رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لن تستوعب عقول كثير من الحاقدين وأصحاب الفتنة طبيعة العلاقة بين شيوخ الإمارات، كما لن تستوعب عقول الغرب عموماً، وتلك المنظمات المجحفة خصوصاً، طبيعة العلاقة الأخرى بين شعب الإمارات وحكامها، لن يستوعبوا ذلك، لأن ما يحدث هنا مختلف تماماً عما تملكه عقولهم من انطباعات، ويختلف جملة وتفصيلاً عن النظريات كافة التي يؤمنون بها، هذه هي الحقيقة التي تستعصي على فهمهم دائماً، فالإمارات نموذج متفرد، ليس في ذلك مبالغة بقدر ما هو واقع نعيشه.
كلمة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في القمة الحكومية، أول من أمس، فيها كثير من الدروس التي يمكن أن تفك بعض أسرار تفرد العلاقة بين شعب الإمارات وقيادته، وأسباب المحبة الخالصة التي يكنها مواطنو الدولة لشيوخهم وحكامهم، فنحن هنا، خلاف ما يعرف الغرب، لدينا والد يرعى أبناءه، لا رئيس يعيش في معزل عن شعبه، هذا ما سنّه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وهذا ما أجاب به ــ رحمة الله عليه ــ الصحافي الذي قال له «أنت تدلع شعبك بعملك»، فقال له: «هل لديك أبناء؟ ألا تصرف على أبنائك؟ هناك فرق بين الواجب والدلع، وشعبي هم أبنائي، وما أقوم به واجب».
وهذا ما نشعر به كشعب في كل قرارات وتصرفات وتحركات صاحب السمو رئيس الدولة، وصاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وسمو ولي عهد أبوظبي، وجميع الحكام، إنها علاقة متفردة، لا تحكمها رسميات، وليست مبنية على مصلحة آنية، تنتهي بزوال المصلحة، فكيف يمكن للغرب أن يدرك ذلك، وشعوبه جميعها، وربما عبر التاريخ كله، لم تعرف هذا الشعور، ولم تر ذلك الحاكم الوالد الذي يراعي شعبه كما يراعي أولاده!
على مدار أكثر من ساعة تحدث الشيخ محمد بن زايد في كلمة معظمها ارتجالية، كانت نبراساً ومنهاج عمل لكل محب لوطنه، أرجع الفضل لأهله في كل الموضوعات التي تطرّق لها، ولم يدّع في أي كلمة أنه صاحب الفضل في شيء، ولم يتحدث عن أي من إنجازاته، على كثرتها، ولم تكن «الأنا» حاضرة إطلاقاً، بل كان محفزاً للصغير والكبير، ناكراً للذات، شكر كل من يستحق الشكر من عامة الشعب، بلغ به السمو والذوق الرفيع أن يصرّ على شكر مجندين صغار، دخلوا الخدمة الوطنية حباً في الوطن، مع أنهم معذورون منها، نشر صورهم، وشكرهم بأسمائهم فرداً فرداً، فهل هناك أكثر من هذا التحفيز؟ وهل نحن في الإمارات ملومون على حب قادتنا الذين يكنون للشعب كل هذا التقدير والاحترام والحب؟!
«إخواني، لو تكرمتم، أرجوكم».. بهذه الكلمات، وغيرها كثير، يخاطب محمد بن زايد أهل الإمارات، فهل هناك قائد أو رئيس في الغرب يخاطب عامة الناس بمثل هذه الكلمات؟ لا أعتقد ذلك أبداً، لذلك لن تستوعب العقول ما يحدث هنا، لأنه في تفكيرهم، ووفقاً لخبراتهم وتجاربهم لا يمكن أن يحدث!
كلمة الشيخ محمد بن زايد الثرية تعكس ذلك التفكير العميق الذي يشغل بال وتفكير قادتنا في مستقبلنا، ومستقبل أبنائنا، فهم يخططون ويضعون التصورات والحلول لمشكلات ما بعد خمسين عاماً، ويرسمون من اليوم ملامح حياة المواطنين في عام 2065، حين تصدّر الدولة آخر برميل نفط، فهل يستوعب عقل بعد رؤيتهم ونظرتهم الشاملة، ومدى انشغالهم بالمواطنين وأبنائهم وأحفادهم وربما أبناء أحفادهم أيضاً؟!
أما طبيعة علاقة شيوخ الإمارات ببعضهم بعضاً فقد اختصرها سموه في ثلاث كلمات، تغني عن مئات الجمل، وتخرس مئات الألسن، حرقت قلوب الحاقدين، وألهمت المحبين وأسعدتهم، كلمات خرجت من قلب محمد بن زايد لتقع في قلوب جميع أهل الإمارات، قبل أن تقع في أذن وقلب محمد بن راشد، ثلاث كلمات تحمل كل معاني الحب والاحترام والتقدير، لا توازيها في حجمها ووزنها أي كلمات أخرى.. «أخي وصديقي ومعلمي».
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-02-11-1.755659