كاتب سعودي
فجأة، ودون مقدمات، أصبحت السعودية مرشحة لنيل إحدى جوائز الأوسكار، طبعا في بلد ليس فيه دور سينما ويتكبد قسم من الناس فيه مشقة السفر إلى دول الجوار من أجل دخول السينما يعتبر مجرد التفكير بالترشح للأوسكار إنجازا يفوق الخيال.. أليس كذلك؟، ولكن هذا ما فعلته بنت البلد المخرجة السينمائية هيفاء المنصور، حيث تم ترشيح فيلمها لأوسكار فيلم أجنبي، وقد صورت المنصور فيلمها بالكامل في الرياض، متجاوزة كل المصاعب والعراقيل التي يمكن أن تصاحب تصوير أي فيلم سينمائي في ديارنا، ومن هنا يتضح حجم الإنجاز السينمائي والثقافي. ولكن مع كل اعتزازنا وتقديرنا للجهود الرائعة التي بذلتها المخرجة وفريق العمل، إلا أننا نظن بأن المصلحة العامة تقتضي أن لا يفوز فيلم (وجدة) بالأوسكار!.
أولا، إذا فاز فيلم سعودي بالأوسكار ونحن ليس لدينا حتى دور سينما، فستكون كبيرة بحق الجائزة وبحقنا أيضا، وسيفتح هذا الحدث المجال لنقاشات تجلب الصداع المجاني حول سبب عدم السماح بافتتاح دور سينما خاضعة لرقابة وزارة الثقافة والإعلام، في الوقت الذي يشاهد فيه الناس الأفلام السينمائية عبر الفضائيات والإنترنت دون رقابة!، باختصار، نحن لا نستطيع أن نحدد سببا مقنعا لحظر السينما سوى أننا لا نريدها وهذا بالنسبة لنا كافٍ جدا، ليست أكبر همومنا يا أخي.. لدينا مشاكل أكبر؟.. هل وقفت على السينما؟!.
ثانيا، الفيلم يتحدث عن قصة طفلة سعودية في العاشرة من عمرها اسمها وجدة تحاول شراء دراجة هوائية وقيادتها في الشوارع قبل أن تعرف بأن قيادة الدراجة الهوائية حكر على الأولاد، أي أن فوز الفيلم سوف يجلب لنا نقاشا حول معاناة المرأة السعودية وعزلتها الإجبارية، ونحن لا نريد مثل هذا الكلام الفارغ، المرأة السعودية معززة مكرمة وجوهرة مصونة ودرة مكنونة، وهي لا تفكر أبدا بقيادة الدراجة!، وحتى لو أضطرها الزمان لاستخدام الدراجة كوسيلة نقل، فإنها يمكن أن تستقدم سائقا آسيويا للدراجة، لماذا نصنع مشكلة من لا شيء؟، لماذا اللف والدوران؟، المرأة لن تقود السيارة في هذا البلد حتى لو انتهت كل الحجج الموجودة في هذا العالم، لماذا نعيد كلاما لا طائل من ورائه؟.. هل وقفت على معاناة المرأة وقضية منعها من قيادة السيارة؟.. لدينا مشاكل أكبر!.
ثالثا، نحن أمام حالة فيها (مرأة وسينما وأمريكا)، أي أن المخطط التغريبي مكتمل الأركان، ورابعا وخامسا… وحادي عشر هناك مليون سبب يجعلنا نتمنى عدم فوز فيلم وجدة بالأوسكار، مثلما هناك مليون سبب يجعلنا نتمنى عدم فوز ملف السعودية ضمن ترشيحات تنظيم كأس آسيا؛ لأن هذا سيفتح علينا باب دخول المشجعات إلى الملاعب، مثلما لدينا مليون سبب كي نتمنى ألا تولد في ديارنا شاعرة يمكن أن تلقي قصيدة في سوق عكاظ حيثما كانت الخنساء تلقي شعرها، الأسهل حقا هو التخلص من النساء، ربما لو تخلصنا من النساء لحصلنا على 14 جائزة نوبل ولوصلنا إلى نهائي كأس العالم ثلاث مرات!.
هل تعلمون؟، لدي فكرة ترضي جميع الأطراف، فبالأمس تخلصت جدة من دراجتها الشهيرة التي كانت تتوسط ميدان الدراجة، بعد أن تم تحويل الميدان إلى تقاطع، وهذه الدراجة مسجلة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر دراجة في العالم، وقد صنعت قبل 30 عاما من مخلفات أول مصنع للرخام في المملكة سوف تذهب إلى المخازن مع 76 مجسما كانت تزين ميادين جدة، ويعتبر كل واحد منها قطعة فنية قام بتصميمها أشهر الفنانين في العالم، ما رأيكم أن نعطي وجدة أكبر دراجة في العالم مقابل أن تنسحب هيفاء المنصور من الترشح للأوسكار؟.. ويا دار ما دخلك شر!.
المصدر: عكاظ