مضيق الإرهاب الإيراني!

آراء

قلنا مراراً إن إيران ستلجأ إلى الإرهاب كسلاح للمواجهة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وستزداد وتيرته بعد فرض العقوبات الأميركية، وستتخذ من ميليشياتها المأجورة أداة للتنفيذ، وليس التهديد فقط، وكان آخرها الاعتداء الإيراني الحوثي على ناقلتي نفط سعوديتين في باب المندب، وإعلان المملكة تعليق جميع شحنات النفط الخام التي تمر في المضيق إلى أن تصبح الملاحة فيه آمنة.

الموقف السعودي المؤقت والمشروط هو رسالة للعالم للتحرك لحماية الممرات المائية الدولية لأغراض الملاحة والنقل والتجارة، وتأكيد على أن إيران تمثّل مصدر ذلك التهديد، إلى جانب أن المملكة ليست الوحيدة المعنية بذلك الاستهداف، بل العالم وأوروبا تحدياً سيتضرران من نقص الإمدادات، وارتفاع الأسعار، وبالتالي على المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته تجاه التصعيد الإيراني الخطير.

المملكة رغم قرار التعليق لا تزال ملتزمة بحصتها اليومية في السوق، حيث تملك بدائل لتوفير الطلب، من خلال خط الأنابيب الضخم الذي يربط بين حقول الظهران على ساحل الخليج العربي إلى مدينة ينبع في البحر الأحمر، مما يغنيها عن المرور بمضيق باب المندب، رغم زيادة الوقت والتكلفة، ولكن يبقى أفضل الخيارات أماناً، بينما دول مثل الإمارات والكويت والعراق ستضطر إلى قطع ناقلاتها رحلة أطول عبر رأس الرجاء الصالح وصولاً إلى الأسواق الأوروبية.

في الرابع من نوفمبر المقبل سيتوقف النفط الإيراني عن التصدير بفضل العقوبات الأميركية المقررة، والمملكة المرشح الدولي الأكبر لتغطية العجز مع دول أخرى، حيث يمثّل الاعتداء على الناقلتين السعوديتين تهديداً لتلك الخطوة، ومحاولة إيرانية لاستباق الموعد، وخلط الأوراق، وبعث رسالة لأميركا تحديداً أن النفط الإيراني لن يتوقف أو يتضرر وحده.

الحادثة في تفاصيلها إعلان حرب اقتصادية على المنطقة والعالم، والدليل أن إيران على لسان قاسم سليماني تعلن أن البحر الأحمر وليس باب المندب فقط لم يعد آمناً، وتزيد على ذلك تهديداً بإغلاق مضيق هرمز، وتواصل تصعيدها الخطير نحو استنزاف الدول المصدرة وقتاً وتكلفة في توفير إمدادات النفط.

إيران لن تتوقف عن إرهابها ما دامت الأزمة اليمنية مستمرة، والحوثي يطيل أمدها لمكاسب وقتية، والممول القطري بفدية القرن يدعم الإرهاب علانية، وحزب الله في لبنان ينفذ أجندات إيرانية لنشر الفوضى، ولكن رغم كل ذلك الحراك الإيراني المستعر والمتوقع في هذا الوقت ليس سوى مهمة استباقية قبل فرض العقوبات، حيث ستتعطّل تلك الأدوات مع أول اهتزاز داخلي للمسيرات الخضراء في طهران، فلا هجوم خير من الدفاع عن الداخل الذي سينتفض قريباً، وحينها يكون الجزاء من جنس العمل.

المصدر: الرياض