ليت السوبرماركت يبيع رطلاً من الحب!

آراء

الحب الوحيد، هو حب كائن ما, فلقد عرفت, في غياب هذا الحب, فراغ السماوات الحقيقي, وطفو كل ما كنت عازماً على الإمساك به فوق سطح البحر الميت, وصحراء الزهور. “أندريه بروتون , الحب المجنون,1937”.

كيف لنا أن نتبادل منح الحياة ونقدرها, كيف لنا أن نحب دون أن يجرحنا من نحب, ففي كل مرة أقرر ألا أحب تخونني انثناءات في القلب وكلما أغلقت كِتاب حُبِ قلبي آخِذُ موعداً عاجلاً معه لفتحه مرة أخرى, فقلبي مليء بقصائد مشبوبة بالشغف والوله, ولا أترك فراغا لفناء القناعة في الحب, وفي قلبٍ مرصوف بالمشاعر في شكل عفوي ثمة حركة متسارعة لكل من ألوان المشاعر والجمال يعبر عنها بالكلمات, واللفتات والايماءات, فتصبح الحياة أكثر تشويقا, ولكن الحب المشبوب بالعواطف المنهمرة كالمطر يحتاج الى شرحه وتفسيره بالكلمات الى الحبيب, فالصمت هو قاتل شرير لتلك المشاعر التي يفترض بنا تقديمها بكل شفافية وصدق, فحالات العشق والحب ليست كثيرة أو شائعة لذلك يجب أن تتجاوز لغة البوح من محيط المحب الى محيط المحبوب مطرزة بالكلمات وملفوفة بمنديل حريري من المشاعر, ولا يركز القلب على المشاعر العمودية فهي تعطي ثباتا دائما, بل يركز على المشاعر المائلة والمنحنية ليعطي دفعا في المسير والاستمرارية, فتراص المشاعر والأحاسيس هي اوركسترا رائعة فكل شيء يوحي بالإيقاع حيث للمشاعر معنى الاختلاف التكاملي, هي حالة لانغراس القلب في حضرة الحب, كيف يستطيع هذا القلب حمل كل هذه المشاعر المتلاحمة ودفنها في باقي الجسد؟ فعندما أحاول ترك بعض التفاصيل جانبا وأغوص قليلا في الحالة الشكلية للإنسان عندما يحب تتجلى الحالة التآلفية ما بين الروح والشكل,وكأن كل شيء يقع نحو الأعلى وليس الأسفل هي مشاعر ملتوية حنونة متبوعة بنبضات لينة تؤلف نغمات متراصّة تؤدي الى حالة ابتهالية تتجلى في حركة السلام الداخلي. والحب يشدّ الانسان نحو النهاية يوقظ فيه أكداس الشوق, الصفاء, والعطش إلى أجمل ما في الحياة, فتبتسم القلوب وتتحول إلى قصائد بوح, وفرح, (والتقينا، ووضعت البحر في صحن خزف، واختفت أغنيتي, أنت، لا أغنيتي,والقلب مفتوح على الأيّام، والبحر سعيد) “محمود درويش “.

هذه الابيات من القصيدة هي حالة تكاملية بين عناصر القلب والمكان والغلبة دائما تكون للمشاعر الاقوى حضورا, حيث يتنوع الحب بتنوع المكان والزمان, فيخلق مساحة لونية نابضة بالفرح تكون بمنزلة الصدى المتمثلة بالمشاعر التي تثلج القلوب,ورؤيتها على ضوء خافت يحدد الكتلة الملتهبة من المشاعر الطافحة بالحب قبل الولوج الى الضوء الداخلي لموسيقى القلب, فالحب عندما تشتعل جذوته يبدأ بالتنزه بحرية في أرجاء الجسد مخلفا طاقة وحيوية ونشاطا لا يقاوم, فبعض الحب يعد نوعاً من المواساة وتهدئة للقلب, وبعضه يسبب جراحاً لا تداوى لنا, وعندما تكون مسيرتك العاطفية قاسية, فلن تشفع لك خبرات الآخرين في الحب ولن تقيك نصائحهم حُمّى الوجع, فكلّ حبٍّ هو حبٌ جديد بكل ما فيه من لذة وألم, ولكل عُمْرٍ موعدٌ مع الحب والعشق،فهو لا يتوقف عند زمان أو مكان, بل هو دورة حياة مستمرة تنمو وتُزهِر مثل باقي الكائنات.

المصدر: الرياض