بعد ستة أشهر من التشغيل التجريبي لأول متجر «ذاتي القيادة» في العالم، اقتصر التعامل فيه على الموظفين فقط، افتتحت شركة «أمازون» رسمياً، أول من أمس، المتجر أمام الجمهور العام من المستهلكين من سكان وزوار مدينة سياتل الأميركية، لتدشن بذلك ما يوصف بمرحلة جديدة من تجارة التجزئة، والعلاقة بين التقنية والبشر، سواء على صعيد التفاعل ما بين خدمة ومنتج ما من جهة، وبين مستهلك ومشترٍ من جهة أخرى، أو على صعيد التنافس على فرص العمل بين التقنية والـ«روبوتات» والبشر.
ويعد افتتاح متجر «أمازون جو»، ذاتي القيادة أو «تلقائي التشغيل»، بالكامل أمام الجمهور أمراً مختلفاً وغير معتاد في عالم تجارة التجزئة، حيث إنه كل يوم يفتتح الكثير من المتاجر والفروع والمحال الخاصة بالبيع بالتجزئة حول العالم، جميعها يحتوي على العناصر الأساسية من البشر العاملين في خزينة أو خزائن الدفع، جنباً إلى جنب مع نظم تقنية للدعم وتسهيل إدارة حركة البيع والشراء والمخزون والتأمين والأمن، وغيرها من الأمور المتعلقة بعملية البيع.
التقنية تسيطر
– الكاميرات والمستشعرات والأجهزة تحسب وتراقب وتسجّل كل حركة للمستهلك.
– نظام المتجر يتيح حساباً آلياً للمشتريات، ودفعاً إلكترونياً مع إيصال عند الخروج.
لكن في «أمازون جو» يختفي البشر تقريباً، وتسيطر التقنية بنظمها وأدواتها على كل شيء من البداية إلى النهاية، من دون أن يظهر منها شيء، أو يشعر المستهلك بشيء مما تفعله نظم المراقبة بالكاميرات والتداول اللاسلكي للبيانات والمعلومات، ونظم الدفع المميكنة بالكامل، ونظم إدارة المخزون والعرض والمحاسبة. كما أنه لا يلاحظ أو يعرف أي شيء عن كيفية الاختلاط والتمازج بين قدرات شبكات الاتصالات اللاسلكية العاملة في المتجر، وبين خدمات «ويب أمازون» على الإنترنت، وتطبيقات «المحمول» المثبتة على هواتف المستهلكين، وقوة الحوسبة الموجودة بالهواتف الذكية، والحسابات البنكية المرتبطة بعمليات الدفع.
ولا يشعر أحد أيضاً بأن كل هذه الأشياء والأدوات والأنظمة تتجمع معاً في نقطة واحدة، في لحظة زمنية واحدة، من أجل دفع ثمن سلعة ما، تلتقطها يد المستهلك من على أحد رفوف المتجر، بعد أن دخله مسرعاً وغادره مسرعاً، وكأنه يسرق أو يستولي على شيء وهو حريص على أن يتم ذلك بمنتهى السرعة والسلاسة من دون أن يراه أحد أو يتحدث مع أحد أو يدفع لأحد.
وجبات جاهزة
ووفقاً لتقارير وتحليلات تناولت هذا المتجر، ونشرتها مواقع تقنية عدة، فإن «أمازون جو» يفتح أبوابه للجمهور من السابعة صباحاً وحتى التاسعة مساء، من الإثنين إلى الجمعة أسبوعياً، ومخصص لبيع المأكولات والوجبات السريعة الجاهزة، فضلاً عن المشروبات.
وأفادت التقارير بأن المتجر يحوي قسماً للوجبات الجاهزة، مثل المعكرونة والسلطات، إلى جانب الشطائر الجاهزة، كما أن هناك قسماً للمشروبات الباردة، كالمياه الغازية والمياه الفوارة والعصير واللبن الحليب، إضافة إلى قسم آخر لأنواع مختلفة من المشروبات المعلبة.
وذكرت أن الأسعار في المتجر متغيرة، حيث يتم تطبيق السعر المعلن وقت الشراء، لكون السعر يتحدد وفقاً لنظام تسعير ذكي ديناميكي، يحسب عناصر الكلفة وقت الإعداد والبيع.
وأشارت التقارير إلى أن «أمازون» اشترت، في يوليو الماضي، سلسلة محال «هول فوود» التي تضم 460 فرعاً، لبيع الأطعمة الطازجة عالية الجودة المصنوعة من الأغذية الحيوية، مقابل 13.7 مليار دولار، وذكرت وقتها أنها ستستخدمها في نشر ما أطلقت عليه «المتاجر ذاتية القيادة».
