أحمد الحداد: 3 شروط شرعية لاختيار الأضحية

أخبار

حدد مدير إدارة الإفتاء، الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، ثلاثة شروط يجب أن تتوافر في الأضحية قبل شرائها، لضمان مطابقتها المواصفات المحددة شرعاً.

وأوضح لـ«الإمارات اليوم» أن أهم شروط ما يضحي به المسلم من بهيمة الأنعام أن تكون في السن المجزئ، فمن الضأن أن يكون عمرها ستة أشهر فأكثر، ومن الماعز أن تكون سنة فأكثر، ومن البقر أو الجواميس أن تكون سنتين فأكثر، ومن الإبل أن تكون خمس سنين فأكثر، لورود النص بتحديد هذه الأسنان لكل نوع، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن»، ولأن ما دون هذه السنين لا تحقق غرضاً كبيراً من التوسعة على الناس.

ويتمثل الشرط الثاني في ضرورة أن تكون سليمة من العيوب التي تنفر الآكل من أكلها، فلا تكون عوراء ولا هتماء، أي فاقدة الأسنان، ولا عجفاء لحديث أربع لا تجزئ: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التي لا تنقي (أي لا مخ لها لهزالها)، ويلحق بها كل عيب سوى ذلك كمقطوعة الذيل أو الخصية أو معظم الأذن، أو كانت تسيل دماً من جرح أصابها، كل ذلك لأن القصد منها التقرب إلى الله تعالى بأطيب الصدقات، لا أن يعمد إلى ما لا يرغب فيها فيتقرب به، فقد قال الله تعالى: «لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ». وقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ».

وتابع الحداد: «يتمثل الشرط الثالث في ضرورة أن يكون ذبحها في وقت الأضاحي ابتداء من عقب صلاة العيد بعد الإشراق، وانتهاء بغروب شمس آخر أيام التشريق عند الجمهور، وهو اليوم 13 من ذي الحجة، وعند السادة المالكية ينتهي وقتها بغروب شمس ثاني أيام التشريق، يعني اليوم 12 فلا تجزئ قبل هذا التوقيت ولا بعده، لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: (خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم النحر بعد الصلاة، فقال: من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة، فتلك شاة لحم)، أي قدمها لنفسه وأهله، وليست أضحية». ولفت إلى أنه من سنن الأضحية أن يذبحها المضحي بنفسه إن كان يحسن ويقدر، أو وكيله كالجزار أو المقصب، إحياء لسنة الخليل إبراهيم، عليه السلام، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يذبح بيده، أو أن يشهدها بنفسه إن لم يذبح، كما روى جابر بن عبدالله، رضي الله تعالى عنهما، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أتي بكبشين أملحين أقرنين عظيمين موجوءين – يعني خصيين – فأضجع أحدهما، وقال: «بسم الله، والله أكبر، اللهم عن محمد وآل محمد»، وقال لابنته فاطمة، رضي الله تعالى عنها: «يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته».

وأضاف: «من سنن الأضحية أيضاً أن يأكل الإنسان منها ولو قليلاً، عملاً بسنّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يأكل من أضحيته ولو من كبدها، وقد قال الله تعالى «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا»، والأمر للندب لا للوجوب، وقيل للإباحة، ومن السنن أيضاً أن يتصدق ببعضها إن لم تكن منذورة، فإن كانت منذورة، أي نذر لله أن يضحي فيتصدق بها جميعاً؛ لأن النذر يخرجها عن ملكه إلى ملك الفقراء خاصة، فإن لم تكن منذورة تصدق بما شاء منها قليلاً أو كثيراً، وأهدى بعضها، قليلاً أو كثيراً، للجيران والأقارب، وذلك عملاً بقوله تعالى «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ»،

وفي ما يتعلق بأولوية أن يضحي المسلم داخل دولته أم خارجها، أوضح الدكتور الحداد أنه يصح أن يضحي الإنسان داخل الدولة وخارجها، فكل ذلك قد ثبت، إلا أن الأضحية في البلد تتحقق بها سنن كثيرة؛ فمنها إظهار شعيرة الإسلام في الأضاحي، ومنها الإفادة والدروس التربوية للآباء والأبناء، حيث يتمثل المضحي حال إبراهيم، عليه السلام، الذي أمره الله تعالى بأن يضحي بفلذة كبده – ابنه إسماعيل – فما تردد في امتثال أمر الله تعالى، ويتذكر الأبناء فائدة البر وعظيم فضله، فإن إسماعيل لما قال لأبيه: «افعل ما تؤمر»، وأسلم نفسه لأبيه طائعاً راغباً فداه الله تعالى بذبح عظيم، ومثل هذه المعاني لا بد أن تحيا في النفوس، فإن الأضحية ما كانت إلا إحياء لسنة الخليل إبراهيم، عليه السلام، كما أن من سنن الأضحية أن يشهدها المضحي بنفسه إن قدر، وأن يأكل منها ولو قليلاً، وأن يوسع على عياله فيها، وهذه المعاني والسنن كلها تفوت بالأضاحي خارج الدولة، لذلك من أراد أن يضحي خارج الدولة لينفع المسلمين من ذوي الحاجة والكوارث والمنكوبين في أوطانهم، ينبغي له أن يجعل أضحية في بيته وبلده، ولا يحرم نفسه وأولاده منها، فيكون قد جمع بين الحسنيين، وله فضل عظيم في ذلك، فإن الأضحية من أجلّ القرب لله تعالى، وكلما أكثر الإنسان من القربة زاد أجره وعظم.

• القصد من الأضحية التقرب إلى الله تعالى بأطيب الصدقات.

المصدر: الإمارات اليوم