هل أنت متزوج؟

آراء

تخيل نفسك جالساً في مكان عام، ثم يأتي شخص ليسألك عن حالتك الاجتماعية، ومذهبك، والأفكار التي تؤمن بها، هذا بالضبط ما يحصل مع السيد «فيس بوك»، الذي يتجرأ بكل برود ليطرح السؤال المحرج: هل أنت متزوج؟ ما يُروج له السيد «فيس بوك» هو أن الهدف من مواقع التواصل الاجتماعي هو التعارف، وبناء شبكة علاقات بين البشر في العالم الافتراضي، آخرون يصفون ذلك الهدف بالكذبة الكبرى، فالسيد «فيس بوك» ـ مثلاً – يستغل بياناتك الشخصية ليوجه إليك الإعلان، ويستهدفك في حملاته التسويقية، فلو كنت طالباً في المرحلة الثانوية ستجد إعلانات الجامعات تظهر بكثافة في صفحتك.

لا شيء يبرر نشر معلوماتنا الشخصية على رؤوس الخلائق، كان من الممكن أن نزود السيد «فيس بوك» بالحالة الاجتماعية سراً عن طيب خاطر في صفحة الإعدادات، والتحجج بأن السيد «فيس بوك» يتيح لك خيار حجب حالتك الاجتماعية حتى لا تظهر للجميع هو أمر لا يقل سوءاً عن النشر، فلولا أن في الموضوع «إنَّ» ما أخفى حالته الاجتماعية.

تتدرج الحالة الاجتماعية عند السيد «فيس بوك» إلى مجموعة خيارات، هي: أعزب، ومتزوج، ومطلق، والخيار الأخير هو «المسألة معقّدة»، وبالإنجليزية It’s Complicated.

قد يكون هذا الخيار هو الأنسب للشاب العربي، الذي نشأ منذ طفولته يسمع أباه يكرر: متى تكبر ونفرح بأولادك؟ لا أدري بالتحديد لماذا لم يقل والده نفرح بك، فاختصر الفترة الزمنية وجعل فرحته في أحفاده، أما أمه فلها تاريخ طويل مع مشروعات الزواج، فهي من خطبت له ابنة أختها عندما كانا يدرسان سوياً في الروضة، وصفتهما بعبارة «لائقين على بعض»، كأنها تتحدث عن فردتي حذاء يكمل بعضهما بعضاً، مسلسل الخطوبة استمر، فبعد أن تخاصمت مع أختها خطبت له ابنة عمه نكالاً في أختها، ثم تقدمت بشكل غير رسمي لتطلب يد ابنة الجيران، ثم ابنة صديقتها، لم يتوقف الحديث الدائم للأم عن النسوة اللاتي جئن يعرضن بناتهن عليها، وبعد هذا كله استقر به الحال، فتزوج الشاب فتاة لم يعرفها، عملاً بالمثل الشعبي «روح بعيد وتعال سالم».

هل أنت متزوج؟ لا أجابة مقنعة يمكن أن تكون أكثر منطقية من «المسألة معقدة»، وهي تعني أنك متزوج لكن تمر بصعوبات، هذه الإجابة تعطي الزوج مساحة «ليتشبب ويستغرد»، وله أن يطلق خياله في وصف درجة التعقيد في حياته، كأن يتهم الزوجة بأنها غير مبالية، لا تهتم بالزوج لانشغالها بالوظيفة، أو أن هناك مشكلات بينهما، بعد أن اكتشفا مصادفة أن زواجهما خالٍ من الرومانسية، أو أن الزوجة المسكينة مصابة بمرض نفسي، يجعلها تصاب بنوبات الصرع كلما سمعت أغنية «ما بسمحلك» لنجوى كرم.

«المسألة معقدة» ليس فقط عند الحديث عن الحالة الاجتماعية، فالطريقة التي يقدم بها مستخدمو التواصل الاجتماعي أنفسهم هي معقدة أيضاً، خصوصاً مع من يظهر بمظهر الوصي على الناس وأفكارهم وآرائهم، قلة من تحترم الرأي الآخر، وتفتح المجال للنقاش، معظم الحوارات تتحول إلى حروب وصراعات في العالم الافتراضي.. فعلاً «المسألة معقدة».

المصدر: الإمارات اليوم