علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

صلاة الخوف: ثلاثة مشاهد

آراء

المشهد الأول: مع مئات المصلين أمس الجمعة شاهدنا جميعا بأم أعيننا تطبيقا فعليا عمليا لما قرأناه من قبل عن كيفية “صلاة الخوف”. جنديان من أبطالنا البواسل يقفان على أطراف ساحة الجامع بينما ينضم جنديان آخران في أطراف الصف الأخير من الساحة معنا لأداء صلاة الجمعة. وفور انتهاء الصلاة تناوب “الأربعة” الأدوار ما بين الصلاة والحراسة أنا أكره المبالغة. ذهبت لصلاة الجمعة بالأمس ولم يكن في خيالاتي أبدا أي هاجس أمني. لكن مناظر سيارات الأمن وهي تحرس جموع المصلين في كل مساجد هذا الوطن لا بد أن تقدح فينا وعيا مجتمعيا بأننا وصلنا مع هذا الفكر الإجرامي إلى حالة خطرة.

أختم هذا المشهد بطرفة جاري العزيز ونحن في الشارع المؤدي إلى جامع الجمعة، وكان مثلي تماما، بصحبة ولديه إذ يقول وهو يشاهد كثافة الأمن: دعونا نتفرق في صفوف متباعدة وكأنه يقول: دعونا نتوزع ما بين الناجين والقتلى والجرحى في صلاة جمعة.

المشهد الثاني: في ثنايا تحليل وقراءة القبض على آخر هذه الخلايا في “بشائر بلقرن” تبرز المعلومة المدهشة التالية: طفل في الثالثة المتوسطة يعيش في “وكر” مع ضال آخر يبلغ السادسة والأربعين من العمر، ويقبض عليه في شقة صغيرة عثر فيها بالصور والبراهين على ما يقرب من 120 كيلوجراما من المواد المتفجرة. ومرة ثانية، من الخطأ الجسيم الفادح أن تمر علينا قصة هذا الطفل دون أن نكشف قصته على الملأ ودون أن نحوله إلى “حالة مختبرية” مكشوفة من أجل العبرة والعظة. من هو شيخه، وما هي مدرسته، ومن هو أستاذه بالمدرسة، ومن هم “جحافل” الهاربين الذين أرادوا تحويل طفل بريء إلى صاروخ جسدي ناسف؟

المشهد الثالث: ما قبل الأمس، مر علينا ظهر الخميس الثالث على التفجير الإجرامي الإرهابي لمسجد قوات الطوارئ الخاصة في منطقة عسير. ومرة أخيرة سأمارس غواية الأسئلة: من هو الشيخ/ الداعية/ الخطيب/ الكاتب/ المثقف الذي حاول أن يزور هذا المسجد المكلوم، ثم يلقي كلمة عزاء ومواساة لمئات الشباب الأبطال الذين يواصلون دورتهم التأهيلية وقد فقدوا من زملائهم “درزناً” مكتملا في مأساة مكتملة. من هو فينا جميعا ذلك الذي استشعر حجم الجريمة ثم ذهب إلى هؤلاء الشباب في المسجد ذاته ليعلن أن الكلمة الصادقة أقوى من صوت الحزام الإرهابي المجرم؟ من هو فينا من ذهب إلى المسجد المكلوم ذاته كي يطلب من هؤلاء الأبطال الأشاوس أن يقفوا خلفه في صفوف متراصة ليؤدي صلاة “الغائب” على أرواح زملائهم الشهداء بإذن الله؟

الخلاصة: كلنا شركاء فيما وصلنا إليه: من صلاة الخوف حتى طفل المشهد الثاني إلى أبطال شهداء المشهد الثالث…. انتهت المساحة.

المصدر: الوطن أون لاين