من يعرف ماذا يدور برأس جيمس كاميرون؟ يقول إنه منذ كان طفلا وهو يحلم بفيلم خيال علمي يقلب فيه فكرة الحرب “أفاتار”، لكن تصوره عما يريد تقديمه لم يكتمل حتى عام 1997 حينها كتب القصة في ثمانين ورقة، وأيضا لم يبدأ العمل، إذ لم تكن تقنيات التصوير السينمائي حينها تفي بما يطمح إليه. بعد أن رأى فيلم “ملك الخواتم” عام 2002 وجد أن الوقت حان، فحضر للفيلم في 2005، وبدأ تصويره في 2006 وتم عرضه في عام 2009 وماذا؟ حقق الفيلم إيرادات تجاوزت المليارين دولار، ورشح لتسع جوائز أوسكار، أحرز منها ثلاثا.
الحلم الذي راود الطفل جيمس كاميرون، وهو يتابع أفلام الخيال العالمي، أصبح واقعا في الفيلم، وسيصبح واقعا آخر، خارج الشاشات وصالات السينما، في عام 2017، حيث تعاقدت شركة ديزني العملاقة مع المخرج، لتصميم كوكب “باندورا” مماثل في مدينة الألعاب الشهيرة، وهو نفسه سيشرف على بناء الكوكب، ليكون مطابقا لما بدا عليه في الفيلم، وسيتمكن أي أحد من زيارة الكوكب السحري ورؤية الجمال الخارق الذي دار برأس هذا الرجل.
“أفاتار” قدم فكرة مناهضة للحرب، للآلة العسكرية الأميركية، حطم أنف الجندي الذي لا يقهر، وانتصر لسكان الكوكب الأصليين، والذين تمكنوا في النهاية من هزيمة الغازي. جندي البحرية المعاق، والذي كان قد فقد قدميه في حرب الفيتنام “جيك سولي” يتم اختياره ليدخل صندوقا علميا من الزمن يأخذه لكوكب باندورا، ينتقل إليهم متجسدا في هيئاتهم بهدف معرفتهم، وسريعا ما يتعلم حياة شعب “النافي” الأزرق، ومهاراتهم وقدراتهم القتالية، وترويض حيواناتهم التي تشبه الديناصورات الطائرة، ويقع في غرام “نيتيري”، وهنا يتغير مسار الفيلم ويقرر سولي الانحياز لكائنات باندورا الضخمة، فيكشف لنيتيري وللنافيين عن نوايا البشر في غزوهم وإبادتهم والاستيلاء على أرضهم، لكنه يتهم بالخيانة ويطرد، يعود سولي ويتمكن من ترويض حيوانهم المقدس “التنين”، ويعود إليهم فيقتنعون فورا بصدقه وقدرته على قيادة الحرب ومواجهة البشر الغزاة، وهذا ما حدث بالفعل.
الفيلم بكل ما حفل به من عبقرية الصورة والمشاهد والإخراج والنص واجه الغطرسة البشرية المتمثلة في الدولة العظمى، وسياساتها وجنديها الذي أغدقت السينما العالمية عليه بكل أوصاف البطولة الخرافية. جيمس كاميرون جعل آلهة باندورا “أيوا” تنحاز للحق، فيما كان النافيون يظنون أن وظيفتها هي إقامة موازنات الطبيعة فقط، لكنها ولأجل الطبيعة والبقاء، ولأن الحق جزء من هذه الطبيعة أيضا، فقد استجابت لسولي وأطلقت قوتها التي حسمت المعركة أخيرا.
الخيال يسبق العلم والواقع، والأحلام بوسعها أن تصير واقعا ذات يوم. سنحلم بالسينما دوما.
المصدر: الوطن