(أديبك 2025): قصة نجاح إماراتية!

آراء

خاص لـ هات بوست:

من زار (معرض أديبك 2025) في أبوظبي لابد أنه لاحظ فرقاً واضحاً عن السنوات السابقة. المعرض هذا العام لم يكن مجرد تجمع للشركات والمسؤولين، بل كان ملتقى حقيقياً لصناع القرار في قطاع الطاقة من كل أنحاء العالم.

في الكلمة الافتتاحية، تحدث معالي سلطان بن أحمد الجابرعن أهمية الموازنة بين احتياجات الطاقة الحالية والتحول نحو مستقبل أكثر استدامة. كان خطابه مباشراً وواضحاً، يعكس رؤية الإمارات في أن التحول الحقيقي يتطلب عملاً جاداً وشراكات فعلية، ليس مجرد وعود. وأشار الجابر، حتى لو من بين سطور كلمته، على أن منطقة الشرق الأوسط ستظل مصدراً حيوياً للطاقة لعقود قادمة، مع تطوير مصادر الطاقة المتجددة بالتوازي.

أبوظبي نفسها كانت حاضرة بقوة في هذا الحدث. مدينة تعرف ماذا تريد، وتمتلك خطة واضحة لتحقيقه. في أروقة المعرض، كان هناك جمع من الخبراء والمهندسين ورجال الأعمال والباحثين، جميعهم يتبادلون الأفكار والفرص. المعرض استقبل أكثر من 160 ألف زائر من 160 دولة، بمشاركة 2,200 شركة عارضة على مساحة تجاوزت 150 ألف متر مربع. لكن ما ميز (أديبك) هذا العام ليس الأرقام فقط، بل طبيعة الحضور. هناك مهندس شاب يعرض اختراعاً جديداً، ووزير يناقش سياسات الطاقة مع ممثلي الشركات، ورائد أعمال يبحث عن شراكات لتطوير مشروعه. هذا التنوع هو ما يجعل أديبك منصة فريدة للقاء وتبادل المعارف والخبرات.

إذا نظرنا إلى الأحداث المشابهة عالمياً، نجد أن (أديبك) يتفوق من حيث الحجم والتنوع على مؤتمرات مماثلة مثل (سيرا وييك) و (أو تي سي) و (دبليو بي سي) وغيرها.

أديبك مختلف لأنه يجمع بين النقاش والتطبيق، فهنا لا تُكتب مذكرات التفاهم فقط، بل تُعلن الصفقات وتُطلق المشاريع. ربما أحد أسباب نجاح أديبك هو المكان نفسه. أبوظبي توفر بيئة آمنة ومستقرة، وبنية تحتية متطورة، وسهولة في التنقل والتواصل، وهذا يجعل الشركات والمستثمرين يشعرون بالراحة والجدية في التعامل. الاستقرار السياسي والرؤية الاقتصادية الواضحة للإمارات يجعلان من أبوظبي وجهة مفضلة للاستثمار في قطاع الطاقة بكل أشكاله.

خرج المعرض هذا العام بإعلان صفقات ومشاريع بمليارات الدولارات، تشمل الهيدروجين الأخضر، وتقنيات خفض الانبعاثات، ومشاريع الطاقة المتجددة. كما كان هناك تركيز واضح على تمكين الشباب ودعم البحث العلمي في مجال الطاقة. لكن ما يميز أديبك حقاً ليس فقط الصفقات، بل الفرص التي يخلقها للتواصل والتعاون. كثير من المشاريع الناجحة بدأت من لقاءات بسيطة على هامش المعرض.

في النهاية، أديبك 2025 أثبت مرة أخرى أنه أحد أهم الأحداث العالمية في قطاع الطاقة، ليس فقط بسبب حجمه، بل بسبب ما يمثله من فرصة حقيقية للشركات والحكومات والمبتكرين للالتقاء والعمل معاً. الإمارات، من خلال رؤيتها الواضحة واستثماراتها المستمرة، تثبت أنها جادة في أن تكون جزءاً أساسياً من مستقبل الطاقة العالمي، سواء كان ذلك في النفط والغاز أو في الطاقة المتجددة. والأهم من ذلك، أن أديبك يوفر مساحة للحوار الحقيقي بعيداً عن الشعارات، وهو ما يجعله حدثاً يُنتظر كل عام.

  • كاتب وإعلامي إماراتي