سوبرمان نفسه؟

«المانجا» تعني في اللغة اليابانية «القصص المصورة» وهي فن واسع الانتشار بينهم، لا تقتصر على الأطفال، بل من العادي جداً أن تجد رجلاً بلباسه الأسود منصرفاً بين صفحات «المانجا» في القطار ولا يلتفت إلى أحد، فاليابانيون يتعاملون معها «مانجتهم» بشكل جاد، ثمة مجلات متخصصة في مغامرات «المانجا» توزع أسبوعياً أكثر من مليون نسخة، وتزيد صفحات الإصدار عن ألف صفحة كلها قصص مسلسلة لمغامرات مغرِقة في الخيال، إنها تلك القصص التي شاهدتموها كرسوم متحركة «سانشيروا»، «جراندايزر»، «الليث الأبيض»، «الكابتن ماجد» وغيرها كثير، هي في الأصل رسوم مطبوعة تحولت إلى متحركة، ما أدى إلى شهرتها عالمياً، اليوم تصدر عناوين «مانجا» عدة بالإنجليزية ولغات أخرى، ولكن حيث إنه للأسف فقد الشباب والأطفال العرب متعة القراءة، لم تحقق رسوم «المانجا» الاختراق المفترض عربياً، اكتفينا بمشاهدتها على التلفزيون .

حاولت مرة في مغامرة عابرة بعالم النشر أن أُدخل «المانجا» إلى العربية، فاشتريت مع صديق حقوق قصة من هونج كونج تحاكي الكابتن ماجد، وترجمتها للعربية، بيع منها آلاف قليلة، ولكن ليس بالعدد المشجع على تكرار التجربة، هذه المرة يحاول الكاتب الإماراتي الشاب قيس صدقي إدخال «المانجا» بقصة عربية يرسمها ياباني، فطرح سلسلة سوار الذهب التي تدور حول فتى يريد أن يكون قناصاً للطيور، وقد اشتريتها من قسم «المانجا» بمكتبة كينوكيونيا في دبي، قصة عربية تقليدية، ولكنها مفعمة بروح الإثارة المعتادة في «المانجا» أبدع فيها كاتبها قيس وصديقه الياباني اكيرا هيميكاوا، فأتمنى لهما النجاح لحبي لـ«المانجا»، رغم قناعتي بصعوبة ذلك، لسلسة يتيمة من الكتب، «المانجا» تحتاج إلى فضاء واسع لعشرات الكتب، والأغلفة المثيرة، والأبطال، في مكان واحد .

إنها تستحق المغامرة، لا أبالغ إن قلت إن هناك مليون عنوان «مانجا» تغطي كل شيء من مغامرات الفضاء الخيالية إلى التاريخ والرومانسية والسياسة، يستحق ألفاً منها أن تترجم للعربية دفعة واحدة، أتعجب أن لم تهتم الحكومة اليابانية بتقديم «المانجا» للعالم العربي، إذ يمكن أن تكون أفضل سفير لثقافة وحضارة بلادها، طبعاً بجوار «سوني» و«تويوتا» .

المصدر: مجلة روتانا