رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
عندما تقرر منظمة أميركية متخصصة في أمراض القلب، وللمرة الأولى في تاريخها، أن توفد ممثلين عنها لزيارة الإمارات خصيصاً لتكريم شرطي في دبي، فإن ذلك أمر يدعو للفخر أولاً، ومن ثم التساؤل عن الفعل الذي قام به ذلك الشرطي!
هو باختصار يعمل في غرفة العمليات بمبنى القيادة العامة لشرطة دبي، ومن خلال مراقبته لحركة السير في أحد الشوارع التجارية المزدحمة، لاحظ شخصاً يمشي ويضع يده على صدره، ثم لاحظ أيضاً أن خطواته تثقل شيئاً فشيئاً، فأبلغ فوراً سيارة الإسعاف، وأخبرها أنه يشتبه بنسبة كبيرة في أن هذا الشخص يعاني مرضاً في القلب، وكان حدسه صحيحاً، حيث توجهت «الإسعاف» سريعاً لتصل في الوقت المناسب، وتنقذ حياة هذا الرجل قبل أن يسقط بسبب جلطة قلبية!
ذلك الشرطي استحق التكريم دون شك، وشرطة دبي بأسرها تستحق التكريم أيضاً، فغرفة العمليات والسيطرة وما يقوم به العاملون فيها من جهد، شيء يدعو للفخر والاعتزاز، فأعينهم لا تغفل عن أي شبر أو زاوية في جميع أنحاء مدينة دبي الواسعة والمملوءة بالبشر والمركبات، وهم يتلقون البلاغات التي تفوق معدلاتها 5000 بلاغ في اليوم، يردون على 98% منها في ثلاث ثوانٍ، وهذا ليس كل شيء، بل يتلقونها بلغة المتصل، وهناك دائماً من يجيد التحدث بها، ويحركون الدوريات وسيارات الإسعاف والإنقاذ إذا لزم الأمر بسرعة شديدة، وفي الغالب فهُم لا ينتظرون البلاغات بل يتحركون فور وقوع الحادث، لأن أعينهم دائماً خلال ساعات الليل والنهار تراقب وتنظر وتحلل، وتسعى لترسيخ الأمن والطمأنينة والسعادة لجميع المقيمين والزوّار لهذه المدينة المتطورة والجاذبة لملايين السياح.
شرطة دبي، من خلال غرفة العمليات، لديها سجل كامل، ومعلومات كاملة عن جميع مرضى القلب في الإمارة، وبمجرد أن يرفع أي منهم الهاتف ليتصل، تتحرك سيارات الإسعاف وتسابق الزمن لتصل إلى بيته، وتعمل على إنقاذ حياته في ساعات بسيطة، لا داعي لأن يعطيهم موقع سكنه، أو تفاصيل حالته، فلديهم كل ما يحتاجون إليه من معلومات، وبفضل ذلك يتلقى العلاج الأولي اللازم في سيارة الإسعاف، ثم يصل إلى المستشفى ليجد كل المطلوب جاهزاً في انتظاره، ولا داعي لأن يتكلم أو يجهد نفسه!
الشعور بالأمن هو أكبر وأهم نـِعم الله في هذا الزمن المملوء بالكوارث وعدم الاستقرار، لذلك فهو شيء لا يقدر بثمن، وارتفاعه في الإمارات عموماً ودبي أمرٌ يعكس جهوداً ضخمة تقوم بها جهات عديدة، وشرطة دبي هي إحدى تلك الجهات، ففيها آلاف يسهرون الليل كي ننام، ليس شرطاً أن نراهم في الشوارع والطرقات، لكننا حتماً سنراهم وبسرعة شديدة عندما نحتاج إليهم.
والشعور الذي يراود كل زائر ومقيم بالأمان الشخصي والحرية الفردية المسؤولة في هذه المدينة ذات الكثافة السكانية العالية، ليس مصادفة، بل يقف وراءه تواجد منظومة أمنية عالية المستوى، استطاعت أن تتجاوز بنسبة شعور قاطني الإمارة وزوارها بالأمن والأمان 98%، وفقاً لإحصاءات رسمية دولية.
هذه المؤسسة الأمنية الضخمة فيها من يُخطط ويضع الاستراتيجيات، وينفذها بدقة كي تظل نسبة الشعور بالأمن والأمان عالية عند كل شخص، لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا وفكروا فيها، وهم دائماً وأبداً يواكبون بخططهم كل المتغيرات العالمية، ويضعون الاحتمالات لمواجهة ومكافحة العابثين في أمن الدول واستقرارها، والمهربين الخطرين المدمرين للمجتمعات، ويستخدمون في ذلك أحدث التقنيات والوسائل، يفعلون ذلك حباً للوطن والمجتمع، وحباً في نشر الأمن والسعادة، وتنفيذاً لتوجيهات قيادتنا وحكامنا الذين ينشدون الاستقرار والأمن للجميع، لذا كانت رسالة شرطة دبي التي يعملون ليل نهار لتنفيذها هي «أمنكم سعادتنا».
المصدر: الإمارات اليوم