وتابعت أن الشركة أقامت بالفعل نموذجاً تجريبيا لهذه المتاجر في مدينة سياتل، حيث كان مسموحاً لموظفي الشركة فقط بدخولها والتعامل معها.
وبينت التقارير أن المتجر «ذاتي القيادة» يقوم على نقل المفهوم المطبق في مجال السيارات ذاتية القيادة، إلى متاجر التجزئة لتصبح هي الأخرى ذاتية القيادة، كما تقود السيارة نفسها اعتماداً على نظام للرؤية بالحاسب، يتكون من كاميرات عالية الدقة وأجهزة استشعار مثبتة في كل أرجاء السيارة، فضلاً عن حاسب قوي لمعالجة وتطبيقات وأدوات معتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة والتحليل اللحظي للبيانات الضخمة.
تشغيل ذاتي
وبحسب ما ورد في التقارير، فإن في «أمازون جو» يقوم النظام المبني على «التشغيل والقيادة التلقائية» برؤية الزبائن آلياً، فهو يعج بالكاميرات والمستشعرات والأجهزة التي تحسب وتراقب وتسجل كل حركة يد أو خطوة قدم بداخله، وتربط بينها وبين ما يتم أخذه من منتجات عليها أكواد تحوي تفاصيلها الكاملة، وتضمن تماماً أن كل بند أو منتج تمتد إليه اليد يضاف إلى بطاقة رقمية خاصة بالمتسوق نفسه وليس شخص آخر يقف بجانبه.
وأوضحت أن ذلك يعني في نهاية المطاف أن المتجر يقوم بتحليل الحركات وتتبع عمليات التقاط المنتجات، وإضافة البنود والمنتجات إلى قائمة الشراء واستخلاص المعلومات الخاصة بكل بند من الأكواد المثبتة عليها، أو حتى من خلال رؤية البند نفسه ومعرفة قيمته، ثم بناء قائمة الشراء وتعديلها ديناميكياً وتلقائياً طوال فترة التسوق، ومن ثم تجميع بنودها في النهاية، والقيام بعملية الدفع الإلكتروني في دورتها الكاملة.
كيفية الدخول والشراء
وبينت التقارير أنه لكي يتمكن المستهلك من التعامل مع متجر «أمازون» ذاتي القيادة، عليه أولاً أن ينشئ حساباً على موقع «أمازون»، ثم يحمّل تطبيق «أمازون جو» المجاني على هاتفه الذكي ويشغله، وكل من لا يقوم بهاتين الخطوتين، فإنه لن يتمكن من المرور عبر الباب الدوار المؤمّن الخاص بالمتجر، وسيظل خارجه، لأنه في لحظة الدخول يتعين على الزبون أن يعرّض هاتفه المحمول لشاشة صغيرة مثبتة على الباب الدوار، فيحدث تواصل و«نقاش» بين الهاتف والباب يستغرق أقل من ثانية، ليقرر الاثنان معاً ما إذا كان الشخص له حق الدخول أم لا.
وأضافت أنه لو كان القرار هو السماح بالدخول، يقوم المتجر بإنشاء بطاقة أو هوية رقمية لهذا الشخص، داخل التطبيق الخاص به على الهاتف، من دون أن يشعر بشيء، وتبدأ البطاقة في العمل فيحدث التكامل والارتباط بين التطبيق ونظام القيادة الذاتية في المتجر، وعلى الفور يبدأ نظام الرؤية الآلية بالحاسب في رصد وتتبع كل حركات وسكنات الزبون بصورة لحظية متصلة، ويظل هذا الأمر يجري بلا انقطاع حتى لحظة خروجه من المتجر، ليعرف النظام كل شيء يقوم به المتسوق، وما الأصناف التي اختارها، ونوعيتها وثمنها وكمياتها ومواصفاتها الكاملة، حتى لو قام باختيار صنف وإعادته للرف.
وتابعت أنه في لحظة الخروج من المتجر تتم عملية دفع إلكتروني في أقل من ثانية، من خلالها خصم قيمة ما يحمله الشخص من أشياء من حسابه البنكي، والمصادقة على ذلك، وفي الوقت نفسه خصمها من رصيد المخزون بالمتجر، وعمل كل التسويات المالية والتشغيلية المطلوبة، وإعطاء أمر للباب المؤمّن بالسماح للشخص بالخروج ومغادرة المتجر، ليتسلم وهو على الباب إيصال دفع مطبوعاً يوضح له ما شراه وما خُصم من حسابه البنكي.
المصدر: الإمارات اليوم