د. عبد الحميد الأنصاري
د. عبد الحميد الأنصاري
كاتب قطري متخصص في حقوق الإنسان والحوار الحضاري والفكر السياسي

قمة الحكومات ووصفة السعادة

آراء

في القمة العالمية للحكومات (12-14 فبراير الجاري) بدبي، بحضور أكثر من 4000 شخصية إقليمية وعالمية من 138 دولة، وبمشاركة الهيئات العالمية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)، والمنظمة العالمية للأغذية والزراعة (الفاو)، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير.. إلخ، تم طرح أهم أسئلة القرن الـ21 المتعلقة بالتحديات المقبلة: العولمة والصحة والتعليم والتنمية والتغير المناخي والأمن الغذائي وتحصين المجتمعات من وباء التطرف وقضايا الشباب والتسامح والتعايش المشترك.. وكانت الرؤية المستقبلية هي المهيمنة على الطروحات المقدمة كافة، اتساقاً مع العنوان الاستشرافي: أسئلة الغد نجيب عليها اليوم.

وكان المنظمون موفقين حين استبقوا هذا الحدث العالمي، بتنظيمهم مؤتمر «الحوار العالمي للسعادة» كحدث فريد شارك فيه أكثر من 300 خبير دولي.. فما دلالة ذلك؟

لقد تطور مفهوم السعادة من مفهوم شخصي، خاص بسعي الفرد، إلى مفهوم جماعي يتعلق بوظيفة أساسية للدولة الحريصة على تحقيق السعادة لشعبها. وكانت أدبيات التنمية، في الماضي، معنية بإنجاح مشروعات التنمية وجودة الخدمات ومشاريع البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية والرياضية وحقوق الإنسان… إلخ، أما اليوم فقد تغير هذا المفهوم ليصبح «تحقيق السعادة» واجباً على الحكومات، أي السعي لتوفير بيئة داعمة وحاضنة ملائمة لبناء مجتمع سعيد، طبقاً لعهود خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي أضافت في كلمتها الافتتاحية: «إن دولة الإمارات تؤمن بأن الوظيفة الأولى للحكومة، والهدف الأسمى لعملها، هو تحقيق السعادة»، مستشهدةً برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقوله بأن «دور الحكومات هو خلق البيئة التي يستطيع الناس من خلالها تحقيق أحلامهم وطموحاتهم، ويستطيعون أن يحققوا سعادتهم».

وتوضح وزيرة التنمية بجمهورية سلوفينيا: لاحظنا أننا رغم تحقيق معدلات جيدة جداً للتنمية الاقتصادية، فإن مؤشرات الرضا عن الحياة كانت متدنية، لذلك قررنا كحكومة العمل على إيجاد أساليب أفضل لإسعاد شعبنا».

وطرح الحوار العالمي للسعادة 10 مواضيع رئيسية ضمن 4 محاور هي: دور الحكومات في تحقيق السعادة والرفاه، علم السعادة، تصميم واعتماد سياسات السعادة والرفاه، وأخيراً قياس السعادة.. وهي مواضيع أثرت أعمال القمة العالمية للحكومات.

قمة الحكومات قدمت وصفة السعادة للمجتمعات، عبر الأوراق التي قدمها الخبراء، ومنها: دراسة مقدمة من جامعة هارفارد بعنوان «75 عاماً في دراسة السعادة»، وقد تعاقب على المشاركة فيها علماء من الجامعة، وتوصلت إلى 5 أسباب للسعادة: العمل الهادف، التفكير الإيجابي، العطاء، الحرية، الصحة الجيدة.

أجريت الدراسة على 724 شخصاً طوال 75 عاماً، عبر لقاءات دورية معهم وعائلاتهم وأطبائهم. وعرضت تجارب رائدة من المملكة المتحدة وتشيلي وإيرلندا والإمارات، ودور المدن في تحقيق السعادة، وأبرزت تجارب ملهمة لمبادرات وسياسات وبرامج جعلت المدن حاضنة للسعادة وغيرت الناس إيجابياً، منها: تجربة (المدارس السعيدة) في بانكوك.

وفِي محور «مجتمعات السعادة العالمية» تم التركيز على عناصر: السياسة العامة والسعادة، الصحة والسعادة، التعليم والسعادة، قياس السعادة، المدن السعيدة، السعادة المؤسسية، حوكمة السعادة، الاستدامة والسعادة، مستقبل السعادة.

واستعرضت الدكتورة عائشة بن بشر، مدير عام مكتب دبي الذكية، تجربة دبي في ابتكار وتطوير مؤشر السعادة، وأكدت أن 6.7 مليون متعامل استخدموا مؤشر السعادة في دبي. ومن المهم هنا، التنويه إلى تقارب المعايير مع «تقرير السعادة» للأمم المتحدة، الذي يصدر سنوياً، ويعتمد 7 معايير: نظام الحكم، جودة التعليم، فاعلية البرامج الصحية، عدالة الأجور، تكافؤ الفرص، مكافحة الفساد، كفاءة النظام الإداري.

المصدر: الاتحاد