كاتب سعودي
النقلة النوعية في التقييم تحتم على الأجهزة العامة أن تكون واضحة في رؤيتها ورسالتها وأهدافها وخططها الاستراتيجية المرتبطة برؤية المملكة 2030، وأن يكون لها ثقافة تنظيمية تتضمن قيمها الأخلاقية والمهنية وإجراءاتها الإدارية..
تقييم الأداء لأي عمل موجود منذ القدم. يتم التعبير عن التقييم بطرق مختلفة منها تقديم الشكر أو الهدايا في حالة الرضا عن العمل أو النقد إذا حصل العكس. تقييم الأداء من أهم عناصر العملية الإدارية لأنه يكشف الجوانب الجيدة التي تحتاج إلى تعزيز الجوانب الضعيفة التي تحتاج إلى تغيير أو تطوير، والمشكلات التي تحتاج إلى حل، والتطلعات المستقبلية للمنظمة.
حالياً تمارس مهمة تقييم الأداء على نطاق واسع، أصبحت تتم في بعض القطاعات بعد انتهاء الخدمة مباشرة كما يحصل في تقييم الفنادق من قبل ساكنيها. الأسرع منها تقييم المكالمات الهاتفية لحجز المواعيد أو طلب معلومات، وفي بعض المواقع يمكنك تقييم الخدمة بضغطة زر كما يحصل في تقييم إجراءات السفر في بعض المطارات. كل ذلك شيء جميل والأجمل منه هو المرحلة الجديدة التي تنتقل إليها التنمية الإدارية في المملكة وهي برنامج (وطني) الذي أطلقه المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء) بهدف قياس رضا المستفيد بشكل محايد وشفاف، ودعم الأجهزة العامة في تحسين الخدمات الحكومية وتطويرها بحسب تصريح المدير العام المكلف للمركز الأستاذ إبراهيم نياز.
نعم هي مرحلة جديدة ونقلة نوعية في موضوع تقييم رضا المستفيد من الخدمات الحكومية لأن التطبيق بلغة الأرقام وحسب المعلومات المنشورة يحتوي على أكثر من 30 ألف مركز خدمة حكومي، و80 ألف خدمة معرفة في أكثر من 1150 مدينة وقرية وهجرة بالمملكة، وكذلك إمكانية تقييم الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الأجهزة العامة من خلال منصاتها الإلكترونية. ويبلغ عدد الخدمات الإلكترونية المعرفة حالياً في التطبيق أكثر من 125 خدمة إلكترونية تقدمها 22 منصة إلكترونية حكومية.
من مميزات هذا البرنامج أنه يتيح الفرصة لكافة فئات المجتمع في مختلف المناطق تقييم الخدمات الحكومية، كما يتيح لأمراء المناطق ورؤساء الأجهزة العامة الاطلاع بشكل مباشر على مستوى رضا المستفيد عن الخدمات. إضافة إلى تقارير دورية إلكترونية متاحة لمديري مراكز الخدمة لمعرفة مكامن الخلل وجوانب القصور.
تلك أرقام وحقائق عن أدبيات وأهداف تطبيق وطني لقياس رضا المستفيد عن الخدمات الحكومية.
أحد أسباب قوة هذا التطبيق أنه تحت مظلة المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء) وهو مركز حكومي يتمتع بالاستقلالية والشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء ويرأس مجلس إدارته صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ومن جوانب القوة في هذا المشروع عنصر المتابعة حيث إن تقرير رضا المستفيد الربع سنوي يرفع إلى رئيس مجلس الوزراء بشكل ربع سنوي ويشارك مع رؤساء الأجهزة ويعقد لها جلسات مراجعة. ومن جماليات هذا التطبيق أنه تم تطويره بكوادر سعودية مؤهلة بحسب تصريح الأستاذ إبراهيم نياز.
هذه النقلة النوعية في التقييم تحتم على الأجهزة العامة أن تكون واضحة في رؤيتها ورسالتها وأهدافها وخططها الاستراتيجية المرتبطة برؤية المملكة 2030، وأن يكون لها ثقافة تنظيمية تتضمن قيمها الأخلاقية والمهنية وإجراءاتها الإدارية.
سيكون من إيجابيات هذا التطبيق تشجيع التنافس البناء في تطوير الخدمات الحكومية. ولعلي أقترح هنا تحقيقاً للشمولية تطبيق أسلوب التحليل الشامل للأجهزة العامة الذي يغطي جوانب القوة، وجوانب الضعف، وفرص التطوير، وتحديات المستقبل.
كما أقترح أن يشمل التقييم موضوع إعداد وتنمية قيادات المستقبل في المنظمات الحومية وهو أحد الأهداف الاستراتيجية لوزارة الخدمة المدنية، وأحد البرامج التي تساهم وتتفق مع رؤية المملكة.
الشمولية في التقييم تتطلب أيضاً تقييم لوائح وأنظمة الخدمة المدنية، وتكتمل الصورة الجميلة بتقييم بيئة العمل المادية والاستفادة في ذلك من الدليل الإرشادي لبيئة العمل المادية الذي أصدرته وزارة الخدمة المدنية. أما بيئة العمل المعنوية فإن الرضا الوظيفي إذا تحقق ينعكس بصورة إيجابية على الأداء، لكن الدراسات التي تقيس الرضا الوظيفي في الأجهزة الحكومية شحيحة.
ومن النتائج المتوقعة لبرنامج (وطني) أنها ستكشف عن الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، وبناء على ذلك تتضح الاحتياجات التدريبية للجهاز. وفي هذا المسار يكون من المناسب التنسيق مع معهد الإدارة العامة للقيام بدوره في مجال التدريب، أو الاستشارات التطويرية.
نتمنى ونتوقع النجاح لهذا المشروع الذي يتيح الفرصة لمشاركة المستفيد، ويخدم الأجهزة الحكومية في سعيها نحو جودة الأداء وبالتالي يساهم مع برامج التحول الوطني في الطريق إلى الرؤية الوطنية للمملكة.
المصدر: الرياض