كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
لم تنس مدينة حلب مفكرها عبدالرحمن الكواكبي (1855-1902) صاحب الكتاب الشهير “طبائع الاستبداد”، ففيها شارع الكواكبي وثانوية الكواكبي.. وعن “طبائع الاستبداد” صدرت تحقيقات ودراسات كثيرة من أهمها الطبعة التي حققها وعلق عليها ابن حلب الدكتور محمد جمال طحان.
وطحان الذي يحمل الدكتوراه في الفلسفة، وأمضى النصف الثاني من العام الماضي في معتقلات الجهات الأمنية السورية، سار على خط الكواكبي في رفض الاستبداد، ووقف إلى جانب الثورة ضد الطغيان.. ذلك الطغيان الذي تحدث عنه بعمق في تحليله لكتاب “طبائع الاستبداد”، لكن مشكلة الأنظمة الاستبدادية أنها لا تكترث لكتابات المثقفين، وتمضي في غيها لتصل الأوضاع إلى الكارثة.
في مقدمة الكتاب السابقة للثورة يتساءل طحان عما إذا كنا قد “وصلنا إلى أفق مسدود فيما يتعلّق بمسألة الديمقراطيّة، أم أنّ في جعبة التراث أفكاراً يمكن أن تعبر بنا إلى شواطئ الوحدة والديمقراطيّة والتقدّم؟ وما الخطوات الآيلة إلى ذلك؟” ويؤكد بعد ذلك ضرورة العبور “إلى مغامرة استشفاف المستقبل التي حاولها مفكّرونا، بناءً على فهم الواقع وفهم التاريخ، وتأسيساً على فهم الذات وفهم الآخرين. لعلّ التراكم المعرفي يفتح لنا كوّة على مستقبل أفضل. ومن هنا تأتي أهميّة العودة إلى التراث”.
ويختم طحان مقدمته مشيرا إلى أن الهم يكبر حين يرى المرءُ الوطنَ يذوي أمام عينيه وهو يكتفي بالقول، بينما يقهره الآخرون. وعندما يكبر الهم، تصبح المجابهة أصعب، ولكنها برأيه ضرورية أكثر، لأنها الخلاص الوحيد من الذل.
من جهته يبيّن الكواكبي أن شروط رفع الاستبداد هي شعور الأمّة بآلام الاستبداد، ومقاومة الاستبداد باللين والتدرّج، وأخيرا تهيئة البديل. ويرى أن أعظم الشرور التي يولدها الاستبداد، يكمن في عرقلة الترقّي وتحويل سير الأمّة إلى الانحطاط. وهو بذلك يوضح أن أيّ تذرّع بالطغيان لأجل تحقيق التقدّم هو تذرّع مرفوض، لأنّ الاستبداد يقوم بقمع الحريات، ويصعب في هذه الحالة ادعاء أنه يطلب التقدّم.
إلى ذلك يؤكد الكواكبي أنه ليس للأمّة من يحكّ جلدها غير ظفرها، ولا يقودها إلاّ العقلاء بالتنوير. فالاستبداد مرض، و”المستبد إنسان مريض لا يستطيع الخروج بنفسه من أزمته، وإنّما الذي يخلّصه من مصابه هي الجماهير التي تدرك حدود الداء، وتعرف أعراضه، وتشعر بثقل وطأته وفساد تصرّفاته التي تمتد بأذيتها لتشمل القاهرة والمقهورين، وتنزع عنهم آدميتهم” .
ما تحدث عنه الكواكبي قبل أكثر من قرن، يجري في سورية اليوم.. ومدينة الكواكبي انتفضت أخيرا ضد الاستبداد، لينضم أحفاد الكواكبي إلى ركب الثورة، واضعين النظام في موقف لا يحسد عليه. فهل تكون انتفاضة أحفاد الكواكبي مؤشرا على بداية الخلاص من الاستبداد؟
المصدر: الوطن اون لاين